مواضع التقديم والـتأخير في كان وأخواتها؟
التقديم والتأخير ظاهرة نحوية لها تطبيقات في كثير من الأبواب النحوية ، والأفعال الناقصة من الأبواب النحوية التي تدرس فيها هذا الظاهرة ، فما حكم كل من ( كان ، اسمها ، خبرها) ، هذا ما نحاول أن نلخصه بالنقاط الآتية
1ـ تقديم اسم كان عليها : لا يجوز تقديم اسم كان عليها ، وذلك لأنّه إذا تقدم تحوّل إلى مبتدأ وجملة كان تكون خبره نحو : كان زيد قائماً ، فإذا قلنا : زيدٌ كان قائماً ، لا نعرب (زيد) اسم كان مقدم بل : زيد مبتدأ ، وكان فعل ناقص ، اسمها ضمير مستتر تقديره (هو) ، ( قائماً) خبر ( كان)
2ـ تقديم خبر كان عليها : يجوز أن نقدّم خبر الأفعال الناقصة عليها فنقول في : كان زيد قائماً ، (قائماً ) خبر كان مقدم منصوب . وهذا الحكم يشمل الأفعال الناقصة كلها ما عدا :
أـ الأفعال الناقصة المتصدرة بـ(ما) النافية ، وهي قسمان
ـ ما كان تقدم النفي شرطاً في عملها وهي ( ما زال ، ما انفك ، مافتئ ، ما برح) : فلا نقول في : ما زال زيدٌ قائماً ، قائماً ما زال زيد . وذلك لأن ما النافية لها الصدارة في الكلام فلا يتقدمها شيء . نعم إذا كان النافي غير (ما) جاز التقديم . ، وكذلك فإن الممنوع هو تقدّم الخبر على ( ما زال) كلها ، ولكن يجوز أن يتقدم الخبر على الفعل الناقص وحده دون حرف النفي فيجوز أن نقول : ما قائماً زال زيدٌ ..
ـ ما كان تقدم ما النافية ليس شرطاً في عملها نحو تقدم (ما) على(كان) فنقول : ما كان زيد قائماً ، والحكم هنا هو الحكم السابق نفسه فلا نقول : قائما ما كان زيد .
ب ـ ما دام ، فلا يجوز أن يتقدم خبرها عليها فلا نقول : أصحبك قائماً ما دام زيد ، لأن ما لها الصدارة على صلتها ، ولا يجوز أن تتقدم الصلة أو شيء منها على الموصول . ، نعم يجوز أن يتقدم الخبر على (دام) وحده
ج ـ ليس : رأي الجمهور أن خبر ( ليس) لا يتقدم عليها ، فلا نقول في : قائماً ليس زيدٌ ، وأجازه بعض النحاة ، وأعجزهم وجود نص تقدم فيه خبر ليس عليها فاستدلوا بقوله تعالى : ( ألا يوم يأتيهم فليس مصروفاً عنهم) والآية لم يتقدم فيها الخبر على (ليس) ولكن تقدم معمول الخبر ( يوم يأتيهم) على (ليس) إذ (يوم يأتيهم) ظرف زمان متعلق بخبر (ليس) ( مصروفاً) إذ الأصل : ألا ليس مصروفاً عنهم يوم يأتيهم ، ثم قالوا وهذا دليل على جواز تقدم الخبر لأنه( لا يتقدّم المعمول إلا حيث يجوز تقدّم العامل) فجواز تقدم المعمول(يوم يأتيهم) على الفعل الناقص دليل على جواز تقدم العامل ( مصروفاً) . وهذا صحيح إن سلمت هذه القاعدة ، والحق أنها ليست سالمة .
3ـ تقدّم الاسم على الخبر
ـ يتقدم الاسم على الخبر وجوباً في موضعين هما أـ إذا كان كل من الاسم والخبر إعرابهما غير ظاهر ، نحو كان أستاذي رفيقي في العلم ، فالاسم ( استاذي) والخبر ( رفيقي) إعرابهما غير ظاهر لأنهما مضافان إلى ياء المتكلم ، لذا كان تقديم الاسم واجباً ف، فإذا قلنا : كان رفيقي في العمل أستاذي ، لا نعرب رفيقي خبر مقدم ، بل يكون اسم كان بخلاف الحال عند جواز التقديم والتأخير كما في قولنا : كان زيدٌ قائما ، فإذا قلت :كان قائماً زيد ، يبقى قائما خبراً عند التقديم وذلك لأن كلاً منن الاسم والخبر يحمل في آخره علامة إعرابية تبين إعرابه فلا يلتبس الأمر علينا وهذا ما لم يوجد في المثال الأول : كان أستاذي رفيقي .
ـ ويتقدم الاسم وجوباً إذا كان الخبر محصوراً بإلا أو إنما نحو ما كان زيد إلا شاعراً ، فلا يجوز تقديم الخبر ، لأننا إذا قدمنا الخبر سيكون المعنى مخالفاً بصورة تامة المعنى في الجملة الأولى .
ـ وقد يكون التقديم جائزا ، نحو : كان محمدٌ مجداً ، فيجوز أن نقول : كان مجداً محمد.
4ـ تقدم الخبر على الاسم ، ويجب ذلك إذا اتصل بالاسم ضمير يعود على بعض الخبر نحو : كان في الدار صاحبها ، فلا يجوز أن نقول : كان صاحبها في الدار لئلا يعود الضمير (الهاء) على متأخر لفظاً ورتبة وهذا لا يجوز .
5ـ تقدد خبر كان على كان واسمها وجوبا ، وذلك إذا كان الخبر من الألفاظ التي لها الصدارة في الكلام نحو : أين كان زيد؟ فـ(أين) اسم استفهام مبني في محل نصب على الظرفية المكانية وظرف المكان شبه جملة متعلق بمحذوف واقع خبر كان مقدماً . وتقدم الخبر هنا واجب لأن أسماء الاستفهام لها الصدارة في الكلام .
ـ تقدم معمول الخبر .
معمول خبر كان إما أن يكون
1ـ شبه جملة ( ظرف أو جار ومجرور) نحو : كان زيد مقيماً عندك ، وكان زيد مقيماً في الدار .
2ـ أو يكون غير ذلك نحو : كان زيدٌ آكلاً طعامك .
فشبه الجملة ( في الدار ، وعندك) ، والمفعول به ( طعامك) ، كل منهم معمول للخبر ، فعندك معمول للخبر مقيماً ، وفي الدار معمول للخبر ( مقيماً) ، وطعامك معمول للخبر (آكلاً) .
فما حكم معمول الخبر ؟ القاعدة العامة : أنه لا يجوز أن يلي كان معمول الخبر إلا إذا كان ظرفاً أو جار ومجرور .
ولتوضيح ذلك نأخذ الاحتمالات التركيبية الناتجة من تقديم المعمول ثم نبين الجائر منها وعدم الجائز :
1ـ كان زيد آكلاً طعامك . لا تقديم فيها ، جائزة .
ـ كان آكلاً طعامك زيد . تقدم الخبر ومعموله على الاسم ، ومعمول الخبر متأخر
عن الاسم ، جائز أيضا.
ـ كان زيد طعامك آكلاً . تقدم معمول الخبر على الخبر وبقي الاسم في موضعه،جائز
ـ كان طعامك زيد آكلاً . تقدم معمول الخبر على الاسم . غير جائز
ـ كان طعامك آكلاً زيد . تقدم معمول الخبر ثم الخبر ثم الاسم ، غير جائز
فنلاحظ أن الخبر إذا كان من النوع الثاني( أي غير شبه جملة ) فإنه لا يجوز أن يأتي معمول الخبر بعد الفعل الناقص مباشرة
2ـ كان زيد مقيما عندك
ـ كان زيد عندك مقيماً
ـ كان مقيماً عندك زيد
ـ كان عندك مقيماً زيد
ـ كان عندك زيد مقيماً .
والحالات التركيبية كلها جائزة لأنّ معمول الخبر شبه جملة وفيها يتوسع ما لا يتوسع في غيرها .
وإذا ورد في كلام العرب ما ظاهره تقدم معمول الخبر على اسم الفاعل الناقص ، يؤول النص على إضمار ضمير شأن محذوف ويكون خبره ما بعده حتى تسلم القاعدة ، فمن ذلك قول الشاعر :
قنافذ هداجون حول بيوتهم بما كان إياهم عطية عودا
ففي ظاهر النص ( كان) اسمها ( عطية) ، وخبرها ( عودا) ، و(إياهم) مفعول به للفعل ( عودا) أي معمول للخبر وقد تقدم وجاء بعد كان مباشرة . وهذا غير جائز لذا قالوا إن اسم كان ضير شأن محذوف ، وعطية مبتدأ ، وعودا فعل وفاعل ، وإياهم مفعول به للفعل ( عودا)
وكذلك الحال في قول الشاعر :
فأصبحوا والنوى عالي معرسّهم وليس كل النوى تلقي المساكين .