📁 آخر الأخبار

باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها

 

 باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها

 باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها


1570- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَهِدَ الْجِنَازَة حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاط، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَن» فيه: الْحَثّ عَلَى الصَّلَاة عَلَى الْجِنَازَة وَاتِّبَاعهَا وَمُصَاحَبَتهَا حَتَّى تُدْفَن.

وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَن فَلَهُ قِيرَاطَانِ» مَعْنَاهُ بِالْأَوَّلِ، فَيَحْصُل بِالصَّلَاةِ قِيرَاط، وَبِالِاتِّبَاعِ مَعَ حُضُور الدَّفْن قِيرَاط آخَر، فَيَكُون الْجَمِيع قِيرَاطَيْنِ، تُبَيِّنهُ رِوَايَة الْبُخَارِيّ فِي أَوَّل صَحِيحه فِي كِتَاب الْإِيمَان: «مَنْ شَهِدَ جِنَازَة وَكَانَ مَعَهَا حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغ مِنْ دَفْنهَا رَجَعَ مِنْ الْأَجْر بِقِيرَاطَيْنِ» فَهَذَا صَرِيح فِي أَنَّ الْمَجْمُوع بِالصَّلَاةِ وَالِاتِّبَاع وَحُضُور الدَّفْن قِيرَاطَانِ.

وَقَدْ سَبَقَ بَيَان هَذِهِ الْمَسْأَلَة وَنَظَائِرهَا وَالدَّلَائِل عَلَيْهَا فِي مَوَاقِيت الصَّلَاة فِي حَدِيث: «مَنْ صَلَّى الْعِشَاء فِي جَمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَامَ نِصْف اللَّيْل، وَمَنْ صَلَّى الْفَجْر فِي جَمَاعَة فَكَأَنَّمَا قَامَ اللَّيْل كُلّه».

 وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ هَذِهِ مَعَ رِوَايَة مُسْلِم الَّتِي ذَكَرَهَا بَعْد هَذَا مِنْ حَدِيث عَبْد الْأَعْلَى: «حَتَّى يَفْرُغ مِنْهَا» دَلِيل عَلَى أَنَّ الْقِيرَاط الثَّانِي لَا يَحْصُل إِلَّا لِمَنْ دَامَ مَعَهَا مِنْ حِين صَلَّى إِلَى أَنْ فَرَغَ وَقْتهَا.

 وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح عِنْد أَصْحَابنَا.

وَقَالَ بَعْض أَصْحَابنَا: يَحْصُل الْقِيرَاط الثَّانِي إِذَا سُتِرَ الْمَيِّت فِي الْقَبْر بِاللَّبِنِ وَإِنْ لَمْ يُلْقَ عَلَيْهِ التُّرَاب، وَالصَّوَاب الْأَوَّل.

وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِلَفْظِ الِاتِّبَاع فِي هَذَا الْحَدِيث وَغَيْره مَنْ يَقُول: الْمَشْي وَرَاء الْجِنَازَة أَفْضَل مِنْ أَمَامهَا، وَهُوَ قَوْل عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب، وَمَذْهَب الْأَوْزَاعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَة، وَقَالَ جُمْهُور الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَالِك وَالشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء: الْمَشْي قُدَّامهَا أَفْضَل، وَقَالَ الثَّوْرِيّ وَطَائِفَة: هُمَا سَوَاء.

قَالَ الْقَاضِي: وَفِي إِطْلَاق هَذَا الْحَدِيث وَغَيْره إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاج الْمُنْصَرِف عَنْ اِتِّبَاع الْجِنَازَة بَعْد دَفْنهَا إِلَى اِسْتِئْذَان، وَهُوَ مَذْهَب جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدهمْ، وَهُوَ الْمَشْهُور عَنْ مَالِك، وَحَكَى اِبْن عَبْد الْحَكَم عَنْهُ: أَنَّهُ لَا يَنْصَرِف إِلَّا بِإِذْنٍ، وَهُوَ قَوْل جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة.

قَوْله: (وَفِي حَدِيث عَبْد الْأَعْلَى: «حَتَّى يَفْرُغ مِنْهَا») ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ الْيَاء وَفَتْح الرَّاء، وَعَكْسه، وَالْأَوَّل أَحْسَن وَأَعَمُّ.

 وَفيه دَلِيل لِمَنْ يَقُول: الْقِيرَاط الثَّانِي لَا يَحْصُل إِلَّا بِفَرَاغِ الدَّفْن كَمَا سَبَقَ بَيَانه.

وَقَوْله فِي حَدِيث عَبْد الرَّزَّاق: «حَتَّى تُوضَع فِي اللَّحْد» وَفِي رِوَايَة بَعْده: «حَتَّى تُوضَع فِي الْقَبْر» فيه دَلِيل لِمَنْ يَقُول: يَحْصُل الْقِيرَاط الثَّانِي بِمُجَرَّدِ الْوَضْع فِي اللَّحْد وَإِنْ لَمْ يُلْقَ عَلَيْهِ التُّرَاب، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الصَّحِيح أَنَّهُ لَا يَحْصُل إِلَّا بِالْفَرَاغِ مِنْ إِهَالَة التُّرَاب؛ لِظَاهِرِ الرِّوَايَات الْأُخْرَى حَتَّى يَفْرُغ مِنْهَا، تُتَأَوَّل هَذِهِ الرِّوَايَة عَلَى أَنَّ الْمُرَاد: يُوضَع فِي اللَّحْد وَيُفْرَغ مِنْهَا، وَيَكُون الْمُرَاد الْإِشَارَة إِلَى أَنَّهُ لَا يَرْجِع قَبْل وُصُولهَا الْقَبْر.

قَوْله: «قِيلَ: وَمَا الْقِيرَاطَانِ قَالَ: مِثْل الْجَبَلَيْنِ الْعَظِيمَيْنِ» الْقِيرَاط: مِقْدَار مِنْ الثَّوَاب مَعْلُوم عِنْد اللَّه تَعَالَى، وَهَذَا الْحَدِيث يَدُلّ عَلَى عِظَم مِقْدَاره فِي هَذَا الْمَوْضِع، وَلَا يَلْزَم مِنْ هَذَا أَنْ يَكُون هَذَا هُوَ الْقِيرَاط الْمَذْكُور فِيمَنْ اِقْتَنَى كَلْبًا إِلَّا كَلْب صَيْد أَوْ زَرْع أَوْ مَاشِيَة نَقَصَ مِنْ أَجْره كُلّ يَوْم قِيرَاط، وَفِي رِوَايَات: «قِيرَاطَانِ»، بَلْ ذَلِكَ قَدْر مَعْلُوم، وَيَجُوز أَنْ يَكُون مِثْل هَذَا وَأَقَلّ وَأَكْثَر.

قَوْله: (عَنْ اِبْن عُمَر لَقَدْ ضَيَّعْنَا قَرَارِيط كَثِيرَة) هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ، وَفِي كَثِير مِنْ الْأُصُول أَوْ أَكْثَرهَا (ضَيَّعْنَا فِي قَرَارِيط) بِزِيَادَةِ (فِي) وَالْأَوَّل هُوَ الظَّاهِر، وَالثَّانِي صَحِيح عَلَى أَنْ ضَيَّعْنَا بِمَعْنَى فَرَّطْنَا كَمَا فِي الرِّوَاية الأُخْرَى.

 وَفيه مَا كَانَ الصَّحَابَة عَلَيْهِ مِنْ الرَّغْبَة فِي الطَّاعَات حِين يَبْلُغهُمْ، وَالتَّأَسُّف عَلَى مَا يَفُوتهُمْ مِنْهَا وَإِنْ كَانُوا لَا يَعْلَمُونَ عِظَم مَوْقِعه.

✯✯✯✯✯✯

‏1573- قَوْله: (فَقَالَ اِبْن عُمَر: أَكْثَر عَلَيْنَا أَبُو هُرَيْرَة) مَعْنَاهُ: أَنَّهُ خَافَ لِكَثْرَةِ رِوَايَاته أَنَّهُ اِشْتَبَهَ عَلَيْهِ الْأَمْر فِي ذَلِكَ وَاخْتَلَطَ عَلَيْهِ حَدِيث بِحَدِيثٍ لَا أَنَّهُ نَسَبَهُ إِلَى رِوَايَة مَا لَمْ يَسْمَع، لِأَنَّ مَرْتَبَة اِبْن عُمَر وَأَبِي هُرَيْرَة أَجَلُّ مِنْ هَذَا.

✯✯✯✯✯✯

‏1574- قَوْله: (عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط) هُوَ بِضَمِّ الْقَاف وَفَتْح السِّين الْمُهْمَلَة وَإِسْكَان الْيَاء.

قَوْله: (وَأَخَذَ اِبْن عُمَر قَبْضَة مِنْ حَصْبَاء الْمَسْجِد يُقَلِّبهَا فِي يَده) وَقَالَ فِي آخِره: (فَضَرَبَ اِبْن عُمَر بِالْحَصَى الَّذِي كَانَ فِي يَده الْأَرْض) هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ الْأَوَّل (حَصْبَاء) بِالْبَاءِ، وَالثَّانِي (بِالْحَصَى) مَقْصُور جَمْع حَصَاة، وَهَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم الْأُصُول، وَفِي بَعْضهَا عَكْسه، وَكِلَاهُمَا صَحِيح، وَالْحَصْبَاء هُوَ الْحَصَى.

وَفيه: أَنَّهُ لَا بَأْس بِمِثْلِ هَذَا الْفِعْل، وَإِنَّمَا بَعَثَ اِبْن عُمَر إِلَى عَائِشَة يَسْأَلهَا بَعْد إِخْبَار أَبِي هُرَيْرَة؛ لِأَنَّهُ خَافَ عَلَى أَبِي هُرَيْرَة النِّسْيَان وَالِاشْتِبَاه كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانه، فَلَمَّا وَافَقَتْهُ عَائِشَة عَلِمَ أَنَّهُ حَفِظَ وَأَتْقَنَ.

 باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها

 باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها

 باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها

 باب فضل الصلاة على الجنازة واتباعها


كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات