باب العين وما بعدها في المضاعف والمطابق والأصم
باب العين وما بعدها في المضاعف والمطابق والأصم
(عف) العين والفاء أصلان صحيحان:
أحدُهما الكفُّ عن القبيح، والآخر دالٌّ على قلّة شيء.
العِفّة:
الكفُّ عمّا لا ينبغي.
ورجلٌ عفٌّ وعفيف.
وقد عَفَّ يَعِفُّ [عِفّةً] وعَفَافة وعَفافاً.
والأصل الثاني:
العُفَّة:
بقيّة اللّبن في الضَّرع.
*وهي أيضاً العُفافة.
قال الأعشى:
لا تَجَافَى عنه النَّهارَ ولا تَعْـ
***
ـجُوهُ إلاَّ عُفافةٌ أو فُوَاقُ ويقال:
تَعافَّ ناقَتك، أي احلُبْها بعد الحلْبة الأولى ودعْ فصلَيها يتعفّفها، كأنَّما يَرتضع تلك البقيَّة.
وعفّفت فلاناً:
سقيتُه العفافة.
فأمّا قولهم:
جاء على عِفّانِ ذاك، أي إبّانه، فهو من الإبدال، والأصل إفّان، وقد مرّ.
(عق) العين والقاف أصل واحد يدلُّ [على الشَّقّ]، وإليه يرجع فروع الباب بلطف نظر.
قال الخليل:
أصل العقّ الشقّ.
قال:
وإليه يرجع العُقوق.
قال:
وكذلك الشَّعَْر ينشقّ عنه الجِلد.
وهذا الذي أصَّلَه الخليل رحمه الله صحيح.
وبسط الباب بشرحه هو ما ذكره فقال:
يقال عقّ الرّجلُ عن ابنه يُعقّ عنه، إذا حلق عقيقته، وذبح عنه شاةً.
قال:
وتلك الشاة عقيقة.
وفي الحديث:
"كلُّ امرئٍ مرتهَنٌ بعقيقته".
والعقيقة:
الشَّعر الذي يولد به.
وكذلك الوَبَر.
فإذا سقط عنه مرّةً ذهب عنه ذلك الاسم.
قال امرؤ القيس:
يا هندُ لا تَنْكِحي بُوهةً
***
عليه عقيقته أَحْسَبَا يصفه باللؤْم والشُّحّ.
يقول:
كأنَّه لم يُحلق عنه عقيقتُه في صِغَره حتى شاخ.
وقال زهيرٌ يصف الحِمار:
أذلك أم أقبُّ البَطْنِ جأبٌ
***
عليه من عقيقته عِفاءُ قال ابن الأعرابيّ:
الشُّعور والأصواف والأوبار كلها عقائق وعقِق، واحدتها عِقّة.
قال عديّ:
صَخِبُ التَّعشير نَوَّام الضُّحى
***
ناسِلٌ عِقَّتُه مثل المَسَدْ وقال رؤبة:
* طيّر عنها اللَّسّ حَوْلِيَّ العِقَقْ *
ويقال أعقَّتِ النعجةُ، إذا كثر صُوفها، والاسم العقيقة.
وعَقَقْتُ الشّاة:
جززت عقيقها، وكذلك الإبل.
والعَقُّ:
الجَزُّ الأوَّل.
ويقال:
عُقُّوا بَهْمَكم فقد أعَقَّ، أي جُزُّوه فقد آن لـه أن يُجَزّ.
وعلى هذا القياس يسمَّى نبْت الأرض الأوّلُ عقيقة.
والعُقوق:
قطيعة الوالدين وكلّ ذي رحمٍ مَحْرم.
يقال عقَّ أَباه فهو يعقُّه عَقّاً وعُقوقاً.
قال زُهير:
فأصبحتُما منها على خيرِ موطنٍ
***
بعيدَينِ فيها من عقوقٍ ومَأثمِ وفي المثل:
"ذُقْ عُقَقُ".
وفي الحديث أنّ أبا سفيانَ قال لحمزة رضي الله عنه وهو مقتول:
"ذُقْ عُقَقُ" يريد يا عاقُّ.
وجمعُ عاقٍّ عَقَقة.
ويقولون:
"العُقُوق ثُكْلُ من لم يَثْكَل"، أي إنَّ مَن عقّه ولدُه فكأنَّه ثَكِلهم وإنْ كانوا أحياءً.
و"هو أعقُّ مِن ضَبّ"؛ لأنَّ الضَّبّ تقتُل ولدَها.
والمَعَقَّة:
العقوق.
قال النابغة:
أحلامُ عادٍ وأجسادٌ مطهَّرة
***
من الـمَعقَّة والآفاتِ والأثَم ومن الباب انعقَّ البرقُ.
وعَقّت الرِّيحُ المُزْنة، إذا استدرَّتْها، كأنّها تشقُّها شقَّا.
قال الهُذَلي:
حارَ وعَقتْ مُزنَهُ الرّيحُ وانقـ
***
ـارَ به العَرض ولم يُشمَلِ وعقيقةُ البَرق:
ما يبقى في السَّحاب من شُعاعه؛ وبه تشبَّه السُّيوف فتسمَّى عقائق.
قال عمرو بن كلثوم:
بسُمرٍ من قَنا الخَطِّيِّ لُدْنٍ
***
وبِيضٍ كالعَقائقِ يختلينا والعَقّاقة:
السَّحابة تنعقُّ بالبَرق، أي تنْشقّ.
وكان معقِّر بن حمارٍ كُفَّ بصرُه، فسمِع صوتَ رعدٍ فقال لابنته:
أيَّ شيءٍ ترين؟ قالت:
"أرى سَحْماءَ عَقَّاقة، كأنَّها حُِوَلاءُ ناقة، ذاتَ هيدبٍ دانٍ، وسَيْرٍ وان".
فقال:
"يا بنتاه، وائِلِي بي إلى قَفْلة فإنها لا تنبُت إلاّ بمنجاةٍ من السَّيل ".
والعَقوق:
مكانٌ ينعقُّ عن أعلاه النَّبت.
ويقال انعَقّ الغُبار.
إذا سَطَعَ وارتفَع.
قال العجّاج:
* إذا العَجَاجُ المستطار انعقَّا *
ويقال لفِرِنْد السَّيف:
عَقيقة.
فأمّا الأعِقَّة فيقال إنّها أودَيةٌ في الرِّمال.
والعقيق:
وادٍ بالحجاز.
قال جرير:
فهيهاتَ هيهاتَ العقيقُ ومَن بِهِ
***
وهيهات خِلٌّ بالعقيق نواصلُه وقال في الأعِقَّة:
دعا قومَه لما استُحلَّ حرامُه
***
ومن دونهم عَرضُ الأعِقَّة فالرَّملُ وقد قلنا إنَّ الباب كلَّه يرجع إلى أصلٍ واحدٍ.
[و] من الكلام الباقي في العقيقة والحمل قولُهم:
أعَقّتِ الحاملُ تُعِقُّ إعقاقاً؛ وهي عقوق، وذلك إذا نَبَتت العقيقةُ* في بطنها على الولد، والجمع عُقُق.
قال:
* سِرّاً وقد أوَّنَ تأوينَ العُقُقْ *
ويقال العَقاق الحمْلُ نفسه.
قال الهذليّ:
أبَنَّ عَقاقاً ثم يَرمَحْنَ ظَلْمَه
***
إباءً وفيه صولةٌ وذميلُ يريد:
أظهَرْنَ حملاً.
وقال آخر:
جوانِح يَمزَعْنَ مزعَ الظِّباءِ
***
لَمْ يَتْرِكْنَ لِبَطْنٍ عَقَاقا قال ابن الأعرابيّ.
العَقَق:
الحَمْل أيضاً.
قال عدِيّ:
وتركْتُ العيرَ يدمَى نَحْرُه
***
ونَحُوصاً سَمْحَجاً فيها عَقَقْ فأمّا قولهم:
"الأبلق العَقوق" فهو مَثَلٌ يقولونه لما لا يُقدَر عليه، قال يونس:
الأبلق ذكَر، والعَقوق:
الحامل، والذّكر لا يكون حاملاً، فلذلك يقال:
"كلَّفْتَني الأبلقَ العقوق"، ويقولون أيضاً:
"هو أشهَرُ من الأبلَق العَقوق" يعنون به الصُّبح؛ لأنّ فيه بياضاً وسواداً.
والعَقُوق:
الشَّنَق.
وأنشد:
فلو قَبِلوني بالعَقوق أتيتُهمْ
***
بألفٍ أُؤَدِّيه من المال أقرَعا يقول:
لو أتيتُهم بالأبلق العَقوق ما قبِلوني.
