باب الوفاء بالعهد
باب الوفاء بالعهد
3342- قَوْله: (عَنْ حُذَيْفَة بْن الْيَمَان: خَرَجْت أَنَا وَأَبِي حُسَيْل) إِلَى آخِره و(حُسَيْل) بِحَاءٍ مَضْمُومَة ثُمَّ سِين مَفْتُوحَة مُهْمَلَتَيْنِ ثُمَّ يَاء ثُمَّ لَام، وَيُقَال لَهُ أَيْضًا: (حِسْل) بِكَسْرِ الْحَاء وَإِسْكَان السِّين، وَهُوَ: وَالِد حُذَيْفَة، وَالْيَمَان لَقَب لَهُ، وَالْمَشْهُور فِي اِسْتِعْمَال الْمُحَدِّثِينَ أَنَّهُ الْيَمَان بِالنُّونِ مِنْ غَيْر يَاء بَعْدهَا، وَهِيَ لُغَة قَلِيلَة، وَالصَّحِيح: الْيَمَانِي بِالْيَاءِ، وَكَذَا عَمْرو بْن الْعَاصِي، وَعَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي الْمَوَالِي، وَشَدَّاد بْن الْهَادِي، وَالْمَشْهُور لِلْمُحَدِّثِينَ حَذْف الْيَاء، وَالصَّحِيح إِثْبَاتهَا.
قَوْله: «فَأَخَذَنَا كُفَّار قُرَيْش فَقَالُوا: إِنَّكُمْ تُرِيدُونَ مُحَمَّدًا، قُلْنَا: مَا نُرِيدهُ، مَا نُرِيد إِلَّا الْمَدِينَة فَأَخَذُوا عَلَيْنَا عَهْد اللَّه وَمِيثَاقه لَنُصْرَفَنَّ إِلَى الْمَدِينَة وَلَا نُقَاتِل مَعَهُ، فَأَتَيْنَا رَسُول اللَّه فَأَخْبَرْنَاهُ الْخَبَر فَقَالَ: اِنْصَرِفَا نَفْي لَهُمْ بِعَهْدِهِمْ وَنَسْتَعِين اللَّه عَلَيْهِمْ» فِي هَذَا الْحَدِيث: جَوَاز الْكَذِب فِي الْحَرْب، وَإِذَا أَمْكَنَ التَّعْرِيض فِي الْحَرْب فَهُوَ أَوْلَى، وَمَعَ هَذَا يَجُوز الْكَذِب فِي الْحَرْب وَفِي الْإِصْلَاح بَيْن النَّاس، وَكَذِب الزَّوْج لِامْرَأَتِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْحَدِيث الصَّحِيح.
وَفيه: الْوَفَاء بِالْعَهْدِ، وَقَدْ اِخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي الْأَسِير يُعَاهِد الْكُفَّار أَلَّا يَهْرَب مِنْهُمْ، فَقَالَ الشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَالْكُوفِيُّونَ: لَا يَلْزَمهُ ذَلِكَ، بَلْ مَتَى أَمْكَنَهُ الْهَرَب هَرَبَ، وَقَالَ مَالِك: يَلْزَمهُ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَكْرَهُوهُ فَحَلَفَ لَا يَهْرَب لَا يَمِين عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُكْرَه.
وَأَمَّا قَضِيَّة حُذَيْفَة وَأَبِيهِ فَإِنَّ الْكُفَّار اِسْتَحْلَفُوهُمَا لَا يُقَاتِلَانِ مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غُزَاة بَدْر، فَأَمَرَهُمَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْوَفَاءِ، وَهَذَا لَيْسَ لِلْإِيجَابِ، فَإِنَّهُ لَا يَجِب الْوَفَاء بِتَرْكِ الْجِهَاد مَعَ الْإِمَام وَنَائِبه، وَلَكِنْ أَرَادَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ لَا يَشِيع عَنْ أَصْحَابه نَقْض الْعَهْد، وَإِنْ كَانَ لَا يَلْزَمهُمْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُشِيع عَلَيْهِمْ لَا يَذْكُر تَأْوِيلًا.
باب الوفاء بالعهد
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الجهاد والسير ﴿ 31 ﴾
۞۞
۞۞۞۞۞۞