مراثي الأشراف مراثي الأشراف
مراثي الأشراف مراثي الأشراف
قال حَسّان بنُ ثابت يَرْثي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بَكر وعمر رضوانُ اللهّ عليهم:
ثَلاثَةٌ بَرَزُوا بِسَبْقِهمُ
***
نَضرَهم ربُّهم إذا نُشرُوا
عاشُوا بلا فُرْقة حَياتَهم
***
واجْتَمعوا في المَمات إذ قُبِروا
فَلَيْس مِن مُسْلِمٍ له بَصرٌ
***
وقال حَسّان يَرْثي أبا بكر رضي الله عنه:
إذا تَذَكرتَ شَجْواً من أخي ثِقَةٍ
***
فاذْكُر أخاكَ أبا بكْرٍ بما فَعَلا
خَيْرَ البرّية أتقَاها وأعْدَلها
***
بعد النبي وأوفاها بما حَمَلا
الثّانيَ اثنينِ والمَحْمُودَ مَشْهَدُه
***
وأوّل الناس طُرا صَدَّق الرُّسُلا
وكان حب رسول الله قد عَلِموا
***
مِن البرية لم يَعْدِلْ به رَجُلا
وقال يَرْثِي عُمر بن الخطّاب رضي الله عنه:
عليك سَلامٌ من أمير وبارَكَتْ
***
يَدُ اللهّ في ذَاك الأدِيم المُمَزَّقِ
فمَن يَجْرِ أو يَرْكَبْ جَناحَيْ نَعامةٍ
***
لِيُدْرِكَ ما قَدَّمْتَ بالأمْس يُسْبَق
قَضَيْتَ أُموراً ثم غادرتَ بعدها
***
نَوَافِجَ في أكمامِها لم تُفَتَّق
وما كنتُ أخْشى أن تكونَ وفاتُه
***
بَكَفَّيْ سَبَنْتي أَزْرَقِ العَينْ مُطْرِق
وقال يَرْثي عثمان بنِ عفّان رضي الله عنه:
مَن سَرَّه الموتُ صِرْفاَ لا مِزَاج له
***
فَلْيأْتِ ما سَرَّه في دار عُثْمانَا
إنّي لمنهُمْ وإن غابوا وإن شَهِدُوا
***
ما دمتُ حيًّا وما سُمِّيت حَسَّانَا
يا ليت شِعْري وليت الطّيرِ تُخْبرني
***
ما كان شَأْنُ علّيِ وابن عفّانَا
لتَسْمَعَنَّ وَشيكاً في دِيارهمُ
***
الله أكبرُ يا ثارَاتِ عثمانَا
ضَحَّوْا بأشمطَ عُنوان السُّجود به
***
يُقَطِّع الليلَ تَسْبِيحاً وقُرآنَا
وقال الفرزدق في قَتْل عثمان رضي الله تعالى عنه:
إنَّ الخِلاَفَةَ لما أظْعِنت ظَعَنتْ
***
مِن أهْل يَثْربَ إذ غَيرَ الهُدَى سَلَكوا
صارتْ إلى أهْلها منهم ووارثِها
***
لما رأى الله في عثمانَ ما انتَهكوا
السافِكي دَمِه ظُلْماً ومَعْصيةً
***
أيَّ دَم لا هُدُوا من غَيهِمْ سفَكوا
وقال السيّد الْحِميريّ يَرْثي عليَّ بن أبي طالب كًرَّم الله وَجْهه ويَذكر يومَ صِفِّين:
إنّي أدين بما دان الوَصي به
***
وشاركتْ كفُه كَفِّي بصِفِّينا
في سفْكِ ما سَفكَتْ فيها إذا احتُضِروا
***
وأبرز اللّهُ للقِسطِ المَوازِينا
تلك الدِّماء معاً يا ربّ في عُنقي
***
ثم اسْقِني مثلَها آمينَ آمينا
آمين من مِثْلهم في مِثْل حالِهمُ
***
في فِتْيَة هاجَرُوا للهّ سارينا
لَيْسُوا يريدون غيرَ اللهّ رَبِّهم
***
نعم المُراد تَوَخَّاه المُرِيدونَا
أنشد الرِّياشي لرجل مِن أهل الشام يرثي عمرَ بن عبد العزيز رضي اللهّ عنه:
قد غَيّب الدَّافنون اللحدَ إذ دَفَنُوا
***
بدَيْرِ سِمْعان قِسْطاس المَوازينِ
من لم يَكُنْ همُّه عَيْنًا يُفجِّرها
***
ولا النَخيلَ ولا رَكْضَ البَراذِين
أقول لما أتاني نَعْيُ مَهْلِكه
***
لا يفقدَنّ قِوَامَ المُلْك والدِّين
وقال الفرزدق يرثيِ عبدَ العزيز بن مروان:
ظَلُّوا على قَبْره يَسْتغْفِرون له
***
وقد يَقُولون ثاراتٍ لنا العبَرُ
يُقَبِّلون تُرابا فوق أعْظُمه
***
كما يُقَبًل في المَحجُوجة الحَجَر
للّه أرضٌ أجَنَّته ضَريحتُها
***
وكيف يُدْفن في المَلْحُودة القَمَر
إنّ المَنابر لا تَعْتاض عن مَلِك
***
إليه يشخصُ فوق المِنْبر البَصر
وقال جريرٌ يرثي عمرَ بنَ عبد العزيز:
يَنْعَى النُّعاة أميرَ المُؤمنين لنَا
***
يا خير منْ حَجّ بيتَ الله واعتمرا
حُمِّلتَ أمراً عظيماً فاصْطَبرتَ له
***
وقُمْتَ فيه بأمْرِ اللهّ يا عُمَرا
فالشمسُ طالعةٌ ليستْ بكاسفةٍ
***
تَبْكي عليك نُجوم الليل والقمرا
وقال جرير يَرْثي الوليدَ بن عبد الملك:
إنّ الخَلِيفة قد وَارَتْ شمائلَه
***
غَبْراءُ مَلْحُودةٌ في جُولها زَوَرُ
أمْسى بنو وقد جَلَّت مُصِيبتهم
***
مثلَ النُجُوم هَوَى من بينها القَمَر
كانوا جَميعاً فلم يَدْفَع مَنَّيتَه
***
عبدُ العزيز ولا روْحٌ ولا عُمَر
وقال غيره يرثي قَيْس بن عاصم المنقريّ:
عليك سلامُ الله قَيسَ بن عاصمٍ
***
ورَحمتُه ما شاء أن يَتَرَحَمَا
تَحِيّةَ مَن ألبستَه مِنْك نِعْمةً
***
إذا زار عن شَحطِ بلادَك سَلّما
فما كان قيسٌ هُلْكُه هُلْكُ واحدٍ
***
ولكنّه بُنْيان قَوْم تَهدَّما
وقال أبو عَطَاء السِّنْدي يَرْثي يزيد بن عمر بن هُبَيرة لما قُتل بوَاسط:
ألا إنّ عيناً لم تجُد يومَ واسطٍ
***
عليكَ بِجَارِي دمْعِها لَجَمُودُ
عَشِيّةَ راحَ الدَّافِنُون وشُقِّقتْ
***
جُيوب بأيدي مأتم وخُدود
فإن تك مَهْجُورَ الفِناء فربما
***
أقام به بعد الوُفود وُفود
وإنك لم تَبْعد على متعهِّد
***
بَلى إنّ مَن تحت التراب بَعيد
وقال منصور النَّمري يَرْثي يزيد بن مَزْيد:
مَتى يَبْرُد الحُزْن الذي في فُؤاديا
***
أبا خالدٍ من بعد أن لا تَلاَقِيَا
أبا خالدٍ ما كان أدهَى مُصِيبةً
***
أصابت مَعدًا يومَ أصْبَحْت ثاويا
لَعَمْرِي لئن سُرّ الأعادي وأظهَروا
***
شَمَاتاً لقد سُّرُوا برَبْعِكَ خالِيا
وأوْتار أقْوَام لَدَيْكَ لَوَيْتَها
***
وزُرْتَ بها الأجْداثَ وهِي كما هيا
نُعَزِّي أميرً المؤمنين ورَهْطَه
***
بسَيْفٍ لهم ما كان في الحَرْب نابيا
على مِثْل ما لاقَى يزيدُ بن مَزْيد
***
عليه المَنايا فالْقَ إن كنْتَ لاقِيا
وإنْ تَكُ أفنَتْه اللَيالِي وأَوْشكَت
***
فإنّ له ذِكْرًا سَيُفْنِي اللَّياليا
وقال:
سأبكيكَ ما فاضت دموعي فإن تَغِضْ
***
فَحَسْبُكَ منّي ما تّجنّ الجَوانِحُ
كأن لم يَمُتْ حَيٌّ سِواك ولم تَقُم
***
على أحدٍ إلا عليكً النَّوائح
لئن حَسُنت فيك المَرَاثي وذِكْرُها
***
لقد حَسُنَت من قبلُ فيك المَدَائحُ
فما أنا مِن رُزْءٍ وإنْ جلَّ جازعٌ
***
ولا بسُرورٍ بعد مَوْتك فارِح
وقال زِياد الأعجم يرثي المُغيرة بن المهلًب:
إنَ الشَّجاعهَ والسَّماحةَ ضُمَنا
***
قَبْرًا بِمَرْوَ على الطَّريق الواضِح
فإذا مَرَرْتَ بقبره فاعقرْ به
***
كُومَ الهِجَان وكل طِرْفٍ سابح
" وانضح جوانبَ قَبْره بدمائها
***
فلقد يكون أخا دَم وذَبائح "
والآن لما كنْتَ أكملَ مَنْ مَشىَ
***
وافتر نابُكَ عن شَبًاةِ القارِح
وتَكامَلَت فيك المروءةُ كلُّها
***
وَأعَنْتَ ذلك بالفَعَال الصَالح
للمهلًبي من مَرْثيته للمتوكل:
لا حُزْنَ إلا أراه دُونَ ما أَجدُ
***
وهَلْ كمن فَقَدَتْ عَيْناي مَفتَقَدُ
لا يَبْعدَنْ هالكٌ كانت مَنِيته
***
كما هَوَى من غِطاء الزُّبْية الأسد
لا يَدْفع الناسُ ضَيْماً بعد لَيْلتهم
***
إذْ تُمَدُّ إلى الجاني عليكَ يد
لو أن سَيْفي وعَقْلي حاضران معيِ
***
أبليتُه الجُهْدَ إذ لم يًبْلِه أحد
هلاَّ أَتَتْهُ أعاديه مُجاهرةً
***
والحَربُ تَسْعَر والأبطال تَجْتلد
فخَر فوق سرَير المُلْكِ مُنْجدلاً
***
لم يَحْمه مُلكُه لما آنقضىَ الأمد
قد كان أنصارُه يَحْمُون حَوْزتَه
***
وللردىَ دون أرْصاد الفَتَى رَصَد
وأصْبَح الناس فَوْضىَ يَعْجَبون له
***
لَيثاً صريعاً تَنَزَّى حوله النَّقَد
علَتْكَ أسيافُ من لا دونه أحدٌ
***
وليسَ فوقك إلا الواحد الصمد
جاءُوا عظيماً لدُنيا يَسْعدون بها
***
فقد شَقُوا بالذي جاءُوا وما سَعِدوا
ضَجَّت نِساؤًك بعد العزَ حين رأتْ
***
خدًّا كريماً عليه قارِت جَسِد
أضحى شهيدُ بني العبّاس مَوْعِظةً
***
لكلّ ذي عِزّة في رأسه صَيَد
خَليفةٌ لم ينل ما ناله أحدٌ
***
ولم يكن مثله رُوِح ولا جَسَد
كم في أديمك من فَوْهاء هادرة
***
من الجَوَائف يَغْلى فوقها الزَّبَد
إذا بَكيتُ فإنّ الدمع مُنْهملٌ
***
وإن رَثيتُ فإنَ القولَ مُطَرد
قد كنتُ أسرف في مالي ويُخْلِف لي
***
فعلَّمتْني الليالي كيف أقْتَصِد
لمَّا اعتقدتُم أناساً لا حُلومَ لهم
***
ضِعتُم وضَيَّعتُمُ مَن كان يُعتَقَد
فلو جَعَلتم على الأحرار نِعْمَتكم
***
حَمَتْكم السادة المركوزةُ الحُشُد
قومٌ هُمُ الْجذْمُ والأنساب تَجْمعكم
***
والمَجْدُ والدِّينُ والأرحامُ والبَلَد
" إذا قُرَيْشَ أرادوا شَدِّ مُلكهمُ
***
بغير قَحْطان لم يَبْرَح به أوَد "
من الألى وَهَبوا للمَجد أنْفًسَم فما
***
يبالون ما نَالوا إذا حُمدوا
قد وتُر الناسُ طرًّا ثم صَمَتُوا
***
حتى كأنَّ الذي يَبْلونه رَشَد
وقال آخر:
وِفتًى كأنّ جَبينَه بَدْرُ الدُّجا
***
قامت عليه نَوَادِبٌ ورَوَامِس
غرَسَ الفَسِيلَ مُؤَمّلاً لِبَقائه
***
فنَما الفَسِيلُ ومات عنه الغارس
وقال الأسود بن يَعْفُر.
ماذا أؤَمِّلُ بعد آل مُحَرق
***
تَرَكُوا منازلَهم وبَعد إيَادِ
أهل الخَوَرْنَقِ والسَّدير وبارقٍ
***
والقَصْر ذي الشّرفات مِن سِنْداد
نَزَلوا بأَنقِرة يَسِيلُ عليهمُ
***
ماءُ الفرات يَجىء مِن أطواد
جَرَت الرِّياحُ على محلِّ دِيارهم
***
فكأنما كانوا عَلَى مِيعاد
ولقد غَنُوا فيها بأنعِم عِيشةٍ
***
في ظِل مُلْكٍ ثابتِ الأوتاد
وإذا النَّعيم وكلًّ ما يلْهَى به
***
يوماَ يصِيرُ إلى بِلًى ونَفَاد
وقال عَبِيدُ بن الأبرص:
يا حارِ ما رَاح من قَوْم ولا ابتكَرُوا
***
إلا والموت في آثارهم حادِي
يا حار ما طَلَعت شمسٌ ولا غَرَبتْ
***
إلا تُقَرَبُ آجالا لميعاد
هل نحن إلا كأرْواح يُمر بها
***
تحت التراب وأجسادٌ كأجساد
لما مات أسماء بن خارجة الفَزَاري قال الحجاج:
ذلك رجل عاش ما شاء ومات حين شاء. وقال فيه الشاعر:
إذا مات ابن خارجةَ بنِ زَيْدٍ
***
فلا مَطَرَتْ على الأرض السماءُ
ولا جاء البَريدُ بغُنْم جَيْشٍ
***
ولا حُمِلت على الطهر النساء
فَيَومٌ منْك خيرٌ من رِجالٍ
***
كثيرٍ عندهم نَعَمٌ وَشَاء
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الدرة في المعازي والمراثي ﴿ 12 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞
مراثي الأشراف 2
۞۞۞۞۞۞۞
وقال مسلم بن الوليد الأنصاري:
أمَسْعود هل غادَاكَ يومٌ بفَرْحَةٍ
***
وأمْسَيْتَ لم تَعْرِضْ لها التَّرَحَاتُ
وهل نحْنُ إلاّ أنفسٌ مُستعارةٌ
***
تَمر بهما الرَّوَحات والغدوات
بكيتَ وأَعْطَتْكَ البكاءَ مُصيبة
***
مَضَتْ وَهْيَ فَرد ما لها أخَوَات
كأنك فيها لم تَكن تَعْرِفُ العَزَ
ا
***
ولم تَتعمَّد غيْرَك النَّكَبات
سَقَى الضاحكُ الوَسْميُ أعظُمَ حُفْرَةٍ
***
طَواها الردَّى في اللّحْدِ وَهْي رُفات
أرَى بهجَةَ الدُّنيا رَجِيعَ دوائرٍ
***
لهنَ اجتماعٌ مَرةً وشَتَات
طَوَى أيْدِيَ المَعْرُوف مَصْرَع مالكٍ
***
فهُنّ عن الآمال منقبضات
وقال أيضاً:
أمَّا القُبورُ فإنَّهُنَّ أوانسٌ
***
بِجِوار قَبْرِك والدِّيار قُبُورُ
عًمَتْ فَوَاضِلُه وعَمَّ مُصابه
***
فالناسُ فيه كُلّهم مَأجور
رَدَّت صنائعه إليه حياتَه
***
فَكانه من نَشْرِها منْشور
وقال أشجع بن عمرو السُّلَمي يرثي منصور بن زِياد:
يا حُفْرةَ الملك المُؤَمَّل رِفدُهُ
***
ما في ثَرَاكِ مِن النَدَى والخِير
لا زِلْتِ في ظِلَّين ظِلِّ سَحابةٍ
***
وَطْفَاَءَ دانيةٍ وظِل حبُور
وسَقَى الوليُّ على العِهاد عِراصَ ما
***
وَالاكِ من قَبْرٍ ومن مَقْبور
يا يومَ مَنصورٍ أبَحْتَ حِمَى النَدى
***
وَفَجَعْته بِوليّه المَذكور
يا يومَه أعْرَيْتَ راحلةَ النَّدَى
***
من رَبِّها وحَرَمْتَ كل فَقير
يا يومه ماذا صنَعت بِمُرْمل
***
يرْجُو الغِنى ومُكبّل مأسور
يا يومَه لو كنت جِئتَ بِصيْحَةٍ
***
فَجَمَعت بين الحيِّ والمقبور
للهّ أوْصال تقسمها البِلى
***
في اللحد بين صَفائحٍ وصخور
عَجَبا لخمسة أذْرِع في خمسةٍ
***
غَطَّتْ على جَبَل أشمَّ كبير
مَن كان يملأ عَرْضً كلَ تَنُوفةٍ
***
وَارَاهُ جُولُ ملحد مَحْفُور
ذَلَتْ بمصرعه المكارِمُ والندى
***
وذُبابُ كلِّ مُهَنَّد مأثُور
أَفَلتْ نجوم بَني زِيادٍ بَعدما
***
طَلَعَت بنوِر أهلَّة وبُدُور
لولا بقاءُ محمد لتصدَعت
***
أكبادُنا أَسفاً على منصور
أبقى مَكارِمَ لا تَبِيدُ صفَاتُها
***
ومَضىَ لِوَقت حِمَامه المَقْدُور
أصْبحتَ مَهْجوراً بحُفرتك التي
***
بُدِّلْتها من قَصرْك المَعْمُور
بَلَيت عِظَامُك والصفاحُ جَديدة
***
ليس البلى لفَعَالك المَشْهور
إِنْ كُنْت ساكِنَ حفْرةٍ فلقد تُرى
***
سَكناً لعُودي مِنْبرٍ وسرَير
وقال يرثي محمد بن مَنْصور:
أنْعَى فَتِىَ الجُودِ إلى الجود
***
ما مِثلُ مَن أنْعَى بِمَوْجُودِ
أنْعَي فَتَى مَصَّ الثَّرى بعده
***
بَقِية الماءِ مِنَ العُود
فانْثَلم المَجْدُ به ثَلمَةً
***
جانِبُها ليس بِمَسْدُود
أنْعَي ابن مَنْصور إلى سَيِّدٍ
***
وأيِّدٍ ليسَ برِعْدِيد
وأشْعَثٍ يَسْعَى على صِبْيةٍ
***
مِثْل فِراخ الطير مجهود
وطارقٍ أعيا عَليه القِرَى
***
ومُسْلمٍ في القِدِّ مَصْفود
اليومَ تُخْشىَ عَثَراتُ النَّدى
***
وعَدْوَة البُخْلِ على الجُود
أوْرَده يومٌ عَظِيمٌ ثَأى
***
في المجد حوضاَ غير محمود
كُلُّ آمرىءٍ يَجرى إلى مٌدَّة
***
وأجَل قد خُطّ مَعْدُود
سَيَنْطَق الشِّعُرُ بأيامه
***
على لِسانٍ غَيْرِ مَعْقُود
فكل مَفْقودٍ إلى جَنْبِه
***
وإنْ تعالى غَير مَفْقُود
يا وافِدَيْ قومهما إنّ
***
مَن طَلَبتما تحت الْجَلاميد
طَلَبتما الجودَ وقد ضَمَه
***
محمدٌ في بطن مَلْحُود
فاتَكما الموت بمعْرُوفِه
***
وليس ما فات بِمَرْدُود
يا عَضداً لِلْمَجْدَ مَفْتوتةً
***
وساعِداً ليس بمَعْضود
أوْهَن زَنْدَيْها وَأكْباهما
***
قَرْعُ المنايا في اَلصنَّاديد
وهدَّت الرُكْنَ الذي كان بالأمْس
