باب في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها
باب في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها
4468- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَاءَنِي بِك الْمَلَك فِي سَرَقَة مِنْ حَرِير» هِيَ بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة وَالرَّاء، وَهِيَ الشُّقَق الْبِيض مِنْ الْحَرِير، قَالَهُ أَبُو عُبَيْد وَغَيْره.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَقُول إِنْ يَكُ مِنْ عِنْد اللَّهِ يُمْضِهِ» قَالَ الْقَاضِي: إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الرُّؤْيَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَقِيلَ تَخْلِيصُ أَحْلَامه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَضْغَاث فَمَعْنَاهَا إِنْ كَانَتْ رُؤْيَا حَقٍّ.
إِنْ كَانَتْ بَعْدَ النُّبُوَّة فَلَهَا ثَلَاثَةُ مَعَانٍ: أَحَدُهَا أَنَّ الْمُرَاد إِنْ تَكُنْ الرُّؤْيَا عَلَى وَجْهِهَا وَظَاهِرِهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَتَفْسِيرٍ فَسَيُمْضِيهِ اللَّه تَعَالَى وَيُنَجِّزُهُ، فَالشَّكُّ عَائِدٌ إِلَى أَنَّهَا رُؤْيَا عَلَى ظَاهِرهَا أَمْ تَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَصَرْفٍ عَلَى ظَاهِرِهَا.
الثَّانِي أَنَّ الْمُرَاد إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الزَّوْجَة فِي الدُّنْيَا يُمْضِهَا اللَّه، فَالشَّكّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا أَمْ فِي الْجَنَّة.
الثَّالِثُ أَنَّهُ لَمْ يَشُكَّ، وَلَكِنْ أُخْبِرَ عَلَى التَّحْقِيق، وَأَتَى بِصُورَةِ الشَّكّ كَمَا قَالَ: أَأَنْتِ أَمْ أُمّ سَالِم؟ وَهُوَ نَوْع مِنْ الْبَدِيع عِنْد أَهْل الْبَلَاغَة يُسَمُّونَهُ تَجَاهُل الْعَارِف، وَسَمَّاهُ بَعْضُهُمْ مَزْج الشَّكّ بِالْيَقِينِ.
✯✯✯✯✯✯
4469- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَة: «إِنِّي لَأَعْلَم إِذَا كُنْت عَنِّي رَاضِيَة، وَإِذَا كُنْت عَلَيَّ غَضْبَى إِلَى قَوْلهَا: يَا رَسُول اللَّه مَا أَهْجُرُ إِلَّا اِسْمك» قَالَ الْقَاضِي: مُغَاضَبَة عَائِشَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ مِمَّا سَبَقَ مِنْ الْغَيْرَةِ الَّتِي عُفِيَ عَنْهَا لِلنِّسَاءِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَام كَمَا سَبَقَ لِعَدَمِ اِنْفِكَاكِهِنَّ مِنْهَا حَتَّى قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاء الْمَدِينَة: يَسْقُطُ عَنْهَا الْحَدُّ إِذَا قَذَفَتْ زَوْجهَا بِالْفَاحِشَةِ عَلَى جِهَةِ الْغَيْرَةِ.
قَالَ: وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا تَدْرِي الْغَيْرَاء أَعْلَى الْوَادِي مِنْ أَسْفَله»، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ عَلَى عَائِشَة فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَرَجِ مَا فيه، لِأَنَّ الْغَضَب عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَجْره كَبِيرَة عَظِيمَة، وَلِهَذَا قَالَتْ: لَا أَهْجُرُ إِلَّا اِسْمك، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَلْبَهَا وَحُبَّهَا كَمَا كَانَ، وَإِنَّمَا الْغَيْرَة فِي النِّسَاء لِفَرْطِ الْمَحَبَّة قَالَ الْقَاضِي: وَاسْتَدَلَّ بَعْضهمْ بِهَذَا أَنَّ الِاسْم غَيْر الْمُسَمَّى فِي الْمَخْلُوقِينَ، وَأَمَّا فِي حَقّ اللَّه تَعَالَى فَالِاسْم هُوَ الْمُسَمَّى.
قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا كَلَام مَنْ لَا تَحْقِيقَ عِنْده مِنْ مَعْنَى الْمَسْأَلَة لُغَةً وَلَا نَظَرًا، وَلَا شَكّ عِنْد الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الِاسْم هُوَ الْمُسَمَّى مِنْ أَهْل السُّنَّة، وَجَمَاهِير أَئِمَّة اللُّغَة، أَوْ مُخَالِفيهمْ مِنْ الْمُعْتَزِلَة، أَنَّ الِاسْم قَدْ يَقَعُ أَحْيَانًا وَالْمُرَاد بِهِ التَّسْمِيَة حَيْثُ كَانَ فِي خَالِقٍ أَوْ مَخْلُوقٍ.
فَفِي حَقّ الْخَالِق تَسْمِيَة الْمَخْلُوق لَهُ بِاسْمِهِ، وَفِعْل الْمَخْلُوق ذَلِكَ بِعِبَارَاتِهِ الْمَخْلُوقَة.
وَأَمَّا أَسْمَاؤُهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى الَّتِي سَمَّى بِهَا نَفْسه فَقَدِيمَةٌ، كَمَا أَنَّ ذَاته وَصِفَاته قَدِيمَة، وَكَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ لَفْظَة الِاسْم إِذَا تَكَلَّمَ بِهَا الْمَخْلُوق فَتِلْكَ اللَّفْظَة وَالْحُرُوف وَالْأَصْوَات الْمُقَطَّعَة الْمُنْفَهِم مِنْهَا الِاسْم أَنَّهَا غَيْر الذَّات، بَلْ هِيَ التَّسْمِيَة، وَإِنَّمَا الِاسْم الَّذِي هُوَ الذَّات مَا يُفْهَمُ مِنْهُ مِنْ خَالِقٍ وَمَخْلُوقٍ.
هَذَا آخِرُ كَلَام الْقَاضِي.
✯✯✯✯✯✯
4470- قَوْله: «عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا كَانَتْ تَلْعَب بِالْبَنَاتِ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ الْقَاضِي: فيه جَوَاز اللَّعِب بِهِنَّ.
قَالَ: وَهُنَّ مَخْصُوصَات مِنْ الصُّوَر الْمَنْهِيّ عَنْهَا لِهَذَا الْحَدِيث، وَلِمَا فيه مِنْ تَدْرِيب النِّسَاء فِي صِغَرِهِنَّ لِأَمْرِ أَنْفُسِهِنَّ وَبُيُوتهنَّ وَأَوْلَادهنَّ.
قَالَ: وَقَدْ أَجَازَ الْعُلَمَاء بَيْعَهُنَّ وَشِرَاءَهُنَّ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةَ شِرَائِهِنَّ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ الِاكْتِسَابِ بِهَا، وَتَنْزِيه ذَوِي الْمُرُوءَات عَنْ تَوَلِّي بَيْع ذَلِكَ، لَا كَرَاهَة اللَّعِب.
قَالَ: وَمَذْهَب جُمْهُور الْعُلَمَاء جَوَاز اللَّعِب بِهِنَّ، وَقَالَتْ طَائِفَة: هُوَ مَنْسُوخٌ بِالنَّهْيِ عَنْ الصُّوَر هَذَا كَلَام الْقَاضِي.
قَوْلهَا: «وَكَانَتْ تَأْتِينِي صَوَاحِبِي، فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ» مَعْنَى (يَنْقَمِعْنَ) يَتَغَيَّبْنَ حَيَاء مِنْهُ وَهَيْبَة، وَقَدْ يَدْخُلْنَ فِي بَيْتٍ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّل.
(وَيُسَرِّبُهُنَّ) بِتَشْدِيدِ الرَّاء أَيْ يُرْسِلُهُنَّ، وَهَذَا مِنْ لُطْفِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُسْنِ مُعَاشَرَته.
✯✯✯✯✯✯
4472- قَوْلهَا: «يَسْأَلْنَك الْعَدْل فِي اِبْنَة أَبِي قُحَافَة» مَعْنَاهُ يَسْأَلْنَك التَّسْوِيَة بَيْنَهُنَّ فِي مَحَبَّةِ الْقَلْبِ، وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ فِي الْأَفْعَالِ وَالْمَبِيت وَنَحْوه، وَأَمَّا مَحَبَّةُ الْقَلْبِ فَكَانَ يُحِبُّ عَائِشَة أَكْثَر مِنْهُنَّ.
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَحَبَّتَهُنَّ لَا تَكْلِيفَ فيها، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ فيها؛ لِأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا إِلَّا اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْعَدْلِ فِي الْأَفْعَال.
وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ الْعُلَمَاء فِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ يَلْزَمُهُ الْقَسْمُ بَيْنهنَّ فِي الدَّوَام، وَالْمُسَاوَاة فِي ذَلِكَ كَمَا يَلْزَمُ غَيْره أَمْ لَا يَلْزَمُهُ، بَلْ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ مِنْ إِيثَارٍ وَحِرْمَانٍ؟ فَالْمُرَاد بِالْحَدِيثِ طَلَبُ الْمُسَاوَاة فِي مَحَبَّةِ الْقَلْبِ لَا الْعَدْلِ فِي الْأَفْعَالِ، فَإِنَّهُ كَانَ حَاصِلًا قَطْعًا، وَلِهَذَا كَانَ يُطَافُ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ عَلَيْهِنَّ، حَتَّى ضَعُفَ، فَاسْتَأْذَنَهُنَّ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَأَذِنَّ لَهُ.
قَوْلهَا: «يَنْشُدْنَك» أَيْ يَسْأَلْنَك.
قَوْلهَا: «هِيَ الَّتِي تُسَامِينِي» أَيْ تُعَادِلُنِي وَتُضَاهِينِي فِي الْحَظْوَة وَالْمَنْزِلَة الرَّفِيعَة، مَأْخُوذٌ مِنْ السُّمُوِّ، وَهُوَ الِارْتِفَاع.
قَوْلهَا: «مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّة كَانَتْ فيها تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَة» هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم النُّسَخ: «سَوْرَة مِنْ حِدَّة» بِفَتْحِ الْحَاء بِلَا هَاءٍ، وَفِي بَعْضهَا: «مِنْ حِدَّة» بِكَسْرِ الْحَاء وَبِالْهَاءِ.
وَقَوْلهَا: (سَوْرَة) هِيَ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ وَاو سَاكِنَة ثُمَّ رَاءٍ ثُمَّ تَاء.
وَالسَّوْرَة الثَّوَرَان وَعَجَلَة الْغَضَب.
وَأَمَّا (الْحِدَّة) فَهِيَ شِدَّةُ الْخُلُق وَثَوَرَانُهُ.
وَمَعْنَى الْكَلَام أَنَّهَا كَامِلَةُ الْأَوْصَافِ إِلَّا أَنَّ فيها شِدَّة خُلُق وَسُرْعَة غَضَب تُسْرِعُ مِنْهَا.
(الْفَيْئَة) بِفَتْحِ الْفَاء وَبِالْهَمْزِ وَهِيَ الرُّجُوع أَيْ إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهَا رَجَعَتْ عَنْهُ سَرِيعًا، وَلَا تُصِرُّ عَلَيْهِ.
وَقَدْ صَحَّفَ صَاحِب التَّحْرِير فِي هَذَا الْحَدِيث تَصْحِيفًا قَبِيحًا جِدًّا، فَقَالَ: (مَا عَدَا سَوْدَة) بِالدَّالِ، وَجَعَلَهَا سَوْدَة بِنْت زَمْعَة، وَهَذَا مِنْ الْغَلَط الْفَاحِش نَبَّهْت عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ.
قَوْلهَا: «ثُمَّ وَقَعَتْ بِي، فَاسْتَطَالَتْ عَلَيَّ، وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَرْقُبُ طَرْفه هَلْ يَأْذَنُ لِي فيها؟ فَلَمْ تَبْرَحْ زَيْنَب حَتَّى عَرَفْت أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ، فَلَمَّا وَقَعْت بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا حِين أَنْحَيْت عَلَيْهَا» أَمَّا (أَنْحَيْت) فَبِالنُّونِ الْمُهْمَلَة أَيْ قَصَدْتهَا وَاعْتَمَدْتهَا بِالْمُعَارَضَةِ.
وَفِي بَعْض النُّسَخ (حَتَّى بُدِّلَ حِين)، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، وَرَجَّحَ الْقَاضِي (حِين) بِالنُّونِ.
وَمَعْنَى (لَمْ أَنْشَبْهَا) لَمْ أُمْهِلْهَا.
وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة (لَمْ أَنْشَبْهَا أَنْ أَثْخَنْتهَا عَلْيَة) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة وَبِالْيَاءِ، وَفِي بَعْض النُّسَخ بَالِغَيْنِ الْمُعْجَمَة.
و(أَثْخَنْتهَا) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة أَيْ قَمَعْتهَا وَقَهَرْتهَا.
وَقَوْلهَا أَوَّلًا: «ثُمَّ وَقَعَتْ بِي» أَيْ اِسْتَطَاعَتْ عَلَيَّ، وَنَالَتْ مِنِّي بِالْوَقِيعَةِ فِيَّ.
اِعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ فيه دَلِيل عَلَى أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِعَائِشَة، وَلَا أَشَارَ بِعَيْنِهِ وَلَا غَيْرهَا، بَلْ لَا يَحِلّ اِعْتِقَاد ذَلِكَ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ خَائِنَة الْأَعْيُن، وَإِنَّمَا فيه أَنَّهَا اِنْتَصَرَتْ لِنَفْسِهَا فَلَمْ يَنْهَهَا.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا اِبْنَة أَبِي بَكْر» فَمَعْنَاهُ الْإِشَارَة إِلَى كَمَال فَهْمِهَا، وَحُسْنِ نَظَرِهَا.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
✯✯✯✯✯✯
4473- قَوْلهَا: «قَبَضَهُ اللَّه بَيْن سَحْرِي وَنَحْرِي» السَّحْر بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة وَضَمّهَا وَإِسْكَان الْحَاء وَهِيَ الرِّئَة وَمَا تَعَلَّقَ بِهَا قَالَ الْقَاضِي: وَقِيلَ: إِنَّمَا هُو: «شَجَرِي» بِالشِّينِ الْمُعْجَمَة وَالْجِيم، وَشَبَّكَ هَذَا الْقَائِل أَصَابِعه، وَأَوْمَأَ إِلَى أَنَّهَا ضَمَّتْهُ إِلَى نَحْرِهَا مُشَبِّكَة يَدَيْهَا عَلَيْهِ، وَالصَّوَاب الْمَعْرُوف هُوَ الْأَوَّل.
قَوْلهَا: «فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي قَبَضَهُ اللَّه» أَيْ يَوْمهَا الْأَصِيل بِحِسَابِ الدَّوْر وَالْقَسْم، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ صَارَ جَمِيع الْأَيَّام فِي بَيْتهَا.
✯✯✯✯✯✯
4474- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ» وَفِي رِوَايَة: «الرَّفِيق الْأَعْلَى» الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَنَّ الْمُرَاد بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى الْأَنْبِيَاء السَّاكِنُونَ أَعْلَى عَلِيِّينَ، وَلَفْظَة (رَفِيق) تُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِد وَالْجَمْع قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} وَقِيلَ: هُوَ اللَّه تَعَالَى يُقَالُ: اللَّه رَفِيقٌ بِعِبَادِهِ، مِنْ الرِّفْق وَالرَّأْفَة، فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِل.
وَأَنْكَرَ الْأَزْهَرِيُّ هَذَا الْقَوْل، وَقِيلَ: أَرَادَ مُرْتَفَق الْجَنَّة.
✯✯✯✯✯✯
4475- قَوْلهَا: «وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ» هِيَ بِضَمِّ الْبَاء الْمُوَحَّدَة وَتَشْدِيد الْحَاء، وَهِيَ غِلَظٌ فِي الصَّوْت.
✯✯✯✯✯✯
4476- قَوْلهَا: «فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ» هُوَ بِفَتْحِ الْخَاء أَيْ رَفَعَهُ إِلَى السَّمَاء وَلَمْ يَطْرِفْ.
✯✯✯✯✯✯
4477- قَوْلهَا: «كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْن نِسَائِهِ فَطَارَتْ الْقُرْعَة عَلَى عَائِشَة وَحَفْصَة» أَيْ خَرَجَتْ الْقُرْعَة لَهُمَا.
فَفيه صِحَّةُ الْإِقْرَاعِ فِي الْقَسْمِ بَيْن الزَّوْجَات، وَفِي الْأَمْوَال، وَفِي الْعِتْق، وَنَحْو ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُقَرَّر فِي كُتُبِ الْفِقْه مِمَّا فِي مَعْنَى هَذَا، وَبِإِثْبَاتِ الْقُرْعَة فِي هَذِهِ الْأَشْيَاء قَالَ الشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء.
وَفيه أَنَّ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا بِبَعْضِ نِسَائِهِ أَقْرَعَ بَيْنهنَّ كَذَلِكَ، وَهَذَا الْإِقْرَاع عِنْدنَا وَاجِب فِي حَقّ غَيْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي وُجُوب الْقَسْم فِي حَقّه خِلَاف قَدَّمْنَاهُ مَرَّات، فَمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْقَسْم يَجْعَل إِقْرَاعه وَاجِبًا، وَمَنْ لَمْ يُوجِبْهُ يَقُولُ: إِقْرَاعُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْن عِشْرَته وَمَكَارِم أَخْلَاقه.
قَوْلهَا: «إِنَّ حَفْصَة قَالَتْ لِعَائِشَة: أَلَّا تَرْكَبِينَ اللَّيْلَة بَعِيرِي وَأَرْكَب بَعِيرك» قَالَ الْقَاضِي: قَالَ الْمُهَلَّب: هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْقَسْم لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلِهَذَا تَحَيَّلَتْ حَفْصَة عَلَى عَائِشَة بِمَا فَعَلَتْ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَحَرُمَ ذَلِكَ عَلَى حَفْصَة.
وَهَذَا الَّذِي اِدَّعَاهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ، فَإِنَّ الْقَائِل بِأَنَّ الْقَسْم وَاجِب عَلَيْهِ لَا يَمْنَع حَدِيث الْأُخْرَى فِي غَيْر وَقْت عِمَاد الْقَسْم.
قَالَ أَصْحَابُنَا: يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ فِي غَيْرِ وَقْتِ عِمَادِ الْقَسْم إِلَى غَيْر صَاحِبَة النَّوْبَة، فَيَأْخُذُ الْمَتَاع أَوْ يَضَعُهُ، أَوْ نَحْوه مِنْ الْحَاجَات، وَلَهُ أَنْ يُقَبِّلَهَا وَيَلْمِسَهَا مِنْ غَيْر إِطَالَةٍ.
وَعِمَاد الْقَسْم فِي حَقّ الْمُسَافِر هُوَ وَقْت النُّزُول، فَحَالَة السَّيْر لَيْسَتْ مِنْهُ، سَوَاء كَانَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا.
قَوْلهَا: «جَعَلْت رِجْلهَا بَيْن الْإِذْخِر وَتَقُول إِلَى آخِره» هَذَا الَّذِي فَعَلَتْهُ وَقَالَتْهُ حَمَلَهَا عَلَيْهِ فَرْط الْغَيْرَة عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ أَمْر الْغَيْرَة مَعْفُوّ عَنْهُ.
✯✯✯✯✯✯
4479- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا: «إِنَّ جِبْرِيل يَقْرَأُ عَلَيْك السَّلَام قَالَتْ: فَقُلْت: وَعَلَيْهِ السَّلَام وَرَحْمَة اللَّه» فيه فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا، وَفيه اِسْتِحْبَابُ بَعْث السَّلَام، وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُول تَبْلِيغُهُ.
وَفيه بَعْثُ الْأَجْنَبِيِّ السَّلَام إِلَى الْأَجْنَبِيَّة الصَّالِحَة إِذَا لَمْ يُخَفْ تَرَتُّب مَفْسَدَة، وَأَنَّ الَّذِي يُبَلِّغُهُ السَّلَامُ يَرُدُّ عَلَيْهِ.
قَالَ أَصْحَابُنَا: وَهَذَا الرَّدّ وَاجِب عَلَى الْفَوْر، وَكَذَا لَوْ بَلَغَهُ سَلَامٌ فِي وَرَقَة مِنْ غَائِب لَزِمَهُ أَنْ يَرُدَّ السَّلَام عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ عَلَى الْفَوْر إِذَا قَرَأَهُ.
وَفيه أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الرَّدِّ أَنْ يَقُولَ: وَعَلَيْك أَوْ وَعَلَيْكُمْ السَّلَام بِالْوَاوِ، فَلَوْ قَالَ: عَلَيْكُمْ السَّلَام أَوْ عَلَيْكُمْ أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيح، وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابنَا: لَا يُجْزِئُهُ، وَسَبَقَتْ مَسَائِل السَّلَام فِي بَابه مُسْتَوْفَاة.
وَمَعْنَى يَقْرَأُ عَلَيْك السَّلَام يُسَلِّمُ عَلَيْك.
✯✯✯✯✯✯
4480- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشُ» دَلِيل لِجَوَازِ التَّرْخِيم، وَيَجُوزُ فَتْح الشِّين وَضَمّهَا.
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب فضائل الصحابة ﴿ 14 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
باب في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها
۞۞۞۞۞۞۞
4468- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «جَاءَنِي بِك الْمَلَك فِي سَرَقَة مِنْ حَرِير» هِيَ بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة وَالرَّاء، وَهِيَ الشُّقَق الْبِيض مِنْ الْحَرِير، قَالَهُ أَبُو عُبَيْد وَغَيْره.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَأَقُول إِنْ يَكُ مِنْ عِنْد اللَّهِ يُمْضِهِ» قَالَ الْقَاضِي: إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الرُّؤْيَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ، وَقِيلَ تَخْلِيصُ أَحْلَامه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْأَضْغَاث فَمَعْنَاهَا إِنْ كَانَتْ رُؤْيَا حَقٍّ.
إِنْ كَانَتْ بَعْدَ النُّبُوَّة فَلَهَا ثَلَاثَةُ مَعَانٍ: أَحَدُهَا أَنَّ الْمُرَاد إِنْ تَكُنْ الرُّؤْيَا عَلَى وَجْهِهَا وَظَاهِرِهَا لَا تَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَتَفْسِيرٍ فَسَيُمْضِيهِ اللَّه تَعَالَى وَيُنَجِّزُهُ، فَالشَّكُّ عَائِدٌ إِلَى أَنَّهَا رُؤْيَا عَلَى ظَاهِرهَا أَمْ تَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ وَصَرْفٍ عَلَى ظَاهِرِهَا.
الثَّانِي أَنَّ الْمُرَاد إِنْ كَانَتْ هَذِهِ الزَّوْجَة فِي الدُّنْيَا يُمْضِهَا اللَّه، فَالشَّكّ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فِي الدُّنْيَا أَمْ فِي الْجَنَّة.
الثَّالِثُ أَنَّهُ لَمْ يَشُكَّ، وَلَكِنْ أُخْبِرَ عَلَى التَّحْقِيق، وَأَتَى بِصُورَةِ الشَّكّ كَمَا قَالَ: أَأَنْتِ أَمْ أُمّ سَالِم؟ وَهُوَ نَوْع مِنْ الْبَدِيع عِنْد أَهْل الْبَلَاغَة يُسَمُّونَهُ تَجَاهُل الْعَارِف، وَسَمَّاهُ بَعْضُهُمْ مَزْج الشَّكّ بِالْيَقِينِ.
✯✯✯✯✯✯
4469- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَة: «إِنِّي لَأَعْلَم إِذَا كُنْت عَنِّي رَاضِيَة، وَإِذَا كُنْت عَلَيَّ غَضْبَى إِلَى قَوْلهَا: يَا رَسُول اللَّه مَا أَهْجُرُ إِلَّا اِسْمك» قَالَ الْقَاضِي: مُغَاضَبَة عَائِشَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِيَ مِمَّا سَبَقَ مِنْ الْغَيْرَةِ الَّتِي عُفِيَ عَنْهَا لِلنِّسَاءِ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَام كَمَا سَبَقَ لِعَدَمِ اِنْفِكَاكِهِنَّ مِنْهَا حَتَّى قَالَ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاء الْمَدِينَة: يَسْقُطُ عَنْهَا الْحَدُّ إِذَا قَذَفَتْ زَوْجهَا بِالْفَاحِشَةِ عَلَى جِهَةِ الْغَيْرَةِ.
قَالَ: وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «مَا تَدْرِي الْغَيْرَاء أَعْلَى الْوَادِي مِنْ أَسْفَله»، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَكَانَ عَلَى عَائِشَة فِي ذَلِكَ مِنْ الْحَرَجِ مَا فيه، لِأَنَّ الْغَضَب عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهَجْره كَبِيرَة عَظِيمَة، وَلِهَذَا قَالَتْ: لَا أَهْجُرُ إِلَّا اِسْمك، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ قَلْبَهَا وَحُبَّهَا كَمَا كَانَ، وَإِنَّمَا الْغَيْرَة فِي النِّسَاء لِفَرْطِ الْمَحَبَّة قَالَ الْقَاضِي: وَاسْتَدَلَّ بَعْضهمْ بِهَذَا أَنَّ الِاسْم غَيْر الْمُسَمَّى فِي الْمَخْلُوقِينَ، وَأَمَّا فِي حَقّ اللَّه تَعَالَى فَالِاسْم هُوَ الْمُسَمَّى.
قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا كَلَام مَنْ لَا تَحْقِيقَ عِنْده مِنْ مَعْنَى الْمَسْأَلَة لُغَةً وَلَا نَظَرًا، وَلَا شَكّ عِنْد الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الِاسْم هُوَ الْمُسَمَّى مِنْ أَهْل السُّنَّة، وَجَمَاهِير أَئِمَّة اللُّغَة، أَوْ مُخَالِفيهمْ مِنْ الْمُعْتَزِلَة، أَنَّ الِاسْم قَدْ يَقَعُ أَحْيَانًا وَالْمُرَاد بِهِ التَّسْمِيَة حَيْثُ كَانَ فِي خَالِقٍ أَوْ مَخْلُوقٍ.
فَفِي حَقّ الْخَالِق تَسْمِيَة الْمَخْلُوق لَهُ بِاسْمِهِ، وَفِعْل الْمَخْلُوق ذَلِكَ بِعِبَارَاتِهِ الْمَخْلُوقَة.
وَأَمَّا أَسْمَاؤُهُ سُبْحَانه وَتَعَالَى الَّتِي سَمَّى بِهَا نَفْسه فَقَدِيمَةٌ، كَمَا أَنَّ ذَاته وَصِفَاته قَدِيمَة، وَكَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ لَفْظَة الِاسْم إِذَا تَكَلَّمَ بِهَا الْمَخْلُوق فَتِلْكَ اللَّفْظَة وَالْحُرُوف وَالْأَصْوَات الْمُقَطَّعَة الْمُنْفَهِم مِنْهَا الِاسْم أَنَّهَا غَيْر الذَّات، بَلْ هِيَ التَّسْمِيَة، وَإِنَّمَا الِاسْم الَّذِي هُوَ الذَّات مَا يُفْهَمُ مِنْهُ مِنْ خَالِقٍ وَمَخْلُوقٍ.
هَذَا آخِرُ كَلَام الْقَاضِي.
✯✯✯✯✯✯
4470- قَوْله: «عَنْ عَائِشَة أَنَّهَا كَانَتْ تَلْعَب بِالْبَنَاتِ عِنْد رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» قَالَ الْقَاضِي: فيه جَوَاز اللَّعِب بِهِنَّ.
