📁 آخر الأخبار

‏‏باب العين والجيم وما يثلثهما‏

 

‏‏باب العين والجيم وما يثلثهما‏

‏‏باب العين والجيم وما يثلثهما‏


‏(‏عجد‏)‏ العين والجيم والدال ليس بشيء، على أنهم يقولون‏:

‏ العُجْد‏:

‏ الزبيب‏.

ويقال هو العُنْجُد‏.

‏(‏عجر‏)‏ العين والجيم والراء أصلٌ واحد صحيح يدلُّ على تعقد في الشيء ونُتوٍّ مع التواء‏.

‏ من ذلك العَجَر‏:

‏ مصدر قولك عَجِرَ يَعْجَرُ عَجَراً‏.

‏ والأعجر النّعت‏.

‏ والعُجْرة‏:

‏ موضع العَجَر‏.

‏ ويقال‏:

‏ حافر عَجُِرٌ‏:

‏ صلب شديد‏.

‏ قال مَرَّار بن مُنْقِذ‏:

‏ سائلٍ شمراخُه ذي جُبَبٍ

***

 سَلِط السُّنبُك في رُسْغٍ عَجُِرْ والأعجر‏:

‏ كلُّ شيء ترى فهي عُقَداً؛ كبشٌ أعجرُ، وبطنٌ أعجر، إذا امتلأ جدّاً‏.

‏ قال عنترة‏:

‏ ابني زَبِيبةَ ما لمهركُمُ

***

 متخدّداً وبطونُكُمْ عُجْرُ وقال بعضهم‏:

‏ وأُراه مصنوعاً، إلاّ أنّ الخليل أنشدهُ‏:

‏ حسن الثِّياب يبيت أعجَرَ طاعماً

***

 والضّيفُ من حُبِّ الطَّعام قد التَوَى والعُجْرة‏:

‏ كلُّ عقدةٍ في خشبةٍ أو غيرها مِن نحو عروق البدَن، والجمع عُجَر‏.

‏ ومن الباب الاعتجار، وهو لفُّ العِمامة على الرأس من غير إدارةٍ تحت الحنَك‏.

 قال‏:

‏ جاءت به معتجراً ببُرْدِهْ

***

 سَفْوَاءُ تَرْدِي بنَسِيجِ وَحْدِهْ وإنما سمِّيَ اعتجاراً لما فيه من لَيٍّ ونُتوّ‏.

‏ ومما شذَّ عن هذا الأصل العَجِير، وهو من الخيل كالعِنِّين من الرِّجال‏.

‏(‏عجز‏)‏ العين والجيم والزاء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدُهما على الضَّعف، والآخر على مؤخَّر الشيء‏.

‏ فالأول عَجِزَ عن الشيء يعجز عَجْزاً، فهو عاجزٌ، أي ضَعيف‏.

‏ وقولهم إنّ العجزَ نقيضُ الحَزْم فمن هذا؛ لأنه يَضْعُف رأيُه‏.

‏ ويقولون‏:

‏ ‏"‏المرء يَعْجِز لا مَحَالة ‏"‏‏.

‏ ويقال‏:

‏ أعجزَني فلانٌ، إذا عَجِزْت عن طلبه وإدراكه‏.

‏ ولن يُعجز للهَ تعالى شيء، أي لا يَعجِز اللهَ تعالى عنه متى شاء‏.

‏ وفي القرآن‏:

‏ ‏{‏لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً‏}‏ ‏[‏الجن 12‏]‏، وقال تعالى‏:

‏ ‏{‏وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ‏}‏ ‏[‏العنكبوت 22، الشورى 31‏]‏‏.

‏ ويقولون‏:

‏ عَجَزَ بفتح الجيم‏.

‏ وسمعتُ عليَّ بن إبراهيمَ القطَّان يقول‏:

‏ سمعت ثعلباً يقول‏:

‏ سمعتُ ابنَ الأعرابيّ يقول‏:

‏ لا يقال عَجِزَ إلاَّ إذا عَظُمَتْ عجيزتُه‏.

‏ ومن الباب‏:

‏ العجوز‏:

‏ المرأة الشَّيخة، والجمع عجائز‏.

‏ والفعل عجَّزت تعجيزاً‏.

‏ ويقال‏:

‏ فلانٌ عاجَزَ فلاناً، إذا ذَهَب فلم يُوصَل إليه‏.

‏ وقال تعالى‏:

‏‏{‏يَسْعَوْنَ فِي آياتِنا مُعَاجزين‏}‏ ‏[‏سبأ 38‏]‏‏.

‏ ويجمع العجوز على العُجُزِ أيضاً، وربَّما حملوا على هذا فسمَّوا الخمرَ عجوزاً، وإنما سمَّوها لقدَمها، كأنَّها امرأةٌ عجوز‏.

‏ والعِجْزَة وابنُ العِجْزَة‏:

‏ آخرُ ولد الشَّيخ‏.

‏ وأنشد‏:

‏ * عِجْزَةَ شيخَينِ يسمَّى مَعْبَدا * وأمَّا الأصل الآخر فالعَجُز‏:

‏ مؤخَّر الشيء، والجمع أعجاز، حتى إنهم يقولون‏:

‏ عَجُز الأمرِ، وأعجازُ الأمور‏.

‏ ويقولون‏:

‏ ‏"‏لا تَدَبَّرُوا أعجازَ أمورٍ ولَّتْ صدورُها‏"‏‏.

 قال‏:

‏ والعَجيزة‏:

‏ عجيزة المرأة خاصّة إذا كانت ضَخْمَةً، يقال امرأةٌ عَجْزَاء‏.

‏ والجمع عَجيزَاتٌ كذلك‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ ولا يقال عجائز، كراهة الالتباس‏.

‏ وقال ذو الرُّمَّة‏:

‏ عجزاءُ ممكورةٌ خُمصانةٌ قَلِقٌ

***

 عنها الوِشاحُ وتمّ الجسم والقصبُ وقال أبو النَّجم‏:

‏ مِن كلِّ عَجْزَاءَ، سَقوط البُرقُعِ

***

 بلهاءَ لَم تَحْفَظْ ولم تُضَيِّع والعَجَز‏:

‏ داء يأخذ الدّابةَ في عَجُزها، يقال هي عَجْزاء، والذّكر أعجَز‏.

‏ ومما شُبّه ‏[‏في‏]‏ هذا الباب‏:

‏ العَجْزاء من * الرَّمل‏:

‏ رملة مرتفِعة كأنّها جبل، والجمع العُجْز‏.

‏ وهذا على أنَّها شبِّهت بعجيزةِ ذاتِ العجيزة، كما قد يشبِّهون العَجِيزات بالرّمل والكثيب‏.

‏ والعَجْزاء من العِقْبان‏:

‏ الخفيفة العَجِيزة‏.

‏ قال الأعشى‏:

‏ * عَجْزاءُ تَرزُقُ بالسُّلَيِّ عيالَها * وما تَركْنا في هذا كراهةَ التّكرار راجعٌ إلى الأصلين اللذين ذكرناهما‏.

‏ وسمِعنا من يقول إنّ العَجوز‏:

‏ نصلُ السَّيف‏.

‏ وهذا إنْ صحَّ فهو يسمَّى بذلك لِقدمه كالمرأة العجوز، وإتْيان الأزمنة عليه‏.

‏(‏عجس‏)‏ العين والجيم والسين أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على تأخرِ الشيء كالعَجُز، في عِظَمٍ وغِلَظٍ وتجمّع‏.

‏ من ذلك العَُِجْس والمَعْجِس‏:

‏ مقبض ‏[‏القوس‏]‏، وعُجْسُها وعُجْزُها سواء‏.

‏ وإِنَّما ذلك مشبَّه بعَجُز الإنسان وعَجيزته‏.

‏ قال أوسٌ في العجس‏:

‏ كتُومٌ طِلاعُ الكَفِّ لا دونَ مِلئِها

***

 ولا عَجْسُها عن موضع الكفِّ أفْضَلا يقول‏:

‏ عَجْسُها على قدر القَبْضة، سواء‏.

‏ وقال في المَعْجِس مهلهِلٌ‏:

‏ أنْبَضُوا ‏[‏مَعجِسَ‏]‏ القِسِيِّ وأبرقْـ

***

 نا كما تُوعِدُ الفحولُ الفُحولا ومن الباب‏:

‏ عَجَاسَاء اللَّيل‏:

‏ ظُلْمته، وذلك في مآخيرِه؛ وشبِّهت بعَجَاساء الإبل‏.

‏ قال أهل اللُّغة‏:

‏ العَجَاساء من الإِبل‏:

‏ العِظامُ المَسَانّ‏.

‏ قال الراعي‏:

‏ إذا بَرَكَتْ منها عَجاساء جِلّةٌ

***

 بمَحْنِيَةٍ أجْلى العِفاسَ وبَرْوَعا العِفاس وبَرْوَع‏:

‏ ناقتان‏.

‏ وهذا منقاسٌ من الذي ذكرناه من مآخير الشَّيء ومُعظَمِه‏.

‏ وذلك أنَّ أهل اللُّغة يقولون‏:

‏ التعجُّس‏:

‏ التأخُّر‏.

‏ قالوا‏:

‏ ويمكن أن يكون اشتقاق العَجَاساء من الإبل منه، وذلك أنَّها هي التي تَستأخِر عن الإبل في المرتَع‏.

‏ قالوا‏:

‏ والعَجَاساء من السَّحاب‏:

‏ عِظامُها‏.

‏ وتقول‏:

‏ تَعَجَّسَني عَنْك كذا، أي أخَّرني عنك‏.

‏ وكل هذا يدلُّ على صحَّة القياسِ الذي قِسناه‏.

‏ وقال الدريديّ‏:

‏ تعجَّسْتُ الرّجُلَ، إذا أَمَر أَمْراً فَغَيّرتَه عليه‏.

‏ وهذا صحيحٌ لأنَّه من التعقُّب، وذلك لا يكون إِلاّ بعد مضيِّ الأوّل وإتيانِ الآخَرِ على ساقَتِه وعند عَجُزه‏.

‏ وذَكرُوا أنَّ العَجِيساءَ‏:

‏ مِشْيَةٌ بطيئة‏.

‏ وهو من الباب‏.

‏ ومما يدلُّ على صحَّة قياسِنا في آخر الليل وعَجَاسائهِ قولُ الخليل‏:

‏ العجَسْ‏:

‏ آخِر الليل‏.

‏ وأنشد‏:

‏ وأصحابِ صدقٍ قد بعثْتُ بجَوشَنٍ

***

 من اللَّيل لولا حبُّ ظمياءَ عرَّسُوا فقامُوا يَجُرُّون الثِّيابَ وخَلفَهم

***

 من اللَّيل عَجْسٌ كالنَّعامةِ أقعسُ وذكر أحمد بن يحيى، عن ابن الأعرابيّ‏:

‏ أن العُجْسة آخِر ساعةٍ في اللَّيل‏.

‏ فأمّا قولهم‏:

‏ ‏"‏ولا آتيك سَجِيسَ عُجَيسٍ‏"‏ فمِن هذا أيضاً، أي لا آتيك آخِرَ الدَّهر‏.

‏ وحُجّةُ هذا قول أبي ذؤيب‏:

‏ سَقَى أمُّ عَمرٍو كلَّ آخِرِ ليلةٍ

***

 حَناتِمُ مُزْنٍ ماؤهن ثجيجُ لم يُرِدْ أواخرَ اللَّيالي دون أوائلها، لكنّه أراد أبداً‏.

‏(‏عجف‏)‏ العين والجيم والفاء أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على هُزال، والآخَر على حَبْس النفس وصَبْرِها على الشَّيء أو عنه‏.

‏ فالأوَّل العَجَف، وهو الهُزَال وذَهاب السِّمَن، والذّكر أعجف والأنثى عَجْفاء، والجمع عِجافٌ، من الذُّكْران والإِناث‏.

‏ والفعل عَجِفَ يَعْجَف وليس في كلام العَرَب أفعَلُ مجموعاً على فِعال غيرُ هذه الكلمة، حملوها على لفظ سِمان‏.

‏ وعِجافٌ على فِعال‏.

ويقال أعجَفَ القومُ، إذا عجِفت مواشيهم وهم مُعْجِفون‏.

‏ وحَكَى الكسائيُّ‏:

‏ شفَتانِ عَجفاوان، أي لطيفتان قال أبو عُبيد‏:

‏ يقال عَجُفَ إذا هُزِل، والقياس عَجِف؛ لأنَّ ما كان على أفعل وفعلاء فماضيه فَعِل، نحو عَرِج يعرَج، إلاَّ ستّةَ حروف جاءت على فَعُل، وهي سَمُر، وحَمُق، ورَعُن، وعَجُف، وخَرُق‏.

‏ وحكى الأصمعيُّ في الأعجم‏:

‏ عَجُم‏.

‏ وربَّما اتَّسعوا في الكلام فقالوا‏:

‏ أرضٌ عجفاء، أي مهزولة لا خَيرَ فيها ولا نبات‏.

‏ ومنه قول الرائد‏:

‏ ‏"‏وجَدْتُ أرضاً عجفاء‏"‏‏.

‏ ويقولون‏:

‏ نَصلٌ أعجفُ، أي دقيق‏.

‏ قال ابنُ أبي عائذ‏:

‏ تراحُ يداه بمحشورةٍ

***

 خَوَاظِي القِداح عجافِ النِّصالِ وأمَّا الأصل الثاني فقولهم‏:

‏ عَجَفْتُ* نفسِي عن الطعام أعجِفها عَجْفاً، إذا حبستَ نفسَك عنه وهي تشتهيه‏.

‏ وعَجَفْت غيرِي قليلٌ‏.

‏ ‏[‏قال‏]‏‏:

‏ لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصيفُ

***

 ولا تُمَيْراتٌ ولا تعجيفُ ويقال‏:

‏ عَجَفْت نفسي على المَريض أعْجِفها، إذا صَبَرْتَ عليه ومرَّضْتَه‏.

‏ ‏[‏قال‏]‏‏:

‏ إنِّي وإِنْ عيَّرتني نُحولِي

***

لأَعجِفُ النَّفسَ على خليلي * أُعْرِضُ بالوُدِّ وبالتَّنويلِ *

‏(‏عجل‏)‏ العين والجيم واللام أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدُهما على الإسراع، والآخر على بعض الحيَوان‏.

‏ فالأوّل‏:

‏ العَجَلة في الأمرِ، يقال‏:

‏ هو عَجِلٌ وعَجُل، لغتان‏.

‏ قال ذو الرّمّة‏:

‏ كأنَّ رِجلَيه رِجلاَ مُقْطِفٍ عَجُِلٍ

***

 إذا تَجَاوَبَ من بُرْدَيه ترنيمُ واستعجلتُ فلاناً‏:

‏ حثثته‏.

‏ وعَجِلْتُه‏:

‏ سبَقْته‏.

‏ قال الله تعالى‏:

‏ ‏{‏أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ‏}‏ ‏[‏الأعراف 150‏]‏‏.

‏ والعُجَالَة‏:

‏ ما تُعَجِّلُ من شيء‏.

‏ ويقال‏:

‏ ‏"‏عُجَالة الرَّاكبِ تمرٌ وسَويق‏"‏‏.

‏ وذكر عن الخليل أنَّ العَجَل‏:

‏ ما استُعجِل به طعامٍ فقُدِّم قبل إدراك الغِذاء‏.

‏ وأنشد‏:

‏ إن لم تُغِثْنِي أكُنْ ياذا النَّدَى عَجَلاً

***

 كلُقمةٍ وقَعتْ في شِدقِ غَرثانِ ونحن نقول‏:

‏ أمّا قياس الكلمة التي ذكرناها فصحيح، لأنَّ الكلمةَ لا أصلَ لها، والبيت مصنوع‏.

‏ ويقال‏:

‏ من العُجَالة‏:

‏ عجَلتُ القَوْمَ، كما يقال لَهَّنْتُهُمْ‏.

‏ وقال أهل اللُّغة‏:

‏ العاجل‏:

‏ ضد الآجل‏.

ويقال للدُّنيا‏:

‏ العاجلة، وللآخرة‏:

‏ الآجلة‏.

‏ والعَجْلان هو كعب بن ربيعة بن عامر، قالوا‏:

‏ سمِّي العَجْلانَ باستعجالِهِ عَبْدَه‏.

‏ وأنشدوا‏:

‏ وما سُمِّيَ العَجْلاَنَ إِلاّ لقولـه

***

 خُذِ الصَّحْنَ واحْلُبْ أيُّهَا العبدُ واعجَلِ وقالوا‏:

‏ إنَّ المُعَجِّل والمُعْجِل من النُّوق‏:

‏ التي تُنْتَج قبل أن تستكمل الوقتَ فيعيش ولدُها‏.

‏ وممّا حُمِل على هذا العَجَلة‏:

‏ عَجَلة الثِّيران‏.

‏ والعَجَلة‏:

‏ المنجنون التي يُسْتَقى عليها، والجمع عَجَل وعَجَلات‏.

‏ قال أبو عبيد‏:

‏ العَجَلة‏:

‏ خشبةٌ معترِضة على نَعَامَتي البِئرِ والغَرْبُ مُعلَّقٌ بها، والجمع عَجَل‏.

‏ قال أبو زيد‏:

‏ العَجَلة‏:

‏ المَحَالة‏.

‏ وأنشد‏:

‏ وقد أعَدَّ ربُّها وما عَقَلْ

***

 حمراءَ من ساجٍ تَتقّاها العَجَلْ ومن الباب‏:

‏ العِجْلة‏:

‏ الإداوَة الصَّغيرة، والجمْع عِجَل‏.

‏ وقال الأعشى‏:

‏ والسّاحباتِ ذيولَ الخزِّ آونةً

***

 والرافلاتِ على أعجازها العِجَلُ وإنما سمِّيت بذلك لأنها خفيفة يعجَل بها حاملُها‏.

‏ وقال الخليل‏:

‏ العَجُول من الإبل، الواله التي فَقَدَت ولدَها، والجمع عُجُل‏.

‏ وأنشد‏:

‏ أحِنُّ إليك حنين العَجُول

***

 إذا ما الحمامة ناحت هديلا وقالت الخنساء‏:

‏ فما عَجُولٌ على بَوٍّ تُطِيف به

***

 قد ساعدَتْهَا على التَّحنانِ أظآرُ قالوا‏:

‏ وربما قيل للمرأة الثَّكلى عَجُول، والجمع عُجُل‏.

‏ قال الأعشى‏:

‏ حتى يظلَّ عميدُ القَوْمِ مرتفقاً

***

 يَدفَع بالرّاح عنه نِسْوةٌ عُجُلُ ولم يفسِّرُوه بأكثر من هذا‏.

‏ قلنا‏:

‏ وتفسيره ما يلحق الوالهَ عند ولهه من الاضطراب و العَجَلة، إلاّ أنَّ هذه العَجول لم يُبْنَ منها فِعل فيقال‏:

‏ عَجِلتْ، كما بُنِي من الثُّكل ثَكِلتْ، والأصل فيه واحد، إلاّ أنّه لم يأت من العرب‏.

‏ والأصل الآخر العِجْل‏:

‏ ولد البقرة؛ وفي لغةٍ عِجَّوْل، والجمع عجاجيل، والأنثى عِجْلَة وعِجَّولة، وبذلك سُمِّي الرجل عِجْلاً‏.

‏(‏عجم‏)‏ العين والجيم والميم ثلاثة أصول‏:

‏ أحدها يدلُّ على سكوتٍ وصمت، والآخَر على صلابةٍ وشدة، والآخر على عَضٍّ ومَذَاقة‏.

‏ فالأوَّل الرجُل الذي لا يُفصح، هو أعجمُ، والمرأة عجماءُ بيِّنة العُجمَة‏.

‏ قال أبو النَّجم‏:

‏ * أعجمَ في آذانها فصيحا *

ويقال عَجُم الرجل، إذ صار أعجَم، مثل سَمُر وأدُم‏.

ويقال للصَّبيِّ ما دام لا يتكلَّم لا يُفصح‏:

‏ صبيٌّ أعجم‏.

‏ ويقال‏:

‏ صلاةُ النَّهار عَجْماء، إنما أراد أنّه لا يُجهر فيها بالقراءة‏.

‏ وقولهم‏:

‏ العَجَمُ الذين ليسوا من العرب، فهذا من هذا القياس كأنَّهم لمّا لم يَفْهَمُوا عنهم سَمُّوهم عَجَماً،

ويقال لهم عُجْم أيضاً‏.

 قال‏:

‏ دِيارُ ميَّةَ إذْ* مَيٌّ تُسَاعِفُنا

***

 ولا يَرَى مثلها عُجْم ولا عَرَبُ ويقولون‏:

‏ استَعجمَتِ الدَّارُ عن جَواب السَّائل‏.

 قال‏:

‏ صَمَّ صَداها وعفَا رَسمُها

***

 واستَعْجَمَتْ عن مَنطقِ السّائلِ ويقال‏:

‏ الأعجميّ‏:

‏ الذي لا يُفْصِح وإنْ كان نازلاً بالبادية‏.

‏ وهذا عندنا غلَط، وما نَعلم أحداً سمَّى أحداً من سكان البادية أعجميَّاً، كما لا يسمُّونه عجميّاً، ولعلَّ صاحبَ هذا القول أراد الأعجم فقال الأعجميّ‏.

‏ قال الأصمعيّ‏:

‏ يقال‏:

‏ بعيرٌ أعجمُ، إذا كان لا يَهدِر‏.

‏ والعجماء‏:

‏ البهيمة، وسمِّيت عجماءَ لأنّها لا تتكلم، وكذلك كلُّ مَن لم يَقدرِ على الكلام فهو أعجمُ ومُستعجِم‏.

‏ وفي الحديث‏:

‏ ‏"‏جُرْحُ العَجْماء جُبَارٌ‏"‏، تراد البَهيمة‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ حروف المعْجَم مخفّف، هي الحروف المقطَّعة، لأنّها أعجمية‏.

‏ وكتابٌ مُعَجَّم، وتعجيمه‏:

‏ تنقيطه كي تستبين عُجْمَتُه ويَضِحَ‏.

‏ وأظنُّ أن الخليل أراد بالأعجمية أنّها ما دامت مقطَّعةً غير مؤلّفة تأليفَ الكلامِ المفهومِ، فهي أعجميَّة؛ لأنَّها لا تدلُّ على شيء‏.

‏ فإن كان هذا أراد فله وجه، وإلاّ فما أدري أيَّ شيء أَرَادَ بالأعجميَّة‏.

‏ والذي عندنا في ذلك أنّه أُريد بحروف المُعجَم حُروفُ الخطِّ المُعْجَم، وهو الخطُّ العربيّ، لأنَّا لا نعلم خَطَّاً من الخطوط يُعْجَم هذا الإعجامَ حتَّى يدلّ على المعاني الكثيرة‏.

‏ فأمَّا إعجام الخطِّ بالأَشكالِ فهو عندنا يدخل في باب العضِّ على الشَّيء لأنّه فيه، فسمي إعجاماً لأنّه تأثيرٌ فيه يدلُّ على المعْنى‏.

‏ فأمّا قولُ القائل‏:

‏ * يريدُ يعرِبَه فيُعجِمُه * فإنّما هو من الباب الذي ذكرناه‏.

‏ ومعناه‏:

‏ يريد أن يُبِين عنه فلا يقدرُ على ذلك، فيأتي به غيرَ فصيح دالّ على المعنى‏.

‏ وليس ذلك من إعجام الخطّ في شيء‏.

‏(‏عجن‏)‏ العين والجيم والنون أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على اكتناز شيءٍ ليِّنٍ غير صُلب‏.

‏ من ذلك العَجَن، وهو اكتناز لحمِ ضَرْع النّاقة، وكذلك من البَقَر والشّاء‏.

‏ تقول‏:

‏ إنّها عَجْناءُ بيِّنة العَجَن‏.

‏ ولقد عَجِنَتْ تَعْجَنُ عَجَناً‏.

‏ والمتَعجِّن من الإِبل‏:

‏ المكتنِز سِمَناً، كأنّه لحمٌ بلا عَظْم‏.

‏ ومن الباب‏:

‏ عَجَن الخبَّازُ العجِينَ يَعجِنه عَجْناً‏.

‏ وممّا يقرُب من هذا قولُهم للأحمق، عجَّانٌ، وعجينة‏.

 قال‏:

‏ معناه أنَّهم يقولون‏:

‏ ‏"‏فلانٌ يَعجن بِمرفَقَيه عْجناً ‏"‏، ثم اقتَصَروا على ذلك فقالوا‏:

‏ عِجينةٌ وعَجّان، أي بمرْفَقَيه، كما جاء في المثل‏.

‏ ومن الباب‏:

‏ العِجان، وهو الذي يَستبرِئه البائل، وهو ليِّن‏.

‏ قال جَرير‏:

‏ يَمُدُّ الحبلَ معتمداً عليه

***

 كأنّ عجانَه وترٌ جديدُ

‏(‏عجي‏)‏ العين والجيم والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على وَهَْن في شيءٍ، إما حادثاً وإمّا خِلقة‏.

‏ من ذلك العُجَايَة، وهو عصبٌ مركَّب فيه فُصوصٌ من عِظام، يكونُ عند رُسْغ الدّابَّة، ويكون رِخواً، وزعموا أنَّ أحدَهم يجوع فيدُقُّ تلك العُجَاية بَيْنَ فِهْرَين فيأكلُها‏.

‏ والجمع العُجَايات والعُجَى‏.

‏ قال كعبُ بن زُهير‏:

‏ سُمرُ العُجاياتِ يترُكْنَ الحَصى زِيَماً

***

 لم يَقِهِنَّ رؤوسَ الأُكمِ تنعيلُ ومما يدلُّ على صِحَّة هذا القياسِ قولهم للأمّ‏:

‏ هي تَعجُو ولدَها، وذلك أن يُؤَخَّر رَضاعُه عن مَوَاقيتِه، ويُورِث ذلك وَهَْنَاً في جِسْمه‏.

‏ قال الأعشى‏:

‏ مشفِقاً قلبُها عليه فما تعـ

***

 ـجُوه إِلاَّ عُفافَةٌ أو فُواقُ العُفافَة‏:

‏ الشَّيء اليسير‏.

‏ والفُواق‏:

‏ ما يجتمع في الضَّرع قبل الدِّرَّة‏.

‏ وتَعْجُوه، أي تداويه بالغِذاء حَتّى ينهض‏.

‏ واسم ذلك الولد العَجِيُّ، والأنثى عَجِيَّة، والجمع عَجَايا‏.

 قال‏:

‏ عداني أن أزُورَك أنّ بَهْمِي

***

 عَجَايا كلها إلا قليلا وإذا مُنِع الولدُ اللّبَن وغُذِّي بالطّعام، قيل‏:

‏ قد عُوجِي‏.

‏ قال ذو الإصبع‏:

‏ إذا شئت أبصرت من عَقْبِهم

***

 يَتامَى يُعاجَوْنَ كالأذؤُبِ وقال آخر في وصف جراد‏:

‏ إذا ارتحلت من منزلٍ خَلّفَتْ به

***

 عَجَايا يحاثي بالتُّرابِ صغيرُها ويروى‏:

‏ ‏"‏رذايا يُعاجَى‏"‏‏.

‏(‏عجب‏)‏ العين والجيم والباء أصلانِ صحيحان، يدلُّ أحدهما على كِبْر واستكبارٍ للشَّيء، والآخر خِلْقة من خِلَق الحيوان‏.

‏ فالأوّل* العُجْب، وهو أن يتكبَّر الإنسان في نفسه‏.

‏ تقول‏:

‏ هو مُعجَبٌ بنَفْسِه‏.

‏ وتقول من باب العَجَب‏:

‏ عَجِب يَعْجَبُ عَجَباً، وأمرٌ عجيب، وذلك إذا استُكْبِر واستُعْظِم‏.

‏ قالوا‏:

‏ وزعم الخليل أنّ بين العَجِيب والعُجابِ فرقاً‏.

‏ فأمّا العجيب والعَجَب مثله ‏[‏فالأمرُ يتعجَّب منه ‏]‏، وأمّا العُجَاب فالذي يُجاوِز حدَّ العجيب‏.

 قال‏:

‏ وذلك مثل الطَّويل والطُّوال، فالطويل في النَّاس كثير، والطُّوال‏:

‏ الأهوج الطُّول‏.

‏ ويقولون‏:

‏ عجَبٌ عاجب‏.

‏ والاستعجاب‏:

‏ شدة التعجُّب؛ يقال مُستَعجِب ومتعجِّب مما يرى‏.

‏ قال أوس‏:

‏ ومستعجِبٍ مِمَّا يرى مـن أناتِنا

***

 ولو زَبنَتْه الحربُ لم يَترمرم وقِصَّةٌ عَجَب‏.

‏ وأعجبَني هذا الشَّيء، وقد أُعِجبْت به‏.

‏ وشيء مُعْجِبٌ، إذا كان حسَناً جِدّاً‏.

‏ والأصل الآخر العَجْب، وهو من كلِّ دابة ما ضُمَّتْ عليه الورِكان من أصل الذّنَب المغروز في مُؤَخَّر العَجُز‏.

‏ وعُجُوب الكُثْبان سمِّيت عُجوباً تشبيهاً بذلك، وذلك أنّها أواخِر الكُثْبان المستدِقَّة‏.

‏ قال لبيد‏:

‏ * بعُجوب أنقاء يَميلُ هَيَامُها * وناقَةٌ عَجْباء‏:

‏ بيِّنة العَجَب والعُجْبة، وشدَّ ما عَجِبَت، وذلك إذا دقَّ أعلى مؤخَّرها وأشرفت جاعرتاها؛ وهي خِلْقةٌ قبيحة‏.

‏ 


۞۞۞۞۞۞۞۞

 كتاب العين ﴿ 14 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞



تعليقات