باب وجوب صوم رمضان لروية الهلال والفطر لروية الهلال وانه اذا غم في اوله او اخره اكملت عدة الشهر ثلاثين يوما
باب وجوب صوم رمضان لروية الهلال والفطر لروية الهلال
1795- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَال وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» وَفِي رِوَايَة: «فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ» وَفِي رِوَايَة: «إِذَا رَأَيْتُمْ الْهِلَال فَصُومُوا وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» وَفِي رِوَايَة: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ يَوْمًا» وَفِي رِوَايَة: «فَإِنْ غُمِيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعَدَد» وَفِي رِوَايَة: «فَإِنْ عَمِيَ عَلَيْكُمْ الشَّهْر فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ» وَفِي رِوَايَة: «فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ».
هَذِهِ الرِّوَايَات كُلّهَا فِي الْكِتَاب عَلَى هَذَا التَّرْتِيب، وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ: «فَإِنْ غُبِّيَ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا عِدَّة شَعْبَان ثَلَاثِينَ».
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي مَعْنَى: «فَاقْدُرُوا لَهُ» فَقَالَتْ طَائِفَة مِنْ الْعُلَمَاء: مَعْنَاهُ ضَيِّقُوا لَهُ وَقَدِّرُوهُ تَحْت السَّحَاب، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا أَحْمَد بْن حَنْبَل وَغَيْره مِمَّنْ يُجَوِّز صَوْم يَوْمِ لَيْلَةِ الْغَيْمِ عَنْ رَمَضَان كَمَا سَنَذْكُرُهُ- إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى- وَقَالَ اِبْن سُرَيْج وَجَمَاعَة- مِنْهُمْ: مُطَرِّف بْن عَبْد اللَّه وَابْن قُتَيْبَة وَآخَرُونَ-: مَعْنَاهُ قَدِّرُوهُ بِحِسَابِ الْمَنَازِل، وَذَهَبَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَجُمْهُور السَّلَف وَالْخَلَف إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: قَدِّرُوا لَهُ تَمَام الْعَدَد ثَلَاثِينَ يَوْمًا.
قَالَ أَهْل اللُّغَة: يُقَال: قَدَّرْت الشَّيْء أُقَدِّرهُ وَأَقْدُرُهُ وَقَدَّرْته وَأَقْدَرْته بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ مِنْ التَّقْدِير، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَمِنْهُ قَوْل اللَّه تَعَالَى: {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ} وَاحْتَجَّ الْجُمْهُور بِالرِّوَايَاتِ الْمَذْكُورَة، فَأَكْمِلُوا الْعِدَّة ثَلَاثِينَ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ لِاقْدُرُوا لَهُ، وَلِهَذَا لَمْ يَجْتَمِعَا فِي رِوَايَةٍ، بَلْ تَارَة يَذْكُر هَذَا، وَتَارَة يَذْكُر هَذَا، وَيُؤَكِّدهُ الرِّوَايَة السَّابِقَة: «فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ»، قَالَ الْمَازِرِيّ: حَمَلَ جُمْهُور الْفُقَهَاء قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَاقْدُرُوا لَهُ، عَلَى أَنَّ الْمُرَاد كَمَالُ الْعِدَّة ثَلَاثِينَ، كَمَا فَسَّرَهُ فِي حَدِيث آخَر، قَالُوا: وَلَا يَجُوز أَنْ يَكُون الْمُرَاد حِسَاب الْمُنَجِّمِينَ؛ لِأَنَّ النَّاس لَوْ كُلِّفُوا بِهِ ضَاقَ عَلَيْهِمْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا أَفْرَادٌ، وَالشَّرْع إِنَّمَا يُعَرِّفُ النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُهُ جَمَاهِيرُهُمْ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ» فَمَعْنَاهُ: حَالَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ، غَيْمٌ، يُقَال: غُمَّ وَأُغْمِيَ وَغُمِّيَ وَغُمِيَ بِتَشْدِيدِ الْمِيم وَتَخْفِيفهَا وَالْغَيْن مَضْمُومَة فيهمَا، وَيُقَال: غُبِّيَ بِفَتْحِ الْغَيْن وَكَسْر الْبَاء، وَكُلّهَا صَحِيحَة، وَقَدْ غَامَتْ السَّمَاء وَغَيَّمَتْ وَأَغَامَتْ وَتَغَيَّمَتْ وَأَغَمَّتْ، وَفِي هَذِهِ الْأَحَادِيث دَلَالَة لِمَذْهَبِ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور أَنَّهُ لَا يَجُوز صَوْم يَوْم الشَّكّ وَلَا يَوْم الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَان عَنْ رَمَضَان إِذَا كَانَتْ لَيْلَة الثَّلَاثِينَ لَيْلَة غَيْم.
✯✯✯✯✯✯
1801- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا» وَفِي رِوَايَة: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ».
مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّهْر قَدْ يَكُون تِسْعًا وَعِشْرِينَ، وَحَاصِله أَنَّ الِاعْتِبَار بِالْهِلَالِ فَقَدْ يَكُون تَامًّا ثَلَاثِينَ، وَقَدْ يَكُون نَاقِصًا تِسْعًا وَعِشْرِينَ، وَقَدْ لَا يُرَى الْهِلَال فَيَجِب إِكْمَال الْعَدَد ثَلَاثِينَ، قَالُوا: وَقَدْ يَقَع النَّقْص مُتَوَالِيًا فِي شَهْرَيْنِ وَثَلَاثَة وَأَرْبَعَة، وَلَا يَقَع فِي أَكْثَر مِنْ أَرْبَعَة.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز اِعْتِمَاد الْإِشَارَة الْمُفْهِمَة فِي مِثْل هَذَا.
✯✯✯✯✯✯
1803- قَوْله: (حَدَّثَنَا زِيَاد بْن عَبْد اللَّه الْبَكَّائِيّ) هُوَ بِفَتْحِ الْبَاءِ وَتَشْدِيدِ الْكَافِ.
✯✯✯✯✯✯
1806- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا أُمَّة أُمِّيَّة لَا نَكْتُبُ وَلَا نَحْسُبُ، الشَّهْر هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» قَالَ الْعُلَمَاء: «أُمِّيَّة» بَاقُونَ عَلَى مَا وَلَدَتْنَا عَلَيْهِ الْأُمَّهَات لَا نَكْتُب وَلَا نَحْسُبُ، وَمِنْهُ النَّبِيّ الْأُمِّيُّ، وَقِيلَ: هُوَ نِسْبَةٌ إِلَى الْأُمّ وَصِفَتهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ صِفَة النِّسَاءِ غَالِبًا.
✯✯✯✯✯✯
1807- قَوْله: (سَمِعَ اِبْن عُمَر رَجُلًا يَقُول: اللَّيْلَة النِّصْف، فَقَالَ لَهُ: وَمَا يُدْرِيك أَنَّ اللَّيْلَة النِّصْف) وَذَكَرَ الْحَدِيث، مَعْنَاهُ: أَنَّك لَا تَدْرِي أَنَّ اللَّيْلَة النِّصْف أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الشَّهْر قَدْ يَكُون تِسْعًا وَعِشْرِينَ، وَأَنْتَ أَرَدْت أَنَّ اللَّيْلَةَ لَيْلَةُ الْيَوْمِ الَّذِي بِتَمَامِهِ يَتِمّ النِّصْف، وَهَذَا إِنَّمَا يَصِحّ عَلَى تَقْدِير تَمَامه، وَلَا تَدْرِي أَنَّهُ تَامٌّ أَمْ لَا.
✯✯✯✯✯✯
1809- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ» الْمُرَاد رُؤْيَة بَعْض الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يُشْتَرَط رُؤْيَة كُلّ إِنْسَان، بَلْ يَكْفِي جَمِيع النَّاس رُؤْيَةُ عَدْلَيْنِ، وَكَذَا عَدْل عَلَى الْأَصَحّ، هَذَا فِي الصَّوْم، وَأَمَّا الْفِطْر فَلَا يَجُوز بِشَهَادَةِ عَدْلٍ وَاحِدٍ عَلَى شَوَّال عِنْد جَمِيع الْعُلَمَاء إِلَّا أَبَا ثَوْرٍ فَجَوَّزَهُ بِعَدْلٍ.
✯✯✯✯✯✯
1810- قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَإِنْ غُمِّيَ عَلَيْكُمْ الشَّهْر» هُوَ بِضَمِّ الْغَيْن وَكَسْر الْمِيم مُشَدَّدَةً وَمُخَفَّفَةً.
باب وجوب صوم رمضان لروية الهلال والفطر لروية الهلال