باب كراهة المسالة للناس
باب كراهة المسالة للناس
1724- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَال الْمَسْأَلَة بِأَحَدِكُمْ حَتَّى يَلْقَى اللَّه وَلَيْسَ فِي وَجْهه مُزْعَة لَحْم» بِضَمِّ الْمِيم وَإِسْكَان الزَّاي أَيْ قِطْعَة، قَالَ الْقَاضِي: قِيلَ: مَعْنَاهُ: يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة ذَلِيلًا سَاقِطًا لَا وَجْه لَهُ عِنْد اللَّه.
وَقِيلَ: هُوَ عَلَى ظَاهِره فَيُحْشَر وَوَجْهه عَظْمٌ لَا لَحْمَ عَلَيْهِ عُقُوبَةً لَهُ، وَعَلَامَةً لَهُ بِذَنْبِهِ حِين طَلَبَ وَسَأَلَ بِوَجْهِهِ، كَمَا جَاءَتْ الْأَحَادِيث الْأُخَر بِالْعُقُوبَاتِ فِي الْأَعْضَاء الَّتِي كَانَتْ بِهَا الْمَعَاصِي، وَهَذَا فِيمَنْ سَأَلَ لِغَيْرِ ضَرُورَة سُؤَالًا مَنْهِيًّا عَنْهُ وَأَكْثَرَ مِنْهُ، كَمَا فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى.
وَاَللَّه أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
1726- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَأَلَ النَّاس أَمْوَالهمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَل جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ» قَالَ الْقَاضِي: مَعْنَاهُ: أَنَّهُ يُعَاقَب بِالنَّارِ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَلَى ظَاهِره.
وَأَنَّ الَّذِي يَأْخُذهُ يَصِير جَمْرًا يُكْوَى بِهِ، كَمَا ثَبَتَ فِي مَانِع الزَّكَاة.
✯✯✯✯✯✯
1727- قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدكُمْ فَيَحْطِب عَلَى ظَهْره فَيَتَصَدَّق بِهِ وَيَسْتَغْنِي بِهِ مِنْ النَّاس خَيْر مِنْ أَنْ يَسْأَل رَجُلًا» فيه: الْحَثّ عَلَى الصَّدَقَة، وَالْأَكْل مِنْ عَمَل يَده، وَالِاكْتِسَاب بِالْمُبَاحَاتِ كَالْحَطَبِ وَالْحَشِيش النَّابِتَيْنِ فِي مَوَات، وَهَكَذَا وَقَعَ فِي الْأُصُول: «فَيَحْطِب» بِغَيْرِ تَاء بَيْن الْحَاء وَالطَّاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَهُوَ صَحِيح.
وَهَكَذَا أَيْضًا فِي النُّسَخ: «وَيُسْتَغْنَى بِهِ مِنْ النَّاس» بِالْمِيمِ وَفِي نَادِر مِنْهَا: «عَنْ النَّاس» بِالْعَيْنِ،وَكِلَاهُمَا صَحِيح.
وَالْأَوَّل مَحْمُول عَلَى الثَّانِي.
✯✯✯✯✯✯
1729- قَوْله: (عَنْ أَبِي إِدْرِيس الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي مُسْلِم الْخَوْلَانِيِّ) اِسْم أَبِي إِدْرِيس (عَائِذ اللَّه بْن عَبْد اللَّه) وَاسْم أَبِي مُسْلِم: عَبْد اللَّه بْن ثُوَبٍ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَة وَفَتْح الْوَاو وَبَعْدهَا مُوَحَّدَة، وَيُقَال: (اِبْن ثَوَابٍ) بِفَتْحِ الثَّاء وَتَخْفِيف الْوَاو، وَيُقَال: (اِبْن أَثْوَب) وَيُقَال: (اِبْن عَبْد اللَّه)، وَيُقَال (اِبْن عَوْف)، وَيُقَال: (اِبْن مُسْلِم)، وَيُقَال: اِسْمه يَعْقُوب بْن عَوْف، وَهُوَ مَشْهُور بِالزُّهْدِ وَالْكَرَامَات الظَّاهِرَة وَالْمَحَاسِن الْبَاهِرَة، أَسْلَمَ فِي زَمَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَلْقَاهُ الْأَسْوَد الْعَنْسِيّ فِي النَّار فَلَمْ يَحْتَرِق، فَتَرَكَهُ فَجَاءَ مُهَاجِرًا إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتُوُفِّيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الطَّرِيق، فَجَاءَ إِلَى الْمَدِينَة فَلَقِيَ أَبَا بَكْر الصِّدِّيق وَعُمَر وَغَيْرهمَا مِنْ كِبَار الصَّحَابَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ.
هَذَا هُوَ الصَّوَاب الْمَعْرُوف، وَلَا خِلَاف فيه بَيْن الْعُلَمَاء.
وَأَمَّا قَوْل السَّمْعَانِي فِي الْأَنْسَاب: إِنَّهُ أَسْلَمَ فِي زَمَن مُعَاوِيَة، فَغَلَطٌ بِاتِّفَاقِ أَهْل الْعِلْم مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَأَصْحَاب التَّوَارِيخ وَالْمَغَازِي وَالسِّيَروَغَيْرهمْ.
وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله: (فَلَقَدْ رَأَيْت أُولَئِكَ النَّفَر يَسْقُط سَوْط أَحَدهمْ فَمَا يَسْأَل أَحَدًا يُنَاوِلهُ إِيَّاهُ) فيه: التَّمَسُّك بِالْعُمُومِ، لِأَنَّهُمْ نُهُوا عَنْ السُّؤَال فَحَمَلُوهُ عَلَى عُمُومه، وَفيه: الْحَثّ عَلَى التَّنْزِيه عَنْ جَمِيع مَا يُسَمَّى سُؤَالًا وَإِنْ كَانَ حَقِيرًا.
وَاَللَّه أَعْلَم.
باب كراهة المسالة للناس
باب كراهة المسالة للناس
باب كراهة المسالة للناس