📁 آخر الأخبار

باب صلاة الجمعة وما يتعلق بها من احكام

 

باب صلاة الجمعة وما يتعلق بها من احكام

باب صلاة الجمعة وما يتعلق بها من احكام


قَال بِضَمِّ الْمِيم، وَإِسْكَانهَا وَفَتْحهَا، حَكَاهُنَّ الْفَرَّاء وَالْوَاحِدِيّ وَغَيْرهمَا، وَوَجَّهُوا الْفَتْح بِأَنَّهَا تَجْمَع النَّاس وَيَكْثُرُونَ فيها، كَمَا يُقَال: هُمَزَة وَلُمَزَة لِكَثْرَةِ الْهَمْز وَاللَّمْز وَنَحْو ذَلِكَ سُمِّيَتْ جُمْعَة لِاجْتِمَاعِ النَّاس فيها، وَكَانَ يَوْم الْجُمُعَة فِي الْجَاهِلِيَّة يُسَمَّى الْعَرُوبَة.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ أَحَدكُمْ أَنْ يَأْتِي الْجُمُعَة فَلْيَغْتَسِلْ» وَفِي رِوَايَة: «مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ الْجُمُعَة فَلْيَغْتَسِلْ» وَهَذِهِ الثَّانِيَة مَحْمُولَة عَلَى الْأَوَّل مَعْنَاهَا مَنْ أَرَادَ الْمَجِيء فَلْيَغْتَسِلْ، وَفِي الْحَدِيث الْآخَر بَعْده: «غُسْل الْجُمُعَة وَاجِب عَلَى كُلّ مُحْتَلِم» وَالْمُرَاد بِالْمُحْتَلِمِ الْبَالِغ.

 وَفِي الْحَدِيث الْآخَر: حَقُّ لِلَّهِ عَلَى كُلّ مُسْلِم أَنْ يَغْتَسِل فِي كُلّ سَبْعَة أَيَّام يَغْسِل رَأْسه وَجَسَده.

 وَفِي الْحَدِيث الْآخَر: «لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا» وَفِي رِوَايَة: «لَوْ اِغْتَسَلْتُمْ يَوْم الْجُمُعَة» وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي غُسْل الْجُمُعَة فَحُكِيَ وُجُوبه عَنْ طَائِفَة مِنْ السَّلَف حَكَوْهُ عَنْ بَعْض الصَّحَابَة، وَبِهِ قَالَ أَهْل الظَّاهِر، وَحَكَاهُ اِبْن الْمُنْذِر عَنْ مَالِك، وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَمَالِك، وَذَهَبَ جُمْهُور الْعُلَمَاء مِنْ السَّلَف وَالْخَلَف وَفُقَهَاء الْأَمْصَار إِلَى أَنَّهُ سُنَّة مُسْتَحَبَّة لَيْسَ بِوَاجِبٍ، قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ الْمَعْرُوف مِنْ مَذْهَب مَالِك وَأَصْحَابه، وَاحْتَجَّ مَنْ أَوْجَبَهُ بِظَوَاهِر هَذِهِ الْأَحَادِيث، وَاحْتَجَّ الْجُمْهُور بِأَحَادِيث صَحِيحَة مِنْهَا: حَدِيث الرَّجُل الَّذِي دَخَلَ وَعُمَر يَخْطُب وَقَدْ تَرَكَ الْغُسْل، وَقَدْ ذَكَرَهُ مُسْلِم، وَهَذَا الرَّجُل هُوَ عُثْمَان بْن عَفَّانَ جَاءَ مُبَيَّنًا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى، وَوَجْه الدَّلَالَة أَنَّ عُثْمَان فَعَلَهُ وَأَقَرَّهُ عُمَر وَحَاضِرُوا وَالْجُمْعَة وَهُمْ أَهْل الْحَلّ وَالْعَقْد، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَمَا تَرَكَهُ وَلَأَلْزَمُوهُ، وَمِنْهَا: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَمَنْ اِغْتَسَلَ فَالْغُسْل أَفْضَل» حَدِيث حَسَن فِي السُّنَن مَشْهُور، وَفيه دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ.

 وَمِنْهَا: قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ اِغْتَسَلْتُمْ يَوْم الْجُمُعَة» وَهَذَا اللَّفْظ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِأَنَّ تَقْدِيره لَكَانَ أَفْضَل وَأَكْمَلَ وَنَحْو هَذَا مِنْ الْعِبَادَات، وَأَجَابُوا عَنْ الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الْأَمْر بِهِ أَنَّهَا مَحْمُولَة عَلَى النَّدْب جَمْعًا بَيْن الْأَحَادِيث.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا أَرَادَ أَحَدكُمْ أَنْ يَأْتِي الْجُمُعَة فَلْيَغْتَسِلْ» و«غُسْل الْجُمُعَة وَاجِب عَلَى كُلّ مُحْتَلِم» فَالْحَدِيث الْأَوَّل ظَاهِر فِي أَنَّ الْغُسْل مَشْرُوع لِكُلِّ مَنْ أَرَادَ الْجُمُعَة مِنْ الرِّجَال سَوَاء الْبَالِغ وَالصَّبِيّ الْمُمَيِّز.

 وَالثَّانِي صَرِيح فِي الْبَالِغ، وَفِي أَحَادِيث أُخَر أَلْفَاظ تَقْتَضِي دُخُول النِّسَاء كَحَدِيثِ: «وَمَنْ اِغْتَسَلَ فَالْغُسْل أَفْضَل».

 فَيُقَال فِي الْجَمْع بَيْن الْأَحَادِيث: أَنَّ الْغُسْل يُسْتَحَبّ لِكُلِّ مُرِيد الْجُمُعَة، وَمُتَأَكِّد فِي حَقّ الذُّكُور أَكْثَر مِنْ النِّسَاء؛ لِأَنَّهُ فِي حَقّهنَّ قَرِيب مِنْ الطِّيب، وَمُتَأَكِّد فِي حَقِّ الْبَالِغِينَ أَكْثَر مِنْ الصِّبْيَان، وَمَذْهَبنَا الْمَشْهُور أَنَّهُ يُسْتَحَبّ لِكُلِّ مُرِيد لَهَا.

 وَفِي وَجْه لِأَصْحَابِنَا: يُسْتَحَبّ لِلذُّكُورِ خَاصَّة.

 وَفِي وَجْه: يُسْتَحَبّ لِمَنْ يَلْزَمهُ الْجُمُعَة دُون النِّسَاء وَالصِّبْيَان وَالْعَبِيد وَالْمُسَافِرِينَ، وَوَجْه يُسْتَحَبّ لِكُلِّ أَحَد يَوْم الْجُمُعَة سَوَاء أَرَادَ حُضُور الْجُمُعَة أَمْ لَا كَغُسْلِ يَوْم الْعِيد يُسْتَحَبّ لِكُلِّ أَحَد، وَالصَّحِيح الْأَوَّل، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

✯✯✯✯✯✯

‏1393- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏1394- قَوْله: «وَهُوَ قَائِم عَلَى الْمِنْبَر» فيه اِسْتِحْبَاب الْمِنْبَر لِلْخُطْبَةِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلْيَكُنْ عَلَى مَوْضِع عَالٍ؛ لِيَبْلُغ صَوْته جَمِيعهمْ، وَلْيَنْفَرِدْ فَيَكُون أَوْقَعَ فِي النُّفُوس.

 وَفيه أَنَّ الْخَطِيب يَكُون قَائِمًا.

 وَسُمِّيَ مِنْبَرًا لِارْتِفَاعِهِ، مِنْ النَّبْر وَهُوَ الِارْتِفَاع.

✯✯✯✯✯✯

‏1395- قَوْله: «أَيَّة سَاعَة هَذِهِ»؟ قَالَهُ تَوْبِيخًا لَهُ وَإِنْكَارًا لِتَأَخُّرِهِ إِلَى هَذَا الْوَقْت.

 فيه: تَفَقُّد الْإِمَام رَعِيَّته وَأَمْرهمْ بِمَصَالِح دِينهمْ وَالْإِنْكَار عَلَى مُخَالِف السُّنَّة وَإِنْ كَانَ كَبِير الْقَدْر، وَفيه: جَوَاز الْإِنْكَار عَلَى الْكِبَار فِي مَجْمَع مِنْ النَّاس، وَفيه: جَوَاز الْكَلَام فِي الْخُطْبَة.

قَوْله: «شُغِلْت الْيَوْم فَلَمْ أَنْقَلِب إِلَى أَهْلِي حَتَّى سَمِعْت النِّدَاء فَلَمْ أَزِدْ عَلَى أَنْ تَوَضَّأْتُ» فيه: الِاعْتِذَار إِلَى وُلَاة الْأُمُور وَغَيْرهمْ.

 وَفيه: إِبَاحَة الشُّغْل وَالتَّصَرُّف يَوْم الْجُمُعَة قَبْل النِّدَاء.

 وَفيه: إِشَارَة إِلَى أَنَّهُ إِنَّمَا تَرَكَ الْغُسْل لِأَنَّهُ يُسْتَحَبّ، فَرَأَى اِشْتِغَاله بِقَصْدِ الْجُمُعَة أَوْلَى مِنْ أَنْ يَجْلِس لِلْغُسْلِ بَعْد النِّدَاء، وَلِهَذَا لَمْ يَأْمُرهُ عُمَر بِالرُّجُوعِ لِلْغُسْلِ.

قَوْله: «سَمِعْت النِّدَاء» هُوَ بِكَسْرِ النُّون وَضَمّهَا وَالْكَسْر أَشْهَر.

قَوْله: «وَالْوُضُوء أَيْضًا» هُوَ مَنْصُوب أَيْ وَتَوَضَّأْت الْوُضُوء فَقَطْ، قَالَهُ الْأَزْهَرِيّ وَغَيْره.

باب صلاة الجمعة وما يتعلق بها من احكام

كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات