📁 آخر الأخبار

‏‏باب العين والذال وما يثلثهما‏

 

‏‏باب العين والذال وما يثلثهما‏

‏‏باب العين والذال وما يثلثهما‏

‏(‏عذر‏)‏ العين والذال والراء بناء صحيح له فروعٌ كثيرة، ما جَعلَ الله تعالى فيه وجهَ قياسٍ بَتَّةً، بل كلُّ كلمةٍ منها على نَحوِها وجِهَتها مفردة‏.

‏ فالعُذْر معروف، وهو رَوْم الإنسان إصلاحَ ما أُنكِرَ عليه بكلام‏.

‏ يُقال منه‏:

‏ عَذَرْتُه فأنا أَعْذِرُه عَذْراً، والاسم العُذْر‏.

‏ وتقول‏:

‏ عَذَرْتُه من فلان، أي لُمْتُه ولم ألُم هذا‏.

‏ يُقال‏:

‏ مَن عذيري من فلان، ومَن يَعذِرني منه‏.

 قال‏:

‏ أُريد حِبَاءه ويُريدُ قَتْلي

***

 عَذيرَكَ من خليلكَ من مُرادِ

ويقال إنّ عَذِير الرّجل‏:

‏ ما يروم ويُحاوِل ممّا يُعذَر عليه إذا فَعَله‏.

‏ *قال الخليل‏:

‏ وكان العجّاجُ يرمُّ رَحْلَه لسفرٍ أرادَه، فقالت امرأتُه‏:

‏ ما ‏[‏هذا‏]‏ الذي ترُمُّ ‏؟‏ فقال‏:

‏ * جارِيَ لا تستنكري عَذِيري * يريد‏:

‏ لا تُنكرِي ما أحاول‏.

‏ ثم فَسَّر في بيتٍ آخر فقال‏:

‏ * سيري وإشفاقي على بعيري * وتقول‏:

‏ اعتذر يَعتذِر اعتذاراً وعِذْرة من ذنبه فعذرْتُه‏.

‏ والمَعذِرة الاسم‏.

‏ قال الله تعالى‏:

‏ ‏{‏قَالُوا مَعْذِرَةً إلى رَبِّكُمْ‏}‏ ‏[‏الأعراف 164‏]‏‏.

‏ وأعذَر فلانٌ إذا أبْلَى عُذْراً فلم يُلَمْ‏.

‏ ومن هذا الباب قولهم‏:

‏ عذَّر الرّجلُ تعذيراً، إذا لم يبالِغ في الأمر وهو يريكَ أنّه مبالغٌ فيه‏.

‏ وفي القرآن‏:

‏ ‏{‏وَجَاءَ المُعَذِّرُونَ مِنَ الأَعْرَابِ‏}‏ ‏[‏التوبة 90‏]‏، ويقرأ‏:

‏ ‏{‏المُعْذِرُون‏}‏‏.

‏ قال أهل العربيّة‏:

‏ المُعْذِرون بالتخفيف هم الذين لهم العُذْر، والمعذِّرون‏:

‏ الذين لا عُذْرَ لهم ولكنَّهم يتكلَّفون عُذراً‏.

‏ وقولهم للمقصِّر في الأمر‏:

‏ مُعَذِّر، وهو عندنا من العُذْر أيضاً، لأنَّه يقصِّر في الأمر مُعوِّلاً على العُذْر الذي لا يريد يتكلف‏.

‏ وباب آخَر لا يشبه الذي قبلَه، يقولون‏:

‏ تعذَّر الأمرُ، إذا لم يَستقِم‏.

‏ قال امرؤُ القيس‏:

‏ ويوماً على ظَهرِ الكثَيب تَعذَّرتْ

***

 عَلَيَّ وآلت حَلْفةً لم تَحَلَّلِ وبابٌ آخَر لا يشبه الذي قبلَه‏:

‏ العِذار‏:

‏ عِذار اللِّجام‏.

 قال‏:

‏ وما كان على الخَدَّين من كيٍّ أو كدحٍ طُولاً فهو عذار‏.

‏ تقول من العِذَار‏:

‏ عَذَرْتُ الفرس فأنا أعذُِرُه عَذْراً بالعِذار، في معنى ألجمته‏.

