في موضوع اليوم سنتطرق إلى شرح أحكام وقواعد المفعول معه بما تيسر من التوضيح المفصل والأمثلة المتنوعة .
أولاً : تعريف المفعول معه
اسمٌ فضلة ، لاَ يَقَعُ مُبْتَدَأً وَلاَ خَبَرَاً – أَوْ مَا هُوُ في حُكمهِما ، وَيَجِيءُ بَعْدَ ( واو )بِمَعْنَى ( مَع ) مَسْبُوقَةٍ بِجُمْلَةٍ فِيها فِعْلٌ ، أَوْ ما يُشْبِهُ الفِعْلَ ، وَتَدُلُّ ( الواو ) على اقْتِرَانِ الاسْمِ الذي بَعْدَهَا باسْمٍ آخَرَ قَبْلَهَا في زَمَنِ حُصولِ الفِعْلِ – الحَدَثِ – مَعَ مُشَارَكَةِ الثَّانِي لِلأَوْلِ في الحَدَثِ ، أَو عَدَمِ مُشَارَكَتِهِ .
ثانياً : شروط نصب المفعول معه :
يُشْتَرَطُ في نَصْبِ ما بعدِ الواوِ على أنهُ مفعولٌ مَعَهُ ، ثلاثةُ شروطٍ :
1- أن يكونَ فَضْلَةً – ليسً رُكناً أساسياً في الكلامِ ، مثلِ المبتدأِ والخبرِ ، والفاعلِ والمفعولِ به ، بل يجوزُ أن تتكون الجملة وتُفْهَمُ دونَ ذِكْرِهِ –
أما عندما يكونُ الاسمُ الواقعُ بعد الواوِ ، ركناً أساسياً من الجملةِ ، مثل : اشتركَ ابراهيمُ وماجدٌ ، فلا يجوز نَصْبُهُ على المعيّةِ ، بل يكونُ معطوفاً على ما قَبْلَهُ ، فتكونُ الواوُ حرفَ عطفٍ . وذلك لأنّ إبراهيمَ ، فاعل وهو رُكْنٌ أساسيٌّ في الكلامِ ، لا تَصِحُّ الجملةُ بغيرِهِ . وما عُطِفَ عليه – ماجد – يُعامَلُ مُعامَلَتَهُ ، لذا أفادت الواو معنى العطفِ، ولم تُفِدْ معنى المعيةِ .
2- أن يكونَ ما بعد الواوِ جُمْلَةً ، وليسَ مفرداً – غيرَ جملةٍ – فإن كانَ ما بعدها غيرُ جملةٍ ، مثل : كلُّ جنديٍّ وسلاحُهُ . يكونُ معطوفاً على ما قَبْلَهُ كل : وهي مبتدأ ويكونُ الخبرُ محذوفاً وجوباً بعد الواو التي تعني العطفَ والاقترانَ ، كما هو واردٌ في بابِ المبتدأِ والخبرِ . حيثُ التقديرُ كلُّ جنديٍّ وسلاحُهُ مُقْتَرِنان .
3- أن تكونَ الواوُ التي تَسْبِقُ المفعولَ مَعَهُ ، تعني (مع) .
فإن كانت الواوُ دالةً على العطفِ ، لعدمِ صِحّةِ المعيةِ ، في مثل قولنا : جاءَ عمادٌ وسليمٌ قبلَه أو بَعْدَهُ ، لم يكن ما بعدها مفعولاً معَهُ ، لأنَّ الواوَ في الجملةِ لا تعني (مع) . والدليلُ على ذلك أننا لو قلنا : جاءَ عمادٌ مع سليمٍ قَبْلَهُ أو بعدَهُ ، لكان المعنى فاسداً .
وكذلك الأمرُ ، إن كانت الواو دالةً على الحالِ ، فلا يجوزُ أن يكونَ ما بعدها مفعولاً مَعَهُ . مثل قوله تعالى "أو كالذي مَرّ على قريةٍ وهي خاويةٌ على عروشِهَا" ومثل قولِنا : نَزَلَ الشّتاءُ والشّمْسُ طَالِعَةٌ .
ثالثاً : أَحْكَامه :
1- النَّصْبُ ، وَنَاصِبُه إما أن يَكون الفِعْلُ كما في الأمْثَلِةِ السَّابِقَةِ ومِثْل : سارَ الرَّجُلُ وَالنَّهْرَ.
وَأَمَا ما يُشْبِهُ الفِعْلَ كاسمِ الفاعلَِ ... مِثْل: الظِلُّ مائلٌ والشَجَرَ .
وكاسمِ المَفْعُولِ ، مِثْلَ : الحَدِيقَةُ مَخْدومةٌ وشَجَرهَا .
وكالمصدر ، مثل : يَسُرني حُضُورُكَ والأُسرَةَ.
وكاسم الفعل ، مثل : رُوَيْدَكَ وَالسَّائِلَ = أَمْهِلْ نَفْسَكَ مَعَ السَّائِل.
وقد وَرَدَت ترَاكيب مسموعَةٌ من العَرَبِ ، وَرَدَ فيها المَفْعَولُ لأجْلِهِ غَيْرَ مُسْبُوقٍ بِفِعْلٍ أو بِشِبْهِ فِعْلٍ ، بَعْدَ ( ما ) و
(كيف) الاستفهاميتين . مثل : ما أَنتَ والبَحْرَ ؟ و كَيْفَ أَنْتَ والبَرْدَ ؟
2- لا يجوزُ أن يتقدمَ المفعولُ مَعَهُ على عامِلِهِ – الفعلِ وما يُشْبِهُهُ ، ولا على مُصَاحِبِهِ – فلا يُقَالُ : والنَّهْرَ سَارَ الرَّجُلُ ، كما لا يُقالُ : سارَ النَّهرُ والرَّجُلُ.
3- لايجوزُ أن يُفْصَلَ بينهُ وبين ( الواو ) التي تعني ( مع ) أيُّ فاصِلٍ.
4- إذا جاءَ بَعْدَهُ تابِعٌ ، أو ضَمِيرٌ أو ما يحتاجُ إلى المطابقةِ ، وجَبَ أن يُراعَى عِنْدَ المطابَقَةِ الاسمُ قَبْلَ الواوِ وَحْدَهُ . مثل : كُنتُ أَنَا وَشَرِيكي كالأَخِ ، ولا يَصِحُّ أن يُقالَ : كالأخوين.
-- والعامل الأصلي الذي يعمل النصب في المفعول معه هو الفعل، وهو يتوصل إليه بواو المعية، أما العوامل الأخرى فهي:
1- اسم الفاعل، مثل:
أنا سائرٌ والشاطئَ.
أنا: ضميرٌ منفصلٌ مبنيٌ على السكونِ في محلِ رفعٍ مبتدأ.
سائر: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
الواو: واو المعية، حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
الشاطئ: مفعول معه منصوب بالفتحة الظاهرة.
"العامل فيه اسم الفاعل: سائر".
2- اسم المفعول، مثل:
زيد مُكْرَمٌ وأخاه.
زيد: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة.
مكرم: خبر مرفوع بالضمة الظاهرة.
الواو: واو المعية، حرف مبني على الفتح لا محل له من الإعراب.
أخاه: مفعول معه منصوب بالألف، والهاء ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه.
"العامل فيه هو اسم المفعول: مكرم".
3- المصدر، مثل:
سيرُكَ والشاطئَ في الصباحِ مفيدٌ.
سيرك: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وخبره كلمة "مفيد" الآتية.
الواو: واو المعية.
الشاطئ: مفعول معه منصوب بالفتحة الظاهرة.
"العامل فيه هو المصدر: سير".
4- اسم الفعل، مثل:
رويدك والمريض.
رويدك: اسم فعل أمر مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقدير أنت.
الواو: واو المعية.
المريض: مفعول معه منصوب بالفتحة الظاهرة.
ومعنى الجملة: أمهل نفسك مع المريض.
"العامل فيه اسم الفعل: رويدك".
- ولك في الاسم الواقع بعد الواو حالات نوجزها فيما يلي:
1- وجوب نصبه على أنه مفعول معه في نحو:
سار زيد والشاطئ.
فكلمة "الشاطئ" هنا مفعول معه، ولا يصح أن تكون معطوفا على زيد، وإلا صار المعنى: سار زيد وسار الشاطئ. وكذلك في نحو:
عجبت منك وزيدًا.
فكلمة "زيدا" هنا مفعول معه؛ لأنه لا يصح عطفها على الضمير المجرور بمن؛ إذ إن العطف على الضمير المجرور يقتضي في الغالب تكرار حرف الجر، فإن أردت العطف قلت: عجبت منك ومن زيد.
2- امتناع إعرابه مفعولا معه ووجوب إعرابه معطوفا، وذلك في مثل:
حضر زيد وعلي قبله.
لا بد أن تعرب "عليا" معطوفا على زيد، ويمتنع إعرابه مفعولا معه لوجود كلمة "قبله" التي تمنع أن تكون الواو دالة على المصاحبة.
وفي مثل:
تضارب زيد وعلي.
علي هنا معطوف على زيد، ويمتنع إعرابه مفعولا معه؛ وذلك لأن الفعل "تضارب" يقتضي أكثر من فاعل؛ لأنه يدل على الاشتراك.
3- جواز إعرابه معطوفا أو مفعولا معه، والثاني أفضل، مثل:
سرت وزيدا، "أو زيدٌ".
الأفضل إعرابه مفعولا معه، ويجوز أيضا إعرابه معطوفا، والأول أحسن؛ وذلك لأن العطف على الضمير المتصل يقتضي في الغالب وجود فاصل بينه وبين المعطوف. وفي غير هذه الحالات يكون الإعراب على العطف أفضل.
- يكثر في الكلام استعمال المفعول معه بعد الاستفهام في مثل:
كيف أنت والامتحانَ؟
ما أنت وزيدَا؟
ما لك وعليًّا؟
المشكلة في هذه الجمل أن المفعول معه يقتضي وجود جملة قبل الواو، بشرط أن يكون فيها فعل يعمل النصب في المفعول معه.
وهناك من يرى أن اسم الاستفهام هو العامل في المفعول معه، أما الرأي الغالب عندهم فهو تقدير فعل في جملة الاستفهام مثل:
كيف تكون أو تصنع أو تفعل والامتحانَ؟ وكذلك في الباقي.