باب اي يوم يصام في عاشوراء
باب اي يوم يصام في عاشوراء
قَوْله: (عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّ يَوْم عَاشُورَاء هُوَ تَاسِع الْمُحَرَّم، وَأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُوم التَّاسِع)، وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: عَنْ اِبْن عَبَّاس: «أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ يَوْم عَاشُورَاء فَقَالُوا: يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُ يَوْم تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى، فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ- إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى- صُمْنَا الْيَوْم التَّاسِع، قَالَ: فَلَمْ يَأْتِ الْعَام الْمُقْبِل حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» هَذَا تَصْرِيح مِنْ اِبْن عَبَّاس بِأَنَّ مَذْهَبَهُ، أَنَّ عَاشُورَاء هُوَ الْيَوْم التَّاسِع مِنْ الْمُحَرَّم، وَيَتَأَوَّلهُ عَلَى أَنَّهُ مَأْخُوذ مِنْ إِظْمَاء الْإِبِل، فَإِنَّ الْعَرَب تُسَمِّي الْيَوْم الْخَامِس مِنْ أَيَّام الْوِرْد رَبْعًا، وَكَذَا بَاقِي الْأَيَّام عَلَى هَذِهِ النِّسْبَة فَيَكُون التَّاسِعُ عَشْرًا.
وَذَهَبَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف: إِلَى أَنَّ عَاشُورَاء هُوَ الْيَوْم الْعَاشِر مِنْ الْمُحَرَّم، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: سَعِيد بْن الْمُسَيِّب، وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ، وَمَالِك وَأَحْمَد وَإِسْحَاق، وَخَلَائِق، وَهَذَا ظَاهِر الْأَحَادِيث، وَمُقْتَضَى اللَّفْظ،وأمَّا تَقْدِير أَخْذه مِنْ (الْإِظْمَاء) فَبَعِيدٌ، ثُمَّ إِنَّ حَدِيث اِبْن عَبَّاس الثَّانِي يَرُدّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: إِنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُوم عَاشُورَاء فَذَكَرُوا أَنَّ الْيَهُود وَالنَّصَارَى تَصُومهُ، فَقَالَ: إِنَّهُ فِي الْعَام الْمُقْبِل يَصُوم التَّاسِع، وَهَذَا تَصْرِيح بِأَنَّ الَّذِي كَانَ يَصُومهُ لَيْسَ هُوَ التَّاسِع، فَتَعَيَّنَ كَوْنه الْعَاشِر، قَالَ الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه وَأَحْمَد وَإِسْحَاق وَآخَرُونَ: يُسْتَحَبّ صوم التَّاسِع وَالْعَاشِر جَمِيعًا؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ الْعَاشِر، وَنَوَى صِيَام التَّاسِع، وَقَدْ سَبَقَ فِي صَحِيح مُسْلِم فِي كِتَاب الصَّلَاة مِنْ رِوَايَة أَبِي هُرَيْرَة أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَفْضَل الصِّيَام بَعْد رَمَضَان شَهْر اللَّه الْحَرَام» قَالَ بَعْض الْعُلَمَاء: وَلَعَلَّ السَّبَب فِي صَوْم التَّاسِع مَعَ الْعَاشِر أَلَّا يَتَشَبَّهَ بِالْيَهُودِ فِي إِفْرَاد الْعَاشِر.
وَفِي الْحَدِيث إِشَارَة إِلَى هَذَا، وَقِيلَ: لِلِاحْتِيَاطِ فِي تَحْصِيل عَاشُورَاء، وَالْأَوَّل أَوْلَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.باب اي يوم يصام في عاشوراء
باب اي يوم يصام في عاشوراء
باب اي يوم يصام في عاشوراء