📁 آخر الأخبار

باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش

 

 باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش

 باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش


:3389- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّاس تَبَع لِقُرَيْشٍ فِي هَذَا الشَّأْن مُسْلِمهمْ لِمُسْلِمِهِمْ وَكَافِرهمْ لِكَافِرِهِمْ»، وَفِي رِوَايَة: «النَّاس تَبَع لِقُرَيْشٍ فِي الْخَيْر وَالشَّرّ»، وَفِي رِوَايَة: «لَا يَزَال هَذَا الْأَمْر فِي قُرَيْش مَا بَقِيَ مِنْ النَّاس اِثْنَانِ»، وَفِي رِوَايَة الْبُخَارِيّ: «مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اِثْنَانِ»، هَذِهِ الْأَحَادِيث وَأَشْبَاههَا دَلِيل ظَاهِر أَنَّ الْخِلَافَة مُخْتَصَّة بِقُرَيْشٍ، لَا يَجُوز عَقْدهَا لِأَحَدٍ مِنْ غَيْرهمْ، وَعَلَى هَذَا اِنْعَقَدَ الْإِجْمَاع فِي زَمَن الصَّحَابَة، فَكَذَلِكَ بَعْدهمْ، وَمَنْ خَالَفَ فيه مِنْ أَهْل الْبِدَع أَوْ عَرَّضَ بِخِلَافٍ مِنْ غَيْرهمْ فَهُوَ مَحْجُوج بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ بِالْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة.

قَالَ الْقَاضِي: اِشْتِرَاط كَوْنه قُرَشِيًّا هُوَ مَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة، قَالَ: وَقَدْ اِحْتَجَّ بِهِ أَبُو بَكْر وَعُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ عَلَى الْأَنْصَار يَوْم السَّقِيفَة، فَلَمْ يُنْكِرهُ أَحَد، قَالَ الْقَاضِي: وَقَدْ عَدَّهَا الْعُلَمَاء فِي مَسَائِل الْإِجْمَاع، وَلَمْ يُنْقَل عَنْ أَحَد مِنْ السَّلَف فيها قَوْل وَلَا فِعْل يُخَالِف مَا ذَكَرْنَا، وَكَذَلِكَ مَنْ بَعْدهمْ فِي جَمِيع الْأَعْصَار، قَالَ: وَلَا اِعْتِدَاد بِقَوْلِ النَّظَّام وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الْخَوَارِج وَأَهْل الْبِدَع أَنَّهُ يَجُوز كَوْنه مِنْ غَيْر قُرَيْش، وَلَا بِسَخَافَةِ ضِرَار بْن عَمْرو فِي قَوْله: إِنَّ غَيْر الْقُرَيْشِيّ مِنْ النَّبَط وَغَيْرهمْ يُقَدَّم عَلَى الْقُرَشِيّ لِهَوَانِ خَلْعه إِنْ عَرَضَ مِنْهُ أَمْر، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مِنْ بَاطِل الْقَوْل وَزُخْرُفه مَعَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ مُخَالَفَة إِجْمَاع الْمُسْلِمِينَ.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏3390- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏3391- وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّاس تَبَع لِقُرَيْشٍ فِي الْخَيْر وَالشَّرّ» فَمَعْنَاهُ: فِي الْإِسْلَام وَالْجَاهِلِيَّة، كَمَا هُوَ مُصَرَّح بِهِ فِي الرِّوَايَة الْأُولَى؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّة رُؤَسَاء الْعَرَب، وَأَصْحَاب حَرَم اللَّه، وَأَهْل حَجّ بَيْت اللَّه، وَكَانَتْ الْعَرَب تَنْظُر إِسْلَامهمْ فَلَمَّا أَسْلَمُوا وَفُتِحَتْ مَكَّة تَبِعَهُمْ النَّاس، وَجَاءَتْ وُفُود الْعَرَب مِنْ كُلّ جِهَة، وَدَخَلَ النَّاس فِي دِين اللَّه أَفْوَاجًا، وَكَذَلِكَ فِي الْإِسْلَام هُمْ أَصْحَاب الْخِلَافَة وَالنَّاس تَبَع لَهُمْ؛ وَبَيَّنَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَا الْحُكْم مُسْتَمِرّ إِلَى آخِر الدُّنْيَا مَا بَقِيَ مِنْ النَّاس اِثْنَانِ، وَقَدْ ظَهَرَ مَا قَالَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمِنْ زَمَنه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْآنَ الْخِلَافَة فِي قُرَيْش مِنْ غَيْر مُزَاحَمَة لَهُمْ فيها، وَتَبَقَّى اِثْنَانِ كَمَا قَالَهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: اِسْتَدَلَّ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ بِهَذَا الْحَدِيث عَلَى فَضِيلَة الشَّافِعِيّ، قَالَ: وَلَا دَلَالَة فيه لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمُرَاد تَقْدِيم قُرَيْش فِي الْخِلَافَة فَقَطْ، قُلْت: هُوَ حُجَّة فِي مَزِيَّة قُرَيْش عَلَى غَيْرهمْ، وَالشَّافِعِيّ قُرَشِيّ.

✯✯✯✯✯✯

‏3392- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏3393- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَنْقَضِي حَتَّى يَمْضِيَ فيهمْ اِثْنَا عَشَرَ خَلِيفَة كُلّهمْ مِنْ قُرَيْش»، وَفِي رِوَايَة: «لَا يَزَال أَمْر النَّاس مَاضِيًا مَا وَلِيَهُمْ اِثْنَا عَشَرَ رَجُلًا كُلّهمْ مِنْ قُرَيْش»، وَفِي رِوَايَة: «لَا يَزَال الْإِسْلَام عَزِيزًا إِلَى اِثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَة كُلّهمْ مِنْ قُرَيْش» قَالَ الْقَاضِي: قَدْ تَوَجَّهَ هُنَا سُؤَالَانِ: أَحَدهمَا: أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيث الْآخَر: «الْخِلَافَة بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَة ثُمَّ تَكُون مُلْكًا» وَهَذَا مُخَالِف لِحَدِيثِ اِثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَة، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي ثَلَاثِينَ سَنَة إِلَّا الْخُلَفَاء الرَّاشِدُونَ الْأَرْبَعَة، وَالْأَشْهُر الَّتِي بُويِعَ فيها الْحَسَن بْن عَلِيّ قَالَ: وَالْجَوَاب عَنْ هَذَا أَنَّ الْمُرَاد فِي حَدِيث: «الْخِلَافَة ثَلَاثُونَ سَنَة» خِلَافَة النُّبُوَّة، وَقَدْ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي بَعْض الرِّوَايَات: «خِلَافَة النُّبُوَّة بَعْدِي ثَلَاثُونَ سَنَة ثُمَّ تَكُون مُلْكًا» وَلَمْ يُشْتَرَط هَذَا فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ.

السُّؤَال الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ وَلِيَ أَكْثَر مِنْ هَذَا الْعَدَد، قَالَ: وَهَذَا اِعْتِرَاض بَاطِل؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ: لَا يَلِي إِلَّا اِثْنَا عَشَرَ خَلِيفَة، وَإِنَّمَا قَالَ: يَلِي، وَقَدْ وَلِيَ هَذَا الْعَدَد، وَلَا يَضُرّ كَوْنه وُجِدَ بَعْدهمْ غَيْرهمْ، هَذَا إِنْ جُعِلَ الْمُرَاد بِاللَّفْظِ (كُلّ وَالٍ) وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد مُسْتَحِقّ الْخِلَافَة الْعَادِلِينَ، وَقَدْ مَضَى مِنْهُمْ مَنْ عُلِمَ، ولابد مِنْ تَمَام هَذَا الْعَدَد قَبْل قِيَام السَّاعَة، قَالَ: وَقِيلَ: إِنَّ مَعْنَاهُ: أَنَّهُمْ يَكُونُونَ فِي عَصْر وَاحِد يَتَّبِع كُلّ وَاحِد مِنْهُمْ طَائِفَة، قَالَ الْقَاضِي: وَلَا يَبْعُد أَنْ يَكُون هَذَا قَدْ وُجِدَ إِذَا تَتَبَّعْت التَّوَارِيخ، فَقَدْ كَانَ بِالْأَنْدَلُسِ وَحْدَهَا مِنْهُمْ فِي عَصْر وَاحِد بَعْد أَرْبَعمِائَةِ وَثَلَاثِينَ سَنَة ثَلَاثَة كُلّهمْ يَدَّعِيهَا، وَيُلَقَّب بِهَا، وَكَانَ حِينَئِذٍ فِي مِصْر آخَر، وَكَانَ خَلِيفَة الْجَمَاعَة الْعَبَّاسِيَّة بِبَغْدَاد سِوَى مَنْ كَانَ يَدَّعِي ذَلِكَ فِي ذَلِكَ الْوَقْت فِي أَقْطَار الْأَرْض، قَالَ: وَيُبْعِد هَذَا التَّأْوِيل قَوْله فِي كِتَاب مُسْلِم بَعْد هَذَا: «سَتَكُونُ خُلَفَاء فَيَكْثُرُونَ، قَالُوا: فَمَا تَأْمُرنَا؟ قَالَ: فُوا بَيْعَة الْأَوَّل فَالْأَوَّل»، قَالَ: وَيَحْتَمِل أَنَّ الْمُرَاد مَنْ يَعِزّ الْإِسْلَام فِي زَمَنه وَيَجْتَمِع الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، كَمَا جَاءَ فِي سُنَن أَبِي دَاوُدَ: «كُلّهمْ تَجْتَمِع عَلَيْهِ الْأُمَّة»، وَهَذَا قَدْ وُجِدَ قَبْل اِضْطِرَاب أَمْر بَنَى أُمَيَّة وَاخْتِلَافهمْ فِي زَمَن يَزِيد بْن الْوَلِيد، وَخَرَجَ عَلَيْهِ بَنُو الْعَبَّاس، وَيَحْتَمِل أَوْجُهًا أُخَر.

 وَاَللَّه أَعْلَم بِمُرَادِ نَبِيّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

✯✯✯✯✯✯

‏3394- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏3395- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏3396- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏3397- قَوْله: (فَقَالَ كَلِمَة صَمَّنِيهَا النَّاس) هُوَ بِفَتْحِ الصَّاد وَتَشْدِيد الْمِيم الْمَفْتُوحَة، أَيْ: أَصَمُّونِي عَنْهَا، فَلَمْ أَسْمَعهَا لِكَثْرَةِ الْكَلَام، وَوَقَعَ فِي بَعْض النُّسَخ (صَمَّتَنِيهَا النَّاس) أَيْ: سَكَّتُونِي عَنْ السُّؤَال عَنْهَا.

✯✯✯✯✯✯

‏3398- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عُصَيْبَة مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَفْتَتِحُونَ الْبَيْت الْأَبْيَض بَيْت كِسْرَى» هَذَا مِنْ الْمُعْجِزَات الظَّاهِرَة لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ فَتَحُوهُ- بِحَمْدِ اللَّه- فِي زَمَن عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَالْعُصَيْبَة تَصْغِير عُصْبَة، وَهِيَ الْجَمَاعَة، وَكِسْرَى بِكَسْرِ الْكَاف وَفَتْحهَا.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَعْطَى اللَّه أَحَدكُمْ خَيْرًا فَلْيَبْدَأْ بِنَفْسِهِ» هُوَ مِثْل حَدِيث: «اِبْدَأْ بِنَفْسِك ثُمَّ بِمَنْ تَعُول».

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا الْفَرَط عَلَى الْحَوْض» «الْفَرَط» بِفَتْحِ الرَّاء، وَمَعْنَاهُ: السَّابِق إِلَيْهِ وَالْمُنْتَظِر لِسَقْيِكُمْ مِنْهُ.

 وَالْفَرَط وَالْفَارِط، هُوَ: الَّذِي يَتَقَدَّم الْقَوْم إِلَى الْمَاء لِيُهَيِّئ لَهُمْ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ.

قَوْله: (عَنْ عَامِر بْن سَعْد أَنَّهُ أَرْسَلَ إِلَى اِبْن سَمُرَة الْعَدَوِيِّ) كَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ (الْعَدَوِيُّ) قَالَ الْقَاضِي: هَذَا تَصْحِيف فَلَيْسَ هُوَ بِعَدَوِيٍّ، إِنَّمَا هُوَ عَامِرِيّ مِنْ بَنِي عَامِر بْن صَعْصَعَة فَيُصَحَّف بِالْعَدَوِيِّ.

 وَاَللَّه أَعْلَم.


 باب الناس تبع لقريش والخلافة في قريش


۞۞۞۞۞۞۞۞

كتاب الإمارة ﴿ 1 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞



تعليقات