باب العين والزاء وما يثلثهما
باب العين والزاء وما يثلثهما
(عزف) العين والزاء والفاء أصلانِ صحيحان، أحدهما يدلُّ على الانصراف عن الشَّيء، والآخر على صوت من الأصوات.
فالأوَّل قول العرب:
عَزَفت عن الشَّيء إذا انصرفتَ عنه.
والعَزُوف:
الذي لا يكاد يثبُت على خُلَّة خليل
قال:
ألم تعلمي أنِّي عزوفٌ عن الهوى
***
إذا صاحبي في غير شيء تغضَّبا وقال الفَرزدق:
* عزَفْتَ بأعشاشٍ وما كدتَ تعزِفُ * والأصل الثاني:
العَزيف:
أصوات الجِنّ.
ويقال إنّ الأصل في ذلك عَزْف الرِّياح، وهو صوتُها ودَوِيُّها.
وقال في عَزيف الجِنّ:
وإِنِّي لأجتاز الفلاةَ وبينها
***
عوازفُ جِنَّان وهامٌ صواخِدُ ويقال:
إنّ أبْرَق العَزّافِ سمِّي بذلك، لما يقال أنّ به جِنّاً.
واشتُقَّ من هذا العَزْف في اللَّعِب والمَلاهي.
(عزق) العين والزاء والقاف ليس فيه كلامٌ أصيل، لكنَّ الخليلَ ذكر أنَّ العَزْق:
عِلاج الشَّيء في عَسَر.
ورجلٌ متعزِّق:
فيه شِدَّة خُلُق.
ويقولون:
إن المِعْزقةَ:
آلةٌ من آلات الحرث.
وينشدون:
نُثِير بها نَقْعَ الكُلابِ وأنتم
***
تُثِيرون قِيعانَ القُرى بالمَعازقِ وكلُّ هذا في الضَّعفِ قريبٌ بعضُه من بعض.
وأعجَبُ منه اللغة اليمانيَة التي يدلِّسُها أبو بكر محمدُ بن الحسنِ الدُّريدي رحمه الله، وقولُه:
إنَّ العَزِيق مطمئنٌّ من الأرض، لغةٌ يمانيَة.
ولا نقول لأئمَّتنا إِلاَّ جميلا.
(عزل) العين والزاء واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على تنحيةٍ وإمالة تقول:
عزَل الإنسانُ الشَّيءَ يعزِلُه، إذا نحَّاه في جانبٍ.
وهو بمَعْزِلٍ وفي مَعزِل من أصحابه، أي في ناحيةٍ عنهم.
والعُزْلة:
الاعتزال.
والرجُل يَعْزِل عن المرأة، إذا لم يُرِدْ ولدَها.
ومن الباب:
الأعزلُ:
الذي لا رُمْحَ معه.
وقال بعضُهم:
الأعزل الذي ليس معه شيء من السلاح يُقاتِل به، فهو يَعتزِل الحربَ، ذكر[هُ] الخليلُ، وأنشد:
لا مَعازِيلَ في الحُرُوب ولكنْ
***
كُشُفاً لا يُرامونَ يَوْمَ اهتضام وشبِّه بهذا الكوكبُ الذي يقال له السِّماك الأعزل.
وإِنَّما سمِّي أعزَل لأنَّ ثَمَّ سِماكاً آخرَ يقال له الرَّامح، بكوكبٍ يَقدُمه يقولون هو رُمْحُه.
فهذا سمِّي لذلك أعزل.
ويقال إِنَّ المِعزالَ من النّاس:
[الذي] لا يَنْزِل مع القوم في السفر ولكن ينْزلُ ناحيةً.
قال الأعشى:
تُذهِلُ الشَّيخَ عن بنيهِ وتُلْوِي
***
بلَبُون المِعْزَابَةِ المِعزالِ والأعزل من الدوابِّ:
الذي يميلُ ذنبُه إلى أحد جنْبَيه.
فأمَّا العَزْلاء ففَمُ المَزَادة.
ومحتمل أن يكون شاذّاً عن هذا الأصل الذي ذكرناه، ويُمكن أن يُجمع بينهما على بُعدٍ، وهو إلى الشذُوذِ أقرب.
ويقال:
أرسَلَت السَّماءُ عَزَالِيَها، إذا جاءت *بمنهمرٍ من المَطَر.
وأنشد:
تَهمِرُها الكفُّ على انطوائِها
***
هَمْرَ شَعيب الغَرْفِ من عَزلائِها
(عزم) العين والزاء والميم أصلٌ واحد صحيحٌ يدلُّ على الصَّريمة والقَطْع.
يقال:
عزَمت أعزِمُ عزماً.
ويقولون:
عزمت عليك إِلاَّ فعَلْتَ كذا، أي جعلتُه أمراً عَزْماً، أي لا مَثْنويّة فيه.
ويقال:
كانوا يَرون لِعَزمة الخُلفاء طاعةً.
قال الخليل:
العَزْم:
ما عُقِد عليه القلبُ من أمرٍ أنت فاعلُه، أي متيقِّنه.
ويقال:
ما لفلانٍ عزيمةٌ، أي ما يَعزِم عليه، كأنَّه لا يمكنه أن يَصْرِمَ الأمر، بل يختلط فيه ويتردَّد.
ومن الباب قولهم:
عَزَمْت على الجِنّيّ، وذلك أن تقرأ عليه من عزائم القُرآن، وهي الآياتُ التي يُرجَى بها قَطْعُ الآفةِ عن المَؤُوف.
واعتزم السائر، إذا سَلَك القصدَ قاطعاً لـه.
والرجل يَعزِم الطَّريق:
يمضِي فيه لا ينثني.
قال حميد:
* معتزماً للطرُق النواشِط * وأولُو العَزْم من الرُّسلِ عليهم السلام:
الذين قَطَعوا العلائقَ بينهم وبين مَنْ لم يؤمِن مِن الذين بُعثِوا إليهم، كنوح عليه السلام، إذ قالَ:
{لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكافِرينَ دَيَّارَا} [نوح 26]، وكمحمَّدٍ صلى الله عليه وآله إذْ تبرَّأ من الكُفّار وبَرّأه الله تعالى منهم، وأمَرَه بقتالهم في قوله:
{بَرَاءَةٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إلَى الذِينَ عاهَدْتُم مِنَ المُشْرِكينَ} [التوبة 1]، ثم
قال:
{فَإِذَا انْسَلَخَ الأشْهُرُ الحُرُمُ فاقْتُلُوا المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُم} [التوبة 5].
(عزو/ي) العين والزاء والحرف المعتل أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على الانتماء والاتِّصال.
قال الخليل:
الاعتزاء:
الاتّصال في الدَّعوى إذا كانت حربٌ، فكلُّ مَن ادَّعى في شعاره فقد اعْتَزَى، إذ قال أنا فلانُ بنُ فلان فقد اعتَزَى إليه.
وفي الحديث:
"مَنْ تَعزَّى بعَزَاء الجاهليَّة فأَعِضُّوه"، وهو أن يقول يا لفلان.
قال:
فلما التقتْ فُرسانُنا ورجالُهم
***
دَعَوْا يا لَكَعبٍ واعتَزَيْنا لعامِرِ وقال آخَر:
فكيفَ وأصْلي من تميمٍ وفرعُها
***
إلى أصل فَرعي واعتزائي اعتزاؤها فهذا الأصل، وأمّا قولهم:
عَزِيَ الرّجلُ يَعْزَى عَزاءً، وإنه لَعَِزيٌّ أي صبور، إذا كان حسَنَ العزَاء على المصائب، فهذا من الأصل الذي ذكرناه، ولأنَّ معنى التعزِّي هو أن يتأسَّى بغيره فيقول:
"حالي مثلُ حالِ فلان.
ولذلك قيل:
تأسَّى، أي جعل أمرَه أُسوة أمرِ غيره.
فكذلك التعزِّي.
وقولك عَزّيتُه، أي قلتُ له انظُرْ إلى غيرك ومن أصابَه مثلُ ما أصابك.
والأصل هذا الذي ذكرناه.
(عزب) العين والزاء والباء أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على تباعدٍ وتنَحٍّ.
يقال:
عَزَب يعزُبُ عُزُوباً.
والعَزَب:
الذي لا أهلَ لـه.
وقد عَزب يَعْزُبُ عُزوبةً.
قال العجّاج في وصف حمارِ الوحش:
* شهراً وشهرين يسنّ عَزَبَا * وقالوا:
والمعِزْابةُ:
الذي طالت عُزْبته حتى ما لَه في الأهل مِن حاجة.
يقال:
عَزَب حِلْمُ فلانٍ، أي ذهب، وأعْزَبَ اللهُ حِلْمَه، أي أذهَبَه.
قال الأعشى:
* فأعزَبْتُ حِلمي بل هو اليومَ أعْزَبا * والعازب من الكلأ:
البَعِيد المَطْلَب.
قال أبو النجم:
* وعازبٍ نَوَّرَ في خلائِه * وكلُّ شيء يفوتُك لا تَقْدِر عليه فقد عَزَب عنك.
وأعزب القومُ:
أصابوا عازباً من الكلأ.
(عزر) العين والزاء والراء كلمتان:
إحداهما التَّعظيم والنَّصر، والكلمة الأخرى جنسٌ من الضَّرب.
فالأولى النَّصر والتوقير، كقوله تعالى:
{وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} [الفتح 9].
والأصل الآخر التَّعزير، وهو الضرب دون الحدّ.
قال:
وليس بتعزير الأمير خَزايةٌ
***
عليَّ إذا ما كنتُ غيرَ مريبِ
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب العين ﴿ 18 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