📁 آخر الأخبار

باب بيان ان اليد العليا خير من اليد السفلى وان اليد العليا هي المنفقة وان السفلى هي الاخذة

 

 باب بيان ان اليد العليا خير من اليد السفلى وان اليد العليا هي المنفقة وان السفلى هي الاخذة

 باب بيان ان اليد العليا خير من اليد السفلى وان اليد العليا هي المنفقة وان السفلى هي الاخذة


1715- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصَّدَقَة: «الْيَد الْعُلْيَا خَيْر مِنْ الْيَد السُّفْلَى وَالْيَد الْعُلْيَا الْمُنْفِقَة وَالسُّفْلَى السَّائِلَة» هَكَذَا وَقَعَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم: «الْعُلْيَا الْمُنْفِقَة» مِنْ الْإِنْفَاق، وَكَذَا ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ أَكْثَر الرُّوَاة، قَالَ: وَرَوَاهُ عَبْد الْوَارِث عَنْ أَيُّوب عَنْ نَافِع عَنْ اِبْن عُمَر: «الْعُلْيَا الْمُتَعَفِّفَة» بِالْعَيْنِ مِنْ الْعِفَّة، وَرَجَّحَ الْخَطَّابِيُّ هَذِهِ الرِّوَايَة.

قَالَ: لِأَنَّ السِّيَاق فِي ذِكْر الْمَسْأَلَة وَالتَّعَفُّف عَنْهَا، وَالصَّحِيح الرِّوَايَة الْأُولَى، وَيَحْتَمِل صِحَّة الرِّوَايَتَيْنِ فَالْمُنْفِقَة أَعْلَى مِنْ السَّائِلَة، وَالْمُتَعَفِّفَة أَعْلَى مِنْ السَّائِلَة.

وَفِي هَذَا الْحَدِيث: الْحَثّ عَلَى الْإِنْفَاق فِي وُجُوه الطَّاعَات.

وَفيه دَلِيل لِمَذْهَبِ الْجُمْهُور: أَنَّ الْيَد الْعُلْيَا الْمُنْفِقَة، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُتَعَفِّفَة كَمَا سَبَقَ، وَقَالَ غَيْره: الْعُلْيَا الْآخِذَة، وَالسُّفْلَى الْمَانِعَة.

 حَكَاهُ الْقَاضِي.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

وَالْمُرَاد بِالْعُلُوِّ: عُلُوّ الْفَضْل وَالْمَجْد وَنَيْل الثَّوَاب.

✯✯✯✯✯✯

‏1716- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَخَيْر الصَّدَقَة عَنْ ظَهْر غِنًى» مَعْنَاهُ: أَفْضَل الصَّدَقَة مَا بَقِيَ صَاحِبهَا بَعْدهَا مُسْتَغْنِيًا بِمَا بَقِيَ مَعَهُ، وَتَقْدِيره: أَفْضَل الصَّدَقَة مَا أَبْقَتْ بَعْدهَا غِنًى يَعْتَمِدُهُ صَاحِبهَا وَيَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى مَصَالِحه وَحَوَائِجه، وَإِنَّمَا كَانَتْ هَذِهِ أَفْضَل الصَّدَقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ تَصَدَّقَ بِجَمِيعِ مَاله؛ لِأَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِالْجَمِيعِ يَنْدَم غَالِبًا أَوْ قَدْ يَنْدَم إِذَا اِحْتَاجَ، وَيَوَدّ أَنَّهُ لَمْ يَتَصَدَّق، بِخِلَافِ مَنْ بَقِيَ بَعْدهَا مُسْتَغْنِيًا فَإِنَّهُ لَا يَنْدَم عَلَيْهَا، بَلْ يُسَرُّ بِهَا.

وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الصَّدَقَة بِجَمِيعِ مَاله، فَمَذْهَبُنَا أَنَّهُ مُسْتَحَبّ لِمَنْ لَا دَيْن عَلَيْهِ وَلَا لَهُ عِيَال لَا يَصْبِرُونَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُون مِمَّنْ يَصْبِر عَلَى الْإِضَافَة وَالْفَقْر، فَإِنْ لَمْ تَجْتَمِع هَذِهِ الشُّرُوط فَهُوَ مَكْرُوه، قَالَ الْقَاضِي: جَوَّزَ جُمْهُور الْعُلَمَاء وَأَئِمَّة الْأَمْصَار الصَّدَقَة بِجَمِيعِ مَاله، وَقِيلَ: يَرُدّ جَمِيعهَا، وَهُوَ مَرْوِيّ عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَقِيلَ: يَنْفُذ فِي الثُّلُث هُوَ مَذْهَب أَهْل الشَّام، وَقِيلَ: إِنْ زَادَ عَلَى النِّصْف رُدَّتْ الزِّيَادَة، وَهُوَ مَحْكِيّ عَنْ مَكْحُول.

قَالَ أَبُو جَعْفَر وَالطَّبَرِيّ: وَمَعَ جَوَازه فَالْمُسْتَحَبّ أَلَّا يَفْعَلهُ وَأَنْ يَقْتَصِر عَلَى الثُّلُث.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُول» فيه تَقْدِيم نَفَقَة نَفْسه وَعِيَاله؛ لِأَنَّهَا مُنْحَصِرَة فيه بِخِلَافِ نَفَقَة غَيْرهمْ.

وَفيه الِابْتِدَاء بِالْأَهَمِّ فَالْأَهَمّ فِي الْأُمُور الشَّرْعِيَّة.

✯✯✯✯✯✯

‏1717- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا الْمَال خَضِرَة حُلْوَة» شَبَّهَهُ فِي الرَّغْبَة فيه وَالْمَيْل إِلَيْهِ وَحِرْص النُّفُوس عَلَيْهِ بِالْفَاكِهَةِ الْخَضْرَاء الْحُلْوَة الْمُسْتَلَذَّة، فَإِنَّ الْأَخْضَر مَرْغُوب فيه عَلَى اِنْفِرَاده، وَالْحُلْو كَذَلِكَ عَلَى اِنْفِرَاده فَاجْتِمَاعُهُمَا أَشَدّ.

وَفيه إِشَارَة إِلَى عَدَم بَقَائِهِ؛ لِأَنَّ الْخَضْرَاوَات لَا تَبْقَى وَلَا تُرَاد لِلْبَقَاءِ.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَنْ أَخَذَهُ بِطِيبِ نَفْس بُورِكَ لَهُ فيه، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْس لَمْ يُبَارَك لَهُ فيه، وَكَانَ كَاَلَّذِي يَأْكُل وَلَا يَشْبَع» قَالَ الْعُلَمَاء: إِشْرَاف النَّفْس تَطَلُّعُهَا إِلَيْهِ وَتَعَرُّضُهَا لَهُ وَطَمَعُهَا فيه.

وَأَمَّا طِيب النَّفْس فَذَكَرَ الْقَاضِي فيه اِحْتِمَالَيْنِ أَظْهَرهُمَا: أَنَّهُ عَائِد عَلَى الْآخِذ، وَمَعْنَاهُ: مَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ سُؤَال وَلَا إِشْرَاف وَتَطَلُّعٍ بُورِكَ لَهُ فيه.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَائِد إِلَى الدَّافِع، وَمَعْنَاهُ: مَنْ أَخَذَهُ مِمَّنْ يَدْفَع مُنْشَرِحًا بِدَفْعِهِ إِلَيْهِ طَيِّبَ النَّفْسِ لَا بِسُؤَالٍ اِضْطَرَّهُ إِلَيْهِ أَوْ نَحْوه مِمَّا لَا تَطِيب مَعَهُ نَفْس الدَّافِع.

وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَاَلَّذِي يَأْكُل وَلَا يَشْبَع» فَقِيلَ: هُوَ الَّذِي بِهِ دَاء لَا يَشْبَع بِسَبَبِهِ، وَقِيلَ: يَحْتَمِل أَنَّ الْمُرَاد التَّشْبِيه بِالْبَهِيمَةِ الرَّاعِيَة.

وَفِي هَذَا الْحَدِيث- وَمَا قَبْله وَمَا بَعْده- الْحَثّ عَلَى التَّعَفُّف وَالْقَنَاعَة وَالرِّضَا بِمَا تَيَسَّرَ فِي عَفَاف وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا، وَالْإِجْمَال فِي الْكَسْب، وَأَنَّهُ لَا يَغْتَرّ الْإِنْسَان بِكَثْرَةِ مَا يَحْصُل لَهُ بِإِشْرَافٍ وَنَحْوه فَإِنَّهُ لَا يُبَارَك لَهُ فيه، وَهُوَ قَرِيب مِنْ قَوْل اللَّه تَعَالَى: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ}.

✯✯✯✯✯✯

‏1718- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا اِبْن آدَم إِنَّك أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْل خَيْر لَك، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَك وَلَا تُلَام عَلَى كَفَاف» هُوَ بِفَتْحِ هَمْزَة (أَنْ) وَمَعْنَاهُ: إِنْ بَذَلْت الْفَاضِل عَنْ حَاجَتك وَحَاجَة عِيَالِك فَهُوَ خَيْر لَك لِبَقَاءِ ثَوَابه، وَإِنْ أَمْسَكْته فَهُوَ شَرّ لَك؛ لِأَنَّهُ إِنْ أَمْسَكَ عَنْ الْوَاجِب اِسْتَحَقَّ الْعِقَاب عَلَيْهِ، وَإِنْ أَمْسَكَ عَنْ الْمَنْدُوب فَقَدْ نَقَصَ ثَوَابه، وَفَوَّتَ مَصْلَحَة نَفْسه فِي آخِرَته، وَهَذَا كُلّه شَرّ.

وَمَعْنَى: «لَا تُلَام عَلَى كَفَاف»: أَنَّ قَدْر الْحَاجَة لَا لَوْم عَلَى صَاحِبه، وَهَذَا إِذَا لَمْ يَتَوَجَّه فِي الْكَفَاف حَقّ شَرْعِيّ كَمَنْ كَانَ لَهُ نِصَاب زَكَوِيّ وَوَجَبَتْ الزَّكَاة بِشُرُوطِهَا وَهُوَ مُحْتَاج إِلَى ذَلِكَ النِّصَاب لِكَفَافِهِ وَجَبَ عَلَيْهِ إِخْرَاج الزَّكَاة، وَيُحَصِّل كِفَايَته مِنْ جِهَة مُبَاحَة.

 وَمَعْنَى: «اِبْدَأْ بِمَنْ تَعُول»: أَنَّ الْعِيَال وَالْقَرَابَة أَحَقّ مِنْ الْأَجَانِب، وَقَدْ سَبَقَ.

 باب بيان ان اليد العليا خير من اليد السفلى وان اليد العليا هي المنفقة وان السفلى هي الاخذة

 باب بيان ان اليد العليا خير من اليد السفلى وان اليد العليا هي المنفقة وان السفلى هي الاخذة


كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات