📁 آخر الأخبار

التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي

التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي


 تعمد الأساليب البليغة إلى مخالفة مقتضى الظاهر في ميدان استخدام الأفعال ، فتعبر عن المستقبل بلفظ الماضي للتنبيه على تحقق وقوعه ، وأنه في حكم المنقضي الذي لا مدافعة فيه ، ووراء ذلك أيضاً إشارات بلاغية تأنسها الأذواق الصافية وتحسها المدارك القوية . وإليك أمثلة لذلك : 


1 - قال سبحانه : « ويوم يُنفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض » . قال سبحانه ( ففَزع ) ، والمراد ( فيفزع ) لأن الحدث لما يقع بعد ولكنه عبر عنه بالماضي إشارة إلى تحقق وقوعه ، فهو لا محالة واقع ليس له من دافع ، ويؤدي استعمال الماضي هنا وظيفة تربوية مهمة ، تتصل بمعالجة أشد أدواء الإنسان ، وهو داء عدم المبالاة بالأمر المستقبلي ، وهكذا يأتي الماضي ليطوي الزمان وليضع الإنسان وجهاً لوجه أمام هذا الذي ينتظره فور النفخ في الصور . 


2 - وقال سبحانه : « أتي أمر الله فلا تستعجلوه » ، ومقتضى الظاهر ( يأتي ) ، لكنّه لما كان آتياً حتماً مقضياً عُد كأنه قد ( أتى ) ، والتعبير بالماضي هنا يحرر الإنسان من الوهم ويعيد إليه مشكلته حتى يواجهها قبل أن يعجز عن ذلك . 


3 - وتأمل قوله سبحانه : ( وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ماكنت منه تحيد ، ونُفخ في الصور ذلك يوم الوعيد ، وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ، لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ، وقال قرينه هذا مالدي عتيد ، ألقيا في جهمّ كل كفار عنيد )

تجد الحق - سبحانه وتعالى - يتحدث بصيغة الماضي عن أمر آتٍ في المستقبل لتأكيده و إزالة الشك عنه فيتمثله القارئ وكأنه مر به.

كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات