📁 آخر الأخبار

‏‏باب العين وما بعدها في المضاعف والمطابق والأصم‏

 

‏‏باب العين وما بعدها في المضاعف والمطابق والأصم‏

‏‏باب العين وما بعدها في المضاعف والمطابق والأصم‏

‏(‏عف‏)‏ العين والفاء أصلان صحيحان‏:

‏ أحدُهما الكفُّ عن القبيح، والآخر دالٌّ على قلّة شيء‏.

‏ فالأول‏:

‏ العِفّة‏:

‏ الكفُّ عمّا لا ينبغي‏.

‏ ورجلٌ عفٌّ وعفيف‏.

‏ وقد عَفَّ يَعِفُّ ‏[‏عِفّةً‏]‏ وعَفَافة وعَفافاً‏.

‏ والأصل الثاني‏:

‏ العُفَّة‏:

‏ بقيّة اللّبن في الضَّرع‏.

‏ *وهي أيضاً العُفافة‏.

‏ قال الأعشى‏:

‏ لا تَجَافَى عنه النَّهارَ ولا تَعْـ

***

 ـجُوهُ إلاَّ عُفافةٌ أو فُوَاقُ ويقال‏:

‏ تَعافَّ ناقَتك، أي احلُبْها بعد الحلْبة الأولى ودعْ فصلَيها يتعفّفها، كأنَّما يَرتضع تلك البقيَّة‏.

‏ وعفّفت فلاناً‏:

‏ سقيتُه العفافة‏.

‏ فأمّا قولهم‏:

‏ جاء على عِفّانِ ذاك، أي إبّانه، فهو من الإبدال، والأصل إفّان، وقد مرّ‏.

‏(‏عق‏)‏ العين والقاف أصل واحد يدلُّ ‏[‏على الشَّقّ‏]‏، وإليه يرجع فروع الباب بلطف نظر‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ أصل العقّ الشقّ‏.

 قال‏:

‏ وإليه يرجع العُقوق‏.

 قال‏:

‏ وكذلك الشَّعَْر ينشقّ عنه الجِلد‏.

‏ وهذا الذي أصَّلَه الخليل رحمه الله صحيح‏.

‏ وبسط الباب بشرحه هو ما ذكره فقال‏:

‏ يقال عقّ الرّجلُ عن ابنه يُعقّ عنه، إذا حلق عقيقته، وذبح عنه شاةً‏.

 قال‏:

‏ وتلك الشاة عقيقة‏.

‏ وفي الحديث‏:

‏ ‏"‏كلُّ امرئٍ مرتهَنٌ بعقيقته‏"‏‏.

‏ والعقيقة‏:

‏ الشَّعر الذي يولد به‏.

‏ وكذلك الوَبَر‏.

‏ فإذا سقط عنه مرّةً ذهب عنه ذلك الاسم‏.

‏ قال امرؤ القيس‏:

‏ يا هندُ لا تَنْكِحي بُوهةً

***

 عليه عقيقته أَحْسَبَا يصفه باللؤْم والشُّحّ‏.

‏ يقول‏:

‏ كأنَّه لم يُحلق عنه عقيقتُه في صِغَره حتى شاخ‏.

‏ وقال زهيرٌ يصف الحِمار‏:

‏ أذلك أم أقبُّ البَطْنِ جأبٌ

***

 عليه من عقيقته عِفاءُ قال ابن الأعرابيّ‏:

‏ الشُّعور والأصواف والأوبار كلها عقائق وعقِق، واحدتها عِقّة‏.

‏ قال عديّ‏:

‏ صَخِبُ التَّعشير نَوَّام الضُّحى

***

 ناسِلٌ عِقَّتُه مثل المَسَدْ وقال رؤبة‏:

‏ * طيّر عنها اللَّسّ حَوْلِيَّ العِقَقْ *

ويقال أعقَّتِ النعجةُ، إذا كثر صُوفها، والاسم العقيقة‏.

‏ وعَقَقْتُ الشّاة‏:

‏ جززت عقيقها، وكذلك الإبل‏.

‏ والعَقُّ‏:

‏ الجَزُّ الأوَّل‏.

‏ ويقال‏:

‏ عُقُّوا بَهْمَكم فقد أعَقَّ، أي جُزُّوه فقد آن لـه أن يُجَزّ‏.

‏ وعلى هذا القياس يسمَّى نبْت الأرض الأوّلُ عقيقة‏.

‏ والعُقوق‏:

‏ قطيعة الوالدين وكلّ ذي رحمٍ مَحْرم‏.

‏ يقال عقَّ أَباه فهو يعقُّه عَقّاً وعُقوقاً‏.

‏ قال زُهير‏:

‏ فأصبحتُما منها على خيرِ موطنٍ

***

 بعيدَينِ فيها من عقوقٍ ومَأثمِ وفي المثل‏:

‏ ‏"‏ذُقْ عُقَقُ‏"‏‏.

‏ وفي الحديث أنّ أبا سفيانَ قال لحمزة رضي الله عنه وهو مقتول‏:

‏ ‏"‏ذُقْ عُقَقُ‏"‏ يريد يا عاقُّ‏.

‏ وجمعُ عاقٍّ عَقَقة‏.

‏ ويقولون‏:

‏ ‏"‏العُقُوق ثُكْلُ من لم يَثْكَل‏"‏، أي إنَّ مَن عقّه ولدُه فكأنَّه ثَكِلهم وإنْ كانوا أحياءً‏.

‏ و‏"‏هو أعقُّ مِن ضَبّ‏"‏؛ لأنَّ الضَّبّ تقتُل ولدَها‏.

‏ والمَعَقَّة‏:

‏ العقوق‏.

‏ قال النابغة‏:

‏ أحلامُ عادٍ وأجسادٌ مطهَّرة

***

 من الـمَعقَّة والآفاتِ والأثَم ومن الباب انعقَّ البرقُ‏.

‏ وعَقّت الرِّيحُ المُزْنة، إذا استدرَّتْها، كأنّها تشقُّها شقَّا‏.

‏ قال الهُذَلي‏:

‏ حارَ وعَقتْ مُزنَهُ الرّيحُ وانقـ

***

 ـارَ به العَرض ولم يُشمَلِ وعقيقةُ البَرق‏:

‏ ما يبقى في السَّحاب من شُعاعه؛ وبه تشبَّه السُّيوف فتسمَّى عقائق‏.

‏ قال عمرو بن كلثوم‏:

‏ بسُمرٍ من قَنا الخَطِّيِّ لُدْنٍ

***

 وبِيضٍ كالعَقائقِ يختلينا والعَقّاقة‏:

‏ السَّحابة تنعقُّ بالبَرق، أي تنْشقّ‏.

‏ وكان معقِّر بن حمارٍ كُفَّ بصرُه، فسمِع صوتَ رعدٍ فقال لابنته‏:

‏ أيَّ شيءٍ ترين‏؟‏ قالت‏:

‏ ‏"‏أرى سَحْماءَ عَقَّاقة، كأنَّها حُِوَلاءُ ناقة، ذاتَ هيدبٍ دانٍ، وسَيْرٍ وان‏"‏‏.

‏ فقال‏:

‏ ‏"‏يا بنتاه، وائِلِي بي إلى قَفْلة فإنها لا تنبُت إلاّ بمنجاةٍ من السَّيل ‏"‏‏.

‏ والعَقوق‏:

‏ مكانٌ ينعقُّ عن أعلاه النَّبت‏.

ويقال انعَقّ الغُبار‏.

‏ إذا سَطَعَ وارتفَع‏.

‏ قال العجّاج‏:

‏ * إذا العَجَاجُ المستطار انعقَّا *

ويقال لفِرِنْد السَّيف‏:

‏ عَقيقة‏.

‏ فأمّا الأعِقَّة فيقال إنّها أودَيةٌ في الرِّمال‏.

‏ والعقيق‏:

‏ وادٍ بالحجاز‏.

‏ قال جرير‏:

‏ فهيهاتَ هيهاتَ العقيقُ ومَن بِهِ

***

 وهيهات خِلٌّ بالعقيق نواصلُه وقال في الأعِقَّة‏:

‏ دعا قومَه لما استُحلَّ حرامُه

***

 ومن دونهم عَرضُ الأعِقَّة فالرَّملُ وقد قلنا إنَّ الباب كلَّه يرجع إلى أصلٍ واحدٍ‏.

‏ ‏[‏و‏]‏ من الكلام الباقي في العقيقة والحمل قولُهم‏:

‏ أعَقّتِ الحاملُ تُعِقُّ إعقاقاً؛ وهي عقوق، وذلك إذا نَبَتت العقيقةُ* في بطنها على الولد، والجمع عُقُق‏.

 قال‏:

‏ * سِرّاً وقد أوَّنَ تأوينَ العُقُقْ *

ويقال العَقاق الحمْلُ نفسه‏.

‏ قال الهذليّ‏:

‏ أبَنَّ عَقاقاً ثم يَرمَحْنَ ظَلْمَه

***

 إباءً وفيه صولةٌ وذميلُ يريد‏:

‏ أظهَرْنَ حملاً‏.

‏ وقال آخر‏:

‏ جوانِح يَمزَعْنَ مزعَ الظِّباءِ

***

 لَمْ يَتْرِكْنَ لِبَطْنٍ عَقَاقا قال ابن الأعرابيّ‏.

‏ العَقَق‏:

‏ الحَمْل أيضاً‏.

‏ قال عدِيّ‏:

‏ وتركْتُ العيرَ يدمَى نَحْرُه

***

 ونَحُوصاً سَمْحَجاً فيها عَقَقْ فأمّا قولهم‏:

‏ ‏"‏الأبلق العَقوق‏"‏ فهو مَثَلٌ يقولونه لما لا يُقدَر عليه، قال يونس‏:

‏ الأبلق ذكَر، والعَقوق‏:

‏ الحامل، والذّكر لا يكون حاملاً، فلذلك يقال‏:

‏ ‏"‏كلَّفْتَني الأبلقَ العقوق‏"‏، ويقولون أيضاً‏:

‏ ‏"‏هو أشهَرُ من الأبلَق العَقوق‏"‏ يعنون به الصُّبح؛ لأنّ فيه بياضاً وسواداً‏.

‏ والعَقُوق‏:

‏ الشَّنَق‏.

‏ وأنشد‏:

‏ فلو قَبِلوني بالعَقوق أتيتُهمْ

***

 بألفٍ أُؤَدِّيه من المال أقرَعا يقول‏:

‏ لو أتيتُهم بالأبلق العَقوق ما قبِلوني‏.

‏ فأمَّا العَوَاقّ من النَّخل فالرَّوادف، واحدها عاقّ، وتلك فُسْلانٌ تنبُت في العُشْب الخضر، فإذا كانت في الجِذْع لا تمسّ الأرض فهي الرَّاكبة‏.

‏ والعقيقة‏:

‏ الماء القليل في بطن الوادي‏.

‏ قال كُثَيّر‏:

‏ إذا خرجَتْ من بيتها راقَ عينَها

***

 مُعَوَِّذُهُ وأعجبَتْها العَقائقُ وقياسُ ذلك صحيح؛ لأن الغدير والماء إذا لاحا فكأنَّ الأرضَ انشقَّت‏.

‏ يقول‏:

‏ إذا خرجت رأتْ حولها نبتها من معوَِّذ النَّبات والغُدْرانِ ما يروقُها‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ العَقْعَق‏:

‏ طائرٌ معروفٌ أبلقُ بسوادٍ وبياض، أذْنَبُ يُعَقْعِقُ بصوته، كأنّه ينشق به حلقُه‏.

‏ ويقولون‏:

‏ ‏"‏هو أحمق من عَقْعَق‏"‏، وذلك أنه يضيِّع ولدَه‏.

‏ ومن الكلام الأوَّل ‏"‏نَوَى العَقوق‏"‏‏:

‏ نَوىً هَشٌّ رِخوٌ لَيِّن المَمْضَغة تأكلُه العجوز أو تلوكه، وتُعلَفُه الإبل‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ وهو من كلام أهل البصرة، لا تعرفه البادية‏.

‏ قال ابن دريد العَقَّةُ‏:

‏ الحُفْرة في الأرض إذا كانت عميقة‏.

‏ وهو من العَقِّ، وهو الشَّقُّ‏.

‏ ومنه اشتُقَّ العقيق‏:

‏ الوادي المعروف‏.

‏ فأمّا قول الفرزدق‏:

‏ نصبتُم غداةَ الجَفْرِ بِيضاً كأنَّها

***

 عقائق إذْ شمسُ النَّهار استَقَلّتِ فقال الأصمعيّ‏:

‏ العقائق ما تلوِّحه الشّمس على الحائط فتراه يلمع مثلَ بريق المرآة‏.

‏ وهذا كلُّه تشبيه‏.

‏ ويجوز أن يكون أراد عقائق البرق‏.

‏ وهو كقول عمرو‏:

‏ * وبيض كالعقائق يَخْتلينا * وأمّا قول ابنِ الأعرابيّ‏:

‏ أعَقّ الماءَ يُعِقّه إعقاقاً، فليس من الباب، لأن هذا مقلوبٌ من أقَعّه، أي أمَرَّه‏.

 قال‏:

‏ بحرُك عذبُ الماءِ ما أعَقَّه

***

 ربُّك والمحرومُ من لم يلقَهُ

‏(‏عك‏)‏ العين والكاف أصولٌ صحيحة ثلاثة‏:

‏ أحدها اشتداد الحرّ، والآخر الحَبْس، والآخر جِنْسٌ من الضرب‏.

‏ فالأوّل العَكّة‏:

‏ الحرّ، فورة شديدةٌ في القيظ، وذلك أشدُّ ما يكون من الحرَّ حين تركُد الرِّيح‏.

‏ ويقال‏:

‏ أكّة بالهمزة‏.

‏ قال الفرّاء‏:

‏ هذه أرض عَكَّةٍ وعُكّة‏.

 قال‏:

‏ * ببلدةِ عُكَّةٍ لَزِجٍ نداها * قال ابن دريد‏:

‏ عَكَّ يَومُنا، إذا سكنت رِيحُه واشتدَّ حرُّه‏.

‏ قال ابنُ الأعرابيّ‏:

‏ العُكَّة‏:

‏ شدّة الحرِّ مع لثَقٍ واحتباسِ ريح‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ العُكَّة أيضاً‏:

‏ رملةٌ حَمِيت عليها الشمس‏.

‏ قال أبو زيد‏:

‏ العُكَّة‏:

‏ بِلّةٌ تكون بقرب البحر، طَلٌّ وندىً يُصيب باللَّيل؛ وهذا لا يكون إلاّ مع حَرّ‏.

‏ والعرب تقول‏:

‏ ‏"‏إذا طَلَعَتْ العُذرة، فعُكَّة بُكرة، على أهل البصرة، وليس بعُمَان بُسْرة، ولا لأَكّارٍ بها بَذْرة ‏"‏‏.

‏ قال اللِّحياني‏:

‏ يَوْمٌ عَكٌّ أكٌّ‏:

‏ شديد الحرّ‏.

‏ وتقول العرب في أسجاعها‏:

‏ ‏"‏إذا طلَع السِّماك، ذهبت العِكَاك، وقلَّ على الماء اللِّكاك‏"‏‏.

‏ ويوم ذوِّ عَكيكٍ، أي حارّ‏.

‏ قال طرفة‏:

‏ تطرُد القُرَّ بحَرٍّ ساخنٍ

***

 وعكيكَ القَيظ إنْ جاء بقُرّْ وأمّا الأصل الآخَر فقال الفراء‏:

‏ إبلٌ معكوكة، أي محبوسة‏.

‏ وعُكَّ فلانٌ حُبِس‏.

‏ قال رؤبة‏:

‏ يا ابن الرَّفيع حَسَباً وبُنْكا

***

 ماذا ترى رأيَ أخٍ قد عُكَّا ومن الباب عككتُه بكذا* أعُكُّه عَكّا، أي ماطلته‏.

‏ ومنه عَكَّني فلانٌ بالقول، إذا رَدَّدَه عليك حتَّى يتعبَك‏.

‏ ومن الباب‏:

‏ العُكَّة السَّمْن‏:

‏ أصغر من القِربة، والجمع عُكَك وعِكاك‏.

‏ وسمِّيت بذلك لأنَّ السَّمْن يُجمع فيها كما يُحبَس الشيء‏.

‏ ومن الباب‏:

‏ العكَوَّك‏:

‏ القصير المُلَزَّز الخلْق، أي القصير‏.

 قال‏:

‏ * عكوَّكاً إذا مَشَى دِرْحايهْ * وإنّما سمِّي بذلك تشبيهاً بعُكَّة السَّمْن‏.

‏ والعَكَوَّكانُ، مثل العكَوَّك‏.

 قال‏:

‏ * عَكَوَّكان ووَآةٌ نَهْدَه * ومن الباب المِعَكُّ من الخيل‏:

‏ الذي يَجرِي قليلاً ثم يحتاج إلى الضَّرب، وهو من الاحتباس‏.

‏ وأمَّا الأصل الثَّالث فقال ابنُ الأعرابيّ‏:

‏ عَكَّه بالسَّوط، أي ضربَه‏.

‏ و‏[‏يقال‏]‏ عكّه وصَكَّه‏.

‏ ومن الباب عكَّتْه الحُمَّى، أي كسَرتْهُ‏.

 قال‏:

‏ وهَمٍّ تأخُذُ النُّجَواءُ منه

***

 تَعُكُّ بصالبٍ أو بالمُلاَلِ وممكنٌ أن يكون من الباب الأوَّل، كأنَّها ذُكِرت بذلك لحرِّها‏.

ويقال في باب الضَّرْب‏:

‏ عكَّهُ بالحُجّة، إذا قهره بها‏.

‏ وقد ذكر في الباب أن عُكّة العِشَار‏:

‏ لونٌ يعلوها من صُهْبَةٍ في وقت أو رُمْكَةٍ في وقت‏.

‏ وأنّ فلاناً

 قال‏:

‏ ائتزر فلانٌ إزْرة عَكَّى وَكَّى‏.

‏ وكلُّ هذا مما لا معنَى له ولا مُعرَّج عليه‏.

‏ وقد ذُكر عن الخليل بعضُ ما يقارب هذا‏:

‏ أنَّ ا لعَكَنْكَع‏:

‏ الذَّكَر الخبيثُ من السَّعَالي‏.

‏ وأنشد‏:

‏ كَأَنَّها وهُوْ إذا استَبَّا معا

***

 غولٌ تُدَاهِي شَرِساً عَكَنْكَعَا وهذا قريبٌ في الضَّعْف من الذي قبله‏.

‏ وأرى كتاب الخليل إنَّما تطامَنَ قليلاً عند أهل العلمِ لمِثل هذه الحكايات‏.

‏(‏عل‏)‏ العين واللام أصول ثلاثة صحيحة‏:

‏ أحدها تكرُّرٌ أو تكرير، والآخر عائق يعوق، والثالث ضَعف في الشَّيء‏.

‏ فالأوَّل العَلَل، وهي الشَّرْبة الثانية‏.

ويقال عَلَلٌ بعد نَهَل‏.

‏ والفعل يَعُلُّون عَلاًّ وعَلَلاً، والإبل نفسها تَعُلّ عَلَلا‏.

 قال‏:

‏ عافَتا الماءَ فلم نُعْطِنْهُما

***

 إنَّما يُعْطِن من يرجو العَلَلْ وفي الحديث‏:

‏ ‏"‏إذا عَلَّهُ ففيه القَود‏"‏، أي إذا كرَّر عليه الضَّربَ‏.

‏ وأصله في المشْرَب‏.

‏ قال الأخطل‏:

‏ إذا ما نديمي عَلَّنِي ثمَّ عَلَّني

***

 ثلاثَ زُجاجاتٍ لهنَّ هديرُ

ويقال أعلَّ القومُ، إذا شربت إبلُهم عَلَلا‏.

‏ قال ابنُ الأعرابيّ‏:

‏ في المثل‏:

‏ ‏"‏ما زيارتُك إيّانا إلاَّ سَوْمَ عالَّة‏"‏ أي مثل الإبل التي تَعُلّ‏.

‏ و‏"‏عَرَض عليه سَوْم عالّة‏"‏‏.

‏ وإنّما قيل هذا لأنها إذا كرَّرَ عليها الشُّرْب كان أقلَّ لشُربها الثاني‏.

‏ ومن هذا الباب العُلاَلة، وهي بقيّة اللَّبن‏.

‏ وبقيّةُ كلِّ شيء عُلالة، حتى يقالُ لبقيّة جَري الفرس عُلالة‏.

 قال‏:

‏ إلاّ عُلالة أو بُدَاهةَ

***

 قارحٍ نهدِ الجُزارَه وهذا كلُّه من القياس الأول؛ لأنَّ تلك البقيَّة يُعاد عليها بالحلب‏.

‏ ولذلك يقولون‏:

‏ عالَلْتُ النّاقة، إذا حَلبتها ثم رفَقت بها ساعةً لتُفِيق، ثم حلبتها، فتلك المُعَالّة والعِلاَل‏.

‏ واسم اللَّبن العُلالة‏.

ويقال إنَّ عُلالَة السَّير أن تظنَّ الناقةَ قد ونت فتضربَها تستحثُّها في السَّير‏.

‏ يقال ناقةٌ كريمة العُلالة‏.

‏ وربما قالوا للرّجُل يُمدح بالسَّخاء‏:

‏ هو كريم العُلالة، والمعنى أنَّه يكرِّر العطاءَ على باقي حالِه‏.

 قال‏:

‏ فإلاَّ تكنْ عُقبي فإنَّ عُلاَلةً

***

 على الجهد من ولد الزّناد هَضومُ وقال منظور بن مَرثد في تعالِّ النّاقة في السَّير‏:

‏ وقد تعاللتُ ذَمِيل العَنْسِ

***

 بالسَّوط في ديمومةٍ كالتُّرْسِ والأصل الآخَر‏:

‏ العائق يعوق‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ العِلّة حدَثٌ يَشغَلُ صاحبَه عن وجهه‏.

ويقال اعتلَّه عن كذا، أي اعتاقه‏.

 قال‏:

‏ * فاعتلَّهُ الدّهرُ وللدّهرِ علَلْ * والأصل الثالث‏:

‏ العِلّةُ‏:

‏ المرض، وصاحبُها مُعتلّ‏.

‏ قال ابنُ الأعرابيّ‏:

‏ عَلّ المريض يَعِلُّ عِلّة فهو عليل‏.

‏ ورجل عُلَلَة، أي كثير العِلَل‏.

‏ ومن هذا الباب وهو باب الضَّعف‏:

‏ العَلُّ من الرِّجال‏:

‏ المُسِنّ الذي تَضاءل وصغُر جسمُه‏.

‏ قال المتَنَخِّل‏:

‏ ليس بعلٍّ كبيرٍ لا حَرَاكَ به

***

 لكن أُثيلةُ صافي اللَّوْن مقتَبَلُ

 قال‏:

‏ وكلُّ مسِنٍّ من الحيوان عَلٌّ‏.

‏ قال ابنُ الأعرابيّ‏:

‏*العَلّ‏:

‏ الضعيف من كِبرَ أو مرض‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ العَلُّ‏:

‏ القُرَاد الكبير‏.

‏ ولعلّه أن يكون ذهب إلى أنّه الذي أتت عليه مُدّةٌ طويلةٌ فصار كالمُسِنّ‏.

‏ وبقيت في الباب‏:

‏ اليعاليل، وقد اختلفوا فيها، فقال أبو عَبيد‏:

‏ اليعاليل‏:

‏ سحائبٌ بِيضٌ‏.

‏ وقال أبو عمرو‏:

‏ بئرٌ يعاليلُ صار فيها المطرُ والماءُ مرّةً بعد مرة‏.

 قال‏:

‏ وهو من العَلَل‏.

‏ ويَعاليلُ لا واحدَ لها‏.

‏ وهذا الذي قاله الشَّيبانيّ أصحّ؛ لأنّه أقْيَس‏.

‏ ومما شذَّ عن هذه الأصول إن صحَّ قولُها إنّ العُلْعُل‏:

‏ الذّكر من القنابر‏.

‏ والعُلْعُل‏.

‏ رأس الرَّهَابة مما يلي الخاصرة‏.

‏ والعُلْعُل‏:

‏ عُضو الرّجُل‏.

‏ وكلُّ هذا كلام وكذلك قولُهم‏:

‏ إنّه لعلاّن بركوب الخيل، إذا لم يكُ ماهراً‏.

‏ ويُنشدون في ذلك ما لا يصحُّ ولا يُعوَّل عليه‏.

‏ وأمّا قولهم‏:

‏ لعلَّ كذا يكون، فهي كلمةٌ تقرُب من الأصل الثالث، الذي يدلُّ على الضَّعف، وذلك أنّه خلاف التَّحقيق، يقولون‏:

‏ لعلَّ أخاك يزورنا، ففي ذلك تقريبٌ وإطماعٌ دون التحقيقِ وتأكيدِ القول‏.

‏ ويقولون‏:

‏ علّ في معنى لعلّ‏.

‏ ويقولون لعلّني ولَعَلِّي‏.

 قال‏:

‏ وأُشرِف بالقُورِ اليَفَاع لعَلَّني

***

 أرى نارَ ليلى أو يراني بصيرُها البصير‏:

‏ الكلب‏.

‏ فأمّا لعلَّ إذا جاءت في كتاب الله تعالى، فقال قوم‏:

‏ إنَّها تقويةٌ للرَّجاء والطَّمع‏.

‏ وقال آخرون‏:

‏ معناها كَيْ‏.

‏ وحَمَلها ناسٌ فيما كان من إخبار الله تعالى، على التَّحقيق، واقتضب معناها من الباب الأوَّل الذي ذكرناه في التكرير والإعادة‏.

‏ والله أعلم بما أراد من ذلك‏.

‏(‏عم‏)‏ العين والميم أصلٌ صحيح واحد يدلُّ على الطُّول والكَثرة والعُلُوّ‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ العميم‏:

‏ الطَّويل من النَّبات‏.

‏ يقال نخلةٌ عميمة، والجمع عُمٌّ‏.

‏ ويقولون‏:

‏ استوى النَّبات على عَُمَُمه، أي على تمامه‏.

‏ ويقال‏:

‏ جارية عميمة، أي‏:

‏ طويلةٌ‏.

‏ وجسم عَمَمٌ‏.

‏ قال ابن شأس‏:

‏ وإنَّ عِراراً إنْ يكنْ غير واضح

***

 فإنِّي أحبُّ الجَوْنَ ذا المَنكِبِ العَمَم قال ابن الأعرابيّ‏:

‏ رجل عَمَمٌ وامرأة عَمَم،

ويقال عُشْبٌ عميم، وقد اعْتمّ‏.

‏ قال الهذليّ‏:

‏ يرتدن ساهِرَةً كأنَّ عميمَها

***

 وجميمَها أسدافُ ليلٍ مُظلمِ وقال بعضهم‏:

‏ يقال للنَّخلة الطويلة عَمَّة، وجمعها عَمٌّ‏.

‏ واحتجَّ بقول لبيد‏:

‏ سُحُقٌ يمتِّعُها الصَّفَا وَسرِيُّهُ

***

 عَمٌّ نواعمُ بينهن كرومُ قال أبو عمرو‏:

‏ العميم من النخل فوق الجَبَّار‏.

 قال‏:

‏ فَعُمٌّ لعُمِّكُمُ نافعٌ

***

 وطِفْلٌ لِطفلكم يُوهَلُ أي صغارُها لصغاركم، وكبارُها لكباركم‏.

‏ وقال أبو دُواد‏:

‏ مَيَّالةٌ رُودٌ خَدَّلَجةٌ

***

 كعَميمة البَرديِّ في الرَّفْضِ العميمة‏:

‏ الطَّويلة‏.

‏ والرَّفض‏:

‏ الماء القليل‏.

‏ ومن الباب‏:

‏ العمامة، معروفة، وجمعها عِمامات وعمائم‏.

ويقال تعمَّمت بالعِمامة واعتممت، وعمَّمني غيري‏.

‏ وهو حسن العِمَّة، أي الاعتمام‏.

 قال‏:

‏ تنجو إذا جَعلَتْ تَدْمَى أخِشَّتُها

***

 واعتمّ بالزَّبَدِ الجعدِ الخراطيمُ

ويقال عُمِّمَ الرجُل‏:

‏ سُوِّد؛ وذلك أنّ تِيجان القوم العمائم، كما يقال في العجم تُوِّجَ يقال في العرب عُمِّمَ‏.

‏ قال العجاج‏:

‏ * وفيهمُ إذْ عُمِّمَ المعْتَمُّ * أي سُوِّد فأُلبس عمامةَ التَّسويد‏.

ويقال شاة مُعمَّمة، إذا كانت سوداء الرَّأس‏.

‏ قال أبو عبيد‏:

‏ فرس مُعَمَّمٌ، للذي انحدَرَ بياضُ ناصيته إلى منْبِتها وما حولها من الرأْس‏.

‏ وغُرَّةٌ معمَّمة، إذا كانت كذلك‏.

‏ وقال‏:

‏ التعميم في البَلَق‏:

‏ أن يكون البياضُ في الهامة ولا يكون في العُنق‏.

‏ يقال أبلقُ مُعَمَّمٌ‏.

‏ فأمّا الجماعة التي ذكرناها في أصل الباب، فقال الخليلُ وغيره‏:

‏ العمائم‏:

‏ الجماعات واحدها عَمٌّ‏.

‏ قال أبو عمرو‏:

‏ العمايم بالياء‏:

‏ الجماعات‏.

‏ يقال قوم عمايم‏.

‏قال‏:

‏ ولا أعرف لها واحداً‏.

‏ قال العجاج‏:

‏ * سالت لها من حِميَر العمايمُ * قال ابن الأعرابيّ‏:

‏ العَمّ‏:

‏ الجماعة من النّاس‏.

‏ وأنشد‏:

‏ فأُبْنا بحاجاتٍ وليس بذي مال يُريح إليه العمُّ حاجةَ واحدٍ

***

 يريد الحجر الأسود وقال آخر‏.

‏ والعَدْوَ بين المجلسَينِ إذا

***

 آدَ العَشِيُّ وتنادى العَمّْ ومن الجمع قولهم‏:

‏ عَمَّنا هذا الأمر يُعُمّنا* عموماً، إذا أصاب القَوم أجمعين‏.

 قال‏:

‏ والعامَّة ضدّ الخاصّة‏.

‏ ومن الباب قولهم‏:

‏ إنّ فيه لعُمِّيَّةً، أي كِبْراً‏.

‏ وإذا كان كذا فهو من العلوّ‏.

‏ فأمّا النَّضْر فقال‏:

‏ يقال فلانٌ ذو عُمِّيّة، أي إنَّه يعمُّ بنصره أصحابَه لا يخُصّ‏.

 قال‏:

‏ فذادَها وهو مخضرٌّ نواجذُه

***

 كما يذود أخُو العُمِّيَّة النَّجِدُ قال الأصمعيّ‏:

‏ هو ‏[‏من ‏]‏ عميمِهم وصميمهم، وهو الخالص الذي ليس بمُؤتَشَب‏.

‏ ومن الباب على معنى التشبيه‏:

‏ عمّم اللّبنُ‏:

‏ أرغَى‏.

‏ ولا يكون ذلك إلاّ إذا كان صريحاً ساعةَ يُحلَب‏.

‏ قال لَبيد‏:

‏ تَكَُرُّ أحاليبُ اللّدِيدِ عليهمُ

***

 وتُوفَى جفانُ الضَّيف مَحْضاً مُعَمَّما ومما ليس له قياس إلاّ على التمحُّل عَمَّان‏:

‏ اسم بلد‏.

‏ قال أبو وجزة‏:

‏ حَنَّت بأبواب عَمَّانَ القطاةُ وقد

***

 قضى به صحبها الحاجاتِ والوطرا القطاة‏:

‏ ناقته‏.

‏(‏عن‏)‏ العين والنون أصلان، أحدهما يدلُّ على ظهورِ الشيء وإعراضه، والآخر يدلُّ على الحَبْس‏.

‏ فالأوّل قول العرب‏:

‏ عَنَّ لنا كذا يَعِنّ عُنُونا، إذا ظهر أمامك‏.

 قال‏:

‏ فَعَنَّ لنا سِربٌ كأنّ نعاجَه

***

 عذارى دَُوَارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ قال ابن الأعرابيّ‏:

‏ العَنان‏:

‏ ما عَنَّ لك من شيء‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ عَنان السَّماء‏:

‏ ما عَنَّ لك منها إذا نظرتَ إليها‏.

‏ فأمّا قولُ الشمّاخ‏:

‏ طوى ظِمْأها في بَيضة القيظ بعدما

***

 جرت في عَنانِ الشِّعريَينِ الأماعزُ فرواه قوم كذا بالفتح‏:

‏ ‏"‏عَنان‏"‏، ورواه أبو عمرو‏:

‏ ‏"‏في عِنان الشِّعر بَين‏"‏، يريد أوّل بارحِ الشّعريَين‏.

‏ قال أبو عبيدة‏:

‏ وفي المثل‏:

‏ ‏"‏معترضٌ لعَنَن لم يَعْنِه ‏"‏‏.

‏ وقال الخليل‏:

‏ العَنُون من الدَّوابّ وغيرِها‏:

‏ المتقدّم في السَّيْر‏.

 قال‏:

‏ كأنَّ الرّحْلَ شُدَّ به خَنوفٌ

***

 من الجَوْنات هاديةٌ عَنونُ قال الفرّاء‏:

‏ العِنان‏:

‏ المُعَانّة، وهي المعارَضة والمعانَدة‏.

‏ وأنشد‏:

‏ ستَعلم إنْ دارت رحى الحربِ بيننا

***

 عِنانَ الشِّمالِ من يكونَنَّ أضْرعا قال ابنُ الأعرابيّ‏:

‏ شارك فلانٌ فلاناً شِركةَ عِنان، وهو أن يَعِنَّ لبعضِ ما في يده فيشاركه فيه، أي يعرِض‏.

‏ وأنشد‏:

‏ مابدَلٌ من أُمِّ عثمانَ سَلْفَعٌ

***

 من السُّود ورهاءُ العِنان عَرُوبُ

 قال‏:

‏ عَروب، أي فاسدة‏.

‏ من قولهم عَرِبَتْ معدته، أي فسدت‏.

‏ قال أبو عبيدة‏:

‏ المِعَنُّ من الخيل‏:

‏ الذي لا يرى شيئاً إلاَّ عارَضَه‏.

 قال‏:

‏ والمِعنُّ‏:

‏ الخطيب الذي يشتدُّ نظرُه ويبتلُّ ريقه ويبعُد صوتُه ولا يُعْييه فنٌّ من الكلام‏.

 قال‏:

‏ * مِعَنٌّ بخطبَته مِجْهرُ * ومن الباب‏:

‏ عُنوان الكتاب؛ لأنه أبرز ما فيه وأظهَرُه‏.

‏ يقال عَنَنْت الكتابَ أعُنُّه عَنّاً، وعَنْوَنْتُه، وعنَّنته أعنِّنُه تعنينا‏.

‏ وإذا أَمرت قلتَ عَنِّنْه‏.

‏ قال ابن السِّكِّيت‏:

‏ يقال لقيته عينَ عُنَّةٍ، أي فجأة، كأنّه عرَضَ لي من غير طَلَب‏.

‏ قال طُفيل‏:

‏ * إذا انصرفت من عُنَّةٍ بعد عُنَّةٍ *

ويقال إنّ الجبلَ الذاهبَ في السّماء يقال ‏[‏له‏]‏ عان، وجمعها عَوَانّ‏.

‏ وأمّا الأصل الآخر، وهو الحبس، فالعُنَّة، وهي الحظيرة، والجمع عُنَن‏.

‏ قال أبو زياد‏:

‏ العُنَّة‏:

‏ بناء تبْنيه من حجارة، والجمع عُنَن‏.

‏ قال الأعشى‏:

‏ ترى اللّحمَ من ذابِلٍ قد ذوَى

***

 ورَطْبٍ يُرفَّع فوقَ العُنَنْ يقال‏:

‏ عَنَّنْت البعير‏:

‏ حبسته في العُنَّة‏.

‏ وربَّما استثقلوا اجتماعَ النُّونات فقلبوا الآخرة ياء، كما يقولون‏:

‏ * تَقضِّيَ البازِي إذا البازِي كَسَرْ * فيقولون عَنَّيْت‏.

 قال‏:

‏ قطعتَ الدّهرَ كالسَّدِم المُعَنَّى

***

 تُهدِّر في دِمشقَ ولا تَريمُ يراد به المعنّن‏.

‏ قال بعضهم‏:

‏ الفحل ليس بالرِّضا عندهم يعرّض على ثَِيلهِ عود، فإذا تَنوّخَ النّاقةَ ليطرُقها منعه العُود‏.

‏ وذلك العُود النِّجَاف‏.

‏ فإذا أرادوا ذلك نحَّوه وجاؤوا بفحلٍ أكرمَ منه فأضربوه إيّاها، فسمَّوا الأوّلَ المُعَنَّى‏.

‏ وأنشد‏:

‏ * تَعَنّيتُ للموتِ الذي هو نازِل * يريد‏:

‏ حبست نفسي عن الشّهوات كما صُنِعَ بالمعَنّى*‏.

‏ وفي المثل‏:

‏ ‏"‏هو كالمُهَدِّر في العُنَّة ‏"‏‏.

 قال‏:

‏ والرواية المشهورة‏:

‏ تَعَنَّنتُ، وهو من العِنِّين الذي لا يأتي النِّساء‏.

‏ ومن الباب‏:

‏ عِنَانُ الفَرَس، لأنّه يَحتبِس، وجمْعه أعِنَّة وعُنُنٌ‏.

‏ الكسائيّ‏:

‏ أعْنَنْتُ الفَرسَ‏:

‏ جعلتُ له عِناناً‏.

‏ وعنَّنْتُه‏:

‏ حبسته بعِنانه‏.

‏ فأمّا المرأة المعنَّنَة فذلك على طريقة التشبيه، وإنما هي اللطيفة البطن، المهفهفة، التي جُدِلت جَدل العِنان‏.

‏ وأنشد‏:

‏ وفي الحيّ بيضاتُ دارّية

***

 دَهَاس معنَّنَة المرتدَى قال أبو حاتم‏:

‏ عِنان المتن حَبْلاه‏.

‏ وهذا أيضاً على طريقة التشبيه‏.

‏ قال رؤبة‏:

‏ * إلى عِنانَيْ ضامرٍ لطيفِ * والأصل في العِنان ما ذكرناه في الحبْس‏.

‏ وللعرب في العِنان أمثال، يقولون‏:

‏ ‏"‏ذلّ لي عنانُه‏"‏، إذا انقاد‏.

‏ و‏"‏هو شديد العِنان‏"‏، إذا كان لا ينقاد‏.

‏ و‏"‏أَرْخِ من عِنانه‏"‏ أي رفِّهْ عنه‏.

‏ و‏"‏ملأتُ عِنان الفرس‏"‏، أي بلغت مجهودَه في الحُضْر‏.

 قال‏:

‏ حرف بعيد من الحادي إذا ملأت

***

 شمسُ النهارِ عِنان الأبرَق الصَّخبِ يريد إذا بلغت الشَّمسُ مجهود الجندب، وهو الأبرق‏.

‏ ويقولون‏:

‏ ‏"‏هما يجريانِ في عِنانٍ واحد‏"‏ إذا كانا مستويين في عملٍ أو فضْل‏.

‏ و‏"‏جرى فلانٌ عِناناً أو عنانين‏"‏، أي شوطاً أو شَوطين‏.

‏ قال الطِّرِمّاح‏:

‏ سيعلمُ كلهم أنّي مُسِنٌّ

***

 إذا رفعوا عناناً عن عِنانِ قال ابن السِّكّيت‏:

‏ ‏"‏فلان طَرِبُ العِنان‏"‏ يراد به الخفّة والرّشاقة‏.

‏ و ‏"‏فلانٌ طويل العِنان‏"‏، أي لا يُذَاد عما يريد، لشرفه أو لماله‏.

‏ 

تعليقات