📁 آخر الأخبار

باب في تقديم الزكاة ومنعها

 

 باب في تقديم الزكاة ومنعها

 باب في تقديم الزكاة ومنعها


1634- قَوْله: (مَنَعَ اِبْن جَمِيل) أَيْ مَنَعَ الزَّكَاة وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعهَا.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا يَنْقِم اِبْن جَمِيل إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فَقِيرًا فَأَغْنَاهُ اللَّه» قَوْله: يَنْقِم بِكَسْرِ الْقَاف وَفَتْحهَا وَالْكَسْر أَفْصَح.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَمَّا خَالِد فَإِنَّكُمْ تَظْلِمُونَ خَالِدًا فَقَدْ اِحْتَبَسَ أَدْرَاعَهُ وَأَعْتَادَهُ فِي سَبِيل اللَّه» قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْأَعْتَاد: آلَات الْحَرْب مِنْ السِّلَاح وَالدَّوَابّ وَغَيْرهَا، وَالْوَاحِد عَتَاد بِفَتْحِ الْعَيْن، وَيُجْمَع أَعَتَادًا وَأَعْتِدَة.

 وَمَعْنَى الْحَدِيث: أَنَّهُمْ طَلَبُوا مِنْ خَالِد زَكَاة أَعْتَادِهِ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهَا لِلتِّجَارَةِ، وَأَنَّ الزَّكَاة فيها وَاجِبَة، فَقَالَ لَهُمْ: لَا زَكَاة لَكُمْ عَلَيَّ، فَقَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ خَالِدًا مَنَعَ الزَّكَاة، فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّكُمْ تَظْلِمُونَهُ»؛ لِأَنَّهُ حَبَسَهَا وَوَقَفَهَا فِي سَبِيل اللَّه قَبْل الْحَوْل عَلَيْهَا، فَلَا زَكَاة فيها.

 وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد: لَوْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاة لَأَعْطَاهَا وَلَمْ يَشِحَّ بِهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَقَف أَمْوَاله لِلَّهِ تَعَالَى مُتَبَرِّعًا فَكَيْف يَشِحّ بِوَاجِبٍ عَلَيْهِ؟ وَاسْتَنْبَطَ بَعْضهمْ مِنْ هَذَا وُجُوب زَكَاة التِّجَارَة، وَبِهِ قَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف خِلَافًا لِدَاوُدَ.

 وَفيه دَلِيل عَلَى صِحَّة الْوَقْف، وَصِحَّة وَقْف الْمَنْقُول، وَبِهِ قَالَتْ الْأُمَّة بِأَسْرِهَا إِلَّا أَبَا حَنِيفَة وَبَعْض الْكُوفِيِّينَ.

وَقَالَ بَعْضهمْ: هَذِهِ الصَّدَقَة الَّتِي مَنَعَهَا اِبْن جَمِيل وَخَالِد وَالْعَبَّاس لَمْ تَكُنْ زَكَاة إِنَّمَا كَانَتْ صَدَقَة تَطَوُّع.

 حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاض قَالَ: وَيُؤَيِّدهُ أَنَّ عَبْد الرَّزَّاق رَوَى هَذَا الْحَدِيث، وَذَكَرَ فِي رِوَايَته أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَدَبَ النَّاس إِلَى الصَّدَقَة وَذَكَرَ تَمَام الْحَدِيث.

قَالَ اِبْن الْقَصَّار مِنْ الْمَالِكِيَّة: وَهَذَا التَّأْوِيل أَلْيَق بِالْقِصَّةِ فَلَا يُظَنُّ بِالصَّحَابَةِ مَنْع الْوَاجِب، وَعَلَى هَذَا فَعُذْر خَالِد وَاضِح؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ مَاله فِي سَبِيل اللَّه فَمَا بَقِيَ لَهُ مَال يَحْتَمِل الْمُوَاسَاة بِصَدَقَةِ التَّطَوُّع، وَيَكُون اِبْن جَمِيل شَحَّ بِصَدَقَةِ التَّطَوُّع فَعَتَبَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ فِي الْعَبَّاس: هِيَ عَلَيَّ وَمِثْلهَا مَعَهَا، أَيْ أَنَّهُ لَا يَمْتَنِع إِذَا طُلِبَتْ مِنْهُ.

 هَذَا كَلَام اِبْن الْقَصَّار.

وَقَالَ الْقَاضِي: لَكِنَّ ظَاهِر الْأَحَادِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهَا فِي الزَّكَاة لِقَوْلِهِ: بَعَثَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمَر عَلَى الصَّدَقَة، وَإِنَّمَا كَانَ يَبْعَث فِي الْفَرِيضَة، قُلْت: الصَّحِيح الْمَشْهُور أَنَّ هَذَا كَانَ فِي الزَّكَاة لَا فِي صَدَقَة التَّطَوُّع، وَعَلَى هَذَا قَالَ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ عَلَيَّ وَمِثْلهَا مَعَهَا» مَعْنَاهُ: أَنِّي تَسَلَّفْت مِنْهُ زَكَاة عَامَيْنِ، وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَجُوزُونَ تَعْجِيل الزَّكَاة: مَعْنَاهُ: أَنَا أُؤَدِّيهَا عَنْهُ، قَالَ أَبُو عُبَيْد وَغَيْره: مَعْنَاهُ: أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَّرَهَا عَنْ الْعَبَّاس إِلَى وَقْت يَسَاره؛ مِنْ أَجْل حَاجَته إِلَيْهَا، وَالصَّوَاب أَنَّ مَعْنَاهُ: تَعَجَّلْتهَا مِنْهُ، وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيث آخَر فِي غَيْر مُسْلِم: «إِنَّا تَعَجَّلْنَا مِنْهُ صَدَقَة عَامَيْنِ».

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَمّ الرَّجُل صِنْو أَبِيهِ» أَيْ مِثْل أَبِيهِ، وَفيه تَعْظِيم حَقّ الْعَمّ.

 باب في تقديم الزكاة ومنعها

 باب في تقديم الزكاة ومنعها


كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات