باب الوقف
باب الوقف
3085- قَوْله: «أَصَابَ عُمَر أَرْضًا بِخَيْبَر، فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَأْمِرهُ فيها، فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه إِنِّي أَصَبْت أَرْضًا بِخَيْبَر، لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَس عِنْدِي مِنْهُ، فَمَا تَأْمُرنِي بِهِ؟ قَالَ: إِنْ شِئْت حَبَسْت أَصْلهَا وَتَصَدَّقْت بِهَا، فَتَصَدَّقَ بِهَا عَلَى أَنَّهُ لَا يُبَاع أَصْلهَا وَلَا يُورَث وَلَا يُوهَب، قَالَ: فَتَصَدَّقَ عُمَر فِي الْفُقَرَاء وَفِي الْقُرْبَى وَفِي الرِّقَاب وَفِي سَبِيل اللَّه، وَابْن السَّبِيل وَالضَّعِيف، لَا جُنَاح عَلَى مَنْ وَلِيَهَا أَنْ يَأْكُل مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ أَوْ يُطْعِم صَدِيقًا غَيْر مُتَمَوَّل فيه»، وَفِي رِوَايَة: «غَيْر مُتَأَثِّل مَالًا» قَوْله: «هُوَ أَنْفَس» فَمَعْنَاهُ: أَجْوَد، وَالنَّفِيس الْجَيِّد، وَقَدْ نَفُسَ بِفَتْحِ النُّون وَضَمّ الْفَاء نَفَاسَة، وَاسْم هَذَا الْمَال الَّذِي وَقَفَهُ عُمَر (ثَمْغ) بِثَاءٍ مُثَلَّثَة مَفْتُوحَة ثُمَّ مِيم سَاكِنَة ثُمَّ غَيْن مُعْجَمَة.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث: دَلِيل عَلَى صِحَّة أَصْل الْوَقْف، وَأَنَّهُ مُخَالِف لِشَوَائِب الْجَاهِلِيَّة، وَهَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجَمَاهِير، وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَيْضًا إِجْمَاع الْمُسْلِمِينَ عَلَى صِحَّة وَقْف الْمَسَاجِد وَالسِّقَايَات.
وَفيه: أَنَّ الْوَقْف لَا يُبَاع وَلَا يُوهَب وَلَا يُورَث، إِنَّمَا يُتْبَع فيه شَرْط الْوَاقِف.
وَفيه: صِحَّة شُرُوط الْوَاقِف.
وَفيه فَضِيلَة الْوَقْف، وَهِيَ الصَّدَقَة الْجَارِيَة، وَفيه فَضِيلَة الْإِنْفَاق مِمَّا يُحِبّ.
وَفيه: فَضِيلَة ظَاهِرَة لِعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.
وَفيه: مُشَاوَرَة أَهْل الْفَضْل وَالصَّلَاح فِي الْأُمُور وَطُرُق الْخَيْر.
وَفيه: أَنَّ خَيْبَر فُتِحَتْ عَنْوَة وَأَنَّ الْغَانِمِينَ مَلَكُوهَا وَاقْتَسَمُوهَا، وَاسْتَقَرَّتْ أَمْلَاكهمْ عَلَى حِصَصهمْ وَنَفَذَتْ تَصَرُّفَاتهمْ فيها.
وَفيه فَضِيلَة صِلَة الْأَرْحَام وَالْوَقْف عَلَيْهِمْ.
وَأَمَّا قَوْله: «يَأْكُل مِنْهَا بِالْمَعْرُوفِ» فَمَعْنَاهُ: يَأْكُل الْمُعْتَاد وَلَا يَتَجَاوَزهُ.
وَاللَّهُ أَعْلَم.
باب الوقف باب الوقف باب الوقف باب الوقف
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الوصية ﴿ 6 ﴾
۞۞
۞۞۞۞۞۞