وفود عبد المسيح على سطيح قصة تاريخية وتفسير الرؤى

مقدمة عن وفود عبد المسيح على سطيح

تُعد قصة وفود عبد المسيح بن نفيلة الغساني على الكاهن سطيح من أبرز القصص التاريخية المرتبطة بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم. تروي هذه القصة الأحداث العجيبة التي وقعت ليلة مولده، والتي أثارت قلق ملك الفرس، كسرى، ودفعته لاستشارة علماء عصره. في هذا المقال، نستعرض تفاصيل هذه القصة، أهميتها التاريخية والدينية، وتفسير رؤيا الموبذان.

الأحداث العجيبة ليلة مولد النبي

ليلة ولادة النبي محمد صلى الله عليه وسلم شهدت ظواهر غير عادية، أثارت الرعب في نفوس ملوك الفرس. من هذه الأحداث:

• ارتجاج إيوان كسرى: اهتز قصر كسرى وسقطت منه أربع عشرة شرفة، وهو ما يُفسر رمزيًا بانتهاء حكم الفرس.
• خمود نيران المجوس: خمدت النيران التي كانت تُوقد لألف سنة في معابد الفرس، مما يُشير إلى زوال دينهم.
• جفاف بحيرات وأودية: توقف جريان المياه في بحيرة ساوة، وادي السماوة، وبحيرة طبرية تلك الليلة.

هذه الأحداث دفع كسرى إلى استشارة الموبذان، كبير كهنته، الذي رأى رؤيا مقلقة.

رؤيا الموبذان وتفسيرها

أخبر الموبذان كسرى برؤياه التي رأى فيها إبلًا صعابًا تقود خيلًا عرابًا، تعبر نهر دجلة وتنتشر في بلاد الفرس. عندما عجز الموبذان عن تفسير هذه الرؤيا، اقترح استدعاء عبد المسيح بن نفيلة الغساني، أحد علماء الحيرة. لكن عبد المسيح، بدوره، لم يمتلك التفسير، فأوصى بإرساله إلى خاله سطيح، الكاهن الشهير في الشام.

وفود عبد المسيح إلى سطيح

عندما وصل عبد المسيح إلى سطيح، وجده في حالة احتضار. ناداه عبد المسيح بأبيات شعرية، فقال:

أصم أم يسمع غطريف اليمن
يا فاصل الخطة أعيت من ومن
أتاك شيخ الحي من آل سنن
أبيض فضفاض الرداء والبدن
رسول قيل العجم يهوي للوثن
لا يرعب الوعد ولا ريب الزمن

رفع سطيح رأسه، وأجاب بتفسير شعري عميق، ربط فيه الأحداث بظهور النبي محمد صلى الله عليه وسلم:

عبد المسيح، على جمل مشيح، إلى سطيح، وقد أوفى على الضريح
بعثك ملك بني ساسان، لارتجاج الإيوان، وخمود النيران
ورؤيا الموبذان؛ رأى إبلاً صعاباً، تقود خيلاً عراباً
قد اقتحمت في الواد، وانتشرت في البلاد
يا عبد المسيح، إذا ظهرت التلاوة، وفاض وادي السماوة
وغاضت بحيرة ساوة، وظهر صاحب الهراوة
وخمدت نار فارس؛ فليست بابل للفرس مقاماً
ولا الشام لسطيح شاما، يملك منهم ملوك وملكات
عدد سقوط الشرفات، وكل ما هو آت آت

تفسير رؤيا سطيح

أشار سطيح إلى أن هذه الظواهر تنبئ بظهور الإسلام وانتصار العرب المسلمين، ممثلين بـ"صاحب الهراوة" (النبي محمد). كما تنبأ بانتهاء حكم الفرس بعد أربعة عشر ملكًا، وهو ما تحقق خلال أربعين سنة، حيث سقطت الإمبراطورية الفارسية على يد المسلمين.

رد فعل كسرى

عندما أخبر عبد المسيح كسرى بتفسير سطيح، أصابه الغم، لكنه تعزى بأن الزمن سيطول قبل تحقق هذه النبوءة. لكن الرواية تؤكد أن الفرس هلكوا في غضون أربعين سنة، مما يعكس دقة تنبؤات سطيح.

الأهمية التاريخية والدينية

• الرمزية الدينية: تُبرز هذه القصة العلامات المرتبطة بمولد النبي محمد، وتؤكد على أهميته كحدث محوري في التاريخ.