📁 آخر الأخبار

‏‏باب العين والباء وما يثلثهما‏

 

‏‏باب العين والباء وما يثلثهما‏

‏‏باب العين والباء وما يثلثهما‏

‏(‏عبث‏)‏ العين والباء والثاء أصلٌ صحيح واحد، يدلُّ على الخَلط يقال‏:

‏ عَبَثَ الأَقِط، وأنا أعبِثُه عَبْثاً، وهو عبيث، وهو يُخلَط ويجفَّف في الشَّمس‏.

‏ والعَبِيث‏:

‏ كلُّ خِلْط‏.

‏ ويقال‏:

‏ في هذا الوادي عَبِيثةٌ، أي خِلْطٌ من حَيَّيْن‏.

‏ ومما قيسَ على هذا‏:

‏ العَبَثُ، هو الفعل لا يُفَعل على استواء وخُلوصِ صواب‏.

‏ تقول‏:

‏ عَبِثَ يعبَث عَبَثاً، وهو عابثٌ بما لا يَعْنيه وليس من بالِهِ، وفي القرآن‏:

‏ ‏{‏أفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْناكُمْ عَبَثاً‏}‏ ‏[‏المؤمنون 115‏]‏، أي لَعِبا‏.

‏ والقياس في *ذلك كله واحد‏.

‏(‏عبج‏)‏ العين والباء والجيم ليس عند الخليل ‏[‏فيه‏]‏ شيء‏.

‏ وقد قيل العَبَجَة‏:

‏ الأحمق‏.

‏(‏عبد‏)‏ العين والباء والدال أصلانِ صحيحان، كأنَّهما متضادَّان، و‏[‏الأول‏]‏ من ذينك الأصلينِ يدلُّ على لِين وذُلّ، والآخر على شِدّة وغِلَظ‏.

‏ فالأوّل العَبد، وهو المملوك، والجماعةُ العبيدُ، وثلاثةُ أعبدٍ وهم العِبادُ‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ إلاّ أنّ العامة اجتمعوا على تفرقةِ ما بين عباد الله والعبيدِ المملوكين‏.

‏ يقال هذا عبدٌ بيِّن العُبُودَة‏.

‏ ولم نسمَعْهم يشتقُّون منه فعلاً، ولو اشتق لقيل عَبُد، أي صار عبداً وأقرَّ بالعُبُودة، ولكنّه أُمِيت الفعلُ فلم يُستعمل‏.

 قال‏:

‏ وأمّا عَبَدَ يُعبُد عِبادةً فلا يقال إلاّ لمن يُعبُد اللهَ تعالى‏.

‏ يقال منه عَبَد يعبُد عبادة، وتعبَّد يتعبّد تعبّداً‏.

‏ فالمتعبِّد‏:

‏ المتفرِّد بالعبادة‏.

‏ واستعبدتُ فلاناً‏:

‏ اتخذتُه عبداً‏.

‏ وأمّا عَبْد في معنى خَدَم مولاه فلا يقال عبَدَه، ولا يقال يعبُد مَولاه‏.

‏ وتعبَّدَ فلانٌ فلاناً، إذا صيَّره كالعبد له وإن كان حُرَّاً‏.

 قال‏:

‏ تَعبَّدَني نَِمْرُ بنُ سعدٍ وقد أُرى

***

 ونَِمْر بنُ سعدٍ لي مطيع ومُهْطعُ ويقال‏:

‏ أعْبَدَ فلانٌ فلاناً، أي جعله عبداً‏.

ويقال للمشركين‏:

‏ عَبَدة الطّاغوتِ والأوثان، وللمسلمين‏:

‏ عُبّادٌ يعبدون الله تعالى‏.

‏ وذكر بعضُهم‏:

‏ عابد وعَبَد، كخادم وخَدَم‏.

‏ وتأنيثُ العَبْد عَبْدَةٌ، كما يقال مملوك ومملوكة‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ والعِبِدَّاء‏:

‏ جماعة العَبِيد الذين وُلِدُوا في العُبودة‏.

‏ ومن الباب البعير المعبَّد، أي المهنُوء بالقَطِران‏.

‏ وهذا أيضاً يدلُّ على ما قلناه لأنّ ذلك يُذِلُّه ويَخفِض منه‏.

‏ قال طرفة‏:

‏ إلى أن تحامَتْنِي العشيرةُ كلُّها

***

 وأُفرِدْتُ إفرادَ البَعير المعبَّدِ والمعبّد‏:

‏ الذلول، يوصَف به البعير أيضاً‏.

‏ ومن الباب‏:

‏ الطريق المُعَبَّد، وهو المسلوك المذلَّل‏.

‏ والأصل الآخَر العَبَدة، وهي القُوّة والصَّلابة؛ يقال هذا ثوبٌ له عَبَدة، إذا كان صَفيقاً قويَّاً‏.

‏ ومنهُ علقمة بن عَبَدَة، بفتح الباء‏.

‏ ومن هذا القياس العَبَد، مثل الأنَف والحميّة‏.

‏ يقال‏:

‏ هو يَعْبَدُ لهذا الأمر‏.

‏ وفسِّر قوله تعالى‏:

‏ ‏{‏قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحمنِ وَلدٌ فَأنَا أوَّلُ العابِدِينَ‏}‏ ‏[‏الزخرف81‏]‏، أي أوَّلُ مَن غَضِبَ عَنْ هذا وأنِف من قولِه‏.

‏ وذُكر عن عليٍّ عليه السلامُ أنّه

 قال‏:

‏ ‏"‏عَبِدتُ فصَمَتُّ‏"‏، أي أنِفْتُ فسكَتّ‏.

‏ وقال‏:

‏ ويَعْبَدُ الجاهلُ الجافي بحقِّهم

***

 بعد القضاء عليه حين لا عَبَدُ وقال آخر‏:

‏ * وأعبَدُ أن تُهجَى كليبٌ بدارِمِ * أي آنف من ذلك وأغضبُ منه‏:

‏(‏عبر‏)‏ العين والباء والراء أصلٌ صحيح واحدٌ يدلُّ على النفوذ والمضيِّ في الشيء‏.

‏ يقال‏:

‏ عَبَرت النّهرَ عُبُوراً‏.

‏ وعَِبْر النهر‏:

‏ شَطُّه‏.

‏ ويقال‏:

‏ ناقةٌ عُبْرُ أسفارٍ‏:

‏ لا يزال يُسافَرُ عليها‏.

‏ قال الطّرِمّاح‏:

‏ وقد تبطَّنْتُ بِهِلْوَاعةٍ

***

 عُبْرِ أسفارٍ كَتُوم البُغَامْ والمَعْبَر‏:

‏ شطّ نهرٍ هُيئ للعُبور‏.

‏ والمِعْبَر‏:

‏ سفينة يُعبَر عليها النّهر‏.

‏ ورجل عابرُ سبيلٍ، أي مارّ‏.

‏ قال الله تعالى‏:

‏‏{‏وَلاَ جُنُباً إلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ‏}‏ ‏[‏النساء 43‏]‏، ومن الباب العَبْرَة، قال الخليل‏:

‏ عَبْرَة السدَّمع‏:

‏ جَرْيُه‏.

 قال‏:

‏ والدَّمع أيضاً نفسُه عَبْرة‏.

‏ قال امرؤ القيس‏:

‏ وإنّ شِفائي عَبْرَةٌ إن سَفَحتُها

***

 فهَلْ عند رسْمٍ دارسٍ من مُعَوَّلِ وهذا من القياس؛ لأنّ الدّمع يعبُرُ، أي ينفُذ ويَجري‏.

‏ والذي قاله الخليل صحيحٌ يدلُّ على صِحّة القياس الذي ذكرناه‏.

‏ وقولهم‏:

‏ عَبِرَ فلانٌ يَعْبَرُ عَبَراً من الحزن، وهو عَبْرَانُ، والمرأةُ عَبْرى وعَبِرَةٌ، فهذا لا يكون إِلاَّ وثَمَّ بكاء‏.

‏ ويقَال‏:

‏ استَعْبَرَ، إذا جَرَتْ عَبْرَته‏.

ويقال من هذا‏:

‏ امرأةٌ عابر، أي بها العَبَر‏.

‏ وقال‏:

‏ يقولُ لي الجَرْمِيُّ هل أنت مُرْدِفِي

***

 وكيف رِدَافُ الفَلِّ أمُّك عابِرُ فهذا الأصل الذي ذكرناه‏.

‏ ثم يقال *لضرب من السدر عُبْرِيٌّ، وإنما يكون كذلك إذا نَبَتَ على شُطوط الأنهار‏.

‏ والشّطُّ يُعْبَرُ ويعبر إليه‏.

‏ قال العجّاج‏:

‏ * لاثٍ بها الأَشاءُ والعُبْرِيُّ * الأَشاء‏:

‏ الفَسِيل، الواحدة أَشَاءة وقد ذكرناه‏.

ويقال إنّ العُبْريَّ لا يكون إلاّ طويلاً، وما كان أصغَرَ منه فهو الضَّالُ‏.

‏ قال ذو الرُّمّة‏:

‏ قَطعْتُ إذا تجوّفت العواطِي

***

 ضَرُوبَ السِّدْرِ عَبْرِيّاً وضَالا ويقال‏:

‏ بل الضّالُ ما كان في البَرّ‏.

‏ ومن الباب‏:

‏ عَبَرَ الرُّؤْيا يعبرها عَبْرَاً وعِبارة، ويُعبِّرُها تعبيراً، إذا فسَّرَها‏.

‏ ووجه القياس في هذا عُبُور النَّهْر؛ لأنه يصير من عَِبْر إلى عَِبْر‏.

‏ كذلك مفسِّر الرُّؤيا يأخُذُ بها من وجهٍ إلى وجهٍ، كأن يُسأل عن الماء، فيقول‏:

‏ حياة‏.

‏ ألا تراه قد عَبَر في هذا من شيءٍ إلى شيء‏.

‏ ومما حُمِل على هذه‏:

‏ العِبارة، قال الخليل‏:

‏ تقول‏:

‏ عَبَّرت عن فلانٍ تعبيراً، إذا عَيَّ بحُجّته فتكلَّمت بها عنه‏.

‏ وهذا قياسُ ما ذكرناه؛ لأنَّه لم يقدِر على النُّفوذ في كلامه فنفَذَ الآخَر بها عنه‏.

‏ فأمّا الاعتبار والعِبْرة فعندنا مقيسانِ من عَبْريِ النَّهر؛ لأنّ كلَّ واحدٍ منهما عِبرٌ مساوٍ لصاحبه فذاك عِبرٌ لهذا، وهذا عِبرٌ لذاك‏.

‏ فإذا قلت اعتبرت الشَّيء، فكأنك نظرتَ إلى الشَّيء فجعلتَ ما يَعْنِيك عِبراً لذاك‏:

‏ فتساويا عندك‏.

‏ هذا عندنا اشتقاقُ الاعتبار‏.

‏ قال الله تعالى‏:

‏ ‏{‏فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ‏}‏ ‏[‏الحشر 2‏]‏، كأنَّه

 قال‏:

‏ انظروا إلى مَنْ فعل ما فَعل فعُوقِب بما عوقب به، فتجنَّبوا مثلَ صنيعهم لئلاَّ ينزل بكم مثلُ ما نَزَل بأولئك‏.

‏ ومن الدَّليل على صِحَّة هذا القياس الذي ذكرناه، قولُ الخليل‏:

‏ عَبَّرت الدَّنانيرَ تعبيراً، إذا وزَنْتَها ديناراً ‏[‏ديناراً‏]‏‏.

 قال‏:

‏ والعِبرة‏:

‏ الاعتبارُ بما مضى‏.

‏ ومما شذَّ عن الأصل‏:

‏ المُعْبَر من الجِمال‏:

‏ الكثير الوَبر‏.

‏ والمُعْبَر من الغِلمان‏:

‏ الذي لم يُخْتَن‏.

‏ وما أدرِي ما وجهُ القياس في هذا‏.

‏ وقال في المُعْبَر الذي لم يُختَن بشرُ بن ‏[‏أبي‏]‏ خازم‏:

‏ * وارمُ العَفْل مُعْبَرُ * ومن هذا الشّاذّ‏:

‏ العبير، قال قوم‏:

‏ هو الزَّعفران‏.

‏ وقال قوم‏:

‏ هي أخلاط طِيب‏.

‏ وقال الأعشَى‏:

‏ وتَبرُد بَردَ رِداء العَرُوسِ

***

 بالصيفى رَقْرقتَ فيه العبيرا

‏(‏عبس‏)‏ العين والباء والسين أصلٌ صحيح يدلُّ على تكرُّه في شيء‏.

‏ وأصله العَبَس‏.

‏ ما يَبِس على هُلْب الذَّنَب من بَعْرٍ وغيره، وهو من الإبل كالوَذَحِ من الشَّاء‏.

‏ قال أبو النَّجم‏:

‏ كأنَّ في أذنابهنَّ الشُّوَّلِ

***

 مِن عَبَس الصَّيف قرونَ الأُيَّلِ وفي الحديث‏:

‏ أنّه مرّ بإبلٍ قد عَبَست في أبوالها‏.

‏ وقال جرير يذكر راعية‏:

‏ تَرَى العَبَسَ الحَوْليَّ جَوْناً بكُوعِها

***

 لها مَسَكاً من غير عاجٍ ولا ذَبْلِ ثم اشتُقَّ من هذا‏:

‏ اليوم العَبُوس، وهو الشديد الكَرِيه‏.

‏ واشتقّ منه عَبَسَ الرجل يَعْبِس عُبوساً، وهو عابس الوجه‏:

‏ غضبان‏.

‏ وعبّاسٌ، إذا كَثر ذلك منه‏.

‏(‏عبط‏)‏ العين والباء والطاء أصلٌ صحيح يدلُّ على شِدّةٍ تُصيبُ من غير استحقاق‏.

‏ وهذه عبارةٌ ذكرها الخليل، وهي صحيحةٌ منقاسة‏.

‏ فالعَبْط‏:

‏ أن تُعبَط النّاقةُ صحيحةً من غير داءٍ ولا كَسْر‏.

‏ قالوا‏:

‏ والعَبِيط‏:

‏ الطرِيُّ من كلِّ شيء‏.

‏ وهذا الذي ذكروهُ في الطريِّ توسُّعٌ منهم، وإنّما الأصل ما ذكِر‏.

‏ يقال من الأوّل‏:

‏ عُبِطت النّاقةُ واعتُبِطت اعتباطاً، إذا نُحِرت سمينةً فَتِيّةً من غير داء‏.

‏ قالوا‏:

‏ والرّجُل يَعبِط بنفسه في الحرب عَبْطاً، إذا ألقاها فيها غير مُكْرَه‏.

‏ والرّجلُ يَعبِط الأرضَ عَبْطاً، إذا حفر فيها موضعاً لم يُحفَر قبلَ ذلك‏.

‏ قال مَرَّار‏:

‏ ظَلَّ في أعلى يَفاعٍ جاذِلاً

***

 يَعبِط الأرضَ اعتباطَ المحتَفِرْ ويقال‏:

‏ مات فلانٌ عَبْطةً، أي شاباً سليماً‏.

‏ واعتبطَه الموت‏.

‏ قال أميَّة‏:

‏ مَن لم يَمتْ عَبْطةً يمُتْ هَرَماً

***

 للموت كأسٌ فالمرءُ ذائقها ومن ذلك الدّم العَبِيط‏:

‏ الطرِيّ‏.

‏ قال الخليل – وهي العبارة التي قدَّمْنا ذكرها-‏:

‏ يقال عَبَطته الدَّواهي، إذا نالته من غير *استحقاقٍ لذلك‏.

‏ قال حُمَيد‏:

‏ بمنْزلٍ عَفٍّ ولم يُخالِطِ

***

 مدنَّساتِ الرِّيَب العَوابِط والعَبِيطة‏:

‏ الشّاة أو النّاقة المعتَبَطة‏.

‏ قال الشّاعر‏:

‏ ولـه لا يَنِي عَبائِطُ من كُو

***

 مٍ إذا كان من رِقاقٍ وبُزْل الرِّقاق‏:

‏ الصِّغار من الإبل‏.

‏(‏عبق‏)‏ العين والباء والقاف أصل صحيح واحد، وهو لزوم الشيء للشيء‏.

‏ من ذلك عَبِق الطيب به، إذا لَصِق ولازَمَ‏.

 قال‏:

‏ عَبِقَ العنبرُ والمِسْكُ بها

***

 فهي صفراءُ كعُرجون العُمُرْ وقال طرفة‏:

‏ ثم راحُوا عَبِقَ المسكُ بهم

***

 يَلْحَفُون الأَرضَ هُدَّابَ الأُزُرْ ومن هذا الباب قولهم‏:

‏ ما بقي لهم عَبَقَة، أي ‏[‏ما‏]‏ بقيت لهم بقيّةٌ من المال‏.

‏ والمعنى في ذلك البقيَّة من السَّمْن تبقى في النِّحْي قد عَبِقَت به‏.

‏ ويقولون‏:

‏ إنّ العَبَاقِية‏:

‏ شجرٌ لـه شَوك‏.

‏ وهذا إنْ حُمِل على القياس صَحَّ؛ لأنَّه يَعْلَق بالشَّيء ويُعْلَق به‏.

‏ ويُنشَد‏:

‏ غَداةَ شُواحِطٍ فنجَوْتَ شَدَّاً

***

 وَثوبُكَ في عَباقيةٍ هَرِيدُ ويقال‏:

‏ العَبَاقِيَةُ‏:

‏ بقية الطِّيب والدَّيْن، وقد ذكرنا وجه قياسه‏.

‏ ومن الباب العَبَاقية من الرِّجال‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ العباقِيَة‏:

‏ الداهي المنكَر، على وزن عَلاَنِيَة‏.

‏ وإنّما سمِّي بذلك لأنّه تعلَّق كلَّ شيء‏.

‏ وقال‏:

‏ أُتِيحَ لها عَباقِيَةٌ سَرَنْدَى

***

 جرِيُّ الصَّدرِ منبسطُ اليَمينِ وقال الأصمعيُّ‏:

‏ شانَه شيناً عَبَاقِيةً، أي شيناً شديداً، والأجود أن يقال شيناً لازماً لا يُفارِق‏.

‏ قال الكسائيّ‏:

ويقال إنّ العبَاقية جُرح يُصيب الرَّجُل في حُرِّ وجهه‏.

‏ وهذا صحيح؛ لأنَّه شينٌ باقٍ يلازم‏.

‏(‏عبك‏)‏ العين والباء والكاف أُصَيلٌ صحيح يدلُّ على ما يدلُّ عليه الذي قبله، وليس ببعيدٍ أن يكون من باب الإبدال‏.

‏ قال الخليل‏:

‏ ما ذقت عَبَكة ولا لَبَكةً‏.

‏ وقال ابن الأعرابيّ‏:

‏ يقال‏:

‏ ما أغنيتَ عنِّي عبكةً ولا لَبَكة أي شيئاً‏.

‏ وأصلُه قولهم الذي يَبقَى في النِّحْي من السَّمْن‏:

‏ عَبَكة‏.

‏ وقد يقال ذلك للطِّينة من الوحل‏.

‏ والصحيح في هذا الباب هذا، وقد ذُكِرت فيه كلماتٌ عن أعرابٍ مجهولين لا أصل لها فلذلك تركناها‏.

‏(‏عبل‏)‏ العين والباء واللام أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على ضِخَم وامتداد وشِدّة‏.

‏ من ذلك العَبْلُ من الأجسام، وهو الضَّخم‏.

‏ تقول‏:

‏ عَبُل يَعْبُل عَبالة‏.

 قال‏:

‏ خبطناهمْ بكلِّ أرَحَّ لأمٍ

***

 كمِرْضاحِ النَّوى عَبْلٍ وَقاحِ الأرَحّ‏:

‏ الحافر الواسع‏.

‏ ومن الباب الأَعْبَل، وهو الحجر الصُّلب ذُو البياض‏.

ويقال جبلٌ أعبلُ وصخرةٌ عَبْلاء‏.

‏ وقال أبو كبيرٍ الهذليّ يصف نابَ الذِّئبة‏:

‏ أخرجتُ منها سِلْقةً مهزولةً

***

 عجفاءَ يبرق نابُها كالأعبَلِ ومنه قولهم‏:

‏ هو عَبْلُ الذِّراعين، أي غليظُهما مدِيدُهما‏.

‏ ومنه‏:

‏ ألقى عليه عَبالَّته، أي ثِقْله‏.

‏ ومحتمل أن يكون العَبَل، وهو ثمر الأرْطى، من هذا، ولعل فيه امتداداً وطُولا‏.

‏(‏عبم‏)‏ العين والباء والميم كلمة تدلُّ على غِلَظٍ وجفاء‏.

‏ من ذلك العَبَامُ، وهو الرَّجُل الغليظ الخِلْقة في حُمْق‏.

‏ تقول‏:

‏ عَبْمَ يَعْبُمُ عَبامة‏.

 قال‏:

‏ فأنكرتُ إنكارَ الكريم ولم أكن

***

 كَفَدْمٍ عَبَامٍ سِيلَ شيئاً فجمجما ويقال‏:

‏ إنّ العَبَام الماء الكثير، فإن كان صحيحاً فهو قريبٌ، وإلاَّ فهو من الإبدال‏.

‏(‏عبن‏)‏ العين والباء والنون صحيحٌ، فيه كلمةٌ واحدة‏.

‏ يقولون‏:

‏ إنّ العَبَنَّ‏:

‏ الجملُ الضَّخم الجسيم‏.

ويقال العَبَنّ

ويقال العَبَنَّى، والأنثى عَبَنّاة‏.

‏ وكلُّ ذلك واحد‏.

‏ وربَّما وصَفوا به الرّجل‏.

‏ وقال حُميدٌ في صفة بعير‏:

‏ أمينٌ عَبَنُّ الخَلْقِ مختلِف الشِّبَا

***

 يقول المُمارِي طال ما كان مُقْرَما

‏(‏عبأ‏)‏ العين والباء والهمزة والحرف المعتل غير المهموز أصل واحد، يدلُّ على اجتماعٍ في ثِقَل‏.

‏ من ذلك العِبْءُ، وهو كلُّ حِمْل، من غُرْم أو حَمالة، والجمع الأعباء‏.

 قال‏:

‏ وحمل العِبءِ عن أعناق قومي

***

 وفعلي في الخطوب بما عناني ومن الباب‏:

‏ ما عبأْت به شيئاً، إذا لم تبالِهِ، كأنّك لم تجِدْ له ثِقْلاً‏.

‏ ومن الباب‏:

‏ عبأت الطِّيب *وفَرَّقوا بين ذلك وبين الجيش، فقالوا‏:

‏ عَبَّيْت الكتِيبةَ أُعبِّيها تعبيَةً، إذا هيّأتَها‏.

‏ وقد قالوا‏:

‏ عَبأت الجيش أيضاً، ذكرها ابنُ الأعرابي‏.

‏ وقال في عَبَأت الطِّيب‏:

‏ كأنَّ بصدرِه وبمَنْكِبيه

***

 عبيراً باتَ تَعبؤه عروسُ والعَباءة‏:

‏ ضَربٌ من الأكسِية‏.

‏ وقياسُه صحيح؛ لأنّه يشتمل على لابسه ويجمعُه‏.

‏ والله أعلم بالصواب‏.


۞۞۞۞۞۞۞۞

 كتاب العين ﴿ 11 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞



كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات