باب من جمع الصدقة واعمال البر
باب من جمع الصدقة واعمال البر
1705- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيل اللَّه نُودِيَ فِي الْجَنَّة: يَا عَبْد اللَّه هَذَا خَيْر» قَالَ الْقَاضِي: قَالَ الْهَرَوِيُّ فِي تَفْسِير هَذَا الْحَدِيث: قِيلَ: وَمَا زَوْجَانِ؟ قَالَ: فَرَسَانِ أَوْ عَبْدَانِ أَوْ بَعِيرَانِ.
وَقَالَ اِبْن عَرَفَة: كُلّ شَيْء قُرِنَ بِصَاحِبِهِ فَهُوَ زَوْج، يُقَال: زَوَّجْت بَيْن الْإِبِل إِذَا قَرَنْت بَعِيرًا بِبَعِيرٍ، وَقِيلَ: دِرْهَم وَدِينَار، أَوْ دِرْهَم وَثَوْب.
قَالَ: وَالزَّوْج يَقَع عَلَى الِاثْنَيْنِ وَيَقَع عَلَى الْوَاحِد، وَقِيلَ: إِنَّمَا يَقَع عَلَى الْوَاحِد إِذَا كَانَ مَعَهُ آخَر، وَيَقَع الزَّوْج أَيْضًا عَلَى الصِّنْف، وَفُسِّرَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكُنْتُمْ أَزْوَاجًا ثَلَاثَة} وَقِيلَ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون هَذَا الْحَدِيث فِي جَمِيع أَعْمَال الْبِرّ مِنْ صَلَاتَيْنِ أَوْ صِيَام يَوْمَيْنِ، وَالْمَطْلُوب تَشْفِيع صَدَقَة بِأُخْرَى، وَالتَّنْبِيه عَلَى فَضْل الصَّدَقَة وَالنَّفَقَة فِي الطَّاعَة وَالِاسْتِكْثَار مِنْهَا.
وَقَوْله: «فِي سَبِيل اللَّه» قِيلَ: هُوَ عَلَى الْعُمُوم فِي جَمِيع وُجُوه الْخَيْر، وَقِيلَ: هُوَ مَخْصُوص بِالْجِهَادِ، وَالْأَوَّل أَصَحّ وَأَظْهَر.
هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «نُودِيَ فِي الْجَنَّة: يَا عَبْد اللَّه هَذَا خَيْر» قِيلَ: مَعْنَاهُ: لَك هُنَا خَيْر وَثَوَاب وَغِبْطَة.
وَقِيلَ: مَعْنَاهُ هَذَا الْبَاب فِيمَا نَعْتَقِدهُ خَيْر لَك مِنْ غَيْره مِنْ الْأَبْوَاب لِكَثْرَةِ ثَوَابه وَنَعِيمه، فَتَعَالَ فَادْخُلْ مِنْهُ، ولابد مِنْ تَقْدِير مَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ كُلّ مُنَادٍ يَعْتَقِد ذَلِكَ الْبَاب أَفْضَل مِنْ غَيْره.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْل الصَّلَاة دُعِيَ مِنْ بَاب الصَّلَاة» وَذَكَرَ مِثْله فِي الصَّدَقَة وَالْجِهَاد وَالصِّيَام.
قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ: مَنْ كَانَ الْغَالِب عَلَيْهِ فِي عَمَله وَطَاعَته ذَلِكَ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَاحِب الصَّوْم: «دُعِيَ مِنْ بَاب الرَّيَّان» قَالَ الْعُلَمَاء: سُمِّيَ بَاب الرَّيَّان تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ الْعَطْشَان بِالصَّوْمِ فِي الْهَوَاجِر سَيُرْوَى وَعَاقِبَتُهُ إِلَيْهِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ الرِّيِّ.
✯✯✯✯✯✯
1706- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعَاهُ خَزَنَة الْجَنَّة كُلّ خَزَنَة بَاب أَيْ فُلُ هَلُمَّ» هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ أَيْ (فُلُ) بِضَمِّ اللَّام وَهُوَ الْمَشْهُور، وَلَمْ يَذْكُر الْقَاضِي وَآخَرُونَ غَيْره، وَضَبَطَهُ بَعْضهمْ بِإِسْكَانِ اللَّام، وَالْأَوَّل أَصْوَب، قَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ (أَيْ فُلَان) فَرُخِّمَ وَنُقِلَ إِعْرَاب الْكَلِمَة عَلَى إِحْدَى اللُّغَتَيْنِ فِي التَّرْخِيم، قَالَ: وَقِيلَ (فُلُ) لُغَة فِي فُلَان فِي غَيْر النِّدَاء وَالتَّرْخِيم.
قَوْله: (لَا تَوًى عَلَيْهِ) وَهُوَ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاة فَوْق مَقْصُور، أَيْ: هَلَاك.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: «إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُون مِنْهُمْ» فيه: مَنْقَبَة لِأَبِي بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
وَفيه: جَوَاز الثَّنَاء عَلَى الْإِنْسَان فِي وَجْهه إِذَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ فِتْنَة بِإِعْجَابٍ وَغَيْره.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مِنْ بَاب كَذَا وَمِنْ بَاب كَذَا» فَذَكَرَ بَاب الصَّلَاة وَالصَّدَقَة وَالصِّيَام وَالْجِهَاد، قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ جَاءَ ذِكْر بَقِيَّة أَبْوَاب الْجَنَّة الثَّمَانِيَة فِي حَدِيث آخَر فِي بَاب التَّوْبَة، وَبَاب الْكَاظِمِينَ الْغَيْظ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاس، وَبَاب الرَّاضِينَ، فَهَذِهِ سَبْعَة أَبْوَاب جَاءَتْ فِي الْأَحَادِيث، وَجَاءَ فِي حَدِيث السَّبْعِينَ أَلْفًا الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّة بِغَيْرِ حِسَاب.
أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ مِنْ الْبَاب الْأَيْمَن فَلَعَلَّهُ الْبَاب الثَّامِن.
باب من جمع الصدقة واعمال البر
باب من جمع الصدقة واعمال البر