قَالَ: وَهُنَّ مَخْصُوصَات مِنْ الصُّوَر الْمَنْهِيّ عَنْهَا لِهَذَا الْحَدِيث، وَلِمَا فيه مِنْ تَدْرِيب النِّسَاء فِي صِغَرِهِنَّ لِأَمْرِ أَنْفُسِهِنَّ وَبُيُوتهنَّ وَأَوْلَادهنَّ.
قَالَ: وَقَدْ أَجَازَ الْعُلَمَاء بَيْعَهُنَّ وَشِرَاءَهُنَّ، وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةَ شِرَائِهِنَّ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ الِاكْتِسَابِ بِهَا، وَتَنْزِيه ذَوِي الْمُرُوءَات عَنْ تَوَلِّي بَيْع ذَلِكَ، لَا كَرَاهَة اللَّعِب.
قَالَ: وَمَذْهَب جُمْهُور الْعُلَمَاء جَوَاز اللَّعِب بِهِنَّ، وَقَالَتْ طَائِفَة: هُوَ مَنْسُوخٌ بِالنَّهْيِ عَنْ الصُّوَر هَذَا كَلَام الْقَاضِي.
قَوْلهَا: «وَكَانَتْ تَأْتِينِي صَوَاحِبِي، فَكُنَّ يَنْقَمِعْنَ مِنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَانَ يُسَرِّبُهُنَّ إِلَيَّ» مَعْنَى (يَنْقَمِعْنَ) يَتَغَيَّبْنَ حَيَاء مِنْهُ وَهَيْبَة، وَقَدْ يَدْخُلْنَ فِي بَيْتٍ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّل.
(وَيُسَرِّبُهُنَّ) بِتَشْدِيدِ الرَّاء أَيْ يُرْسِلُهُنَّ، وَهَذَا مِنْ لُطْفِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحُسْنِ مُعَاشَرَته.
✯✯✯✯✯✯
4472- قَوْلهَا: «يَسْأَلْنَك الْعَدْل فِي اِبْنَة أَبِي قُحَافَة» مَعْنَاهُ يَسْأَلْنَك التَّسْوِيَة بَيْنَهُنَّ فِي مَحَبَّةِ الْقَلْبِ، وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَوِّي بَيْنَهُنَّ فِي الْأَفْعَالِ وَالْمَبِيت وَنَحْوه، وَأَمَّا مَحَبَّةُ الْقَلْبِ فَكَانَ يُحِبُّ عَائِشَة أَكْثَر مِنْهُنَّ.
وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ مَحَبَّتَهُنَّ لَا تَكْلِيفَ فيها، وَلَا يَلْزَمُهُ التَّسْوِيَةُ فيها؛ لِأَنَّهُ لَا قُدْرَةَ لِأَحَدٍ عَلَيْهَا إِلَّا اللَّه سُبْحَانه وَتَعَالَى، وَإِنَّمَا يُؤْمَرُ بِالْعَدْلِ فِي الْأَفْعَال.
وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَصْحَابنَا وَغَيْرهمْ مِنْ الْعُلَمَاء فِي أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ كَانَ يَلْزَمُهُ الْقَسْمُ بَيْنهنَّ فِي الدَّوَام، وَالْمُسَاوَاة فِي ذَلِكَ كَمَا يَلْزَمُ غَيْره أَمْ لَا يَلْزَمُهُ، بَلْ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ مِنْ إِيثَارٍ وَحِرْمَانٍ؟ فَالْمُرَاد بِالْحَدِيثِ طَلَبُ الْمُسَاوَاة فِي مَحَبَّةِ الْقَلْبِ لَا الْعَدْلِ فِي الْأَفْعَالِ، فَإِنَّهُ كَانَ حَاصِلًا قَطْعًا، وَلِهَذَا كَانَ يُطَافُ بِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ عَلَيْهِنَّ، حَتَّى ضَعُفَ، فَاسْتَأْذَنَهُنَّ فِي أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ، فَأَذِنَّ لَهُ.
قَوْلهَا: «يَنْشُدْنَك» أَيْ يَسْأَلْنَك.
قَوْلهَا: «هِيَ الَّتِي تُسَامِينِي» أَيْ تُعَادِلُنِي وَتُضَاهِينِي فِي الْحَظْوَة وَالْمَنْزِلَة الرَّفِيعَة، مَأْخُوذٌ مِنْ السُّمُوِّ، وَهُوَ الِارْتِفَاع.
قَوْلهَا: «مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّة كَانَتْ فيها تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَة» هَكَذَا هُوَ فِي مُعْظَم النُّسَخ: «سَوْرَة مِنْ حِدَّة» بِفَتْحِ الْحَاء بِلَا هَاءٍ، وَفِي بَعْضهَا: «مِنْ حِدَّة» بِكَسْرِ الْحَاء وَبِالْهَاءِ.
وَقَوْلهَا: (سَوْرَة) هِيَ بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ وَاو سَاكِنَة ثُمَّ رَاءٍ ثُمَّ تَاء.
وَالسَّوْرَة الثَّوَرَان وَعَجَلَة الْغَضَب.
وَأَمَّا (الْحِدَّة) فَهِيَ شِدَّةُ الْخُلُق وَثَوَرَانُهُ.
وَمَعْنَى الْكَلَام أَنَّهَا كَامِلَةُ الْأَوْصَافِ إِلَّا أَنَّ فيها شِدَّة خُلُق وَسُرْعَة غَضَب تُسْرِعُ مِنْهَا.
(الْفَيْئَة) بِفَتْحِ الْفَاء وَبِالْهَمْزِ وَهِيَ الرُّجُوع أَيْ إِذَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْهَا رَجَعَتْ عَنْهُ سَرِيعًا، وَلَا تُصِرُّ عَلَيْهِ.
وَقَدْ صَحَّفَ صَاحِب التَّحْرِير فِي هَذَا الْحَدِيث تَصْحِيفًا قَبِيحًا جِدًّا، فَقَالَ: (مَا عَدَا سَوْدَة) بِالدَّالِ، وَجَعَلَهَا سَوْدَة بِنْت زَمْعَة، وَهَذَا مِنْ الْغَلَط الْفَاحِش نَبَّهْت عَلَيْهِ لِئَلَّا يُغْتَرَّ بِهِ.
قَوْلهَا: «ثُمَّ وَقَعَتْ بِي، فَاسْتَطَالَتْ عَلَيَّ، وَأَنَا أَرْقُبُ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَرْقُبُ طَرْفه هَلْ يَأْذَنُ لِي فيها؟ فَلَمْ تَبْرَحْ زَيْنَب حَتَّى عَرَفْت أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَكْرَهُ أَنْ أَنْتَصِرَ، فَلَمَّا وَقَعْت بِهَا لَمْ أَنْشَبْهَا حِين أَنْحَيْت عَلَيْهَا» أَمَّا (أَنْحَيْت) فَبِالنُّونِ الْمُهْمَلَة أَيْ قَصَدْتهَا وَاعْتَمَدْتهَا بِالْمُعَارَضَةِ.
وَفِي بَعْض النُّسَخ (حَتَّى بُدِّلَ حِين)، وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، وَرَجَّحَ الْقَاضِي (حِين) بِالنُّونِ.
وَمَعْنَى (لَمْ أَنْشَبْهَا) لَمْ أُمْهِلْهَا.
وَفِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة (لَمْ أَنْشَبْهَا أَنْ أَثْخَنْتهَا عَلْيَة) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة وَبِالْيَاءِ، وَفِي بَعْض النُّسَخ بَالِغَيْنِ الْمُعْجَمَة.
و(أَثْخَنْتهَا) بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَة وَالْخَاء الْمُعْجَمَة أَيْ قَمَعْتهَا وَقَهَرْتهَا.
وَقَوْلهَا أَوَّلًا: «ثُمَّ وَقَعَتْ بِي» أَيْ اِسْتَطَاعَتْ عَلَيَّ، وَنَالَتْ مِنِّي بِالْوَقِيعَةِ فِيَّ.
اِعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ فيه دَلِيل عَلَى أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ لِعَائِشَة، وَلَا أَشَارَ بِعَيْنِهِ وَلَا غَيْرهَا، بَلْ لَا يَحِلّ اِعْتِقَاد ذَلِكَ فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْرُمُ عَلَيْهِ خَائِنَة الْأَعْيُن، وَإِنَّمَا فيه أَنَّهَا اِنْتَصَرَتْ لِنَفْسِهَا فَلَمْ يَنْهَهَا.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهَا اِبْنَة أَبِي بَكْر» فَمَعْنَاهُ الْإِشَارَة إِلَى كَمَال فَهْمِهَا، وَحُسْنِ نَظَرِهَا.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
✯✯✯✯✯✯
4473- قَوْلهَا: «قَبَضَهُ اللَّه بَيْن سَحْرِي وَنَحْرِي» السَّحْر بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة وَضَمّهَا وَإِسْكَان الْحَاء وَهِيَ الرِّئَة وَمَا تَعَلَّقَ بِهَا قَالَ الْقَاضِي: وَقِيلَ: إِنَّمَا هُو: «شَجَرِي» بِالشِّينِ الْمُعْجَمَة وَالْجِيم، وَشَبَّكَ هَذَا الْقَائِل أَصَابِعه، وَأَوْمَأَ إِلَى أَنَّهَا ضَمَّتْهُ إِلَى نَحْرِهَا مُشَبِّكَة يَدَيْهَا عَلَيْهِ، وَالصَّوَاب الْمَعْرُوف هُوَ الْأَوَّل.
قَوْلهَا: «فَلَمَّا كَانَ يَوْمِي قَبَضَهُ اللَّه» أَيْ يَوْمهَا الْأَصِيل بِحِسَابِ الدَّوْر وَالْقَسْم، وَإِلَّا فَقَدْ كَانَ صَارَ جَمِيع الْأَيَّام فِي بَيْتهَا.
✯✯✯✯✯✯
4474- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اِغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَأَلْحِقْنِي بِالرَّفِيقِ» وَفِي رِوَايَة: «الرَّفِيق الْأَعْلَى» الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَنَّ الْمُرَاد بِالرَّفِيقِ الْأَعْلَى الْأَنْبِيَاء السَّاكِنُونَ أَعْلَى عَلِيِّينَ، وَلَفْظَة (رَفِيق) تُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِد وَالْجَمْع قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} وَقِيلَ: هُوَ اللَّه تَعَالَى يُقَالُ: اللَّه رَفِيقٌ بِعِبَادِهِ، مِنْ الرِّفْق وَالرَّأْفَة، فَهُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِل.
وَأَنْكَرَ الْأَزْهَرِيُّ هَذَا الْقَوْل، وَقِيلَ: أَرَادَ مُرْتَفَق الْجَنَّة.
✯✯✯✯✯✯
4475- قَوْلهَا: «وَأَخَذَتْهُ بُحَّةٌ» هِيَ بِضَمِّ الْبَاء الْمُوَحَّدَة وَتَشْدِيد الْحَاء، وَهِيَ غِلَظٌ فِي الصَّوْت.
✯✯✯✯✯✯
4476- قَوْلهَا: «فَأَشْخَصَ بَصَرَهُ إِلَى السَّقْفِ» هُوَ بِفَتْحِ الْخَاء أَيْ رَفَعَهُ إِلَى السَّمَاء وَلَمْ يَطْرِفْ.
✯✯✯✯✯✯
4477- قَوْلهَا: «كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْن نِسَائِهِ فَطَارَتْ الْقُرْعَة عَلَى عَائِشَة وَحَفْصَة» أَيْ خَرَجَتْ الْقُرْعَة لَهُمَا.
فَفيه صِحَّةُ الْإِقْرَاعِ فِي الْقَسْمِ بَيْن الزَّوْجَات، وَفِي الْأَمْوَال، وَفِي الْعِتْق، وَنَحْو ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مُقَرَّر فِي كُتُبِ الْفِقْه مِمَّا فِي مَعْنَى هَذَا، وَبِإِثْبَاتِ الْقُرْعَة فِي هَذِهِ الْأَشْيَاء قَالَ الشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء.
وَفيه أَنَّ مَنْ أَرَادَ سَفَرًا بِبَعْضِ نِسَائِهِ أَقْرَعَ بَيْنهنَّ كَذَلِكَ، وَهَذَا الْإِقْرَاع عِنْدنَا وَاجِب فِي حَقّ غَيْر النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَّا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَفِي وُجُوب الْقَسْم فِي حَقّه خِلَاف قَدَّمْنَاهُ مَرَّات، فَمَنْ قَالَ بِوُجُوبِ الْقَسْم يَجْعَل إِقْرَاعه وَاجِبًا، وَمَنْ لَمْ يُوجِبْهُ يَقُولُ: إِقْرَاعُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ حُسْن عِشْرَته وَمَكَارِم أَخْلَاقه.
قَوْلهَا: «إِنَّ حَفْصَة قَالَتْ لِعَائِشَة: أَلَّا تَرْكَبِينَ اللَّيْلَة بَعِيرِي وَأَرْكَب بَعِيرك» قَالَ الْقَاضِي: قَالَ الْمُهَلَّب: هَذَا دَلِيل عَلَى أَنَّ الْقَسْم لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلِهَذَا تَحَيَّلَتْ حَفْصَة عَلَى عَائِشَة بِمَا فَعَلَتْ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَحَرُمَ ذَلِكَ عَلَى حَفْصَة.
وَهَذَا الَّذِي اِدَّعَاهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ، فَإِنَّ الْقَائِل بِأَنَّ الْقَسْم وَاجِب عَلَيْهِ لَا يَمْنَع حَدِيث الْأُخْرَى فِي غَيْر وَقْت عِمَاد الْقَسْم.
قَالَ أَصْحَابُنَا: يَجُوزُ أَنْ يَدْخُلَ فِي غَيْرِ وَقْتِ عِمَادِ الْقَسْم إِلَى غَيْر صَاحِبَة النَّوْبَة، فَيَأْخُذُ الْمَتَاع أَوْ يَضَعُهُ، أَوْ نَحْوه مِنْ الْحَاجَات، وَلَهُ أَنْ يُقَبِّلَهَا وَيَلْمِسَهَا مِنْ غَيْر إِطَالَةٍ.
وَعِمَاد الْقَسْم فِي حَقّ الْمُسَافِر هُوَ وَقْت النُّزُول، فَحَالَة السَّيْر لَيْسَتْ مِنْهُ، سَوَاء كَانَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا.
قَوْلهَا: «جَعَلْت رِجْلهَا بَيْن الْإِذْخِر وَتَقُول إِلَى آخِره» هَذَا الَّذِي فَعَلَتْهُ وَقَالَتْهُ حَمَلَهَا عَلَيْهِ فَرْط الْغَيْرَة عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ أَمْر الْغَيْرَة مَعْفُوّ عَنْهُ.
✯✯✯✯✯✯
4479- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا: «إِنَّ جِبْرِيل يَقْرَأُ عَلَيْك السَّلَام قَالَتْ: فَقُلْت: وَعَلَيْهِ السَّلَام وَرَحْمَة اللَّه» فيه فَضِيلَةٌ ظَاهِرَةٌ لِعَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا، وَفيه اِسْتِحْبَابُ بَعْث السَّلَام، وَيَجِبُ عَلَى الرَّسُول تَبْلِيغُهُ.
وَفيه بَعْثُ الْأَجْنَبِيِّ السَّلَام إِلَى الْأَجْنَبِيَّة الصَّالِحَة إِذَا لَمْ يُخَفْ تَرَتُّب مَفْسَدَة، وَأَنَّ الَّذِي يُبَلِّغُهُ السَّلَامُ يَرُدُّ عَلَيْهِ.
قَالَ أَصْحَابُنَا: وَهَذَا الرَّدّ وَاجِب عَلَى الْفَوْر، وَكَذَا لَوْ بَلَغَهُ سَلَامٌ فِي وَرَقَة مِنْ غَائِب لَزِمَهُ أَنْ يَرُدَّ السَّلَام عَلَيْهِ بِاللَّفْظِ عَلَى الْفَوْر إِذَا قَرَأَهُ.
وَفيه أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ فِي الرَّدِّ أَنْ يَقُولَ: وَعَلَيْك أَوْ وَعَلَيْكُمْ السَّلَام بِالْوَاوِ، فَلَوْ قَالَ: عَلَيْكُمْ السَّلَام أَوْ عَلَيْكُمْ أَجْزَأَهُ عَلَى الصَّحِيح، وَكَانَ تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ، وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابنَا: لَا يُجْزِئُهُ، وَسَبَقَتْ مَسَائِل السَّلَام فِي بَابه مُسْتَوْفَاة.
وَمَعْنَى يَقْرَأُ عَلَيْك السَّلَام يُسَلِّمُ عَلَيْك.
✯✯✯✯✯✯
4480- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَائِشُ» دَلِيل لِجَوَازِ التَّرْخِيم، وَيَجُوزُ فَتْح الشِّين وَضَمّهَا.
باب في فضل عائشة رضي الله تعالى عنها
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب فضائل الصحابة ﴿ 14 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