فأمَّا العَوَاقّ من النَّخل فالرَّوادف، واحدها عاقّ، وتلك فُسْلانٌ تنبُت في العُشْب الخضر، فإذا كانت في الجِذْع لا تمسّ الأرض فهي الرَّاكبة.
والعقيقة:
الماء القليل في بطن الوادي.
قال كُثَيّر:
إذا خرجَتْ من بيتها راقَ عينَها
***
مُعَوَِّذُهُ وأعجبَتْها العَقائقُ وقياسُ ذلك صحيح؛ لأن الغدير والماء إذا لاحا فكأنَّ الأرضَ انشقَّت.
يقول:
إذا خرجت رأتْ حولها نبتها من معوَِّذ النَّبات والغُدْرانِ ما يروقُها.
قال الخليل:
العَقْعَق:
طائرٌ معروفٌ أبلقُ بسوادٍ وبياض، أذْنَبُ يُعَقْعِقُ بصوته، كأنّه ينشق به حلقُه.
ويقولون:
"هو أحمق من عَقْعَق"، وذلك أنه يضيِّع ولدَه.
ومن الكلام الأوَّل "نَوَى العَقوق":
نَوىً هَشٌّ رِخوٌ لَيِّن المَمْضَغة تأكلُه العجوز أو تلوكه، وتُعلَفُه الإبل.
قال الخليل:
وهو من كلام أهل البصرة، لا تعرفه البادية.
قال ابن دريد العَقَّةُ:
الحُفْرة في الأرض إذا كانت عميقة.
وهو من العَقِّ، وهو الشَّقُّ.
ومنه اشتُقَّ العقيق:
الوادي المعروف.
فأمّا قول الفرزدق:
نصبتُم غداةَ الجَفْرِ بِيضاً كأنَّها
***
عقائق إذْ شمسُ النَّهار استَقَلّتِ فقال الأصمعيّ:
العقائق ما تلوِّحه الشّمس على الحائط فتراه يلمع مثلَ بريق المرآة.
وهذا كلُّه تشبيه.
ويجوز أن يكون أراد عقائق البرق.
وهو كقول عمرو:
* وبيض كالعقائق يَخْتلينا * وأمّا قول ابنِ الأعرابيّ:
أعَقّ الماءَ يُعِقّه إعقاقاً، فليس من الباب، لأن هذا مقلوبٌ من أقَعّه، أي أمَرَّه.
قال:
بحرُك عذبُ الماءِ ما أعَقَّه
***
ربُّك والمحرومُ من لم يلقَهُ
(عك) العين والكاف أصولٌ صحيحة ثلاثة:
أحدها اشتداد الحرّ، والآخر الحَبْس، والآخر جِنْسٌ من الضرب.
فالأوّل العَكّة:
الحرّ، فورة شديدةٌ في القيظ، وذلك أشدُّ ما يكون من الحرَّ حين تركُد الرِّيح.
ويقال:
أكّة بالهمزة.
قال الفرّاء:
هذه أرض عَكَّةٍ وعُكّة.
قال:
* ببلدةِ عُكَّةٍ لَزِجٍ نداها * قال ابن دريد:
عَكَّ يَومُنا، إذا سكنت رِيحُه واشتدَّ حرُّه.
قال ابنُ الأعرابيّ:
العُكَّة:
شدّة الحرِّ مع لثَقٍ واحتباسِ ريح.
قال الخليل:
العُكَّة أيضاً:
رملةٌ حَمِيت عليها الشمس.
قال أبو زيد:
العُكَّة:
بِلّةٌ تكون بقرب البحر، طَلٌّ وندىً يُصيب باللَّيل؛ وهذا لا يكون إلاّ مع حَرّ.
والعرب تقول:
"إذا طَلَعَتْ العُذرة، فعُكَّة بُكرة، على أهل البصرة، وليس بعُمَان بُسْرة، ولا لأَكّارٍ بها بَذْرة ".
قال اللِّحياني:
يَوْمٌ عَكٌّ أكٌّ:
شديد الحرّ.
وتقول العرب في أسجاعها:
"إذا طلَع السِّماك، ذهبت العِكَاك، وقلَّ على الماء اللِّكاك".
ويوم ذوِّ عَكيكٍ، أي حارّ.
قال طرفة:
تطرُد القُرَّ بحَرٍّ ساخنٍ
***
وعكيكَ القَيظ إنْ جاء بقُرّْ وأمّا الأصل الآخَر فقال الفراء:
إبلٌ معكوكة، أي محبوسة.
وعُكَّ فلانٌ حُبِس.
قال رؤبة:
يا ابن الرَّفيع حَسَباً وبُنْكا
***
ماذا ترى رأيَ أخٍ قد عُكَّا ومن الباب عككتُه بكذا* أعُكُّه عَكّا، أي ماطلته.
ومنه عَكَّني فلانٌ بالقول، إذا رَدَّدَه عليك حتَّى يتعبَك.
ومن الباب:
العُكَّة السَّمْن:
أصغر من القِربة، والجمع عُكَك وعِكاك.
وسمِّيت بذلك لأنَّ السَّمْن يُجمع فيها كما يُحبَس الشيء.
ومن الباب:
العكَوَّك:
القصير المُلَزَّز الخلْق، أي القصير.
قال:
* عكوَّكاً إذا مَشَى دِرْحايهْ * وإنّما سمِّي بذلك تشبيهاً بعُكَّة السَّمْن.
والعَكَوَّكانُ، مثل العكَوَّك.
قال:
* عَكَوَّكان ووَآةٌ نَهْدَه * ومن الباب المِعَكُّ من الخيل:
الذي يَجرِي قليلاً ثم يحتاج إلى الضَّرب، وهو من الاحتباس.
وأمَّا الأصل الثَّالث فقال ابنُ الأعرابيّ:
عَكَّه بالسَّوط، أي ضربَه.
و[يقال] عكّه وصَكَّه.
ومن الباب عكَّتْه الحُمَّى، أي كسَرتْهُ.
قال:
وهَمٍّ تأخُذُ النُّجَواءُ منه
***
تَعُكُّ بصالبٍ أو بالمُلاَلِ وممكنٌ أن يكون من الباب الأوَّل، كأنَّها ذُكِرت بذلك لحرِّها.
ويقال في باب الضَّرْب:
عكَّهُ بالحُجّة، إذا قهره بها.
وقد ذكر في الباب أن عُكّة العِشَار:
لونٌ يعلوها من صُهْبَةٍ في وقت أو رُمْكَةٍ في وقت.
وأنّ فلاناً
قال:
ائتزر فلانٌ إزْرة عَكَّى وَكَّى.
وكلُّ هذا مما لا معنَى له ولا مُعرَّج عليه.
وقد ذُكر عن الخليل بعضُ ما يقارب هذا:
أنَّ ا لعَكَنْكَع:
الذَّكَر الخبيثُ من السَّعَالي.
وأنشد:
كَأَنَّها وهُوْ إذا استَبَّا معا
***
غولٌ تُدَاهِي شَرِساً عَكَنْكَعَا وهذا قريبٌ في الضَّعْف من الذي قبله.
وأرى كتاب الخليل إنَّما تطامَنَ قليلاً عند أهل العلمِ لمِثل هذه الحكايات.
(عل) العين واللام أصول ثلاثة صحيحة:
أحدها تكرُّرٌ أو تكرير، والآخر عائق يعوق، والثالث ضَعف في الشَّيء.
فالأوَّل العَلَل، وهي الشَّرْبة الثانية.
ويقال عَلَلٌ بعد نَهَل.
والفعل يَعُلُّون عَلاًّ وعَلَلاً، والإبل نفسها تَعُلّ عَلَلا.
قال:
عافَتا الماءَ فلم نُعْطِنْهُما
***
إنَّما يُعْطِن من يرجو العَلَلْ وفي الحديث:
"إذا عَلَّهُ ففيه القَود"، أي إذا كرَّر عليه الضَّربَ.
وأصله في المشْرَب.
قال الأخطل:
إذا ما نديمي عَلَّنِي ثمَّ عَلَّني
***
ثلاثَ زُجاجاتٍ لهنَّ هديرُ
ويقال أعلَّ القومُ، إذا شربت إبلُهم عَلَلا.
قال ابنُ الأعرابيّ:
في المثل:
"ما زيارتُك إيّانا إلاَّ سَوْمَ عالَّة" أي مثل الإبل التي تَعُلّ.
و"عَرَض عليه سَوْم عالّة".
وإنّما قيل هذا لأنها إذا كرَّرَ عليها الشُّرْب كان أقلَّ لشُربها الثاني.
ومن هذا الباب العُلاَلة، وهي بقيّة اللَّبن.
وبقيّةُ كلِّ شيء عُلالة، حتى يقالُ لبقيّة جَري الفرس عُلالة.
قال:
إلاّ عُلالة أو بُدَاهةَ
***
قارحٍ نهدِ الجُزارَه وهذا كلُّه من القياس الأول؛ لأنَّ تلك البقيَّة يُعاد عليها بالحلب.
ولذلك يقولون:
عالَلْتُ النّاقة، إذا حَلبتها ثم رفَقت بها ساعةً لتُفِيق، ثم حلبتها، فتلك المُعَالّة والعِلاَل.
واسم اللَّبن العُلالة.
ويقال إنَّ عُلالَة السَّير أن تظنَّ الناقةَ قد ونت فتضربَها تستحثُّها في السَّير.
يقال ناقةٌ كريمة العُلالة.
وربما قالوا للرّجُل يُمدح بالسَّخاء:
هو كريم العُلالة، والمعنى أنَّه يكرِّر العطاءَ على باقي حالِه.
قال:
فإلاَّ تكنْ عُقبي فإنَّ عُلاَلةً
***
على الجهد من ولد الزّناد هَضومُ وقال منظور بن مَرثد في تعالِّ النّاقة في السَّير:
وقد تعاللتُ ذَمِيل العَنْسِ
***
بالسَّوط في ديمومةٍ كالتُّرْسِ والأصل الآخَر:
العائق يعوق.
قال الخليل:
العِلّة حدَثٌ يَشغَلُ صاحبَه عن وجهه.
ويقال اعتلَّه عن كذا، أي اعتاقه.
قال:
* فاعتلَّهُ الدّهرُ وللدّهرِ علَلْ * والأصل الثالث:
العِلّةُ:
المرض، وصاحبُها مُعتلّ.
قال ابنُ الأعرابيّ:
عَلّ المريض يَعِلُّ عِلّة فهو عليل.
ورجل عُلَلَة، أي كثير العِلَل.
ومن هذا الباب وهو باب الضَّعف:
العَلُّ من الرِّجال:
المُسِنّ الذي تَضاءل وصغُر جسمُه.
قال المتَنَخِّل:
ليس بعلٍّ كبيرٍ لا حَرَاكَ به
***
لكن أُثيلةُ صافي اللَّوْن مقتَبَلُ
قال:
وكلُّ مسِنٍّ من الحيوان عَلٌّ.
قال ابنُ الأعرابيّ:
*العَلّ:
الضعيف من كِبرَ أو مرض.
قال الخليل:
العَلُّ:
القُرَاد الكبير.
ولعلّه أن يكون ذهب إلى أنّه الذي أتت عليه مُدّةٌ طويلةٌ فصار كالمُسِنّ.
وبقيت في الباب:
اليعاليل، وقد اختلفوا فيها، فقال أبو عَبيد:
اليعاليل:
سحائبٌ بِيضٌ.
وقال أبو عمرو:
بئرٌ يعاليلُ صار فيها المطرُ والماءُ مرّةً بعد مرة.
قال:
وهو من العَلَل.
ويَعاليلُ لا واحدَ لها.
وهذا الذي قاله الشَّيبانيّ أصحّ؛ لأنّه أقْيَس.
ومما شذَّ عن هذه الأصول إن صحَّ قولُها إنّ العُلْعُل:
الذّكر من القنابر.
والعُلْعُل.
رأس الرَّهَابة مما يلي الخاصرة.
والعُلْعُل:
عُضو الرّجُل.
وكلُّ هذا كلام وكذلك قولُهم:
إنّه لعلاّن بركوب الخيل، إذا لم يكُ ماهراً.
ويُنشدون في ذلك ما لا يصحُّ ولا يُعوَّل عليه.
وأمّا قولهم:
لعلَّ كذا يكون، فهي كلمةٌ تقرُب من الأصل الثالث، الذي يدلُّ على الضَّعف، وذلك أنّه خلاف التَّحقيق، يقولون:
لعلَّ أخاك يزورنا، ففي ذلك تقريبٌ وإطماعٌ دون التحقيقِ وتأكيدِ القول.
ويقولون:
علّ في معنى لعلّ.
ويقولون لعلّني ولَعَلِّي.
قال:
وأُشرِف بالقُورِ اليَفَاع لعَلَّني
***
أرى نارَ ليلى أو يراني بصيرُها البصير:
الكلب.
فأمّا لعلَّ إذا جاءت في كتاب الله تعالى، فقال قوم:
إنَّها تقويةٌ للرَّجاء والطَّمع.
وقال آخرون:
معناها كَيْ.
وحَمَلها ناسٌ فيما كان من إخبار الله تعالى، على التَّحقيق، واقتضب معناها من الباب الأوَّل الذي ذكرناه في التكرير والإعادة.
والله أعلم بما أراد من ذلك.
(عم) العين والميم أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على الطُّول والكَثرة والعُلُوّ.
قال الخليل:
العميم:
الطَّويل من النَّبات.
يقال نخلةٌ عميمة، والجمع عُمٌّ.
ويقولون:
استوى النَّبات على عَُمَُمه، أي على تمامه.
ويقال:
جارية عميمة، أي:
طويلةٌ.
وجسم عَمَمٌ.
قال ابن شأس:
وإنَّ عِراراً إنْ يكنْ غير واضح
***
فإنِّي أحبُّ الجَوْنَ ذا المَنكِبِ العَمَم قال ابن الأعرابيّ:
رجل عَمَمٌ وامرأة عَمَم،
ويقال عُشْبٌ عميم، وقد اعْتمّ.
قال الهذليّ:
يرتدن ساهِرَةً كأنَّ عميمَها
***
وجميمَها أسدافُ ليلٍ مُظلمِ وقال بعضهم:
يقال للنَّخلة الطويلة عَمَّة، وجمعها عَمٌّ.
واحتجَّ بقول لبيد:
سُحُقٌ يمتِّعُها الصَّفَا وَسرِيُّهُ
***
عَمٌّ نواعمُ بينهن كرومُ قال أبو عمرو:
العميم من النخل فوق الجَبَّار.
قال:
فَعُمٌّ لعُمِّكُمُ نافعٌ
***
وطِفْلٌ لِطفلكم يُوهَلُ أي صغارُها لصغاركم، وكبارُها لكباركم.
وقال أبو دُواد:
مَيَّالةٌ رُودٌ خَدَّلَجةٌ
***
كعَميمة البَرديِّ في الرَّفْضِ العميمة:
الطَّويلة.
والرَّفض:
الماء القليل.
ومن الباب:
العمامة، معروفة، وجمعها عِمامات وعمائم.
ويقال تعمَّمت بالعِمامة واعتممت، وعمَّمني غيري.
وهو حسن العِمَّة، أي الاعتمام.
قال:
تنجو إذا جَعلَتْ تَدْمَى أخِشَّتُها
***
واعتمّ بالزَّبَدِ الجعدِ الخراطيمُ
ويقال عُمِّمَ الرجُل:
سُوِّد؛ وذلك أنّ تِيجان القوم العمائم، كما يقال في العجم تُوِّجَ يقال في العرب عُمِّمَ.
قال العجاج:
* وفيهمُ إذْ عُمِّمَ المعْتَمُّ * أي سُوِّد فأُلبس عمامةَ التَّسويد.
ويقال شاة مُعمَّمة، إذا كانت سوداء الرَّأس.
قال أبو عبيد:
فرس مُعَمَّمٌ، للذي انحدَرَ بياضُ ناصيته إلى منْبِتها وما حولها من الرأْس.
وغُرَّةٌ معمَّمة، إذا كانت كذلك.
وقال:
التعميم في البَلَق:
أن يكون البياضُ في الهامة ولا يكون في العُنق.
يقال أبلقُ مُعَمَّمٌ.
فأمّا الجماعة التي ذكرناها في أصل الباب، فقال الخليلُ وغيره:
العمائم:
الجماعات واحدها عَمٌّ.
قال أبو عمرو:
العمايم بالياء:
الجماعات.
يقال قوم عمايم.
قال:
ولا أعرف لها واحداً.
قال العجاج:
* سالت لها من حِميَر العمايمُ * قال ابن الأعرابيّ:
العَمّ:
الجماعة من النّاس.
وأنشد:
فأُبْنا بحاجاتٍ وليس بذي مال يُريح إليه العمُّ حاجةَ واحدٍ
***
يريد الحجر الأسود وقال آخر.
والعَدْوَ بين المجلسَينِ إذا
***
آدَ العَشِيُّ وتنادى العَمّْ ومن الجمع قولهم:
عَمَّنا هذا الأمر يُعُمّنا* عموماً، إذا أصاب القَوم أجمعين.
قال:
والعامَّة ضدّ الخاصّة.
ومن الباب قولهم:
إنّ فيه لعُمِّيَّةً، أي كِبْراً.
وإذا كان كذا فهو من العلوّ.
فأمّا النَّضْر فقال:
يقال فلانٌ ذو عُمِّيّة، أي إنَّه يعمُّ بنصره أصحابَه لا يخُصّ.
قال:
فذادَها وهو مخضرٌّ نواجذُه
***
كما يذود أخُو العُمِّيَّة النَّجِدُ قال الأصمعيّ:
هو [من ] عميمِهم وصميمهم، وهو الخالص الذي ليس بمُؤتَشَب.
ومن الباب على معنى التشبيه:
عمّم اللّبنُ:
أرغَى.
ولا يكون ذلك إلاّ إذا كان صريحاً ساعةَ يُحلَب.
قال لَبيد:
تَكَُرُّ أحاليبُ اللّدِيدِ عليهمُ
***
وتُوفَى جفانُ الضَّيف مَحْضاً مُعَمَّما ومما ليس له قياس إلاّ على التمحُّل عَمَّان:
اسم بلد.
قال أبو وجزة:
حَنَّت بأبواب عَمَّانَ القطاةُ وقد
***
قضى به صحبها الحاجاتِ والوطرا القطاة:
ناقته.
(عن) العين والنون أصلان، أحدهما يدلُّ على ظهورِ الشيء وإعراضه، والآخر يدلُّ على الحَبْس.
فالأوّل قول العرب:
عَنَّ لنا كذا يَعِنّ عُنُونا، إذا ظهر أمامك.
قال:
فَعَنَّ لنا سِربٌ كأنّ نعاجَه
***
عذارى دَُوَارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ قال ابن الأعرابيّ:
العَنان:
ما عَنَّ لك من شيء.
قال الخليل:
عَنان السَّماء:
ما عَنَّ لك منها إذا نظرتَ إليها.
فأمّا قولُ الشمّاخ:
طوى ظِمْأها في بَيضة القيظ بعدما
***
جرت في عَنانِ الشِّعريَينِ الأماعزُ فرواه قوم كذا بالفتح:
"عَنان"، ورواه أبو عمرو:
"في عِنان الشِّعر بَين"، يريد أوّل بارحِ الشّعريَين.
قال أبو عبيدة:
وفي المثل:
"معترضٌ لعَنَن لم يَعْنِه ".
وقال الخليل:
العَنُون من الدَّوابّ وغيرِها:
المتقدّم في السَّيْر.
قال:
كأنَّ الرّحْلَ شُدَّ به خَنوفٌ
***
من الجَوْنات هاديةٌ عَنونُ قال الفرّاء:
العِنان:
المُعَانّة، وهي المعارَضة والمعانَدة.
وأنشد:
ستَعلم إنْ دارت رحى الحربِ بيننا
***
عِنانَ الشِّمالِ من يكونَنَّ أضْرعا قال ابنُ الأعرابيّ:
شارك فلانٌ فلاناً شِركةَ عِنان، وهو أن يَعِنَّ لبعضِ ما في يده فيشاركه فيه، أي يعرِض.
وأنشد:
مابدَلٌ من أُمِّ عثمانَ سَلْفَعٌ
***
من السُّود ورهاءُ العِنان عَرُوبُ
قال:
عَروب، أي فاسدة.
من قولهم عَرِبَتْ معدته، أي فسدت.
قال أبو عبيدة:
المِعَنُّ من الخيل:
الذي لا يرى شيئاً إلاَّ عارَضَه.
قال:
والمِعنُّ:
الخطيب الذي يشتدُّ نظرُه ويبتلُّ ريقه ويبعُد صوتُه ولا يُعْييه فنٌّ من الكلام.
قال:
* مِعَنٌّ بخطبَته مِجْهرُ * ومن الباب:
عُنوان الكتاب؛ لأنه أبرز ما فيه وأظهَرُه.
يقال عَنَنْت الكتابَ أعُنُّه عَنّاً، وعَنْوَنْتُه، وعنَّنته أعنِّنُه تعنينا.
وإذا أَمرت قلتَ عَنِّنْه.
قال ابن السِّكِّيت:
يقال لقيته عينَ عُنَّةٍ، أي فجأة، كأنّه عرَضَ لي من غير طَلَب.
قال طُفيل:
* إذا انصرفت من عُنَّةٍ بعد عُنَّةٍ *
ويقال إنّ الجبلَ الذاهبَ في السّماء يقال [له] عان، وجمعها عَوَانّ.
وأمّا الأصل الآخر، وهو الحبس، فالعُنَّة، وهي الحظيرة، والجمع عُنَن.
قال أبو زياد:
العُنَّة:
بناء تبْنيه من حجارة، والجمع عُنَن.
قال الأعشى:
ترى اللّحمَ من ذابِلٍ قد ذوَى
***
ورَطْبٍ يُرفَّع فوقَ العُنَنْ يقال:
عَنَّنْت البعير:
حبسته في العُنَّة.
وربَّما استثقلوا اجتماعَ النُّونات فقلبوا الآخرة ياء، كما يقولون:
* تَقضِّيَ البازِي إذا البازِي كَسَرْ * فيقولون عَنَّيْت.
قال:
قطعتَ الدّهرَ كالسَّدِم المُعَنَّى
***
تُهدِّر في دِمشقَ ولا تَريمُ يراد به المعنّن.
قال بعضهم:
الفحل ليس بالرِّضا عندهم يعرّض على ثَِيلهِ عود، فإذا تَنوّخَ النّاقةَ ليطرُقها منعه العُود.
وذلك العُود النِّجَاف.
فإذا أرادوا ذلك نحَّوه وجاؤوا بفحلٍ أكرمَ منه فأضربوه إيّاها، فسمَّوا الأوّلَ المُعَنَّى.
وأنشد:
* تَعَنّيتُ للموتِ الذي هو نازِل * يريد:
حبست نفسي عن الشّهوات كما صُنِعَ بالمعَنّى*.
وفي المثل:
"هو كالمُهَدِّر في العُنَّة ".
قال:
والرواية المشهورة:
تَعَنَّنتُ، وهو من العِنِّين الذي لا يأتي النِّساء.
ومن الباب:
عِنَانُ الفَرَس، لأنّه يَحتبِس، وجمْعه أعِنَّة وعُنُنٌ.
الكسائيّ:
أعْنَنْتُ الفَرسَ:
جعلتُ له عِناناً.
وعنَّنْتُه:
حبسته بعِنانه.
فأمّا المرأة المعنَّنَة فذلك على طريقة التشبيه، وإنما هي اللطيفة البطن، المهفهفة، التي جُدِلت جَدل العِنان.
وأنشد:
وفي الحيّ بيضاتُ دارّية
***
دَهَاس معنَّنَة المرتدَى قال أبو حاتم:
عِنان المتن حَبْلاه.
وهذا أيضاً على طريقة التشبيه.
قال رؤبة:
* إلى عِنانَيْ ضامرٍ لطيفِ * والأصل في العِنان ما ذكرناه في الحبْس.
وللعرب في العِنان أمثال، يقولون:
"ذلّ لي عنانُه"، إذا انقاد.
و"هو شديد العِنان"، إذا كان لا ينقاد.
و"أَرْخِ من عِنانه" أي رفِّهْ عنه.
و"ملأتُ عِنان الفرس"، أي بلغت مجهودَه في الحُضْر.
قال:
حرف بعيد من الحادي إذا ملأت
***
شمسُ النهارِ عِنان الأبرَق الصَّخبِ يريد إذا بلغت الشَّمسُ مجهود الجندب، وهو الأبرق.
ويقولون:
"هما يجريانِ في عِنانٍ واحد" إذا كانا مستويين في عملٍ أو فضْل.
و"جرى فلانٌ عِناناً أو عنانين"، أي شوطاً أو شَوطين.
قال الطِّرِمّاح:
سيعلمُ كلهم أنّي مُسِنٌّ
***
إذا رفعوا عناناً عن عِنانِ قال ابن السِّكّيت:
"فلان طَرِبُ العِنان" يراد به الخفّة والرّشاقة.
و "فلانٌ طويل العِنان"، أي لا يُذَاد عما يريد، لشرفه أو لماله.