باب اباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الانسان
باب اباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الانسان
4034- قَوْله: «وَكَانَتْ اِمْرَأَة جَسِيمَة تَفْرَع النِّسَاء جِسْمًا لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفهَا» فَقَوْله: «جَسِيمَة» أَيْ عَظِيمَة الْجِسْم، وَقَوْله: (تَفْرَع) هُوَ بِفَتْحِ التَّاء وَإِسْكَان الْفَاء وَفَتْح الرَّاء وَبِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَة، أَيْ تُطَوِّلهُنَّ، فَتَكُون أَطْوَل مِنْهُنَّ، وَالْفَارِع الْمُرْتَفِع الْعَالِي.
وَقَوْله: (لَا تَخْفَى عَلَى مَنْ يَعْرِفهَا) يَعْنِي لَا تَخْفَى إِذَا كَانَتْ مُتَلَفِّفَة فِي ثِيَابهَا وَمِرْطهَا فِي ظُلْمَة اللَّيْل وَنَحْوهَا عَلَى مَنْ قَدْ سَبَقَتْ لَهُ مَعْرِفَة طُولهَا لِانْفِرَادِهَا بِذَلِكَ.
قَوْلهَا: (وَإِنَّهُ لَيَتَعَشَّى وَفِي يَده عَرْق) هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْن وَإِسْكَان الرَّاء، وَهُوَ الْعَظْم الَّذِي عَلَيْهِ بَقِيَّة لَحْم.
هَذَا هُوَ الْمَشْهُور، وَقِيلَ: هُوَ الْقَذِرَة مِنْ اللَّحْم، وَهُوَ شَاذّ ضَعِيف.
قَوْله: «قَالَ هِشَام: يَعْنِي الْبَرَاز» هَكَذَا الْمَشْهُور فِي الرِّوَايَة (الْبَرَاز) بِفَتْحِ الْبَاء، وَهُوَ الْمَوْضِع الْوَاسِع الْبَارِز الظَّاهِر، وَقَدْ قَالَ الْجَوْهَرِيّ فِي الصِّحَاح: البِرَاز بِكَسْرِ الْبَاء هُوَ الْغَائِط، وَهَذَا أَشْبَه أَنْ يَكُون هُوَ الْمُرَاد هُنَا، فَإِنَّ مُرَاد هِشَام بِقَوْلِهِ: (يَعْنِي الْبَرَاز) تَفْسِير قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ أُذِنَ لَكُنَّ» أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ فَقَالَ هِشَام: الْمُرَاد بِحَاجَتِهِنَّ الْخُرُوج لِلْغَائِطِ، لَا لِكُلِّ حَاجَة مِنْ أُمُور الْمَعَايِش.
وَاللَّه أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
4035- قَوْله: «كُنَّ يَخْرُجْنَ إِذَا تَبَرَّزْنَ إِلَى الْمَنَاصِع» وَهُوَ صَعِيد أَفْيَح.
مَعْنَى (تَبَرَّزْنَ) أَرَدْنَ الْخُرُوج لِقَضَاءِ الْحَاجَة، (وَالْمَنَاصِع) بِفَتْحِ الْمِيم وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَة الْمَكْسُورَة، وَهُوَ جَمْع مَنْصَع، وَهَذِهِ الْمَنَاصِع مَوَاضِع.
قَالَ الْأَزْهَرِيّ: أَرَاهَا مَوَاضِع خَارِج الْمَدِينَة، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْله فِي الْحَدِيث، وَهُوَ صَعِيد أَفْيَح، أَيْ أَرْض مُتَّسَعَة، وَالْأَفْيَح بِالْفَاءِ الْمَكَان الْوَاسِع.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث مَنْقَبَة ظَاهِرَة لِعُمَر اِبْن الْخَطَّاب صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفيه تَنْبِيه أَهْل الْفَضْل وَالْكِبَار عَلَى مَصَالِحهمْ، وَنَصِيحَتهمْ، وَتَكْرَار ذَلِكَ عَلَيْهِمْ.
وَفيه جَوَاز تَعَرُّق الْعَظْم.
وَجَوَاز خُرُوج الْمَرْأَة مِنْ بَيْت زَوْجهَا لِقَضَاءِ حَاجَة الْإِنْسَان إِلَى الْمَوْضِع الْمُعْتَاد لِذَلِكَ بِغَيْرِ اِسْتِئْذَان الزَّوْج، لِأَنَّهُ مِمَّا أَذِنَ فيه الشَّرْع.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: فَرْض الْحِجَاب مِمَّا اُخْتُصَّ بِهِ أَزْوَاج النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهُوَ فَرْض عَلَيْهِنَّ بِلَا خِلَاف فِي الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ، فَلَا يَجُوز لَهُنَّ كَشْف ذَلِكَ لِشَهَادَةٍ وَلَا غَيْرهَا، وَلَا يَجُوز لَهُنَّ إِظْهَار شُخُوصهنَّ، وَإِنْ كُنَّ مُسْتَتِرَات إِلَّا مَا دَعَتْ إِلَيْهِ الضَّرُورَة مِنْ الْخُرُوج لِلْبَرَازِ.
قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاء حِجَاب}.
وَقَدْ كُنَّ إِذَا قَعَدْنَ لِلنَّاسِ جَلَسْنَ مِنْ وَرَاء الْحِجَاب، وَإِذَا خَرَجْنَ حُجِبْنَ وَسَتَرْنَ أَشْخَاصهنَّ كَمَا جَاءَ فِي حَدِيث حَفْصَة يَوْم وَفَاة عُمَر، وَلَمَّا تُوُفِّيَتْ زَيْنَب رَضِيَ اللَّه عَنْهَا جَعَلُوا لَهَا قُبَّة فَوْق نَعْشهَا تَسْتُر شَخْصهَا.
هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي.
باب اباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الانسان
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب السلام ﴿ 7 ﴾
۞۞۞۞۞۞
۞۞