📁 آخر الأخبار

هيبة الإمام في تواضعه هيبة الإمام في تواضعه

هيبة الإمام في تواضعه

هيبة الإمام في تواضعه هيبة الإمام في تواضعه


 الإمام في تواضعه دراسة في البلاغة والحكمة من كتاب اللؤلؤة في السلطان

يتناول النص المقتبس من كتاب اللؤلؤة في السلطان مفهوم هيبة الإمام المرتبط بالتواضع، مستعرضاً أقوال الحكماء والشعراء التي تبرز العلاقة بين التواضع والهيبة كصفة أساسية للقائد الناجح. يعكس النص قيماً أخلاقية وسياسية تجمع بين الرفعة والاتضاع، مما يعزز مكانة الإمام في قلوب الرعية. فيما يلي تحليل النص مع التركيز على الأقوال والأشعار، وإبراز دلالاتها البلاغية والفكرية.

1. مفهوم هيبة الإمام في التواضع

يؤكد النص أن التواضع لا يناقض الهيبة، بل يعززها، حيث يظهر الإمام قوته ورفعته من خلال الاتضاع. هذا المفهوم ينعكس في الأقوال التالية:

  • ابن السماك لعيسى بن موسى: «تواضعك في شرفك أكبر من شرفك». هذا القول يبرز أن التواضع يرفع مكانة الشريف أكثر من شرفه الذاتي، لأنه يجمع بين الرفعة الأصلية والخلق النبيل.
  • عبد الملك بن مروان: «إن أفضل الرجال من تواضع عن رفعة، وزهد عن قدرة، وأنصف عن قوة». يربط عبد الملك بين التواضع والزهد والعدل كصفات القائد المثالي، مما يعزز هيبته بتغليب الأخلاق على السلطة.
  • النجاشي أمير الحبشة: حين جلس على الأرض متوجاً بعد ولادة ابنه، استند إلى قول المسيح: «إذا أنعمت على عبدي نعمة فتواضع لها أتممتها عليه». هذا يعكس تواضعاً شكرياً لله، مما يعزز هيبته الروحية والدنيوية.

2. الأشعار والبلاغة في التعبير عن الهيبة والتواضع

الشعراء في النص يبرزون هيبة الإمام من خلال صور بلاغية تجمع بين الوقار والتواضع، مستخدمين الإيجاز والإطناب بحسب مقتضى الحال.

  • ابن قتيبة يستشهد ببيت في أحد خلفاء بني أمية:
    «يغضي حياء ويغضى من مهابته / فما يكلم إلا حين يبتسم».
    يصور البيت الخليفة بمزيج من الحياء (التواضع) والهيبة، حيث يغضي بصره خجلاً، ويُغضى عنه احتراماً. الابتسامة كقرينة للحديث تضيف لمسة إنسانية تعزز المحبة مع الهيبة.
    ويضيف ابن قتيبة بيتاً آخر:
    «فتى زاده عز المهابة ذلة / فكل عزيز عنده متواضع».
    هنا، «الذلة» تعني التواضع الاختياري الذي يزيد من عز الإمام، فتصبح الهيبة جاذبة للنفوس.
  • أبو العتاهية:
    «يا من تشرف بالدنيا وطينتها / ليس التشرف رفع الطين بالطين
    إذا أردت شريف الناس كلهم / فانظر إلى ملك في زي مسكين».
    ينتقد التشرف الدنيوي المادي («رفع الطين بالطين»)، ويرفع من شأن الملك المتواضع الذي يجمع بين النعمة الإلهية والخلق الرفيع، مما يجعله صالحاً للدنيا والدين.
  • الحسن بن هانئ:
    «إمام عليه هيبة ومحبة / ألا حبذا ذاك المهيب المحبب».
    يجمع البيت بين الهيبة (الوقار) والمحبة (القرب من الرعية)، معبراً بإيجاز عن التوازن المثالي للقائد.
  • شاعر مجهول في الهيبة العامة:
    «بنفس من لو مر برد بنانه / على كبدي كانت شفاء أنامله
    ومن هابني في كل شيء وهبته / فلا هو يعطيني ولا أنا سائله».
    يصور البيت هيبة محببة تجعل الآخرين يمنحون دون طلب، مع صورة بلاغية (شفاء الأنامل) تعبر عن تأثير الشخصية الكاريزمية.
  • ابن هرمة في المنصور:
    «له لحظات عن حفافي سريره / إذا كرها فيها عقاب ونائل
    كريم له وجهان وجه لدى الرضا / أسيل ووجه في الكريهة باسل».
    يصور المنصور بثنائية الهيبة: كريم في الرضا، باسل في الشدة. الإطناب في وصف الوجهين يعزز صورة القائد المتوازن.
  • شاعر آخر في الهيبة:
    «أهاشم يا فتى دين ودنيا / ومن هوى في اللباب من اللباب
    أهابك أن أبوح بذات نفسي / وتركي للعتاب من العتاب».
    يعبر عن هيبة تمنع البوح أو العتاب، مع إيجاز يبرز تأثير الإمام الروحي.
  • أشجع بن عمرو في هارون الرشيد:
    «منعت مهابتك النفوس حديثها / بالشيء تكرهه وإن لم تعلم
    وعلى عدوك يا ابن عم محمد / رصدان ضوء الصبح والإظلام».
    يصور هيبة الرشيد التي تردع النفوس حتى دون علم، مع صورة بلاغية للسيطرة المستمرة (رصد الصبح والإظلام).
  • الحسن بن هانئ في إفراط الهيبة:
    «ملك تصور في القلوب مثاله / فكأنه لم يخل منه مكان
    وأخفت أهل الشرك حتى إنه / لتخافك النطف التي لم تخلق».
    يبالغ في وصف هيبة الملك التي تسيطر على القلوب، حتى تخاف النطف (المجاز للأجيال القادمة). هذا الإفراط يعكس قوة التأثير النفسي.
  • المكفوف في آل محمد:
    «أحبكم حباً على الله أجره / تضمنه الأحشاء واللحم والدم».
    يعبر عن محبة عميقة مرتبطة بالهيبة الروحية لآل البيت، باستخدام صور حسية (الأحشاء، اللحم، الدم).

3. التحليل البلاغي

  • الإيجاز: يبرز في أبيات مثل قول الحسن بن هانئ: «إمام عليه هيبة ومحبة»، حيث يجمع المعاني الكثيرة (الهيبة، المحبة، القيادة) بألفاظ قليلة.
  • الإطناب: يظهر في أبيات ابن هرمة وأشجع بن عمرو، حيث يستخدم الشعراء التفصيل لتعزيز صورة الإمام (وجهان للمنصور، رصد الرشيد).
  • المساواة: كما في قول أبي العتاهية، حيث تتساوى الألفاظ مع المعنى في الدعوة إلى التواضع كمصدر للشرف الحقيقي.
  • المجاز: يتجلى في إفراط الحسن بن هانئ («تخافك النطف التي لم تخلق»)، حيث يعبر عن الهيبة بصورة رمزية تشمل الأجيال القادمة.
  • الصور البلاغية: الصور الحسية (شفاء الأنامل، النطف الخائفة) والتشبيهات (كأنه علم في رأسه نار) تضيف عمقاً وجاذبية للمعاني.

4. الدلالات الفكرية والأخلاقية

  • التواضع كمصدر هيبة: النص يؤكد أن التواضع يعزز الهيبة أكثر من السلطة الخام، لأنه يجذب محبة الرعية ويؤكد الارتباط بالقيم الإلهية.
  • التوازن بين القوة واللين: كما في وصف المنصور (كريم في الرضا، باسل في الشدة)، يبرز النص أهمية التوازن في القيادة.
  • الهيبة الروحية: تظهر في أقوال النجاشي وشعر المكفوف، حيث ترتبط الهيبة بالشكر لله والمحبة الدينية.
  • تأثير القائد النفسي: كما في إفراط الحسن بن هانئ، تُظهر الهيبة كقوة نفسية تسيطر على القلوب، حتى قبل وجود الأفراد.

5. الخلاصة

نص هيبة الإمام في تواضعه من كتاب اللؤلؤة في السلطان يقدم رؤية عميقة للقيادة المثالية، حيث يجمع التواضع والهيبة في شخصية الإمام. الأقوال الحكيمة والأشعار البليغة تعكس قيماً أخلاقية وسياسية، معتمدة على الإيجاز والإطناب والصور البلاغية لإبراز تأثير التواضع في تعزيز الهيبة والمحبة. النص يعكس غنى التراث العربي في تصوير القائد كرمز للرفعة والإنسانية، مما يجعله درساً خالداً في فن الحكم.

و ذكر عن النجاشي أمير الحبشة

 أنه أصبح يوما جالساً على الأرض والتاج على رأسه، فأعظم ذلك أساقفته، فقال لهم:

 إني وجدت فيما أنزل الله تعالى على المسيح عليه السلام، يقول له:

 " إذا أنعمت على عبدي نعمة فتواضع لها أتممتها عليه " . وإنى ولد لي الليلة غلام فتواضعت لذلك شكراً لله تعالى.

وقال ابن قتيبة:

 لم يقل في الهيبة مع التواضع بيت أبدع من قوال الشاعر في بعض خلفاء بني أمية:


يغضي حياء ويغضى من مهابته

***

 فما يكلم إلا حين يبتسم

وأحسن منه عندي قول الآخر.

فتى زاده عز المهابة ذلة

***

 فكل عزيز عنده متواضع

وقال أبو العتاهية:


يا من تشرف بالدنيا وطينتها

***

 ليس التشرف رفع الطين بالطين

إذا أردت شريف الناس كلهم

***

 فانظر إلى ملك في زي مسكين

ذاك الذي عظمت في الله نعمته

***

 وذاك يصلح للدنيا وللدين

وقال الحسن بن هانئ في هيبة السلطان مع محبة الرعية:


إمام عليه هيبة ومحبة

***

 ألا حبذا ذاك المهيب المحبب

وقال آخر في الهيبة، وإن لم تكن في طريق السلطان:


بنفس من لو مر برد بنانه

***

 على كبدي كانت شفاء أنامله

ومن هابني في كل شيء وهبته

***

 فلا هو يعطيني ولا أنا سائله

ولابن هرمة في المنصور:


له لحظات عن حفافي سريره

***

 إذا كرها فيها عقاب ونائل

كريم له وجهان وجه لدى الرضا

***

 أسيل ووجه في الكريهة باسل

فأم الذي آمنت آمنة الردى

***

 وأم الذي أوعدت بالثكل ثاكل

وليس بمعطى العفو من غير قدرة

***

 ويعفو إذا ما مكنته المقاتل

وقال آخر في الهيبة:


أهاشم يا فتى دين ودنيا

***

 ومن هوى في اللباب من اللباب

أهابك أن أبوح بذات نفسي

***

 وتركي للعتاب من العتاب

وقال أشجع بن عمرو في هيبة السلطان:


منعت مهابتك النفوس حديثها

***

 بالشيء تكرهه وإن لم تعلم

ومن الولاة مفخم لا يتقى

***

 والسيف تقطر شفرتاه من الدم

وقال أيضا لهارون الرشيد:


وعلى عدوك يا ابن عم محمد

***

 رصدان ضوء الصبح والإظلام

فإذا تنبه رعته وإذا غفا

***

 سلت عليه سيوفك الأحلام

وقال الحسن بن هانئ في الهيبة فأفرط:


ملك تصور في القلوب مثاله

***

 فكأنه لم يخل منه مكان

ما تنطوي عنه القلوب بفجرة

***

 إلا يكلمه بها اللحظان

حتى الذي في الرحم لم يك صورة

***

 لفؤاده من خوفه خفقان

فمجاز هذا البيت في إفراطه أن الرجل إذا خاف شيئاً وأحبه أحبه بسمعه وبصره وشعره وبشره ولحمه ودمه وجميع أعضائه، فالنطف التي في الأصلاب داخلة في هذه الجملة. قال الشاعر:


ألا ترثي لمكتئب

***

 يحبك لحمه ودمه

وقال المكفوف في آل محمد عليه السلام:


أحبكم حباً على الله أجره

***

 تضمنه الأحشاء واللحم والدم

وفي مثل هذا قول الحسن بن هانئ:


وأخفت أهل الشرك حتى إنه

***

 لتخافك النطف التي لم تخلق

فإذا خافه أهل الشرك خافته النطف التي في أصلابهم، على المجاز الذي ذكرناه.

ومجاز آخر:

 أن النطف التي أخذ الله عليها ميثاقها يجوز أن يضاف إليها ما هي لا بد فاعلة من قبل أن تفعله، كما جاء في الأثر:

 إن الله عز وجل عرض على آدم ذريته، فقال:

 هؤلاء أهل الجنة، وبعمل أهل الجنة يعملون، وهؤلاء أهل النار، وبعمل أهل النار يعملون.

ومن قولنا في الهيبة:


يا من يجرد من بصيرته

***

 تحت الحوادث صارم العزم

رعت العدو فما مثلت له

***

 إلا تفزع منك في الحلم

أضحى لك التدبير مطرداً

***

 مثل اطراد الفعل للاسم

رفع الحسود إليك ناظره

***

 فرآك مطلعاً مع النجم

أبو حاتم سهل بن محمد، قال:

 أنشدني العتبي للأخطل في معاوية:


تسمو العيون إلى إمام عادل

***

 معطى المهابة نافع ضرار

ونرى عليه إذا العيون لمحنه

***

 سيما الحليم وهيبة الجبار


هيبة الإمام في تواضعه هيبة الإمام في تواضعه

۞۞۞۞۞۞۞۞

 كتاب اللؤلؤة في

 السلطان ﴿ 10 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞

هيبة الإمام في تواضعه هيبة الإمام في تواضعه

كاتب
كاتب
تعليقات