المفعول معه في النحو العربي
المفعول معه هو أحد المفاعيل في النحو العربي، ويُعرَّف بأنه اسم فضلة منصوب يأتي بعد واو معية وقبلها جملة فعلية أو اسمية مشتملة على فعل أو ما يشبهه، بشرط ألا تكون الواو من أجل العطف.
على سبيل المثال:
- «سارَ عمرُ والجبلَ»
في هذا المثال يُفهم أن "عمر" سار في طريق محاذ للجبل؛ أي كان الجبل رفيقاً أو مصاحباً لعمر دون أن يشترك في الفعل بشكل معطوف.
يستعمل المفعول معه لتبيان "ما فُعِلَ الفعل عبر مقارنته" أو للدلالة على وقوع الفعل بمصاحبته دون قصد إشراك الطرف الثاني في حكمه. وغالبًا ما يظهر هذا الأسلوب في جمل الاستفهام، مثل:
- «ما أمرُكَ وسعيداً»
كما يُلاحظ أن الاسم الذي يُقرن به المفعول معه غالبًا ما يأتي قبل الواو مباشرةً ويكون إما اسمًا ظاهرًا أو ضميراً.
1. الاصطلاح والتاريخ
- أصول المصطلح:
أطلق البصريون مصطلح "المفعول معه" على الاسم المنصوب الذي يلي واو المعيّة، وهو اختصار لـ«المفعول الذي وقع معه فعل فاعل». - وجهات النظر:
- يرى مصطفى الجواد أن تسمية المفعول معه مشابهة لتسمية المفعول المطلق، حيث لم يُختصر مصطلح الأخير.
- لم يتقبله الكوفيون، بل اعتبروه «شبه مفعول به» كما فعلوا مع باقي المفاعيل (المفعول فيه، والمفعول له، ولأجله).
- تطور التعريفات:
- عرّفه أبو علي الفارسي بأنه "الاسم الذي ينتصب بأنه مفعول معه يعمل فيه الفعل الذي قبله بتوسط الحرف".
- اختصر ابن جني التعريف بعبارة: «ما فعلتَ معه فعلاً».
- وساهم ابن هشام الأنصاري في رسم تعريف شامل يقول:
«اسم فضلة بعد واو أُرِيدَ بها التنصيص على المعيّة، مسبوقة بفعل أو ما فيه حروفه ومعناه.»
أصبح هذا التعريف هو المُتَّبع في العديد من الكتب والمناهج التعليمية.
2. خلفية واو المعية
2.1 تعريف واو المعية
- واو المعية هي الواو التي تسبق المفعول معه وتدل على مصاحبته واقترانه بالاسم الذي قبلها.
- قد تُسمى أيضًا "وأو المفعول معه".
- تُعتبر المعيّة خاصّة بحرف الواو؛ فإذا جاءت الواو لأغراض أخرى (كالعطف أو الحالة) لا يُعتبر الاسم بعدها مفعولاً معه.
2.2 الفرق بين واو المعية وواو العطف
- واو العطف:
تُستخدم للدلالة على اشتراك المعطوف معه في الحكم؛ أي تُشارك عناصر الجملة بعضها بعضًا. - واو المعية:
تشير فقط إلى المصاحبة، حيث يظل الاسم بعدها منصوبًا دون أن يشترك في الحكم مع ما قبله. - مثال توضيحي:
- «مزجتُ الماءَ والعصيرَ»
هنا الواو للعطف، لأن "العصير" معطوف على "الماء" ولا يُنصب مفعولاً معه. - «طالعتُ الكتابَ مع الظاهرةِ»
هنا "مع الظاهرة" تُعد مفعولاً معه في حال كان الفعل مرفوعًا ولا يشارك الحكم مع الاسم السابق.
- «مزجتُ الماءَ والعصيرَ»
ملاحظة: يُستحضر المفعول معه لتبيان المصاحبة دون قصد إشراك الطرف الثاني في فعل الفاعل.
3. المصاحبة والمشاركة
-
المصاحبة:
يُذكر المفعول معه لتوضيح مصاحبة الطرف الثاني للفاعل في وقوع الفعل دون المشاركة الفعلية.
مثال: «حضرتُ وصديقاً» يدل على حضور الصديق برفقة الفاعل دون اشتراكه في الفعل. -
المشاركة:
في بعض الحالات قد يحدث مشاركة ضمنية، لكن القصد الأساسي للمفعول معه هو الدلالة على الوجود المصاحب وليس المشاركة في تنفيذ الفعل. -
يمكن تقسيم المفعول معه إلى:
- قسم يشترك فيه في الحكم مع الطرف الذي يُقرن به.
- قسم لا يشترك معه في الحكم، مثل: «استيقظتُ وصلاةُ الفجرِ».
4. العامل في المفعول معه
- العامل الأصلي:
غالبًا ما يكون الفعل أو ما يشابهه (سواء كان ظاهرًا أو مضمرًا) العامل في المفعول معه. - بعض النحاة يرون أن أصل الواو هو ظرف "مع"، وعندما يُستبدل بهذه الظرف تتغير قوة عمل الفعل.
- هناك آراء تمنع استخدام الفعل المتعدي في المفعول معه حفاظًا على التمييز بينه وبين المفعول به.
مثال:
«رأيتُكَ والجبلَ»
يرى البعض هنا أن "الجبل" يجب أن يُعتبر مفعولاً معه إذا كان الفعل لا يتعدى بشكل مباشر.
5. الخلاف حول عامل المفعول معه
تباينت الآراء بين النحاة حول تحديد العامل في المفعول معه:
- رأي الفعل:
يرى جمهور النحاة أن العامل هو الفعل (ظاهر أو مضمر)، وهو الرأي الذي اتبعه سيبويه. - رأي الظرفية:
يرى بعض الكوفيين أن العامل هو الظرف "مع" الملازم للنصب. - رأي الخلاف:
يرى بعض النحاة (مثل بعض الكوفيين والفراء) أن العامل هو "الخلاف"؛ أي اختلاف الإعراب بين الاسم قبل الواو والاسم بعدها. - كما توجد آراء أخرى ترى أن العامل قد يكون أداة الاستفهام في الجمل الاستفهامية.
اقتباس (ابن جني):
"قال الأخفش: إنَّ المفعول معه منصوب انتصاب الظروف ..."
(يُستشهد به في بعض المصادر لتوضيح أصل الانتصاب)
6. المفعول معه في الجمل الاستفهامية
- قد لا تسبق واو المعية في الجمل الاستفهامية جملة تشمل فعلاً ظاهرًا.
- تُستخدم أدوات الاستفهام مثل «ما» أو «كيف» مع المفعول معه، وقد يُؤول فعل محذوف أو مضمر ليكون العامل في هذه الحالات.
- يُستمد الفعل المحذوف غالبًا من مادة "الكَون"، حيث يُقدَّر الفعل على هيئة مضارع أو ماضٍ.
أمثلة:
- «ما أنتَ **والأيامَ»»
- «كيف أنتَ وقصعةً من ثريدٍ»
في بعض الآراء، يُعتبر اسم كان ضميرًا مستترًا، بينما يرى آخرون أن العامل في المفعول معه هو أداة الاستفهام نفسها.
ملاحظة [ملاحظة:2]
7. أنواع المفعول معه
- النوع من حيث العدد:
- مفرد: «جاءَ الجنديُّ وسلَّاحَهُ»
- مثنى: «جاءَ الجنديُّ وسلَّاحَيهِ»
- جمع (مذكر سالم، مؤنث سالم، أو جمع تكسير)
- النوع من حيث المعنوية:
- مذكّر حقيقي أو مجازي، مثل: «مشيتُ ومُحَمَّداً»
- مؤنّث حقيقي أو مجازي، مثل: «حضرتُ وفاطمةَ»
- استثناء:
لا يجوز اعتبار الجملة أو شبه الجملة مفعولاً معه، بل يكون الاسم المفرد فقط.
ملاحظة: يُستبعد أيضًا الاسم المعطوف بعد واو العطف من العمل مفعولاً معه.
8. شروط نصب الاسم مفعولاً معه
لكي يُنصب الاسم بعد الواو على أنه مفعول معه يجب أن تتحقق الشروط التالية:
-
أن يكون الاسم اسم فضلة:
-
أي أن يكون غير ركن أساسي من أركان الجملة، ويمكن الاستغناء عنه دون إضعاف المعنى.
-
إذا كان الاسم ضروريًا (اسم عمدة) فلا يُنصب مفعولاً معه بل يُعتبر معطوفًا.
ملاحظة [ملاحظة:3]
-
-
أن يكون تالياً لواو بمعنى "مع":
- يجب أن تكون الواو للمعية وليس للعطف أو الحال.
- يمكن تمييز واو المعية عن واو العطف بموقع الاسم بعدها.
-
أن يسبق الواو وجملة فعلية تتضمن فعلًا:
- أو جملة اسمية تحتوي على أحد أشباه الفعل.
- إذا كان قبل الواو اسم مفرد يكون من غير الممكن اعتباره مفعولاً معه، كما في: «كلُّ تلميذٍ وقلمه» (راجع الشرط الأول).
ملاحظة [ملاحظة:4]
9. الإعراب
- حكم المفعول معه:
يأتي الاسم مفعولاً معه منصوبًا إذا تحققت شروط النصبه. - علامات النصب:
- الاسم المفعول معه يُنصب بالفتحة الظاهرة أو المقدرة أو التنوين الظاهر/المقدر في حالة الاسم المفرد أو جمع التكسير.
- في حالة جمع المؤنث السالم يُنصب بالكسرة نيابة عن الفتحة.
- يُنصب بالألف إذا كان من أسماء الخمسة.
- التفسير النحوي:
يعتبر النصب هنا دليلًا على كونه اسم فضلة يُضاف إلى الجملة دون إحداث شراكة في الإسناد الأساسي بين المُسنَد والمُسنَد إليه.
بعض المصادر (مثل ابن عصفور الإشبيلي) ترى أن المفعول معه له نفس حكم المفعول به، حيث يُستدل على ذلك من جمل مثل:
«استوى الماءَ والخشبةَ» أي بمعنى "ساوى الماءُ الخشبةَ".
- توجد آراء تشير إلى إمكانية رفع الاسم بعد الواو إذا اعتُبر معطوفًا، لكن الأغلبية تميل إلى نصبه في حال تحقق شروط المفعول معه.