📁 آخر الأخبار

قولهم في الملك وجلسائه ووزرائه دراسة في الحكمة السياسية من كتاب اللؤلؤة في السلطان

قولهم في الملك وجلسائه ووزرائه قولهم في الملك وجلسائه ووزرائه 


قولهم في الملك وجلسائه ووزرائه قولهم في الملك وجلسائه ووزرائه



قولهم في الملك وجلسائه ووزرائه دراسة في الحكمة السياسية

يتناول النص المقتبس من كتاب اللؤلؤة في السلطان (الفصل الثامن) موضوع علاقة الملك بجلسائه ووزرائه، مؤكداً أن نجاح السلطان يعتمد على اختيار أعوانه، وأن فعالية الوزراء ترتكز على المودة، النصيحة، الرأي، والعفاف. يعرض النص أقوال الحكماء والشعراء، مع تجارب تاريخية، لإبراز أهمية التوازن بين العدل، الكفاءة، والأخلاق في إدارة الدولة. فيما يلي تحليل النص مع التركيز على دلالاته البلاغية، الأخلاقية، والسياسية.


1. الأساس النظري: الملك وأعوانه

يؤكد النص أن السلطان لا يستقيم أمره إلا بوزرائه وجلسائه، وأن نجاحهم يعتمد على الصفات الأخلاقية والعقلية:

  • الحكماء: «لا ينفع الملك إلا بوزرائه وأعوانه، ولا ينفع الوزراء إلا بالمودة والنصيحة، ولا تنفع المودة والنصيحة إلا مع الرأي والعفاف». يستخدم النص التسلسل المنطقي (تدرج الشروط)، مع الإيجاز لتكثيف المعاني. يشدد على:
    • المودة والنصيحة: كأساس للعلاقة بين الملك وأعوانه.
    • الرأي والعفاف: كضمان للكفاءة والنزاهة.
  • العدل في المكافأة والعقاب: «على الملوك ألا يتركوا محسناً ولا مسيئاً ما دون جزاء». يحذر من إهمال المحسن أو التساهل مع المسيء، لأنه يؤدي إلى فساد الأمر (الإطناب للتأكيد على النتائج).

2. أقوال الحكماء والشعراء: أهمية البطانة الصالحة

يستعرض النص أقوالاً وأشعاراً تبرز أثر البطانة (الجلساء والوزراء) على السلطان:

  • الأحنف بن قيس: «من فسدت بطانته كان كمن غص بالماء». يستخدم التشبيه البليغ، حيث يشبّه فساد البطانة بالغصص بالماء، وهو مصدر الحياة نفسه، ليؤكد خطورة خيانة المقربين. «من خانه ثقاته فقد أتي من مأمنه» يعكس الإيجاز في تصوير الخيانة كضربة من الداخل.
  • العباس بن الأحنف:
    «كيف احتراسي من عدوي إذا / كان عدوي بين أضلاعي».
    يستخدم التصوير البلاغي ليعبر عن خيانة المقربين كعدو داخلي، مع التكرير (قلبي، أحزاني، أوجاعي) لتأكيد الألم النفسي.
  • عدي بن زيد للنعمان:
    «لو بغير الماء حلقي شرق / كنت كالغصان بالماء اعتصاري».
    يصور الخيانة كغصص بالماء، مع التشبيه لإبراز المفارقة: الماء (رمز الحياة) يصبح سبباً للهلاك إذا خان الأعوان.
  • شاعر مجهول:
    «إلى الماء يسعى من يغص بريقه / فقل أين يسعى من يغص بماء».
    يعزز فكرة عدي بالاستفهام البلاغي، مشدداً على استحالة النجاة من خيانة البطانة.

3. أركان السلطة: الرجال، المال، العمارة، العدل

  • عمرو بن العاص: «لا سلطان إلا بالرجال، ولا رجال إلا بمال، ولا مال إلا بعمارة، ولا عمارة إلا بعدل». يقدم تسلسلاً منطقياً (الإيجاز مع التسلسل)، مؤكداً أن:
    • الرجال (الوزراء والجلساء) هم دعامة السلطة.
    • المال يعتمد على العمارة (التنمية).
    • العدل هو أساس الاستدامة.
  • الحكماء: «السلطان بأصحابه كالبحر بأمواجه». يستخدم التشبيه ليبرز أن الأصحاب هم مصدر قوة السلطان وديناميكيته، كما الأمواج للبحر.

4. مخاطر البطانة الفاسدة

  • الحكماء: «ليس شيء أضر بالسلطان من صاحب يحسن القول ولا يحسن الفعل». يحذر من الوزراء المنافقين، مستخدماً المقابلة بين القول والفعل. يوسع النص الفكرة بتعديد الصفات المترابطة:
    • القول مع الفعل.
    • المال مع الجود.
    • الصدق مع الوفاء.
    • الفقه مع الورع.
    • الصدقة مع النية.
    • الحياة مع الصحة. هذا الإطناب يؤكد أن القيم الأخلاقية لا تنفصل عن الأداء العملي.
  • مثل الماء والتمساح: «السلطان الصالح إذا كان وزراؤه وزراء سوء... كالماء الصافي يكون فيه التمساح». يستخدم التشبيه ليبرز أن الوزراء الفاسدين يحولون دون استفادة الرعية من صلاح السلطان، مما يعيق الخير.

5. التحليل البلاغي

  • الإيجاز: يبرز في أقوال الأحنف وعمرو بن العاص، حيث تكثف المعاني في عبارات موجزة (مثل «من فسدت بطانته كمن غص بالماء»).
  • الإطناب: يظهر في سرد الحكماء للصفات المترابطة (القول/الفعل، المال/الجود)، لتأكيد شمولية القيم.
  • المساواة: كما في مثل الماء والتمساح، حيث تتساوى الألفاظ مع المعنى بدقة.
  • الصور البلاغية:
    • التشبيه: (البطانة كالماء، السلطان كالبحر، الوزراء كالتمساح).
    • المقابلة: (القول/الفعل، المحسن/المسيء).
    • الاستفهام البلاغي: («أين يسعى من يغص بماء؟») لتأكيد اليأس من خيانة البطانة.
  • التكرير: في أشعار العباس وعدي، لتعزيز الأثر النفسي (عدوي، الماء).

6. الدلالات الأخلاقية والسياسية

  • أهمية البطانة الصالحة: النص يؤكد أن الوزراء والجلساء هم عماد السلطة، وأن فسادهم يهدد استقرارها.
  • العدل والمكافأة: مكافأة المحسن وعقاب المسيء أساسان لمنع التهاون والجرأة.
  • التوازن بين القول والفعل: الوزير الناجح يجمع بين الكلام الطيب والأداء المخلص.
  • خطر الخيانة الداخلية: تشبيه البطانة الفاسدة بالعدو بين الأضلاع يبرز خطورة خيانة المقربين.
  • القيم الأخلاقية: الرأي، العفاف، الصدق، والوفاء هي أسس نجاح الأعوان.

7. الخلاصة

نص قولهم في الملك وجلسائه ووزرائه من كتاب اللؤلؤة في السلطان يقدم رؤية عميقة لدور الوزراء والجلساء في نجاح السلطان. يؤكد النص أن البطانة الصالحة، المتميزة بالمودة، النصيحة، الرأي، والعفاف، هي دعامة الحكم، بينما البطانة الفاسدة تهدد استقراره. الأقوال الحكيمة والأشعار، بأساليبها البلاغية (الإيجاز، الإطناب، التشبيهات)، تعزز هذه الفكرة، مما يجعل النص درساً خالداً في فن اختيار الأعوان وإدارة الدولة.

وقال العباس بن الأحنف:

تعليقات