📁 آخر الأخبار

مقدمة كتاب الاضحى


مقدمة كتاب الاضحى

مقدمة كتاب الاضحى

قَالَ الْجَوْهَرِيّ: قَالَ الْأَصْمَعِيّ: فيها أَرْبَع لُغَات: أُضْحِيَة، وَإِضْحِيَة بِضَمِّ الْهَمْزَة وَكَسْرهَا، وَجَمْعهَا بِتَشْدِيدِ الْيَاء وَتَخْفِيفهَا، وَاللُّغَة الثَّالِثَة: ضَحِيَّة، وَجَمْعهَا: ضَحَايَا.
 وَالرَّابِعَة: أَضْحَاة بِفَتْحِ الْهَمْزَة، وَالْجَمْع: أَضْحَى، كَأَرْطَاة وَأَرْطَى، وَبِهَا سُمِّيَ يَوْم الْأَضْحَى، قَالَ الْقَاضِي: وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُفْعَل فِي الضُّحَى، وَهُوَ اِرْتِفَاع النَّهَار.
 وَفِي الْأَضْحَى لُغَتَانِ: التَّذْكِير لُغَة قَيْس، وَالتَّأْنِيث لُغَة تَمِيم.
 قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ ذَبَحَ أُضْحِيَّته قَبْل أَنْ يُصَلِّي أَوْ نُصَلِّي، فَلْيَذْبَحْ مَكَانهَا أُخْرَى، وَمَنْ كَانَ لَمْ يَذْبَح فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّه» وَفِي رِوَايَة: «عَلَى اِسْم اللَّه» قَالَ الْكُتَّاب مِنْ أَهْل الْعَرَبِيَّة: إِذَا قِيلَ بِاسْمِ اللَّه، تَعَيَّنَ كَتْبه بِالْأَلِفِ، وَإِنَّمَا تُحْذَف الْأَلِف إِذَا كُتِبَ بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم بِكَمَالِهَا.
 فَقَالَ جُمْهُورهمْ: هِيَ سُنَّة فِي حَقّه إِنْ تَرَكَهَا بِلَا عُذْر لَمْ يَأْثَم، وَلَمْ يَلْزَمهُ الْقَضَاء، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا أَبُو بَكْر وَعُمَر بْن الْخَطَّاب وَبِلَال وَأَبُو مَسْعُود الْبَدْرِيّ وَسَعِيد بْن الْمُسَيِّب وَعَلْقَمَة وَالْأَسْوَد وَعَطَاء وَمَالك وَأَحْمَد وَأَبُو يُوسُف وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَالْمُزَنِيّ وَابْن الْمُنْذِر وَدَاوُد وَغَيْرهمْ، وَقَالَ رَبِيعَة وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَبُو حَنِيفَة وَاللَّيْث: هِيَ وَاجِبَة عَلَى الْمُوسِر، وَبِهِ قَالَ بَعْض الْمَالِكِيَّة، وَقَالَ النَّخَعِيُّ: وَاجِبَة عَلَى الْمُوسِر إِلَّا الْحَاجّ بِمِنَى، وَقَالَ مُحَمَّد بْن الْحَسَن: وَاجِبَة عَلَى الْمُقِيم بِالْأَمْصَارِ، وَالْمَشْهُور عَنْ أَبِي حَنِيفَة أَنَّهُ إِنَّمَا يُوجِبهَا عَلَى مُقِيم يَمْلِك نِصَابًا.
 وَاللَّهُ أَعْلَمبَاب وَقْتهَا:وَأَمَّا وَقْت الْأُضْحِيَّة فَيَنْبَغِي أَنْ يَذْبَحهَا بَعْد صَلَاته مَعَ الْإِمَام، وَحِينَئِذٍ يُجْزِيه بِالْإِجْمَاعِ، قَالَ اِبْن الْمُنْذِر: وَأَجْمَعُوا أَنَّهَا لَا تَجُوز قَبْل طُلُوع الْفَجْر يَوْم النَّحْر، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا بَعْد ذَلِكَ، فَقَالَ الشَّافِعِيّ وَدَاوُد وَابْن الْمُنْذِر وَآخَرُونَ: يَدْخُل وَقْتهَا إِذَا طَلَعَتْ الشَّمْس، وَمَضَى قَدْر صَلَاة الْعِيد وَخُطْبَتَيْنِ، فَإِنْ ذَبَحَ بَعْد هَذَا الْوَقْت أَجْزَأَهُ، سَوَاء صَلَّى الْإِمَام أَمْ لَا، وَسَوَاء صَلَّى الضُّحَى أَمْ لَا، وَسَوَاء كَانَ مِنْ أَهْل الْأَمْصَار أَوْ مِنْ أَهْل الْقُرَى وَالْبَوَادِي وَالْمُسَافِرِينَ، وَسَوَاء ذَبَحَ الْإِمَام أُضْحِيَّته أَمْ لَا، وَقَالَ عَطَاء وَأَبُو حَنِيفَة: يَدْخُل وَقْتهَا فِي حَقّ أَهْل الْقُرَى وَالْبَوَادِي إِذَا طَلَعَ الْفَجْر الثَّانِي، وَلَا يَدْخُل فِي حَقّ أَهْل الْأَمْصَار حَتَّى يُصَلِّي الْإِمَام وَيَخْطُب، فَإِنْ ذَبَحَ قَبْل ذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ.
وَقَالَ مَالِك: لَا يَجُوز ذَبْحهَا إِلَّا بَعْد صَلَاة الْإِمَام وَخُطْبَته وَذَبْحه، وَقَالَ أَحْمَد: لَا يَجُوز قَبْل صَلَاة الْإِمَام، وَيَجُوز بَعْدهَا قَبْل ذَبْحِ الْإِمَام، وَسَوَاء عِنْده أَهْل الْأَمْصَار وَالْقُرَى، وَنَحْوه عَنْ الْحَسَن وَالْأَوْزَاعِيِّ وَإِسْحَاق بْن رَاهَوَيْهِ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ: لَا يَجُوز بَعْد صَلَاة الْإِمَام قَبْل خُطْبَته وَفِي أَثْنَائِهَا، وَقَالَ رَبِيعَة فِيمَنْ لَا إِمَام لَهُ: إِنْ ذَبَحَ قَبْل طُلُوع الشَّمْس لَا يُجْزِيه، وَبَعْد طُلُوعهَا يُجْزِيه.
وَأَمَّا آخِر وَقْت التَّضْحِيَة فَقَالَ الشَّافِعِيّ: تَجُوز فِي يَوْم النَّحْر وَأَيَّام التَّشْرِيق الثَّلَاثَة بَعْده، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب وَجُبَيْر بْن مُطْعِم وَابْن عَبَّاس وَعَطَاء وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ وَعُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَسُلَيْمَان بْن مُوسَى الْأَسَدِيُّ فَقِيهُ أَهْل الشَّام، وَمَكْحُول وَدَاوُد الظَّاهِرِيّ وَغَيْرهمْ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَمَالك وَأَحْمَد: تَخْتَصّ بِيَوْمِ النَّحْر وَيَوْمَيْنِ بَعْده، وَرُوِيَ هَذَا عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعَلِيّ وَابْن عُمَر وَأَنَس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ.
وَقَالَ سَعِيد بْن جُبَيْر: تَجُوز لِأَهْلِ الْأَمْصَار يَوْم النَّحْر خَاصَّة، وَلِأَهْلِ الْقُرَى يَوْم النَّحْر وَأَيَّام التَّشْرِيق، وَقَالَ مُحَمَّد بْن سِيرِينَ: لَا تَجُوز لِأَحَدٍ إِلَّا فِي يَوْم النَّحْر خَاصَّة، وَحَكَى الْقَاضِي عَنْ بَعْض الْعُلَمَاء أَنَّهَا تَجُوز فِي جَمِيع ذِي الْحِجَّة.
 وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَاز التَّضْحِيَة فِي لَيَالِي أَيَّام الذَّبْح، فَقَالَ الشَّافِعِيّ: تَجُوز لَيْلًا مَعَ الْكَرَاهَة، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَة وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَأَبُو ثَوْر وَالْجُمْهُور.
وَقَالَ مَالِك فِي الْمَشْهُور عَنْهُ وَعَامَّة أَصْحَابه وَرِوَايَة عَنْ أَحْمَد: لَا تُجْزِيهِ فِي اللَّيْل، بَلْ تَكُون شَاة لَحْم.
✯✯✯✯✯✯
‏3622- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَلْيَذْبَحْ عَلَى اِسْم اللَّه» هُوَ بِمَعْنَى رِوَايَة: «فَلْيَذْبَحْ بِاسْمِ اللَّه» أَيْ قَائِلًا: بِاسْمِ اللَّه، هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي مَعْنَاهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْتَمِل أَرْبَعَة أَوْجُه: أَحَدهمَا: أَنْ يَكُون مَعْنَاهُ: فَلْيَذْبَحْ لِلَّهِ، وَالْبَاء بِمَعْنَى اللَّام.
وَالثَّانِي: مَعْنَاهُ فَلْيَذْبَحْ بِسُنَّةِ اللَّه.
وَالثَّالِث: بِتَسْمِيَةِ اللَّه عَلَى ذَبِيحَته إِظْهَارًا لِلْإِسْلَامِ، وَمُخَالَفَة لِمَنْ يَذْبَح لِغَيْرِهِ، وَقَمْعًا لِلشَّيْطَانِ.
وَالرَّابِع: تَبَرُّكًا بِاسْمِهِ وَتَيَمُّنًا بِذِكْرِهِ كَمَا يُقَال: سِرْ عَلَى بَرَكَة اللَّه، وَسِرْ بِاسْمِ اللَّه، وَكَرِهَ بَعْض الْعُلَمَاء أَنْ يُقَال: اِفْعَلْ كَذَا عَلَى اِسْم اللَّه، قَالَ: لِأَنَّ اِسْمه سُبْحَانه عَلَى كُلّ شَيْء، قَالَ الْقَاضِي: هَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ، قَالَ: وَهَذَا الْحَدِيث يَرُدّ عَلَى هَذَا الْقَائِل.
✯✯✯✯✯✯
‏3623- قَوْله: «شَهِدْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى يَوْم أَضْحَى ثُمَّ خَطَبَ»، قَوْله: (أَضْحَى) مَصْرُوف، وَفِي هَذَا أَنَّ الْخُطْبَة لِلْعِيدِ بَعْد الصَّلَاة، وَهُوَ إِجْمَاع النَّاس الْيَوْم، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانه وَاضِحًا فِي كِتَاب الْإِيمَان، ثُمَّ فِي كِتَاب الصَّلَاة.
✯✯✯✯✯✯
‏3624- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تِلْكَ شَاة لَحْم» مَعْنَاة: أَيْ لَيْسَتْ ضَحِيَّة، وَلَا ثَوَاب فيها، بَلْ هِيَ لَحْم لَك تَنْتَفِع بِهِ كَمَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «إِنَّمَا هُوَ لَحْم قَدَّمْته لِأَهْلِك».
قَوْله: «إِنَّ عِنْدِي جَذَعَة مِنْ الْمَعْز فَقَالَ: ضَحِّ بِهَا وَلَا تَصْلُح لِغَيْرِك»، وَفِي رِوَايَة: «وَلَا تَجْزِي جَذَعَة عَنْ أَحَد بَعْدك».
✯✯✯✯✯✯
‏3625- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا تَجْزِي» فَهُوَ بِفَتْحِ التَّاء هَكَذَا الرِّوَايَة فيه فِي جَمِيع الطُّرُق وَالْكُتُب، وَمَعْنَاهُ: لَا تَكْفِي مِنْ نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِد عَنْ وَلَده} وَفيه أَنَّ جَذَعَة الْمَعْز لَا تَجْزِي فِي الْأُضْحِيَّة، وَهَذَا مُتَّفَق عَلَيْهِ.
قَوْله: «يَا رَسُول اللَّه إِنَّ هَذَا يَوْم اللَّحْم فيه مَكْرُوه» قَالَ الْقَاضِي: كَذَا رَوَيْنَاهُ فِي مُسْلِم (مَكْرُوه) بِالْكَافِ وَالْهَاء مِنْ طَرِيق السِّنْجَرِيّ وَالْفَارِسِيّ، وَكَذَا ذَكَرَهُ التِّرْمِذِيّ، قَالَ: رَوَيْنَاهُ فِي مُسْلِم مِنْ طَرِيق الْعُذْرِيّ (مَقْرُوم) بِالْقَافِ وَالْمِيم، قَالَ: وَصَوَّبَ بَعْضهمْ هَذِهِ الرِّوَايَة وَقَالَ: مَعْنَاهُ يُشْتَهَى فيه اللَّحْم، يُقَال: قَرِمْت إِلَى اللَّحْم وَقَرِمْته إِذَا اِشْتَهَيْته، قَالَ: وَهِيَ بِمَعْنَى قَوْله فِي غَيْر مُسْلِم: عَرَفْت أَنَّهُ يَوْم أَكَلَ وَشَرِبَ فَتَعَجَّلْت وَأَكَلْت وَأَطْعَمْت أَهْلِي وَجِيرَانِي، وَكَمَا جَاءَ فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «إِنَّ هَذَا يَوْم يُشْتَهَى فيه اللَّحْم» وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ، قَالَ الْقَاضِي: وَأَمَّا رِوَايَة (مَكْرُوه) فَقَالَ بَعْض شُيُوخنَا: صَوَابه (اللَّحَم فيه مَكْرُوه) بِفَتْحِ الْحَاء أَيْ تَرْك الذَّبْح وَالتَّضْحِيَة، وَبَقَاء أَهْله فيه بِلَا لَحْم حَتَّى يَشْتَهُوهُ مَكْرُوه، وَاللَّحَم- بِفَتْحِ الْحَاء- اِشْتِهَاء اللَّحْم، قَالَ الْقَاضِي: وَقَالَ لِي الْأُسْتَاذ أَبُو عَبْد اللَّه بْن سُلَيْمَان: مَعْنَاهُ ذَبْح مَا لَا يُجْزِي فِي الْأُضْحِيَّة مِمَّا هُوَ لَحْم مَكْرُوه لِمُخَالَفَةِ السُّنَّة، هَذَا آخِر مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَقَالَ الْحَافِظ أَبُو مُوسَى الْأَصْبَهَانِيّ: مَعْنَاهُ: هَذَا يَوْم طَلَب اللَّحَم فيه مَكْرُوه شَاقّ، وَهَذَا حَسَن.
 وَاللَّهُ أَعْلَم.
قَوْله: «عِنْدِي عَنَاق لَبَن» الْعَنَاق بِفَتْحِ الْعَيْن، وَهِيَ الْأُنْثَى مِنْ الْمَعْز إِذَا قَوِيَتْ مَا لَمْ تَسْتَكْمِل سَنَة، وَجَمْعهَا أَعْنُق وَعُنُوق.
وَأَمَّا قَوْله: «عَنَاق لَبَن» فَمَعْنَاهُ: صَغِيرَة قَرِيبَة مِمَّا تَرْضَع.
قَوْله: «عِنْدِي عَنَاق لَبَن هِيَ خَيْر مِنْ شَاتَيْ لَحْم» أَيْ: أَطْيَب لَحْمًا وَأَنْفَع لِسِمَنِهَا وَنَفَاسَتهَا.
 وَفيه: إِشَارَة إِلَى أَنَّ الْمَقْصُود فِي الضَّحَايَا طِيب اللَّحْم لَا كَثْرَته، فَشَاة نَفِيسَة أَفْضَل مِنْ شَاتَيْنِ غَيْر سَمِينَتَيْنِ بِقِيمَتِهَا، وَقَدْ سَبَقَتْ الْمَسْأَلَة فِي كِتَاب الْإِيمَان مَعَ الْفَرْق بَيْن الْأُضْحِيَّة وَالْعَقّ، وَمُخْتَصَره أَنَّ تَكْثِير الْعَدَد فِي الْعَقّ مَقْصُود فَهُوَ الْأَفْضَل بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّة.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هِيَ خَيْر نَسِيكَتَيْك» مَعْنَاهُ: أَنَّك ذَبَحْت صُورَة نَسِيكَتَيْنِ، وَهُمَا هَذِهِ وَاَلَّتِي ذَبَحَهَا قَبْل الصَّلَاة، وَهَذِهِ أَفْضَل لِأَنَّ هَذِهِ حَصَلَتْ بِهَا التَّضْحِيَة، وَالْأُولَى وَقَعَتْ شَاة لَحْم، لَكِنْ لَهُ فيها ثَوَاب لَا بِسَبَبِ التَّضْحِيَة فَإِنَّهَا لَمْ تَقَع أُضْحِيَّة، بَلْ لِكَوْنِهِ قَصَدَ بِهَا الْخَيْر وَأَخْرَجَهَا فِي طَاعَة اللَّه، فَلِهَذَا دَخَلَهُمَا أَفْعَل التَّفْضِيل، فَقَالَ: هَذِهِ خَيْر النَّسِيكَتَيْنِ فَإِنَّ هَذِهِ الصِّيغَة تَتَضَمَّن أَنَّ فِي الْأُولَى خَيْرًا أَيْضًا.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا تَجْزِي جَذَعَة عَنْ أَحَد بَعْدك» مَعْنَاهُ: جَذَعَة الْمَعْز، وَهُوَ مُقْتَضَى سِيَاق الْكَلَام، وَإِلَّا فَجَذَعَة الضَّأْن تُجْزِي.
✯✯✯✯✯✯
‏3627- قَوْله: «عِنْدِي جَذَعَة خَيْر مِنْ مُسِنَّة» الْمُسِنَّة: هِيَ الثَّنِيَّة، وَهِيَ أَكْبَر مِنْ الْجَذَعَة بِسَنَةٍ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْجَذَعَة أَجْوَدَ لِطِيبِ لَحْمهَا وَسِمَنهَا.
✯✯✯✯✯✯
‏3630- قَوْله: «وَذَكَرَ هَنَة مِنْ جِيرَانه» أَيْ حَاجَة.
قَوْله فِي حَدِيث أَنَس فِي الَّذِي رَخَّصَ لَهُ فِي جَذَعَة الْمَعْز: (لَا أَدْرِي أَبَلَغَتْ رُخْصَته مَنْ سِوَاهُ أَمْ لَا) هَذَا الشَّكّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْم أَنَس رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، وَقَدْ صَرَّحَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيث الْبَرَاء بْن عَازِب السَّابِق بِأَنَّهَا لَا تَبْلُغ غَيْره وَلَا تُجْزِي أَحَدًا بَعْده.
قَوْله: «وَانْكَفَأَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كَبْشَيْنِ فَذَبَحَهُمَا» اِنْكَفَأَ: مَهْمُوز أَيْ: مَالَ وَانْعَطَفَ، وَفيه إِجْزَاء الذَّكَر فِي الْأُضْحِيَّة، وَأَنَّ الْأَفْضَل أَنْ يَذْبَحهَا بِنَفْسِهِ، وَهُمَا مُجْمَع عَلَيْهِمَا.
 وَفيه: جَوَاز التَّضْحِيَة بِحَيَوَانَيْنِ.
قَوْله: «فَقَامَ النَّاس إِلَى غُنَيْمَة فَتَوَزَّعُوهَا أَوْ قَالَ: فَتَجَزَّعُوهَا» هُمَا بِمَعْنًى وَاحِد، وَهَذَا شَكّ مِنْ الرَّاوِي فِي أَحَد اللَّفْظَتَيْنِ، وَقَوْله: (غُنَيْمَة) بِضَمِّ الْغَيْن تَصْغِير الْغَنَم.
قَوْله فِي حَدِيث مُحَمَّد بْن عُبَيْد الْغُبَرِيّ: «ثُمَّ خَطَبَ فَأَمَرَ مَنْ كَانَ ذَبَحَ قَبْل الصَّلَاة أَنْ يُعِيد ذِبْحًا» أَمَّا (ذِبْحًا) فَاتَّفَقُوا عَلَى ضَبْطه بِكَسْرِ الذَّال أَيْ: حَيَوَانًا يُذْبَح، كَقَوْلِ اللَّه تَعَالَى: {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ}.
وَأَمَّا قَوْله: (أَنْ يُعِيد) فَكَذَا هُوَ فِي بَعْض الْأُصُول الْمُعْتَمَدَة بِالْيَاءِ مِنْ الْإِعَادَة، وَفِي كَثِير مِنْهَا (أَنْ يُعِدّ) بِحَذْفِ الْيَاء، وَلَكِنْ بِتَشْدِيدِ الدَّال مِنْ الْإِعْدَاد، وَهُوَ التَّهْيِئَة.
 وَاللَّهُ أَعْلَم.
مقدمة كتاب الاضحى


۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الْأَضْحَى ﴿ 1 ﴾ 
۞۞۞۞۞۞۞۞


تعليقات