📁 آخر الأخبار

باب ليس فيما دون خمسة اوسق صدقة

 

 باب ليس فيما دون خمسة اوسق صدقة

 باب ليس فيما دون خمسة اوسق صدقة


1625- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فِيمَا دُون خَمْسَة أَوْسُق صَدَقَة» الْأَوْسُق جَمْع وَسْق، فيه لُغَتَانِ: فَتْح الْوَاو وَهُوَ الْمَشْهُور، وَكَسْرهَا.

 وَأَصْله فِي اللُّغَة الْحَمْل، وَالْمُرَاد بِالْوَسْقِ سِتُّونَ صَاعًا كُلّ صَاع خَمْسَة أَرْطَال وَثُلُث بِالْبَغْدَادِيِّ.

 وَفِي رِطْل بَغْدَاد أَقْوَال أَظْهَرهَا: أَنَّهُ مِائَة دِرْهَم وَثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا وَأَرْبَعَة أَسْبَاع دِرْهَم، وَقِيلَ: مِائَة وَثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ بِلَا أَسْبَاع، وَقِيلَ: مِائَة وَثَلَاثُونَ، فَالْأَوْسُق الْخَمْسَة أَلْف وَسِتّمِائَةِ رِطْل بِالْبَغْدَادِيِّ.

وَهَلْ هَذَا التَّقْدِير بِالْأَرْطَالِ تَقْرِيب أَمْ تَحْدِيد؟ فيه وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا: أَصَحّهمَا: تَقْرِيب، فَإِذَا نَقَصَ عَنْ ذَلِكَ يَسِير أَوْجَبَتْ الزَّكَاة، وَالثَّانِي: تَحْدِيد، فَمَتَى نَقَصَ شَيْئًا وَإِنْ قَلَّ لَمْ تَجِب الزَّكَاة.

وَفِي هَذَا الْحَدِيث فَائِدَتَانِ: إِحْدَاهُمَا: وُجُوب الزَّكَاة فِي هَذِهِ الْمَحْدُودَات، الثَّانِيَة: أَنَّهُ لَا زَكَاة فِيمَا دُون ذَلِكَ، وَلَا خِلَاف بَيْن الْمُسْلِمِينَ فِي هَاتَيْنِ إِلَّا مَا قَالَ أَبُو حَنِيفَة وَبَعْض السَّلَف: إِنَّهُ تَجِب الزَّكَاة فِي قَلِيل الْحَبّ وَكَثِيره، وَهَذَا مَذْهَب بَاطِل مُنَابِذ لِصَرِيحِ الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة، وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ فِي عِشْرِينَ مِثْقَالًا مِنْ الذَّهَب زَكَاة إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَالزُّهْرِيّ أَنَّهُمَا قَالَا: لَا تَجِب فِي أَقَلّ مِنْ أَرْبَعِينَ مِثْقَالًا، وَالْأَشْهَر عَنْهُمَا الْوُجُوب فِي عِشْرِينَ كَمَا قَالَهُ الْجُمْهُور.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: وَعَنْ بَعْض السَّلَف وُجُوب الزَّكَاة فِي الذَّهَب إِذَا بَلَغَتْ قِيمَته مِائَتَيْ دِرْهَم وَإِنْ كَانَ دُون عِشْرِينَ مِثْقَالًا، قَالَ هَذَا الْقَائِل: وَلَا زَكَاة فِي الْعِشْرِينَ حَتَّى تَكُون قِيمَتهَا مِائَتَيْ دِرْهَم.

وَكَذَلِكَ أَجْمَعُوا فِيمَا زَادَ فِي الْحَبّ وَالتَّمْر أَنَّهُ يَجِب فِيمَا زَادَ عَلَى خَمْسَة أَوْسُق بِحِسَابِهِ، وَأَنَّهُ لَا أَوْقَاص فيها، وَاخْتَلَفُوا فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة فَقَالَ مَالِك وَاللَّيْث وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيّ وَابْن أَبِي لَيْلَى وَأَبُو يُوسُف وَمُحَمَّد وَأَكْثَر أَصْحَاب أَبِي حَنِيفَة وَجَمَاعَة أَهْل الْحَدِيث: إِنَّ فِيمَا زَادَ مِنْ الذَّهَب وَالْفِضَّة رُبُعَ الْعُشْر فِي قَلِيله وَكَثِيره وَلَا وَقْص، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيّ وَابْن عُمَر، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَبَعْض السَّلَف: لَا شَيْء فِيمَا زَادَ عَلَى مِائَتَيْ دِرْهَم حَتَّى يَبْلُغ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَلَا فِيمَا زَادَ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا حَتَّى يَبْلُغ أَرْبَعَة دَنَانِير، فَإِذَا زَادَتْ فَفِي كُلّ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا دِرْهَمٌ؛ وَفِي كُلّ أَرْبَعَة دَنَانِير دِرْهَم فَجَعَلَ لَهَا وَقْصًا كَالْمَاشِيَةِ، وَاحْتَجَّ الْجُمْهُور بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ: «فِي الرِّقَّة رُبُع الْعُشْر»، وَالرِّقَّة الْفِضَّة، وَهَذَا عَامّ فِي النِّصَاب وَمَا فَوْقه بِالْقِيَاسِ عَلَى الْحُبُوب.

 وَلِأَبِي حَنِيفَة فِي الْمَسْأَلَة حَدِيث ضَعِيف لَا يَصِحّ الِاحْتِجَاج بِهِ، قَالَ الْقَاضِي: ثُمَّ إِنَّ مَالِكًا وَالْجُمْهُور يَقُولُونَ بِضَمِّ الذَّهَب وَالْفِضَّة بَعْضهمَا إِلَى بَعْض فِي إِكْمَال النِّصَاب، ثُمَّ إِنَّ مَالِكًا يُرَاعِي الْوَزْن وَيَضُمّ عَلَى الْأَجْزَاء لَا عَلَى الْقِيَم، وَيَجْعَل كُلّ دِينَارٍ كَعَشَرَةِ دَرَاهِم عَلَى الصَّرْف الْأَوَّل، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَة: يُضَمُّ عَلَى الْقِيَم فِي وَقْت الزَّكَاة، وَقَالَ الشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَأَبُو ثَوْر وَدَاوُد: لَا يُضَمّ مُطْلَقًا.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا فِيمَا دُون خَمْس ذَوْد صَدَقَة».

 الرِّوَايَة الْمَشْهُورَة: «خَمْس ذَوْد» بِإِضَافَةِ ذَوْد إِلَى خَمْس، وَرُوِيَ بِتَنْوِينِ خَمْس وَيَكُون ذَوْد بَدَلًا مِنْهُ، حَكَاهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ وَالْقَاضِي وَغَيْرهمَا، وَالْمَعْرُوف الْأَوَّل، وَنَقَلَهُ اِبْن عَبْد الْبَرّ وَالْقَاضِي عَنْ الْجُمْهُور، قَالَ أَهْل اللُّغَة: الذَّوْد مِنْ الثَّلَاثَة إِلَى الْعَشَرَة لَا وَاحِد لَهُ مِنْ لَفْظه، وَإِنَّمَا يُقَال فِي الْوَاحِد بَعِير، وَكَذَلِكَ النَّفَر وَالرَّهْط وَالْقَوْم وَالنِّسَاء وَأَشْبَاه هَذِهِ الْأَلْفَاظ لَا وَاحِد لَهَا مِنْ لَفْظهَا، قَالُوا: وَقَوْله: «خَمْس ذَوْد» كَقَوْلِهِ: خَمْسَة أَبْعِرَة، وَخَمْسَة جِمَال، وَخَمْس نُوق، وَخَمْس نِسْوَة، قَالَ سِيبَوَيْهِ: تَقُول ثَلَاث ذَوْد؛ لِأَنَّ الذَّوْد مُؤَنَّث وَلَيْسَ بِاسْمِ كَسْر عَلَيْهِ مُذَكِّره، ثُمَّ الْجُمْهُور عَلَى أَنَّ الذَّوْد مِنْ ثَلَاثَة إِلَى الْعَشَرَة، وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: مَا بَيْن ثَلَاث إِلَى تِسْع، وَهُوَ مُخْتَصّ بِالْإِنَاثِ، وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: قَالَ الْأَصْمَعِيّ: الذَّوْد: مَا بَيْن الثَّلَاث إِلَى الْعَشَرَة، وَالصُّبَّة: خَمْس أَوْ سِتّ، وَالصِّرْمَة: مَا بَيْن الْعَشَرَة إِلَى الْعِشْرِينَ، وَالْعَكَرَة: مَا بَيْن الْعِشْرِينَ إِلَى الثَّلَاثِينَ، وَالْهَجْمَة: مَا بَيْن السِّتِّينَ إِلَى السَّبْعِينَ، وَالْهُنَيَّة: مِائَة، وَالْحَظْر نَحْو مِائَتَيْنِ، وَالْعَرْج: مِنْ خَمْسمِائَةِ إِلَى أَلْف.

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة وَغَيْره: الصِّرْمَة: مَا بَيْن الْعَشْر إِلَى الْأَرْبَعِينَ.

 وَأَنْكَرَ اِبْن قُتَيْبَة أَنْ يُقَال: خَمْس ذَوْد، كَمَا لَا يُقَال: خَمْس ثَوْب، وَغَلَّطَهُ الْعُلَمَاء، بَلْ هَذَا اللَّفْظ شَائِع فِي الْحَدِيث الصَّحِيح، وَمَسْمُوع مِنْ الْعَرَب مَعْرُوف فِي كُتُب اللُّغَة، وَلَيْسَ هُوَ جَمْعًا لِلْفَرْدِ بِخِلَافِ الْأَثْوَاب، قَالَ أَبُو حَاتِم السِّجِسْتَانِيّ: تَرَكُوا الْقِيَاس فِي الْجَمْع؛ فَقَالُوا: خَمْس ذَوْد لِخَمْسٍ مِنْ الْإِبِل، وَثَلَاث ذَوْد لِثَلَاثٍ مِنْ الْإِبِل، وَأَرْبَع ذَوْد وَعَشْر ذَوْد عَلَى غَيْر قِيَاس كَمَا قَالُوا: ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعُمِائَةٍ، وَالْقِيَاس مِئِين وَمِئَات، وَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَهُ، وَقَدْ ضَبَطَهُ الْجُمْهُور خَمْس ذَوْد، وَرَوَاهُ بَعْضهمْ خَمْسَة ذَوْد، وَكِلَاهُمَا لِرُوَاةِ كِتَاب مُسْلِمٍ، وَالْأَوَّل أَشْهَر، وَكِلَاهُمَا صَحِيح فِي اللُّغَة، فَإِثْبَات الْهَاء لِانْطِلَاقِهِ عَلَى الْمُذَكَّر وَالْمُؤَنَّث، وَمَنْ حَذَفَهَا قَالَ الدَّاوُدِيّ: أَرَادَ أَنَّ الْوَاحِدَة مِنْهُ فَرِيضَة.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَيْسَ فِيمَا دُون خَمْس أَوَاقِي صَدَقَة» هَكَذَا وَقَعَ فِي الرِّوَايَة الْأُولَى: (أَوَاقِي) بِالْيَاءِ، وَفِي بَاقِي الرِّوَايَات بَعْدهَا (أَوَاقٍ) بِحَذْفِ الْيَاء، وَكِلَاهُمَا صَحِيح.

قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْأُوقِيَّة بِضَمِّ الْهَمْزَة وَتَشْدِيد الْيَاء وَجَمْعهَا أَوَاقِي بِتَشْدِيدِ الْيَاء وَتَخْفِيفهَا، وَأَوَاقٍ بِحَذْفِهَا، قَالَ اِبْن السِّكِّيت فِي الْإِصْلَاح: كُلّ مَا كَانَ مِنْ هَذَا النَّوْع وَاحِده مُشَدَّدًا جَازَ فِي جَمْعه التَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف، فَالْأُوقِيَّة وَالْأَوَاقِي وَالسُّرِّيَّة وَالسَّرَارِيّ وَالْخُتِّيَّة وَالْعُلِّيَّة وَالْأُثْفِيَّة وَنَظَائِرهَا، وَأَنْكَرَ جُمْهُورهمْ أَنْ يُقَال فِي الْوَاحِدَة: (وُقِيَّة) بِحَذْفِ الْهَمْزَة، وَحَكَى اللِّحْيَانِيّ جَوَازهَا بِحَذْفِ الْوَاو وَتَشْدِيد الْيَاء وَجَمْعهَا (وَقَايَا)، وَأَجْمَعَ أَهْل الْحَدِيث وَالْفِقْه وَأَئِمَّة أَهْل اللُّغَة عَلَى أَنَّ الْأُوقِيَّة الشَّرْعِيَّة أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَهِيَ أُوقِيَّة الْحِجَاز: قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: وَلَا يَصِحّ أَنْ تَكُون الْأُوقِيَّة وَالدَّرَاهِم مَجْهُولَة فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ يُوجِب الزَّكَاة فِي أَعْدَاد مِنْهَا، وَيَقَع بِهَا الْبِيَاعَات وَالْأَنْكِحَة كَمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيث الصَّحِيحَة، قَالَ: وَهَذَا يُبَيِّن أَنَّ قَوْل مَنْ زَعَمَ أَنَّ الدَّرَاهِم لَمْ تَكُنْ مَعْلُومَة إِلَى زَمَان عَبْد الْمَلِك بْن مَرْوَان، وَأَنَّهُ جَمَعَهَا بِرَأْيِ الْعُلَمَاء وَجَعَلَ كُلّ عَشْرَة وَزْن سَبْعَة مَثَاقِيل، وَوَزْن الدِّرْهَم سِتَّة دَوَانِيق قَوْل بَاطِل، وَإِنَّمَا مَعْنَى مَا نُقِلَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا شَيْء مِنْ ضَرْب الْإِسْلَام وَعَلَى صِفَة لَا تَخْتَلِف، بَلْ كَانَتْ مَجْمُوعَات مِنْ ضَرْب فَارِس وَالرُّوم وَصِغَارًا وَكِبَارًا، وَقِطَع فِضَّة غَيْر مَضْرُوبَة وَلَا مَنْقُوشَة، وَيَمَنِيَّة وَمَغْرِبِيَّة، فَرَأَوْا صَرْفهَا إِلَى ضَرْب الْإِسْلَام وَنَقْشه وَتَصْيِيرَهَا وَزْنًا وَاحِدًا لَا يَخْتَلِف، وَأَعْيَانًا لِيُسْتَغْنَى فيها عَنْ الْمَوَازِين، فَجَمَعُوا أَكْبَرهَا وَأَصْغَرهَا وَضَرَبُوهُ عَلَى وَزْنهمْ، قَالَ الْقَاضِي، وَلَا شَكَّ أَنَّ الدَّرَاهِم كَانَتْ حِينَئِذٍ مَعْلُومَة، وَإِلَّا فَكَيْف كَانَتْ تُعَلَّق بِهَا حُقُوق اللَّه تَعَالَى فِي الزَّكَاة وَغَيْرهَا وَحُقُوق الْعِبَاد؟ وَلِهَذَا كَانَتْ الْأُوقِيَّة مَعْلُومَة، هَذَا كَلَام الْقَاضِي.

وَقَالَ أَصْحَابنَا: أَجْمَعَ أَهْل الْعَصْر الْأَوَّل عَلَى التَّقْدِير بِهَذَا الْوَزْن الْمَعْرُوف، وَهُوَ أَنَّ الدِّرْهَم سِتَّة دَوَانِيق وَكُلّ عَشْرَة دَرَاهِم سَبْعَة مَثَاقِيل وَلَمْ يَتَغَيَّر الْمِثْقَال فِي الْجَاهِلِيَّة وَلَا الْإِسْلَام.

✯✯✯✯✯✯

‏1626- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏1627- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَة أَبِي بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة: «لَيْسَ فِيمَا دُون خَمْسَة أَوْسَاق» هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُول: «خَمْسَة أَوْسَاق»، وَهُوَ صَحِيح جَمْع وِسْق بِكَسْرِ الْوَاو، كَحِمْلٍ وَأَحْمَال، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْوَسْق بِفَتْحِ الْوَاو وَبِكَسْرِهَا.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ تَمْر أَوْ حَبٍّ» هُوَ تَمْر بِفَتْحِ التَّاء الْمُثَنَّاة وَإِسْكَان الْمِيم.

 وَفِي رِوَايَة مُحَمَّد بْن رَافِع عَنْ عَبْد الرَّزَّاق (ثَمَر) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَة وَفَتْح الْمِيم.

✯✯✯✯✯✯

‏1628- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏1629- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فِيمَا دُون خَمْس أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِق صَدَقَة» قَالَ أَهْل اللُّغَة: يُقَال: وَرِق وَوَرْق بِكَسْرِ الرَّاء وَإِسْكَانهَا، وَالْمُرَاد بِهِ هُنَا الْفِضَّة كُلّهَا مَضْرُوبهَا وَغَيْره.

 وَاخْتَلَفَ أَهْل اللُّغَة فِي أَصْله فَقِيلَ: يُطْلَق فِي الْأَصْل عَلَى جَمِيع الْفِضَّة، وَقِيلَ: هُوَ حَقِيقَة لِلْمَضْرُوبِ دَرَاهِم، وَلَا يُطْلَق عَلَى غَيْر الدَّرَاهِم إِلَّا مَجَازًا، وَهَذَا قَوْل كَثِير مِنْ أَهْل اللُّغَة، وَبِالْأَوَّلِ قَالَ اِبْن قُتَيْبَة وَغَيْره مِنْهُمْ، وَهُوَ مَذْهَب الْفُقَهَاء، وَلَمْ يَأْتِ فِي الصَّحِيح بَيَان نِصَاب الذَّهَب، وَقَدْ جَاءَتْ فيه أَحَادِيث بِتَحْدِيدِ نِصَابه بِعِشْرِينَ مِثْقَالًا وَهِيَ ضِعَاف، وَلَكِنْ أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاع عَلَى ذَلِكَ، وَكَذَا اِتَّفَقُوا عَلَى اِشْتِرَاط الْحَوْل فِي زَكَاة الْمَاشِيَة وَالذَّهَب وَالْفِضَّة دُون الْمُعَشَّرَات.

وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلَالَة لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ فِي الْفِضَّة إِذَا كَانَتْ دُون مِائَتَيْ دِرْهَم رَائِجَة أَوْ نَحْوهَا لَا زَكَاة فيها لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فِيمَا دُون خَمْس أَوَاقٍ مِنْ الْوَرِق صَدَقَة»، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْأُوقِيَّة أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَهِيَ أُوقِيَّة الْحِجَاز الشَّرْعِيَّة، وَقَالَ مَالِك: إِذَا نَقَصَتْ شَيْئًا يَسِيرًا بِحَيْثُ تَرُوج رَوَاج الْوَازِنَة وَجَبَتْ الزَّكَاة.

 وَدَلِيلنَا أَنَّهُ يَصْدُق أَنَّهَا دُون خَمْس أَوَاقٍ، وَفيه دَلِيل لِلشَّافِعِيِّ وَمُوَافِقِيهِ فِي الدَّرَاهِم الْمَغْشُوشَة أَنَّهُ لَا زَكَاة فيها حَتَّى تَبْلُغ الْفِضَّة الْمَحْضَة مِنْهَا مِائَتَيْ دِرْهَم.

 باب ليس فيما دون خمسة اوسق صدقة

 باب ليس فيما دون خمسة اوسق صدقة


تعليقات