📁 آخر الأخبار

باب ما يلزم من احرم بالحج ثم قدم مكة من الطواف والسعي

 

 باب ما يلزم من احرم بالحج ثم قدم مكة من الطواف والسعي

باب ما يلزم من احرم بالحج ثم قدم مكة من الطواف والسعي


2170- قَوْله: (عَنْ وَبَرَة) هُوَ بِفَتْحِ الْبَاء.

قَوْله: (كُنْت جَالِسًا عِنْد اِبْن عُمَر فَجَاءَهُ رَجُل فَقَالَ: أَيَصْلُحُ لِي أَنْ أَطُوف قَبْل أَنْ آتِي الْمَوْقِف؟ فَقَالَ: نَعَمْ فَقَالَ: فَإِنَّ اِبْن عَبَّاس يَقُول: لَا تَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى تَأْتِي الْمَوْقِف، فَقَالَ اِبْن عُمَر: فَقَدْ حَجَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ قَبْل أَنْ يَأْتِي الْمَوْقِف، فَبِقَوْلِ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَقّ أَنْ تَأْخُذ أَوْ بِقَوْلِ اِبْن عَبَّاس إِنْ كُنْت صَادِقًا؟) هَذَا الَّذِي قَالَهُ اِبْن عُمَر هُوَ إِثْبَات طَوَاف الْقُدُوم لِلْحَاجِّ، وَهُوَ مَشْرُوع قَبْل الْوُقُوف بِعَرَفَاتٍ، وَبِهَذَا الَّذِي قَالَهُ اِبْن عُمَر وَقَالَ الْعُلَمَاء كَافَّة سِوَى اِبْن عَبَّاس، وَكُلّهمْ يَقُولُونَ: إِنَّهُ سُنَّة لَيْسَ بِوَاجِبٍ إِلَّا بَعْض أَصْحَابنَا وَمَنْ وَافَقَهُ فَيَقُولُونَ: وَاجِب يُجْبَر تَرْكه بِالدَّمِ.

 وَالْمَشْهُور أَنَّهُ سُنَّة لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا دَم فِي تَرْكه، فَإِنْ وَقَفَ بِعَرَفَاتٍ قَبْل طَوَاف الْقُدُوم فَاتَ، فَإِنْ طَافَ بَعْد ذَلِكَ بِنِيَّةِ طَوَاف الْقُدُوم لَمْ يَقَع عَنْ طَوَاف الْقُدُوم، بَلْ يَقَع عَنْ طَوَاف الْإِفَاضَة إِنْ لَمْ يَكُنْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ، فَإِنْ كَانَ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ وَقَعَ الثَّانِي تَطَوُّعًا لَا عَنْ الْقُدُوم.

وَلِطَوَافِ الْقُدُوم أَسْمَاء طَوَاف الْقُدُوم وَالْقَادِم وَالْوُرُود وَالْوَارِد وَالتَّحِيَّة، وَلَيْسَ فِي الْعُمْرَة طَوَاف قُدُوم، بَلْ الطَّوَاف الَّذِي يَفْعَلهُ فيها رُكْنًا لَهَا، حَتَّى لَوْ نَوَى بِهِ طَوَاف الْقُدُوم وَقَعَ رُكْنًا، وَلَغَتْ نِيَّته، كَمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَجَّة وَاجِبَة فَنَوَى حَجَّة تَطَوُّع فَإِنَّهَا تَقَع وَاجِبَة.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

وَأَمَّا قَوْله: (إِنْ كُنْت صَادِقًا) فَمَعْنَاهُ إِنْ كُنْت صَادِقًا فِي إِسْلَامك وَاتِّبَاعك رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا تَعْدِل عَنْ فِعْله وَطَرِيقَته إِلَى قَوْل اِبْن عَبَّاس وَغَيْره.

 وَاَللَّه أَعْلَم.

✯✯✯✯✯✯

‏2171- قَوْله: (رَأَيْنَاهُ قَدْ فَتَنَتْهُ الدُّنْيَا) هَكَذَا فِي كَثِير مِنْ الْأُصُول (فَتَنَتْهُ الدُّنْيَا)، وَفِي كَثِير مِنْهَا أَوْ أَكْثَرهَا (أَفْتَنَتْهُ)، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَة الْأَكْثَرِينَ، وَهُمَا لُغَتَانِ صَحِيحَتَانِ (فَتَنَ وَأَفْتَنَ)، وَالْأُولَى أَصَحّ وَأَشْهَر، وَبِهَا جَاءَ الْقُرْآن، وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيّ (أَفْتَنَ).

 وَمَعْنَى قَوْلهمْ: (فَتَنَتْهُ الدُّنْيَا) لِأَنَّهُ تَوَلَّى الْبَصْرَة، وَالْوِلَايَات مَحَلّ الْخَطَر وَالْفِتْنَة، وَأَمَّا اِبْن عُمَر فَلَمْ يَتَوَلَّ شَيْئًا.

وَأَمَّا قَوْل اِبْن عُمَر: (وَأَيّنَا لَمْ تَفْتِنهُ الدُّنْيَا)؟ فَهَذَا مِنْ زُهْده وَتَوَاضُعه وَإِنْصَافه.

 وَفِي بَعْض النُّسَخ وَأَيّنَا أَوْ أَيّكُمْ؟ وَفِي بَعْضهَا وَأَيّنَا أَوْ قَالَ: وَأَيّكُمْ؟ وَكُلّه صَحِيح.

✯✯✯✯✯✯

‏2172- قَوْله: «سَأَلْنَا اِبْن عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ رَجُل قَدِمَ بِعُمْرَةٍ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَطُفْ بَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة أَيَأْتِي اِمْرَأَته؟ فَقَالَ قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْف الْمَقَام رَكْعَتَيْنِ وَبَيْن الصَّفَا وَالْمَرْوَة سَبْعًا، وَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَة حَسَنَة» مَعْنَاهُ لَا يَحِلّ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَحَلَّل مِنْ عُمْرَته حَتَّى طَافَ وَسَعَى فَتَجِب مُتَابَعَته وَالِاقْتِدَاء بِهِ، وَهَذَا الْحُكْم الَّذِي قَالَهُ اِبْن عُمَر هُوَ مَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة، وَهُوَ أَنَّ الْمُعْتَمِر لَا يَتَحَلَّل إِلَّا بِالطَّوَافِ وَالسَّعْي وَالْحَلْق إِلَّا مَا حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ اِبْن عَبَّاس وَإِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ أَنَّهُ يَتَحَلَّل بَعْد الطَّوَاف وَإِنْ لَمْ يَسْعَ، وَهَذَا ضَعِيف مُخَالِف لِلسُّنَّةِ.


باب ما يلزم من احرم بالحج ثم قدم مكة من الطواف والسعي

تعليقات