باب جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال
باب جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال
1156- قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر بْن أَبِي شَيْبَة أَخْبَرَنَا مُعَاوِيَة وَوَكِيع عَنْ الْأَعْمَش عَنْ عُمَارَة عَنْ الْأَسْوَد عَنْ عَبْد اللَّه) هَذَا الْإِسْنَاد كُلّه كُوفِيُّونَ، وَفيه ثَلَاثَة تَابِعِيُّونَ بَعْضهمْ عَنْ بَعْض: الْأَعْمَش وَعُمَارَة وَالْأَسْوَد.
قَوْله: فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود (لَا يَجْعَلَنَّ أَحَدكُمْ لِلشَّيْطَانِ مِنْ نَفْسه جُزْءًا: لَا يَرَى إِلَّا أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ أَلَّا يَنْصَرِف إِلَّا عَنْ يَمِينه، أَكْثَر مَا رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْصَرِف عَنْ شِمَاله) وَفِي حَدِيث أَنَس: «أَكْثَر مَا رَأَيْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْصَرِف عَنْ يَمِينه».
وَفِي رِوَايَة: «كَانَ يَنْصَرِف عَنْ يَمِينه» وَجْه الْجَمْع بَيْنهمَا: أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَل تَارَة هَذَا وَتَارَة هَذَا فَأَخْبَرَ كُلّ وَاحِد بِمَا اِعْتَقَدَ أَنَّهُ الْأَكْثَر فِيمَا يَعْلَمهُ؛ فَدَلَّ عَلَى جَوَازهمَا، وَلَا كَرَاهَة فِي وَاحِد مِنْهُمَا.
وَأَمَّا الْكَرَاهَة الَّتِي اِقْتَضَاهَا كَلَام اِبْن مَسْعُود فَلَيْسَتْ بِسَبَبِ أَصْل الِانْصِرَافِ عَنْ الْيَمِين أَوْ الشِّمَال، وَإِنَّمَا هِيَ فِي حَقّ مَنْ يَرَى أَنَّ ذَلِكَ لابد مِنْهُ؛ فَإِنَّ مَنْ اِعْتَقَدَ وُجُوب وَاحِد مِنْ الْأَمْرَيْنِ مُخْطِئ، وَلِهَذَا قَالَ: يَرَى أَنَّ حَقًّا عَلَيْهِ، فَإِنَّمَا ذَمَّ مَنْ رَآهُ حَقًّا عَلَيْهِ.
وَمَذْهَبنَا أَنَّهُ لَا كَرَاهَة فِي أَحَد مِنْ الْأَمْرَيْنِ، لَكِنْ يُسْتَحَبّ أَنْ يَنْصَرِف فِي جِهَة حَاجَته، سَوَاء كَانَتْ عَنْ يَمِينه أَوْ شِمَاله، فَإِنْ اِسْتَوَى الْجِهَتَانِ فِي الْحَاجَة وَعَدَمهَا فَالْيَمِين أَفْضَل لِعُمُومِ الْأَحَادِيث الْمُصَرِّحَة بِفَضْلِ الْيَمِين فِي بَاب الْمَكَارِم وَنَحْوهَا.
هَذَا صَوَاب الْكَلَام فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَقَدْ يُقَال فيهمَا خِلَاف الصَّوَاب.
وَاَللَّه أَعْلَم.
باب جواز الانصراف من الصلاة عن اليمين والشمال