‏ وأعْذَرتُ اللِّجام، أي جعلت له عِذاراً‏.

‏ ثم يستعيرون هذا فيقولون للمنهمِك في غَيِّه‏:

‏ ‏"‏خَلَعَ العِذار‏"‏‏.

ويقال من العِذار‏:

‏ عَذّرْتُ الفرسَ تعذيراً أيضاً‏.

‏ وبابٌ آخر لا يشبه الذي قبلَه‏.

‏ العِذَار، وهو طعامٌ يدعى إليه لحادثِ سُرُور‏.

‏ يقال منه‏:

‏ أعذروا إعذاراً‏.

 قال‏:

‏ كلَّ الطَّعامِ تشتهي ربيعَهْ

***

 الخُرْسُ والإعذارُ والنقيعهْ

ويقال بل هو طعامُ الخِتان خاصّة‏.

‏ يقال عُذِر الغُلامُ، إذا خُتِنَ‏.

‏ وفلانٌ وفلانٌ عذارُ عامٍ واحد‏.

‏ وباب آخر لا يشبه الذي قبله‏:

‏ العَذَوَّر، قال الخليل‏:

‏ هو الواسع الجَوف الشديد العِضاض‏.

‏ قال الشاعر يصف الملْكَ أنه واسعٌ عريض‏:

‏ وحازَ لنا الله النُّبوّةَ والهدى

***

 فأعطى به عزّاً ومُلكاً عَذَوَّرَا ومما يشبه هذا قول القائل يمدح‏:

‏ إذا نزلَ الأضيافُ كان عذَوَّراً

***

 على الحيِّ حتى تَستقِلَّ مَرَاجِلُه قالوا‏:

‏ أراد سيءَ الخلق حَتَّى تُنصَب القُدور‏.

‏ وهو شبيه بالذي قاله الخليل في وصف الحمار الشديد العضاض‏.

‏ وبابٌ آخَر لا يشبه الذي قبله‏:

‏ العُذْرة‏:

‏ عُذْرَة الجارية العذراء، جاريةٌ عذراءُ‏:

‏ لم يَمسَّها رجل‏.

‏ وهذا مناسبٌ لما مضى ذكرُه في عُذْرة الغلام‏.

‏ وبابٌ آخر لا يشبه الذي قبله‏:

‏ العُذرة‏:

‏ وجعٌ يأخذ في الحَلْقِ‏.

‏ يقال منه‏:

‏ عُذِر فهو معذور‏.

‏ قال جرير‏:

‏ غمزَ ابن مُرَّةَ يا فرزدَقُ كَيْنَهَا

***

 غَمْزَ الطبيبِ نَغانغ المعذورِ وبابٌ آخر لا يشبه الذي قبله‏:

‏ العُذْرة‏:

‏ نجمٌ إذا طلع اشتدَّ الحر، يقولون‏:

‏ ‏"‏إذا طلعَتِ العُذْرة، لم يبق بعُمان بُسْرَة‏"‏‏.

‏ وباب آخر لا يشبه الذي قبله‏:

‏ العُذْرة‏:

‏ خُصلةٌ من شعر، والخُصلة من عُرف الفَرَس‏.

‏ وناصيتُه عُذرة‏.

‏ وقال‏:

‏ * سَبِط العُذرَةِ ميّاح الحُضُرْ * وبابٌ آخر لا يشبه الذي قبله‏:

‏ العَذِرة‏:

‏ فِناء الدّار‏.

‏ وفي الحديث‏:

‏ ‏"‏اليهودُ أنتَنُ خَلْق الله عَذِرَة‏"‏، أي فناءً‏.

‏ ثم سمِّي الحَدَثُ عَذِرة لأنَّه كان يُلقَى بأفنية الدُّور‏.

‏(‏عذق‏)‏ العين والذال والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على امتدادٍ في شيء وتعلق شيءٍ بشيء‏.

‏ من ذلك العِذْق عِذْق النَّخلة، وهو شمراخ من شماريخها‏.

‏ والعَذْق‏:

‏ النخلة، بفتح العين‏.

‏ وذلك كله من الأشياء المتعلِّقة بعضُها ببعض‏.

 قال‏:

‏ ويُلْوِي بريَّان العَسِيب *كأنه

***

 عَثَا كِيل عَذْقٍ من سُمَيْحَة مُرطبِ قال الخليل‏:

‏ العِذْق من كلِّ شيء‏:

‏ الغُصْن ذو الشُّعَب‏.

‏ ومن الباب‏:

‏ عُذِقَ الرّجُل، إذا وُسمَ بعلامةٍ يعرَف بها‏.

‏ وهذا صحيح، وإنما هذا من قولهم‏:

‏ عَذَقَ شاتَهُ يَعْذُقُهَا عَذْقَاً، إذا علَّقَ عليها صوفةً تخالفُ لونَها‏.

‏ وممّا جرى مجرى الاستعارة والتمثيل قولهم‏:

‏ ‏"‏في بني فلانٍ عِذْقٌ كَهْلٌ‏"‏ إذا كان فيهم عِزٌّ ومَنْعَة‏.

‏ قال ابن مُقْبِل‏:

‏ وفي غَطَفَانَ عِذْقُ صِدقٍ ممنَّعٌ

***

 على رغم أقوامٍ من النّاس يانعُ

‏(‏عذل‏)‏ العين والذل واللام أصلٌ صحيح يدلُّ على حَرٍّ وشِدّةٍ فيه، ثم يقاس عليه ما يقاربه‏.

‏ ومن ذلك اعتذَل الحرُّ‏:

‏ اشتدّ‏.

‏ قال أبو عبيد‏:

‏ أيّام مُعتذلات‏:

‏ شديداتُ الحرارة‏.

‏ ومما قيس على هذا قولهم‏:

‏ عَذَل فلانٌ عَذْلاً، والعَذَل الاسم‏.

‏ ورجلٌ عذّالٌ وامرأة عذَّالة، إذا كثر ذلك منهما‏.

‏ والعُذَّال الرِّجال، والعُذّل النِّساء‏.

‏ وسمِّيَ هذا عَذْلاً لما فيه من شدّة ومَسِّ لَذْع‏.

 قال‏:

‏ غَدَتْ عَذَّ التَايَ فقلتُ مهلاً

***

 أفي وجدٍ بسَلمى تَعذُلانِي

‏(‏عذم‏)‏ العين والذال والجيم والميم أُصيلٌ صحيح يدل على عَضٍّ وشِبهه‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ أصل العَذْمِ العضّ، ثم يقال‏:

‏ عَذَمَهُ بلسانه يَعْذِمُه عَذْماً، إذا أخذه بلسانه‏.

‏ والعَذيمة‏:

‏ الملامة‏.

‏ قال الراجز‏:

‏ يَظَلُّ مَن جارَاه في عذائمِ

***

 من عنفوانِ جريِهِ العُفاهِمِ أي مَلاَمَات‏.

‏ وفرسٌ عَذوم‏.

‏ فأما العَذَمْذَم فإن الخليل ذكره في هذا الباب بغين معجمة، وقال غيره‏:

‏ بل هو غَذَمْذَم بالغين‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ وهو الجُرَاف‏.

‏ يقال‏:

‏ مَوت غَذَمْذَم‏:

‏ جُراف لا يُبقي شيئاً‏.

 قال‏:

‏ ثِقالُ الجفانِ والحلومِ رحاهُم

***

 رَحَى الماء يكتالون كَيْلاً عَذَمذَما

‏(‏عذي‏)‏ العين والذال والحرف المعتل أُصيل صحيح يدلُّ على طِيبِ تُربة قال الخليل وغيره‏:

‏ العَذَاةُ‏:

‏ الأرض الطيِّبة التربة، الكريمة المَنبِت‏.

 قال‏:

‏ بأرضٍ هِجانِ التُّرْب وَسميَّة الثَّرَى

***

 عَذَاةٍ نأت عنها المُؤُوجة والبحرُ

 قال‏:

‏ والعِذْيُ، الموضع يُنبِت شتاءً وصيفاً من غير نَبع‏.

‏ ويقال‏:

‏ هو الزرع لا يُسقَى إلاّ من ماء المطر، لبُعده من المياه‏.

‏ قالوا‏:

ويقال لهذا العَذا، الواحدة عَذاةٌ‏.

‏ وأنشدوا‏:

‏ بأرضٍ عَذاةٍ حَبَّذا ضَحَواتُها

***

 وأطيبُ منها ليلُه وأصائله

‏(‏عذب‏)‏ العين والذال والباء أصلٌ صحيح، لكنّ كلماتِه لا تكاد تنقاس، ولا يمكن جمعُها إلى شيء واحد‏.

‏ فهو كالذي ذكرناه آنفاً في باب العين والذال والرّاء‏.

‏ وهذا يدلُّ على أنّ اللُّغة كلَّها ليست قياساً، لكنْ جُلُّها ومعظمُها‏.

‏ فمن الباب‏:

‏ عَذُبَ الماءُ يَعْذُبُ عُذُوبَةً، فهو عَذْبٌ‏:

‏ طيّب‏.

‏ وأعذَبَ القومُ، إذا عذُب ماؤهم‏.

‏ واستعذبوا، إذا استقَوا وشَرِبوا عَذْباً‏.

‏ وبابٌ آخر لا يُشِبه الذي قبلَه، يقال‏:

‏ عَذَب الحمار يَعْذِب عَذْباً وعُذوباً فهو عاذبٌ ‏[‏و‏]‏ عَذُوب‏:

‏ لا يَأكل من شدّة العطش‏.

‏ ويقال‏:

‏ أعذَبَ عن الشَّيء، إذا لَهَا عنه وتركَه‏.

‏ وفي الحديث‏:

‏ ‏"‏أعْذِبوا عن ذِكْر النِّساء‏"‏‏.

 قال‏:

‏ وتبدَّلوا اليعبوبَ بعد إلههم

***

 صَنَماً ففِرُّوا يا جَديل وأعذِبُوا

ويقال للفرس وغيرِه عَذوبٌ، إذا بات لا يأكل شيئاً ولا يشرب، لأنّه ممتنع من ذلك‏.

‏ وبابٌ آخَر لا يشبه الذي قبله‏:

‏ العَذُوب‏:

‏ الذي ليس بينه وبين السّماء سِتر، وكذلك العاذب‏.

‏ قال نابغةُ الجعديُّ‏:

‏ فباتَ عَذُوباً للسَّماء كأنّه

***

 سُهيلٌ إذا ما أفردَتهُ الكواكبُ فأمّا قول الآخر‏:

‏ بِتنَا عُذُوباً وباتَ البَقُّ يلْسَِبُنا

***

 عند النُّزولِ قِراناً نَبْحُ دِرْواسِ فممكن أن يكونَ أراد‏:

‏ ليس بيننا وبين السَّماء سِتر، وممكنٌ أن يكون من الأول إذا باتُوا لا يأكلون ولا يَشرَبون‏.

‏ *وحكى الخليل‏:

‏ عذَّبتُه تعذيباً، أي فَطَمتُه‏.

‏ وهذا من باب الامتناع مِن المأكل والمَشرَب‏.

‏ وبابٌ آخرُ لا يُشبِه الذي قبله‏:

‏ العَذاب، يقال منه‏:

‏ عذَّب تعذيباً‏.

‏ وناسٌ يقولون‏:

‏ أصل العَذاب الضَّرب‏.

‏ واحتجُّوا بقول زُهير‏:

‏ وَخَلْفَها سائقٌ يحدُوا إذا خَشيت

***

 منه العَذابَ تمدُّ الصُّلبَ والعُنُقا

 قال‏:

‏ ثم استُعِير ذلك في كلِّ شِدّة‏.

‏ وبابٌ آخرُ لا يُشبِه الذي قبلَه، يقال لطَرَف السَّوط عَذَبة، والجمع عَذَب‏.

 قال‏:

‏ غُضْفٌ مهرَّتَة الأشداقِ ضارية

***

 مثلُ السَّراحين في أعناقها العَذَبُ والعَذَبة في قضيب البعير‏:

‏ أسَلتُه‏.

‏ والعُذَيب‏:

‏ موضع‏.


۞۞۞۞۞۞۞۞

 كتاب العين ﴿ 16 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞



كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات