باب وصول ثواب الصدقة عن الميت اليه
باب وصول ثواب الصدقة عن الميت اليه
1672- قَوْله: «يَا رَسُول اللَّه إِنَّ أُمِّي اِفْتَلَتَتْ نَفْسهَا» ضَبَطْنَاهُ: نَفْسهَا وَنَفْسهَا بِنَصَبِ السِّين وَرَفْعهَا، فَالرَّفْع عَلَى أَنَّهُ مَفْعُول مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِله، وَالنَّصْب عَلَى أَنَّهُ مَفْعُول ثَانٍ.
قَالَ الْقَاضِي: أَكْثَر رِوَايَتنَا فيه بِالنَّصْبِ.
وَقَوْله: «اِفْتَلَتَتْ» بِالْفَاءِ، هَذَا هُوَ صَوَاب الَّذِي رَوَاهُ أَهْل الْحَدِيث وَغَيْرهمْ، وَرَوَاهُ اِبْن قُتَيْبَة: «اِقْتَتَلَتْ نَفْسهَا» بِالْقَافِ، قَالَ: وَهِيَ كَلِمَة يُقَال لِمَنْ مَاتَ فَجْأَة، وَيُقَال أَيْضًا لِمَنْ قَتَلَهُ الْجِنّ وَالْعِشْق.
وَالصَّوَاب الْفَاء.
قَالُوا: وَمَعْنَاهُ مَاتَتْ فَجْأَة، وَكُلّ شَيْء فُعِلَ بِلَا تَمَكُّثٍ فَقَدْ اُفْتُلِتَ، وَيُقَال: اُفْتُلِتَ الْكَلَام وَاقْتَرَحَهُ وَاقْتَضَبَهُ إِذَا اِرْتَجَلَهُ.
وَقَوْلهَا: «أَفَلَهَا أَجْر إِنْ تَصَدَّقْت عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.
» فَقَوْله: «إِنَّ تَصَدَّقَتْ» هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَة مِنْ (إِنْ) وَهَذَا لَا خِلَاف فيه، قَالَ الْقَاضِي: هَكَذَا الرِّوَايَة فيه، قَالَ: وَلَا يَصِحّ غَيْره، لِأَنَّهُ إِنَّمَا سَأَلَ عَمَّا لَمْ يَفْعَلهُ بَعْدُ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث: أَنَّ الصَّدَقَة عَنْ الْمَيِّت تَنْفَع الْمَيِّت وَيُصَلِّهِ ثَوَابهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ بِإِجْمَاعِ الْعُلَمَاء، وَكَذَا أَجْمَعُوا عَلَى وُصُول الدُّعَاء وَقَضَاء الدِّين بِالنُّصُوصِ الْوَارِدَة فِي الْجَمِيع، وَيَصِحّ الْحَجّ عَنْ الْمَيِّت إِذَا كَانَ حَجّ الْإِسْلَام، وَكَذَا إِذَا وَصَى بِحَجِّ التَّطَوُّع عَلَى الْأَصَحّ عِنْدنَا، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الصَّوَاب إِذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْم، فَالرَّاجِح جَوَازه عَنْهُ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة فيه.
وَالْمَشْهُور فِي مَذْهَبنَا أَنَّ قِرَاءَة الْقُرْآن لَا يَصِلُهُ ثَوَابهَا، وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ أَصْحَابنَا: يَصِلُهُ ثَوَابهَا، وَبِهِ قَالَ أَحْمَد بْن حَنْبَل.
وَأَمَّا الصَّلَاة وَسَائِر الطَّاعَات فَلَا تَصِلُهُ عِنْدنَا وَلَا عِنْد الْجُمْهُور، وَقَالَ أَحْمَد: يَصِلُهُ ثَوَاب الْجَمِيع كَالْحَجِّ.
باب وصول ثواب الصدقة عن الميت اليه
باب وصول ثواب الصدقة عن الميت اليه