باب التداوي بالحبة السوداء
باب التداوي بالحبة السوداء
4104- وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ فِي الْحَبَّة السَّوْدَاء شِفَاء مِنْ كُلّ دَاء إِلَّا السَّام» فَيُحْمَل أَيْضًا عَلَى الْعِلَل الْبَارِدَة عَلَى نَحْو مَا سَبَقَ فِي الْقُسْط، وَهُوَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ يَصِف بِحَسَبِ مَا شَاهَدَهُ مِنْ غَالِب أَحْوَال أَصْحَابه رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ.
وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاض كَلَام الْمَازِرِيّ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ، ثُمَّ قَالَ: وَذَكَرَ الْأَطِبَّاء فِي مَنْفَعَة الْحَبَّة السَّوْدَاء الَّتِي هِيَ الشُّونِيز أَشْيَاء كَثِيرَة، وَخَوَاصّ عَجِيبَة، يَصْدُقهَا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها؛ فَذَكَر جَالِينُوس أَنَّهَا تَحِلّ النَّفْخ، وَتُقِلّ دِيدَان الْبَطْن إِذَا أُكِلَ أَوْ وُضِعَ عَلَى الْبَطْن، وَتَنْفِي الزُّكَام إِذَا قُلِيَ وَصُرَّ فِي خِرْقَة وَشُمَّ، وَتُزِيل الْعِلَّة الَّتِي تَقْشُر مِنْهَا الْجِلْد، وَتَقْلَع الثَّآلِيل الْمُتَعَلِّقَة وَالْمُنَكَّسَة وَالْخِيلَان، وَتُدِرّ الطَّمْث الْمُنْحَبِس إِذَا كَانَ اِنْحِبَاسه مِنْ أَخْلَاط غَلِيظَة لَزِجَة، وَيَنْفَع الصُّدَاع إِذَا طُلِيَ بِهِ الْجَبِين، وَتَقْلَع الْبُثُور وَالْجَرَب، وَتُحَلِّل الْأَوْرَام الْبَلْغَمِيَّة إِذَا تُضَمَّد بِهِ مَعَ الْخَلّ، وَتَنْفَع مِنْ الْمَاء الْعَارِض فِي الْعَيْن إِذَا اُسْتُعِطَ بِهِ مَسْحُوقًا بِدُهْنِ الْأَرَلْيَا، وَتَنْفَع مِنْ اِنْتِصَاب النَّفْس، وَيُتَمَضْمَض بِهِ مِنْ وَجَع الْأَسْنَان، وَتُدِرّ الْبَوْل وَاللَّبَن، وَتَنْفَع مِنْ نَهْشَة الرَّتِيلَا، وَإِذَا بُخِّرَ بِهِ طَرَدَ الْهَوَامّ.
قَالَ الْقَاضِي: وَقَالَ غَيْر جَالِينُوس؛ خَاصِّيَّته إِذْهَاب حُمَّى الْبَلْغَم وَالسَّوْدَاء، وَتَقْتُل حَبّ الْقَرْع، وَإِذَا عُلِّقَ فِي عُنُق الْمَزْكُوم نَفَعَهُ، وَيَنْفَع مِنْ حُمَّى الرِّبْع.
قَالَ: وَلَا يَبْعُد مَنْفَعَة الْحَارّ مِنْ أَدْوَاء حَارَّة بِخَوَاصّ فيها، فَقَدْ نَجِد ذَلِكَ فِي أَدْوِيَة كَثِيرَة، فَيَكُون الشُّونِيز مِنْهَا لِعُمُومِ الْحَدِيث، وَيَكُون اِسْتِعْمَاله أَحْيَانًا مُنْفَرِدًا، وَأَحْيَانًا مُرَكَّبًا.
قَالَ الْقَاضِي: وَفِي جُمْلَة هَذِهِ الْأَحَادِيث مَا حَوَاهُ مِنْ عُلُوم الدِّين وَالدُّنْيَا، وَصِحَّة عِلْم الطِّبّ، وَجَوَاز التَّطَبُّب فِي الْجُمْلَة، وَاسْتِحْبَابه بِالْأُمُورِ الْمَذْكُورَة مِنْ الْحِجَامَة، وَشُرْب الْأَدْوِيَة، وَالسَّعُوط، وَاللَّدُود، وَقَطْع الْعُرُوق، وَالرُّقَى قَالَ: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْزَلَ الدَّوَاء الَّذِي أَنْزَلَ الدَّاء» هَذَا إِعْلَام لَهُمْ، وَإِذْن فيه، وَقَدْ يَكُون الْمُرَاد بِإِنْزَالِهِ إِنْزَال الْمَلَائِكَة الْمُوَكَّلِينَ بِمُبَاشَرَةِ مَخْلُوقَات الْأَرْض مِنْ دَاء وَدَوَاء.
وَذَكَرَ بَعْض الْأَطِبَّاء فِي قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شَرْطَة مِحْجَم أَوْ شَرْبَة عَسَل أَوْ لَذْعَة بِنَارٍ» أَنَّهُ إِشَارَة إِلَى جَمِيع ضُرُوب الْمُعَافَاة وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله: «وَالْحَبَّة السَّوْدَاء الشُّونِيز» هَذَا هُوَ الصَّوَاب الْمَشْهُور الَّذِي ذَكَرَهُ الْجُمْهُور.
قَالَ الْقَاضِي: وَذَكَرَ الْحَرْبِيّ عَنْ الْحَسَن أَنَّهَا الْخَرْدَل.
قَالَ: وَقِيلَ: هِيَ الْحَبَّة الْخَضْرَاء، وَهِيَ الْبُطْم، وَالْعَرَب تُسَمِّي الْأَخْضَر أَسْوَد، وَمِنْهُ سَوَاد الْعِرَاق لِخُضْرَتِهِ بِالْأَشْجَارِ، وَتُسَمِّي الْأَسْوَد أَيْضًا أَخْضَر.
✯✯✯✯✯✯
4105- سبق شرحه بالباب.
باب التداوي بالحبة السوداء
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب السلام ﴿ 27 ﴾
۞۞۞۞۞۞
۞۞