📁 آخر الأخبار

باب اباحة الاخذ لمن اعطي من غير مسالة ولا اشراف

 

 باب اباحة الاخذ لمن اعطي من غير مسالة ولا اشراف

 باب اباحة الاخذ لمن اعطي من غير مسالة ولا اشراف


1731- قَوْله: سَمِعْت عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ يَقُول: «قَدْ كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِينِي الْعَطَاء فَأَقُول: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي حَتَّى أَعْطَانِي مَرَّةً مَالًا فَقُلْت: أَعْطِهِ أَفْقَرَ إِلَيْهِ مِنِّي فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذْهُ وَمَا جَاءَك مِنْ هَذَا الْمَال وَأَنْتَ غَيْر مُشْرِفٍ وَلَا سَائِلٍ فَخُذْهُ وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسك» هَذَا الْحَدِيث فيه مَنْقَبَة لِعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَبَيَان فَضْله وَزُهْده وَإِيثَاره.

 وَالْمُشْرِف إِلَى الشَّيْء هُوَ الْمُتَطَلِّع إِلَيْهِ، الْحَرِيص عَلَيْهِ: «وَمَا لَا فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَك» مَعْنَاهُ: مَا لَمْ يُوجَد فيه هَذَا الشَّرْط لَا تَعْلَق النَّفْس بِهِ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِيمَنْ جَاءَهُ مَال هَلْ يَجِب قَبُوله أَمْ يُنْدَب؟ عَلَى ثَلَاثَة مَذَاهِب حَكَاهَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَرِير الطَّبَرِيُّ، وَالصَّحِيح الْمَشْهُور الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَنَّهُ يُسْتَحَبّ فِي غَيْر عَطِيَّة السُّلْطَان، وَأَمَّا عَطِيَّة السُّلْطَان فَحَرَّمَهَا قَوْم وَأَبَاحَهَا قَوْم وَكَرِهَهَا قَوْم، وَالصَّحِيح أَنَّهُ إِنْ غَلَبَ الْحَرَام فِيمَا فِي يَد السُّلْطَان حَرُمَتْ، وَكَذَا إِنْ أَعْطَى مَنْ لَا يَسْتَحِقّ، وَإِنْ لَمْ يَغْلِب الْحَرَام فَمُبَاح إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَابِض مَانِع يَمْنَعهُ مَعَهُ اِسْتِحْقَاق الْأَخْذ، وَقَالَتْ طَائِفَة: الْأَخْذ وَاجِب مِنْ السُّلْطَان وَغَيْره، وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ مَنْدُوب فِي عَطِيَّة السُّلْطَان دُون غَيْر.

 اللَّه أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏1732- قَوْله: (وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِر أَخْبَرَنَا اِبْن وَهْب قَالَ عَمْرو: وَحَدَّثَنِي اِبْن شِهَاب بِمِثْلِ ذَلِكَ عَنْ السَّائِب بْن يَزِيد عَنْ عَبْد اللَّه بْن السَّعْدِيّ عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) هَكَذَا وَقَعَ هَذَا الْحَدِيث، وَقَوْله: (قَالَ عَمْرو) مَعْنَاهُ: قَالَ: قَالَ عَمْرو، فَحَذَفَ كِتَابَة (قَالَ) ولابد لِلْقَارِئِ مِنْ النُّطْق بِقَالَ مَرَّتَيْنِ، وَإِنَّمَا حَذَفُوا إِحْدَاهُمَا فِي الْكِتَاب اِخْتِصَارًا.

وَأَمَّا قَوْله: (قَالَ عَمْرو وَحَدَّثَنِي) فَهَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخ (وَحَدَّثَنِي) بِالْوَاوِ وَهُوَ صَحِيح مَلِيح، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ عَمْرًا حَدَّثَ عَنْ اِبْن شِهَاب بِأَحَادِيثَ عَطَفَ بَعْضهَا عَلَى بَعْض، فَسَمِعَهَا اِبْن وَهْب كَذَلِكَ، فَلَمَّا أَرَادَ اِبْن وَهْب رِوَايَة غَيْر الْأَوَّل أَتَى بِالْوَاوِ الْعَاطِفَة؛ لِأَنَّهُ سَمِعَ غَيْر الْأَوَّل مِنْ عَمْرو مَعْطُوف بِالْوَاوِ، فَأَتَى بِهِ كَمَا سَمِعَهُ، وَقَدْ سَبَقَ بَيَان هَذِهِ الْمَسْأَلَة فِي أَوَّل الْكِتَاب.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْحَدِيث مِمَّا اُسْتُدْرِكَ عَلَى مُسْلِم، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: قَالَ أَبُو عَلِيّ بْن السَّكَن: بَيْن السَّائِب بْن يَزِيد وَعَبْد اللَّه بْن السَّعْدِيّ رَجُلٌ، وَهُو: (حُوَيْطِب بْن عَبْد الْعُزَّى) قَالَ النَّسَائِيُّ: لَمْ يَسْمَعهُ السَّائِب مِنْ اِبْن السَّعْدِيّ، بَلْ إِنَّمَا رَوَاهُ عَنْ حُوَيْطِب عَنْهُ، قَالَ غَيْره: هُوَ مَحْفُوظ مِنْ طَرِيق عَمْرو بْن الْحَارِث رَوَاهُ أَصْحَاب شُعَيْب وَالزُّبَيْدِيّ وَغَيْرهمَا عَنْ الزُّهْرِيّ قَالَ: أَخْبَرَنِي السَّائِب بْن يَزِيد أَنَّ حُوَيْطِبًا أَخْبَرَهُ أَنَّ عَبْد اللَّه بْن السَّعْدِيّ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرًا أَخْبَرَهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى عَنْ اِبْن وَهْب.

 هَذَا كَلَام الْقَاضِي، قُلْت: وَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنه كَمَا ذَكَرَ عَنْ اِبْن عُيْيَنَةَ عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ السَّائِب عَنْ حُوَيْطِب عَنْ اِبْن السَّعْدِيّ عَنْ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَرُوِّينَاهُ عَنْ الْحَافِظ عَبْد الْقَادِر الرُّهَاوِيّ فِي كِتَابه الرَّبَاعِيَات، قَالَ: وَقَدْ رَوَاهُ هَكَذَا عَنْ الزُّهْرِيّ مُحَمَّد بْن الْوَلِيد وَالزُّبَيْدِيّ وَشُعَيْب بْن أَبِي حَمْزَة الْحِمْصِيَّانِ، وَعُقَيْل بْن خَالِد وَيُونُس بْن يَزِيد الْأَيْلِيَّانِ وَعَمْرو بْن الْحَارِث الْمِصْرِيّ، وَالْحَكَم بْن عَبْد اللَّه الْحِمْصِيُّ، ثُمَّ ذَكَرَ طُرُقهمْ بِأَسَانِيدِهَا مُطَوَّلَة مُطْرَقَة كُلّهمْ عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ السَّائِب عَنْ حُوَيْطِب عَنْ اِبْن السَّعْدِيّ عَنْ عُمَر، وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ مِنْ طَرِيق شُعَيْب، قَالَ عَبْد الْقَادِر: وَرَوَاهُ النُّعْمَان بْن رَاشِد عَنْ الزُّهْرِيّ فَأَسْقَطَ حُوَيْطِبًا، وَرَوَاهُ مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ، وَاخْتُلِفَ عَنْهُ فيه؛ فَرَوَاهُ عَنْهُ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ وَمُوسَى بْن أَعْيَنَ، كَمَا رَوَاهُ الْجَمَاعَة عَنْ الزُّهْرِيّ، وَرَوَاهُ اِبْن الْمُبَارَك عَنْ مَعْمَر فَأَسْقَطَ حُوَيْطِبًا، كَمَا رَوَاهُ النُّعْمَان بْن رَاشِد عَنْ الزُّهْرِيّ، وَرَوَاهُ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر فَأَسْقَطَ حُوَيْطِبًا وَابْن السَّعْدِيّ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَافِظ عَبْد الْقَادِر طُرُقَهُمْ كَذَلِكَ، قَالَ: فَهَذَا مَا اِنْتَهَى مِنْ طُرُق هَذَا الْحَدِيث، قَالَ: وَالصَّحِيح مَا اِتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجَمَاعَة يَعْنِي عَنْ الزُّهْرِيّ عَنْ السَّائِب عَنْ حُوَيْطِب عَنْ اِبْن السَّعْدِيّ عَنْ عُمَر.

وَهَذَا الْحَدِيث فيه أَرْبَعَة صَحَابِيُّونَ يَرْوِي بَعْضهمْ عَنْ بَعْض وَهُمْ: عُمَر، وَابْن السَّعْدِيّ وَحُوَيْطِب، وَالسَّائِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ، وَقَدْ جَاءَتْ جُمْلَة مِنْ الْأَحَادِيث فيها أَرْبَعَة صَحَابِيُّونَ يَرْوِي بَعْضهمْ عَنْ بَعْض، وَأَرْبَعَة تَابِعِيُّونَ بَعْضهمْ عَنْ بَعْض.

وَأَمَّا (اِبْن السَّعْدِيّ) فَهُوَ أَبُو مُحَمَّد عَبْد اللَّه بْن وَقْدَان بْن عَبْد شَمْس بْن عَبْد وُدٍّ بْن نَضْر بْن مَالِك بْن حَنْبَل بْن عَامِر بْن لُؤَيّ بْن غَالِب قَالُوا: وَاسْم (وَقْدَان) عَمْرٌو وَيُقَال: عَمْرو بْن وَقْدَان، قَالَ مُصْعَب: هُوَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن وَقْدَان، وَيُقَال لَهُ: اِبْن السَّعْدِيّ؛ لِأَنَّ أَبَاهُ اُسْتُرْضِعَ فِي بَنِي سَعْد بْن بَكْر بْن هَوَازِن، صَحِبَ اِبْن السَّعْدِيّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدِيمًا وَقَالَ: وَفَدْت فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي سَعْد بْن بَكْر إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سَكَنَ الشَّام، رَوَى عَنْهُ السَّائِب بْن يَزِيد، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَات مِنْ كِبَار التَّابِعِينَ، وَأَمَّا (حُوَيْطِب) فَهُوَ بِضَمِّ الْحَاء الْمُهْمَلَة أَبُو مُحَمَّد، وَيُقَال: أَبُو الْأُصْبُع حُوَيْطِب بْن عَبْد الْعُزَّى بْن أَبِي قَيْس بْن عَبْد وُدّ بْن نَضْر بْن مَالِك بْن حَنْبَل بْن عَامِر بْن لُؤَيّ الْقُرَشِيّ الْعَامِرِيّ، أَسْلَمَ يَوْم فَتْح مَكَّة، وَلَا تُحْفَظ لَهُ رِوَايَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا شَيْء ذَكَرَهُ الْوَاقِدِيّ.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

وَقَدْ وَقَعَ فِي مُسْلِم بَعْد هَذَا مِنْ رِوَايَة قُتَيْبَة قَالَ: (عَنْ اِبْن السَّاعِدِيّ الْمَالِكِيّ) فَقَوْله: (الْمَالِكِيّ) صَحِيح مَنْسُوب إِلَى مَالِك بْن حَنْبَل بْن عَامِر، وَأَمَّا قَوْله: (السَّاعِدِيّ) فَأَنْكَرُوهُ قَالُوا: وَصَوَابه (السَّعْدِيّ) كَمَا رَوَاهُ الْجُمْهُور مَنْسُوب إِلَى بَنِي سَعْد بْن بَكْر كَمَا سَبَقَ.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏1733- قَوْله: «أَمَرَ لِي بِعُمَالَةٍ» هِيَ بِضَمِّ الْعَيْن، وَهِيَ الْمَال الَّذِي يُعْطَاهُ الْعَامِل عَلَى عَمَله.

قَوْله: «عَمِلْت عَلَى عَهْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَمِلَنِي» هُوَ بِتَشْدِيدِ الْمِيم، أَيْ أَعْطَانِي أُجْرَة عَمَلِي، وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز أَخْذ الْعِوَض عَلَى أَعْمَال الْمُسْلِمِينَ، سَوَاء كَانَتْ لِدَيْنٍ أَوْ لِدُنْيَا كَالْقَضَاءِ وَالْحِسْبَة وَغَيْرهمَا.

 وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

 باب اباحة الاخذ لمن اعطي من غير مسالة ولا اشراف

 باب اباحة الاخذ لمن اعطي من غير مسالة ولا اشراف


كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات