باب العين والجيم وما يثلثهما
باب العين والجيم وما يثلثهما
(عجد) العين والجيم والدال ليس بشيء، على أنهم يقولون:
العُجْد:
ويقال هو العُنْجُد.
(عجر) العين والجيم والراء أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على تعقد في الشيء ونُتوٍّ مع التواء.
من ذلك العَجَر:
مصدر قولك عَجِرَ يَعْجَرُ عَجَراً.
والأعجر النّعت.
والعُجْرة:
موضع العَجَر.
ويقال:
حافر عَجُِرٌ:
صلب شديد.
قال مَرَّار بن مُنْقِذ:
سائلٍ شمراخُه ذي جُبَبٍ
***
سَلِط السُّنبُك في رُسْغٍ عَجُِرْ والأعجر:
كلُّ شيء ترى فهي عُقَداً؛ كبشٌ أعجرُ، وبطنٌ أعجر، إذا امتلأ جدّاً.
قال عنترة:
ابني زَبِيبةَ ما لمهركُمُ
***
متخدّداً وبطونُكُمْ عُجْرُ وقال بعضهم:
وأُراه مصنوعاً، إلاّ أنّ الخليل أنشدهُ:
حسن الثِّياب يبيت أعجَرَ طاعماً
***
والضّيفُ من حُبِّ الطَّعام قد التَوَى والعُجْرة:
كلُّ عقدةٍ في خشبةٍ أو غيرها مِن نحو عروق البدَن، والجمع عُجَر.
ومن الباب الاعتجار، وهو لفُّ العِمامة على الرأس من غير إدارةٍ تحت الحنَك.
قال:
جاءت به معتجراً ببُرْدِهْ
***
سَفْوَاءُ تَرْدِي بنَسِيجِ وَحْدِهْ وإنما سمِّيَ اعتجاراً لما فيه من لَيٍّ ونُتوّ.
ومما شذَّ عن هذا الأصل العَجِير، وهو من الخيل كالعِنِّين من الرِّجال.
(عجز) العين والجيم والزاء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدُهما على الضَّعف، والآخر على مؤخَّر الشيء.
فالأول عَجِزَ عن الشيء يعجز عَجْزاً، فهو عاجزٌ، أي ضَعيف.
وقولهم إنّ العجزَ نقيضُ الحَزْم فمن هذا؛ لأنه يَضْعُف رأيُه.
ويقولون:
"المرء يَعْجِز لا مَحَالة ".
ويقال:
أعجزَني فلانٌ، إذا عَجِزْت عن طلبه وإدراكه.
ولن يُعجز للهَ تعالى شيء، أي لا يَعجِز اللهَ تعالى عنه متى شاء.
وفي القرآن:
{لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً} [الجن 12]، وقال تعالى:
{وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ} [العنكبوت 22، الشورى 31].
ويقولون:
عَجَزَ بفتح الجيم.
وسمعتُ عليَّ بن إبراهيمَ القطَّان يقول:
سمعت ثعلباً يقول:
سمعتُ ابنَ الأعرابيّ يقول:
لا يقال عَجِزَ إلاَّ إذا عَظُمَتْ عجيزتُه.
ومن الباب:
العجوز:
المرأة الشَّيخة، والجمع عجائز.
والفعل عجَّزت تعجيزاً.
ويقال:
فلانٌ عاجَزَ فلاناً، إذا ذَهَب فلم يُوصَل إليه.
وقال تعالى:
{يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعَاجزين} [سبأ 38].
ويجمع العجوز على العُجُزِ أيضاً، وربَّما حملوا على هذا فسمَّوا الخمرَ عجوزاً، وإنما سمَّوها لقدَمها، كأنَّها امرأةٌ عجوز.
والعِجْزَة وابنُ العِجْزَة:
آخرُ ولد الشَّيخ.
وأنشد:
* عِجْزَةَ شيخَينِ يسمَّى مَعْبَدا * وأمَّا الأصل الآخر فالعَجُز:
مؤخَّر الشيء، والجمع أعجاز، حتى إنهم يقولون:
عَجُز الأمرِ، وأعجازُ الأمور.
ويقولون:
"لا تَدَبَّرُوا أعجازَ أمورٍ ولَّتْ صدورُها".
قال:
والعَجيزة:
عجيزة المرأة خاصّة إذا كانت ضَخْمَةً، يقال امرأةٌ عَجْزَاء.
والجمع عَجيزَاتٌ كذلك.
قال الخليل:
ولا يقال عجائز، كراهة الالتباس.
وقال ذو الرُّمَّة:
عجزاءُ ممكورةٌ خُمصانةٌ قَلِقٌ
***
عنها الوِشاحُ وتمّ الجسم والقصبُ وقال أبو النَّجم:
مِن كلِّ عَجْزَاءَ، سَقوط البُرقُعِ
***
بلهاءَ لَم تَحْفَظْ ولم تُضَيِّع والعَجَز:
داء يأخذ الدّابةَ في عَجُزها، يقال هي عَجْزاء، والذّكر أعجَز.
ومما شُبّه [في] هذا الباب:
العَجْزاء من * الرَّمل:
رملة مرتفِعة كأنّها جبل، والجمع العُجْز.
وهذا على أنَّها شبِّهت بعجيزةِ ذاتِ العجيزة، كما قد يشبِّهون العَجِيزات بالرّمل والكثيب.
والعَجْزاء من العِقْبان:
الخفيفة العَجِيزة.
قال الأعشى:
* عَجْزاءُ تَرزُقُ بالسُّلَيِّ عيالَها * وما تَركْنا في هذا كراهةَ التّكرار راجعٌ إلى الأصلين اللذين ذكرناهما.
وسمِعنا من يقول إنّ العَجوز:
نصلُ السَّيف.
وهذا إنْ صحَّ فهو يسمَّى بذلك لِقدمه كالمرأة العجوز، وإتْيان الأزمنة عليه.
(عجس) العين والجيم والسين أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على تأخرِ الشيء كالعَجُز، في عِظَمٍ وغِلَظٍ وتجمّع.
من ذلك العَُِجْس والمَعْجِس:
مقبض [القوس]، وعُجْسُها وعُجْزُها سواء.
وإِنَّما ذلك مشبَّه بعَجُز الإنسان وعَجيزته.
قال أوسٌ في العجس:
كتُومٌ طِلاعُ الكَفِّ لا دونَ مِلئِها
***
ولا عَجْسُها عن موضع الكفِّ أفْضَلا يقول:
عَجْسُها على قدر القَبْضة، سواء.
وقال في المَعْجِس مهلهِلٌ:
أنْبَضُوا [مَعجِسَ] القِسِيِّ وأبرقْـ
***
نا كما تُوعِدُ الفحولُ الفُحولا ومن الباب:
عَجَاسَاء اللَّيل:
ظُلْمته، وذلك في مآخيرِه؛ وشبِّهت بعَجَاساء الإبل.
قال أهل اللُّغة:
العَجَاساء من الإِبل:
العِظامُ المَسَانّ.
قال الراعي:
إذا بَرَكَتْ منها عَجاساء جِلّةٌ
***
بمَحْنِيَةٍ أجْلى العِفاسَ وبَرْوَعا العِفاس وبَرْوَع:
ناقتان.
وهذا منقاسٌ من الذي ذكرناه من مآخير الشَّيء ومُعظَمِه.
وذلك أنَّ أهل اللُّغة يقولون:
التعجُّس:
التأخُّر.
قالوا:
ويمكن أن يكون اشتقاق العَجَاساء من الإبل منه، وذلك أنَّها هي التي تَستأخِر عن الإبل في المرتَع.
قالوا:
والعَجَاساء من السَّحاب:
عِظامُها.
وتقول:
تَعَجَّسَني عَنْك كذا، أي أخَّرني عنك.
وكل هذا يدلُّ على صحَّة القياسِ الذي قِسناه.
وقال الدريديّ:
تعجَّسْتُ الرّجُلَ، إذا أَمَر أَمْراً فَغَيّرتَه عليه.
وهذا صحيحٌ لأنَّه من التعقُّب، وذلك لا يكون إِلاّ بعد مضيِّ الأوّل وإتيانِ الآخَرِ على ساقَتِه وعند عَجُزه.
وذَكرُوا أنَّ العَجِيساءَ:
مِشْيَةٌ بطيئة.
وهو من الباب.
ومما يدلُّ على صحَّة قياسِنا في آخر الليل وعَجَاسائهِ قولُ الخليل:
العجَسْ:
آخِر الليل.
وأنشد:
وأصحابِ صدقٍ قد بعثْتُ بجَوشَنٍ
***
من اللَّيل لولا حبُّ ظمياءَ عرَّسُوا فقامُوا يَجُرُّون الثِّيابَ وخَلفَهم
***
من اللَّيل عَجْسٌ كالنَّعامةِ أقعسُ وذكر أحمد بن يحيى، عن ابن الأعرابيّ:
أن العُجْسة آخِر ساعةٍ في اللَّيل.
فأمّا قولهم:
"ولا آتيك سَجِيسَ عُجَيسٍ" فمِن هذا أيضاً، أي لا آتيك آخِرَ الدَّهر.
وحُجّةُ هذا قول أبي ذؤيب:
سَقَى أمُّ عَمرٍو كلَّ آخِرِ ليلةٍ
***
حَناتِمُ مُزْنٍ ماؤهن ثجيجُ لم يُرِدْ أواخرَ اللَّيالي دون أوائلها، لكنّه أراد أبداً.
(عجف) العين والجيم والفاء أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على هُزال، والآخَر على حَبْس النفس وصَبْرِها على الشَّيء أو عنه.
فالأوَّل العَجَف، وهو الهُزَال وذَهاب السِّمَن، والذّكر أعجف والأنثى عَجْفاء، والجمع عِجافٌ، من الذُّكْران والإِناث.
والفعل عَجِفَ يَعْجَف وليس في كلام العَرَب أفعَلُ مجموعاً على فِعال غيرُ هذه الكلمة، حملوها على لفظ سِمان.
وعِجافٌ على فِعال.
ويقال أعجَفَ القومُ، إذا عجِفت مواشيهم وهم مُعْجِفون.
وحَكَى الكسائيُّ:
شفَتانِ عَجفاوان، أي لطيفتان قال أبو عُبيد:
يقال عَجُفَ إذا هُزِل، والقياس عَجِف؛ لأنَّ ما كان على أفعل وفعلاء فماضيه فَعِل، نحو عَرِج يعرَج، إلاَّ ستّةَ حروف جاءت على فَعُل، وهي سَمُر، وحَمُق، ورَعُن، وعَجُف، وخَرُق.
وحكى الأصمعيُّ في الأعجم:
عَجُم.
وربَّما اتَّسعوا في الكلام فقالوا:
أرضٌ عجفاء، أي مهزولة لا خَيرَ فيها ولا نبات.
ومنه قول الرائد:
"وجَدْتُ أرضاً عجفاء".
ويقولون:
نَصلٌ أعجفُ، أي دقيق.
قال ابنُ أبي عائذ:
تراحُ يداه بمحشورةٍ
***
خَوَاظِي القِداح عجافِ النِّصالِ وأمَّا الأصل الثاني فقولهم:
عَجَفْتُ* نفسِي عن الطعام أعجِفها عَجْفاً، إذا حبستَ نفسَك عنه وهي تشتهيه.
وعَجَفْت غيرِي قليلٌ.
[قال]:
لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصيفُ
***
ولا تُمَيْراتٌ ولا تعجيفُ ويقال:
عَجَفْت نفسي على المَريض أعْجِفها، إذا صَبَرْتَ عليه ومرَّضْتَه.
[قال]:
إنِّي وإِنْ عيَّرتني نُحولِي
***
لأَعجِفُ النَّفسَ على خليلي * أُعْرِضُ بالوُدِّ وبالتَّنويلِ *
(عجل) العين والجيم واللام أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدُهما على الإسراع، والآخر على بعض الحيَوان.
فالأوّل:
العَجَلة في الأمرِ، يقال:
هو عَجِلٌ وعَجُل، لغتان.
قال ذو الرّمّة:
كأنَّ رِجلَيه رِجلاَ مُقْطِفٍ عَجُِلٍ
***
إذا تَجَاوَبَ من بُرْدَيه ترنيمُ واستعجلتُ فلاناً:
حثثته.
وعَجِلْتُه:
سبَقْته.
قال الله تعالى:
{أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ} [الأعراف 150].
والعُجَالَة:
ما تُعَجِّلُ من شيء.
ويقال:
"عُجَالة الرَّاكبِ تمرٌ وسَويق".
وذكر عن الخليل أنَّ العَجَل:
ما استُعجِل به طعامٍ فقُدِّم قبل إدراك الغِذاء.
وأنشد:
إن لم تُغِثْنِي أكُنْ ياذا النَّدَى عَجَلاً
***
كلُقمةٍ وقَعتْ في شِدقِ غَرثانِ ونحن نقول:
أمّا قياس الكلمة التي ذكرناها فصحيح، لأنَّ الكلمةَ لا أصلَ لها، والبيت مصنوع.
ويقال:
من العُجَالة:
عجَلتُ القَوْمَ، كما يقال لَهَّنْتُهُمْ.
وقال أهل اللُّغة:
العاجل:
ضد الآجل.
ويقال للدُّنيا:
العاجلة، وللآخرة:
الآجلة.
والعَجْلان هو كعب بن ربيعة بن عامر، قالوا:
سمِّي العَجْلانَ باستعجالِهِ عَبْدَه.
وأنشدوا:
وما سُمِّيَ العَجْلاَنَ إِلاّ لقولـه
***
خُذِ الصَّحْنَ واحْلُبْ أيُّهَا العبدُ واعجَلِ وقالوا:
إنَّ المُعَجِّل والمُعْجِل من النُّوق:
التي تُنْتَج قبل أن تستكمل الوقتَ فيعيش ولدُها.
وممّا حُمِل على هذا العَجَلة:
عَجَلة الثِّيران.
والعَجَلة:
المنجنون التي يُسْتَقى عليها، والجمع عَجَل وعَجَلات.
قال أبو عبيد:
العَجَلة:
خشبةٌ معترِضة على نَعَامَتي البِئرِ والغَرْبُ مُعلَّقٌ بها، والجمع عَجَل.
قال أبو زيد:
العَجَلة:
المَحَالة.
وأنشد:
وقد أعَدَّ ربُّها وما عَقَلْ
***
حمراءَ من ساجٍ تَتقّاها العَجَلْ ومن الباب:
العِجْلة:
الإداوَة الصَّغيرة، والجمْع عِجَل.
وقال الأعشى:
والسّاحباتِ ذيولَ الخزِّ آونةً
***
والرافلاتِ على أعجازها العِجَلُ وإنما سمِّيت بذلك لأنها خفيفة يعجَل بها حاملُها.
وقال الخليل:
العَجُول من الإبل، الواله التي فَقَدَت ولدَها، والجمع عُجُل.
وأنشد:
أحِنُّ إليك حنين العَجُول
***
إذا ما الحمامة ناحت هديلا وقالت الخنساء:
فما عَجُولٌ على بَوٍّ تُطِيف به
***
قد ساعدَتْهَا على التَّحنانِ أظآرُ قالوا:
وربما قيل للمرأة الثَّكلى عَجُول، والجمع عُجُل.
قال الأعشى:
حتى يظلَّ عميدُ القَوْمِ مرتفقاً
***
يَدفَع بالرّاح عنه نِسْوةٌ عُجُلُ ولم يفسِّرُوه بأكثر من هذا.
قلنا:
وتفسيره ما يلحق الوالهَ عند ولهه من الاضطراب و العَجَلة، إلاّ أنَّ هذه العَجول لم يُبْنَ منها فِعل فيقال:
عَجِلتْ، كما بُنِي من الثُّكل ثَكِلتْ، والأصل فيه واحد، إلاّ أنّه لم يأت من العرب.
والأصل الآخر العِجْل:
ولد البقرة؛ وفي لغةٍ عِجَّوْل، والجمع عجاجيل، والأنثى عِجْلَة وعِجَّولة، وبذلك سُمِّي الرجل عِجْلاً.
(عجم) العين والجيم والميم ثلاثة أصول:
أحدها يدلُّ على سكوتٍ وصمت، والآخَر على صلابةٍ وشدة، والآخر على عَضٍّ ومَذَاقة.
فالأوَّل الرجُل الذي لا يُفصح، هو أعجمُ، والمرأة عجماءُ بيِّنة العُجمَة.
قال أبو النَّجم:
* أعجمَ في آذانها فصيحا *
ويقال عَجُم الرجل، إذ صار أعجَم، مثل سَمُر وأدُم.
ويقال للصَّبيِّ ما دام لا يتكلَّم لا يُفصح:
صبيٌّ أعجم.
ويقال:
صلاةُ النَّهار عَجْماء، إنما أراد أنّه لا يُجهر فيها بالقراءة.
وقولهم:
العَجَمُ الذين ليسوا من العرب، فهذا من هذا القياس كأنَّهم لمّا لم يَفْهَمُوا عنهم سَمُّوهم عَجَماً،
ويقال لهم عُجْم أيضاً.
قال:
دِيارُ ميَّةَ إذْ* مَيٌّ تُسَاعِفُنا
***
ولا يَرَى مثلها عُجْم ولا عَرَبُ ويقولون:
استَعجمَتِ الدَّارُ عن جَواب السَّائل.
قال:
صَمَّ صَداها وعفَا رَسمُها
***
واستَعْجَمَتْ عن مَنطقِ السّائلِ ويقال:
الأعجميّ:
الذي لا يُفْصِح وإنْ كان نازلاً بالبادية.
وهذا عندنا غلَط، وما نَعلم أحداً سمَّى أحداً من سكان البادية أعجميَّاً، كما لا يسمُّونه عجميّاً، ولعلَّ صاحبَ هذا القول أراد الأعجم فقال الأعجميّ.
قال الأصمعيّ:
يقال:
بعيرٌ أعجمُ، إذا كان لا يَهدِر.
والعجماء:
البهيمة، وسمِّيت عجماءَ لأنّها لا تتكلم، وكذلك كلُّ مَن لم يَقدرِ على الكلام فهو أعجمُ ومُستعجِم.
وفي الحديث:
"جُرْحُ العَجْماء جُبَارٌ"، تراد البَهيمة.
قال الخليل:
حروف المعْجَم مخفّف، هي الحروف المقطَّعة، لأنّها أعجمية.
وكتابٌ مُعَجَّم، وتعجيمه:
تنقيطه كي تستبين عُجْمَتُه ويَضِحَ.
وأظنُّ أن الخليل أراد بالأعجمية أنّها ما دامت مقطَّعةً غير مؤلّفة تأليفَ الكلامِ المفهومِ، فهي أعجميَّة؛ لأنَّها لا تدلُّ على شيء.
فإن كان هذا أراد فله وجه، وإلاّ فما أدري أيَّ شيء أَرَادَ بالأعجميَّة.
والذي عندنا في ذلك أنّه أُريد بحروف المُعجَم حُروفُ الخطِّ المُعْجَم، وهو الخطُّ العربيّ، لأنَّا لا نعلم خَطَّاً من الخطوط يُعْجَم هذا الإعجامَ حتَّى يدلّ على المعاني الكثيرة.
فأمَّا إعجام الخطِّ بالأَشكالِ فهو عندنا يدخل في باب العضِّ على الشَّيء لأنّه فيه، فسمي إعجاماً لأنّه تأثيرٌ فيه يدلُّ على المعْنى.
فأمّا قولُ القائل:
* يريدُ يعرِبَه فيُعجِمُه * فإنّما هو من الباب الذي ذكرناه.
ومعناه:
يريد أن يُبِين عنه فلا يقدرُ على ذلك، فيأتي به غيرَ فصيح دالّ على المعنى.
وليس ذلك من إعجام الخطّ في شيء.
(عجن) العين والجيم والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اكتناز شيءٍ ليِّنٍ غير صُلب.
من ذلك العَجَن، وهو اكتناز لحمِ ضَرْع النّاقة، وكذلك من البَقَر والشّاء.
تقول:
إنّها عَجْناءُ بيِّنة العَجَن.
ولقد عَجِنَتْ تَعْجَنُ عَجَناً.
والمتَعجِّن من الإِبل:
المكتنِز سِمَناً، كأنّه لحمٌ بلا عَظْم.
ومن الباب:
عَجَن الخبَّازُ العجِينَ يَعجِنه عَجْناً.
وممّا يقرُب من هذا قولُهم للأحمق، عجَّانٌ، وعجينة.
قال:
معناه أنَّهم يقولون:
"فلانٌ يَعجن بِمرفَقَيه عْجناً "، ثم اقتَصَروا على ذلك فقالوا:
عِجينةٌ وعَجّان، أي بمرْفَقَيه، كما جاء في المثل.
ومن الباب:
العِجان، وهو الذي يَستبرِئه البائل، وهو ليِّن.
قال جَرير:
يَمُدُّ الحبلَ معتمداً عليه
***
كأنّ عجانَه وترٌ جديدُ
(عجي) العين والجيم والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على وَهَْن في شيءٍ، إما حادثاً وإمّا خِلقة.
من ذلك العُجَايَة، وهو عصبٌ مركَّب فيه فُصوصٌ من عِظام، يكونُ عند رُسْغ الدّابَّة، ويكون رِخواً، وزعموا أنَّ أحدَهم يجوع فيدُقُّ تلك العُجَاية بَيْنَ فِهْرَين فيأكلُها.
والجمع العُجَايات والعُجَى.
قال كعبُ بن زُهير:
سُمرُ العُجاياتِ يترُكْنَ الحَصى زِيَماً
***
لم يَقِهِنَّ رؤوسَ الأُكمِ تنعيلُ ومما يدلُّ على صِحَّة هذا القياسِ قولهم للأمّ:
هي تَعجُو ولدَها، وذلك أن يُؤَخَّر رَضاعُه عن مَوَاقيتِه، ويُورِث ذلك وَهَْنَاً في جِسْمه.
قال الأعشى:
مشفِقاً قلبُها عليه فما تعـ
***
ـجُوه إِلاَّ عُفافَةٌ أو فُواقُ العُفافَة:
الشَّيء اليسير.
والفُواق:
ما يجتمع في الضَّرع قبل الدِّرَّة.
وتَعْجُوه، أي تداويه بالغِذاء حَتّى ينهض.
واسم ذلك الولد العَجِيُّ، والأنثى عَجِيَّة، والجمع عَجَايا.
قال:
عداني أن أزُورَك أنّ بَهْمِي
***
عَجَايا كلها إلا قليلا وإذا مُنِع الولدُ اللّبَن وغُذِّي بالطّعام، قيل:
قد عُوجِي.
قال ذو الإصبع:
إذا شئت أبصرت من عَقْبِهم
***
يَتامَى يُعاجَوْنَ كالأذؤُبِ وقال آخر في وصف جراد:
إذا ارتحلت من منزلٍ خَلّفَتْ به
***
عَجَايا يحاثي بالتُّرابِ صغيرُها ويروى:
"رذايا يُعاجَى".
(عجب) العين والجيم والباء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على كِبْر واستكبارٍ للشَّيء، والآخر خِلْقة من خِلَق الحيوان.
فالأوّل* العُجْب، وهو أن يتكبَّر الإنسان في نفسه.
تقول:
هو مُعجَبٌ بنَفْسِه.
وتقول من باب العَجَب:
عَجِب يَعْجَبُ عَجَباً، وأمرٌ عجيب، وذلك إذا استُكْبِر واستُعْظِم.
قالوا:
وزعم الخليل أنّ بين العَجِيب والعُجابِ فرقاً.
فأمّا العجيب والعَجَب مثله [فالأمرُ يتعجَّب منه ]، وأمّا العُجَاب فالذي يُجاوِز حدَّ العجيب.
قال:
وذلك مثل الطَّويل والطُّوال، فالطويل في النَّاس كثير، والطُّوال:
الأهوج الطُّول.
ويقولون:
عجَبٌ عاجب.
والاستعجاب:
شدة التعجُّب؛ يقال مُستَعجِب ومتعجِّب مما يرى.
قال أوس:
ومستعجِبٍ مِمَّا يرى مـن أناتِنا
***
ولو زَبنَتْه الحربُ لم يَترمرم وقِصَّةٌ عَجَب.
وأعجبَني هذا الشَّيء، وقد أُعِجبْت به.
وشيء مُعْجِبٌ، إذا كان حسَناً جِدّاً.
والأصل الآخر العَجْب، وهو من كلِّ دابة ما ضُمَّتْ عليه الورِكان من أصل الذّنَب المغروز في مُؤَخَّر العَجُز.
وعُجُوب الكُثْبان سمِّيت عُجوباً تشبيهاً بذلك، وذلك أنّها أواخِر الكُثْبان المستدِقَّة.
قال لبيد:
* بعُجوب أنقاء يَميلُ هَيَامُها * وناقَةٌ عَجْباء:
بيِّنة العَجَب والعُجْبة، وشدَّ ما عَجِبَت، وذلك إذا دقَّ أعلى مؤخَّرها وأشرفت جاعرتاها؛ وهي خِلْقةٌ قبيحة.
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب العين ﴿ 14 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