الظَّرْفُ المُتَصَرِّفُ وغيرُ المُتَصَرِّفِ
الظَّرْفُ المُتَصَرِّفُ وغيرُ المُتَصَرِّفِ ابن مالك
٣٠٨- *وما يُرَى ظَرْفًا وغَيرَ ظَرْفِ… فَذَاكَ ذُو تَصَرُّفٍ في العُرْفِ*
أي: الذي يُستَعملُ مِن أسماءِ الزمانِ والمكانِ تارةً ظَرْفًا، وتارةً غَيرَ ظَرْفٍ،
هو الظرفُ المُتَصَرِّفُ في عُرفِ النُّحاةِ.
*🪷ويَنقسم اسم الزمان واسم المكانِ إلى مُتَصَرِّفٍ وغيرِ مُتَصَرِّفٍ،*🪷
فالمُتَصَرِّفُ هو: ما يُستَعملُ ظَرْفًا وغَيرَ ظَرْفٍ،
*🪷كــ"يوم" و"مكان"؛*🪷
فإنَّ كلَّ واحِدٍ منهما يُستَعملُ ظَرْفًا، نحو:
*🪷«سِرتُ يومًا»، و «جلستُ مكانًا»،*🪷
وغَيرَ ظَرْفٍ، نحو:
*🪷«يومُ الجُمعةِ يومٌ مُباركٌ»، و«ارتفعَ مكانُكَ».*🪷
وغيرُ المُتَصَرِّفِ أشارَ إليه بقولِه:
٣٠٩- *وغَيرُ ذِي التَّصَرُّفِ الذي لَزِمْ… ظَرْفِيَّةً أو شِبْهَهَا مِنَ الكَلِمْ*
أي: وغيرُ المُتَصَرِّفِ هو: ما لا يُستَعمَلُ إلا ظَرْفًا أو شِبْهَه، فالذي لا يخرجُ عن الظرفيةِ أصلًا نحوُ: "سَحَرَ" إذا أردْتَهُ مِن يومٍ بعينِه، و"قطّ" و"عَوضُ"؛ فإنَّ كلَّ واحِدٍ منها لا يُستَعملُ إلا ظَرْفًا، تقولُ: «جئتُكَ سَحَرَ»، و «ما فعلتُه قَطُّ»، و «لا أفعلُه عَوض».
والذي يلزمُ الظَّرفيةَ أو شِبْهَهَا "عِند" و"لَدُن" و"قبلُ" و"بعدُ"، والمرادُ بشِبهِ الظرفيةِ: الجَرُّ بــ"مِن"، نحو: «خرَجتُ مِن عندِ زيدٍ مِن قَبلِ ذهابِه»، ولا تُجَرُّ "عند" إلا بــ"من"، فلا يُقال: «خرَجتُ إلى عِندِه».
وحُكِمَ عليهنَّ بعدمِ التصرفِ مع كونِ "مِن" تدخلُ عليهنَّ؛ إذ لم يخرجنَ عن الظرفيةِ إلا إلى ما يُشبُهها؛ لأنّ الظرفَ والجارَّ والمجرورَ سيّانِ في التعلُّقِ بالاستقرارِ، والوقوعِ خبرًا وصِلةً، وحالًا وصفةً.
*تنبيهٌ:*
الظرفُ المُتَصَرِّفُ منه مُنصرِفٌ، نحو: "يوم"، و"شهر"، و"حول"، ومنه غيرُ منصرفٍ، نحو: "غدوة"، و"بكرة" عَلَمَينِ لهذَينِ الوقتَينِ.
والظرفُ غيرُ المُتَصَرِّفِ منه مُنصرفٌ، نحو: "سَحر"، و"ليل"، و"نهار" غيرَ مقصودٍ بها التعيينُ، ومنه غيرُ المنصرفِ كــ"سحر" مقصودًا بها التعيينُ.
٣١٠- *وقَدْ يَنُوبُ عَنْ مَكانٍ" مَصْدْرُ… وذَاكَ في ظَرْفِ الزَّمانِ يَكْثُرُ*
قد ينوبُ المصدرُ عن ظَرْفِ المكانِ، نحو: «جلستُ قُرْبَ زيدٍ»، أي: مكانَ قُرْبِ زيد، فحُذفَ المضافُ وهو "مكان" وأُقِيمَ المُضافُ إليه مُقامَه، فأُعربَ إعرابُه، وهذا قليلٌ لا يُقاسُ عليه.
ونِيابةُ المصدرِ عن الظرفِ مِن بابِ حذفِ المضافِ وإقامةِ المضافِ إليه مقامَه، وشرطُ ذلك إفهامُ تعيينِ وقتٍ أو مِقدارٍ.
وهذه النيابةُ قليلةٌ في المكانِ، وقد أشارَ الناظمُ إلى هذه القلةِ بقولِه: "قد ينوب"؛ فإنَّ "قد" هنا حرفُ تقليلٍ.
وتكثرُ نيابةُ المصدرِ عن ظرفِ الزمانِ؛ لقوةِ دلالةِ الفعلِ على الزمنِ، نحو: «آتيكَ طلوعَ الشمسِ، وخروجَ زيدٍ»، أي: وقتَ طلوعِ، ووقتَ خروج زيدٍ، ونحو: «انتظرتُكَ نحرَ جزورٍ، وحَلبَ ناقةٍ»، أي: مقدارَ نحرِ جزورٍ، ومقدارَ حلبِ ناقةٍ، فحُذفَ المضافُ، وأُقِيمَ المُضافُ إليه مُقامَه.
*تنبيهٌ:*
قد يُحذَفُ المصدرُ الذي كان اسمُ الزمانِ مضافًا إليه، فينوبُ عنه ما كان هذا المصدرُ مضافًا إليه مِن اسمِ عَينٍ، نحو قولِهم: «لا أُكلِمُه القارِظَينِ»، و«لا آتيهِ الفرقَدَينِ»، والتقديرُ: لا أُكلِمُه مُدةَ غيبةِ القارظَين، ومدةَ بقاءِ الفرقدَين(والقارِظانِ: رجلان خرجا لجنيِ القرظِ فلم يعودا، والفرقدان: نجمانِ لا يغربانِ).
وهناك أشياءُ تنوبُ عن الظرفِ زمانيًا أو مكانيًا، منها:
١- لفظُ "كل" ولفظُ "بعض" مضافَينِ إلى الظرفِ، نحو: «بحثتُ عنك كلَّ مكانٍ كلَّ يومٍ»، و«لبثتُ بعضَ يومٍ»؛ وذلك لأنّ كلمتَي "كل" و"بعض" تُعربانِ بحسب ما تضافانِ إليه.
٢- صفةُ الظرفِ، نحو: «سِرتُ طويلًا شرقي مكةَ».
٣- اسمُ العددِ المميزِ بالظرفِ، نحو: «صمتُ ثلاثةَ أيامٍ».