***
عِمَاداً غَيْرَ مَهْدُود
وقال حبيبٌ الطائيًّ يَرثي خالدَ بن يَزيد بن مَزيد:
أشَيْبان لا ذاك الهِلالُ بطالعٍ
***
عَلَينا ولا ذاك الغَمَام بعائدِ
أشَيْبان عَمَّت نارُها من رَزيَّةٍ
***
فما تَشْتَكي وَجْداً إلى غَيْر واجِدِ
فما جانبُ الدُنيا بِسَهْل ولا الضُّحَىِ
***
بطَلْق ولا ماءُ الحَياة ببَارد
فيا وَحْشَةَ الدُنيا وكَانت أنيسةَ
***
ووُحدَة مَن فيها بِمَصْرع واحد
وأنشد أبو محمد التّيْمي في يَزيد بن مَزْيد:
أحقاً أنّه أودى يَزِيدُ
***
تَبَينَّ أيها النَّاعي المُشِيدُ
أتدْرِي من نَعَيت وكيف فاهتْ
***
به شَفَتَاكَ واراك الصَّعِيد
أحامي المُلْكِ والإسْلام أوْدى
***
فَما للأرْض وَيْحَكَ لا تَمِيد
تَأمَّلْ هل تَرَى الإسْلامَ مالتْ
***
دَعائمُهُ وهل شَابَ الوَليد
وهَلْ شِيمَتْ سُيوف بني نِزَارٍ
***
وهَل وُضِعت عن الخَيْل اللُّبُود
وهَلْ نَسْقِي البِلادَ عِشَارُ مُزْنٍ
***
بدرَّتها وهَلْ يَخْضَرُ عُود
أما هُدَّت لمَصرَعه نِزَار
***
بَلَى وتقوّض المجد المَشِيد
وحلَّ ضَرِيحَه إذ حَلَّ فيه
***
طَرِيفُ المَجْدِ والحَسَبُ التَّلِيد
وهُدَّ العِزُّ والإسْلامُ لما
***
ثَوَى وخَلِيفة اللهّ الرَّشيد
لقد أوْفي رَبِيعَةَ كُلُّ نحْسٍ
***
لمهْلِكه وغُيِّبت السُّعُود
وأنْصِلَت الأسِنّة مِن قَنَاهاً
***
وأشْرعت الرِّمَاح لِمَن يَكِيد
نعي يزيد أن لم يبق بأسٌ
***
غداة مضى وأن لم يبق جود
نَعِيّ أبي الزُّبير لكًلّ يَوْمٍ
***
عبوس الوجه زينته الحديد
أأودى عصمة البادي يزيد
***
وَسَيْفُ الله والغيثُ الحميد
فمِن يَحْمي حِمَى الإسْلام أمْ مَن
***
يَذُبّ عن المَكارم أو يذُود
ومَن يَدْعُو الإمامُ لكلّ خَطْبِ
***
يخاف وكُلِّ معضلة تَؤُود
ومَن تُجْلَى به الغَمَراتُ أم مَنَ
***
يَقُوم لها إذا اعوج العنيد
ومن يحمي الخميس إِذا تعَايا
***
بحيلة نَفْسه البَطَل النَّجِيد
وأين يَؤُمِّ منْتَجع وَلاجٍ
***
وأين تَحُطّ أرْحُلَها الوُفُود
لقد رُزِئتْ نِزَارٌ يوْمَ أودْىَ
***
عمدٌَ ما يقاسُ به عَمِيد
فلو قُبِلَ الفِدَاءُ فَدَاهُ منّا
***
بِمُهْجَته المُسَوَّدُ والمَسُود
أبَعْدَ يَزيد تَختَزن البَوَاكِي
***
دُمُوعاً أو تُصَان لها خُدُود
أما واللّه لا تَنْفَكُّ عَيْنِي
***
عليه بدَمْعِها أبداً تجود
وإنْ تَجْمُد دُمُوعُ لَئيم قَوْم
***
فليس لِدَمْع ذي حَسَب جُمود
وإن يك غالَه حَينٌ فأَوْدَىً
***
لقد أودىَ وليس لهًُ نَدِيد
وإنْ يَعْثر بهِ دهرٌ فكم قَد
***
تَفَادىَ من مخافته الأسُود
وإن يَهْلِك يزِيدُ فكُلُّ حَيٍّ
***
فَرِيسٌ للمنية أو طَرِيد
فإنْ يَكُ عن خُلُود قد دَعَته
***
مآثِرُه فكَانَ لها الخُلُود
فما أوْدَى آمروء أوْدَى وأبْقَى
***
لِوَارِثِهِ مَكارِمَ لا تَبِيد
ألم تَعْلَم أخِي أن المَنايا
***
غَدَرْنَ به وهُنَّ له جُنود
قَصَدْنَ له وكُنَّ يَحدْنَ عنه
***
إذا ما الحَرْبُ شبّ لها الوَقُود
فهلا يوْمَ يَقْدُمهَا يَزِيدُ
***
إلى الأبطال والخُلان حِيد
ولو لاقى الحُتُوف عَلى سِوَاه
***
للاقاها به حتْفٌ عَنِيد
أضَرَاب الفوارس كل يوْم
***
ترَى فيه الحُتُوفُ لها وَعِيد
فمن يُرْضى القَواطع والعَواليً
***
إذا ما هَزّها قَرْعٌ شَديد
لِتَبْكِكَ قبَّةُ الإسلام لمَّاَ
***
وَهتْ أطنابُها وَوَهى العَمُود
وًيبْكِك مُرْهَقٌ تتْلُوهُ خَيْلٌ
***
إبَالَةُ وهو مَجْدُول وَحِيد
وَيَبْكِكَ خاملٌ ناداك لمَّا
***
تَوَا كَلَهُ الأقارِبُ والبعيد
وَيَبْكِكَ شاعرٌ لم يُبْقِ دَهرٌ
***
له نَشبَا وقد كَسَدَ القَصِيد
تَرَكْتَ المَشرفيَّة والعَوَالي
***
مُحَلاةً وقد حانَ الوُرُود
وغادَرْتَ الجِيَاد، بكُلِّ لُغْزٍ
***
عَوَاطِلَ بَعْدَ زِينتها تَرُود
فإِنْ تُصْبِح مُسَلَّبَةَ فمما
***
تُفِيدُ بها الجَزِيلَ وتَسْتَفِيد
أَلمْ تكُ تَكْشف الغَمَرَاتِ عنها
***
عوابِسَ والوُجوه البيض سُود
أصِيبَ المَجْد والإسلامُ لمّا
***
أَصَابك بالرَّدَى سَهْم سَدِيد
لَقَد عَزَّى ربيعةَ أَنَّ يوماً
***
عليها مثلُ يَوْمك لا يعود
ومِثْلُك من قَصَدْن له المنايا
***
بأسْهُمها وهُنَّ له جُنود
فيا للدهر ما صَنَعَتْ يَدَاهُ
***
كأنَّ الدهر منها مستقيد
سَقَى جَدَثاً أقامَ به يزيدُ
***
من الوَسْمِيِّ بَسَّام رَعُود
فإن أَجْزَعْ لمَهْلِكة فإنّي
***
على النَّكَبات إذ أوْدىَ جَلِيد
لِيَذْهَبْ مَن أَراد فَلَسْت آسىَ
***
على مَن مات بعدك يا يزيد
وقال مَرْوان بن أبي حَفْصَة يَرْثي مَعْنَ بن زائدة:
زار ابن زائدةَ المَقابِر بَعْدَ ما
***
أَلْقَتْ إليه عُرَى الأمور نِزَارُ
إنَّ القبائلَ مِنْ نزَارٍ أصْبَحَتْ
***
وقلُوبُها أسفاً عليه حَرَارُ
وَدَّتْ رَبِيعَةُ أنَّها قسمتْ لَهُ
***
منها فعاشَ بِشَطْرِها الأعمار
فَلأبْكِينًّ فَتَى رَبِيعَة ما دَجَا
***
ليلٌ بِظُلْمَته ولاح نَهَار
لا زال قَبْرُ أبي الوَليد تَجُوده
***
بِعِهادها وبوَبْلِهِا الأمْطَار
قَبْرٌ يَضُم معِ الشَّجاعة والنَدَى
***
حِلْماً يُخالِطُهُ تًقَى وَوَقارُ
إنَّ الرَّزِيَّة من رَبيعة هالكٌ
***
تَرَكَ العُيُونَ دُمُوعَهنَّ غِزَار
رَحْبُ السّرَادق والفِنَاء جَبِينهُ
***
كالبَدْرِ ضِيَاءَه الإسْفار
لهفاً عليك إذا الطِّعَانُ بمأزِق
***
تَرَكَ القَنَا وطِوالُهُنَ قِصَار
خلَّى الأعنة يومَ مات مشَيعٌَ
***
بَطَلُ اللِّقَاءِ مُجَربٌ مِغْوَار
يُمْسي وَيُصْبِحُ مُعْلَماً تًذْكَى بِه نَارٌ
***
بمُعْتَرَكٍ وَتُخْمَدُ نَار
مهما يُمرَّ فليس يَرْجُو نقْضَهُ
***
أحدٌ وليس لِنَقْضِهِ إمْرَارُ
لو كان خَلْفَكَ أو أمامَكَ هائباً
***
أحداً سِوَاك لَهَابَكَ المِقْدَار
وقال يرثيه:
بَكى الشامُ مَعْناً يومَ خَلَى مكانَه
***
فكادت له أرض العِرَاقين تَرْجُفُ
ثَوَى القائدُ المَيْمُون والذائد الذي
***
به كان يُرْمَى الجانبُ المتَخَوَف
أتى الموتُ مَعْناً وهو للعِرْض صائنٌ
***
وللمجدِ مُبْتَاعٌ وللمالِ مُتلِف
وما مات حَتَّى قّلدَتْهُ أمُورَها
***
ربيعةُ والحيَّان قيْسٌ وخِنْدِف
وحتىَ فَشَا في كلِّ شَرْقٍ ومَغْرِبِ
***
أيادٍ له بالضرُِّ والنفْع تُعْرَف
وكم مِن يدٍ عنْدِي لِمَعنٍ كَريمةٍ
***
سأشْكُرُها ما دامت العين تَطْرِف
بَكَتْهُ الجيَادُ الأعْوَجِيَّة إذ ثَوَى
***
وحَنَ مع النَّبْع الوَشيجُ المُثَقَّف
وقّد غَنِيَتْ ريحُ الصَّبَا في حَياتِهِ
***
قَبُولأً فأمْسَتْ وهي نكْبَاءُ حَرْجَف
وقال أبو الشِّيص يرثي هارون الرشيد ويمدح ابنه محمد بن زُبيدة الأمينٍ:
جَرَت جَوَارٍ بالسَّعد والنَّحس
***
فنحن في وحْشَةٍ وَفي أنْس
العينُ تَبْكىِ والسنُّ ضاحكةٌ
***
فنحن في مأتمٍ وفي عُرْس
يُضْحِكُنا القائم الأمِينُ ويُب
***
كِينا وفاة الإمام بالأمْس
بدْرَانِ بَدْرٌ أَضْحَى ببَغْداد في ال
***
خُلْدِ وبَحْرُ بطُوس في الرّمْس
وأنشد العُتْبي:
والمرءُ يجمع مآلَهُ مُسْتَهْتِراً
***
فَرٍحاً وليس بآكِلِ ما يجمعُ
وليأتينّ عليك يومٌ مرَّةً
***
يُنكَى عليك مُقَنَّعاً لا تَسْمَع
وقال حارثه بن بَدْر الغُدانيّ يرثي زياداً:
صَلّى الإلهُ علي قبرٍ وطهَرَه
***
عند الثَّويِّة يَسْفِي فوقه المُورُ
زَفَّتْ إليه قُرَيْشٌ نعْشَ سيِّدها
***
فثَمَّ كلّ التُّقَى والبر مقبور
أبا المغيرَة والدُّنْيَا مُغَيِّرَةٌ
***
وإنَ من غرّت الدُّنيا لمغرُور
قد كان عندكِ للْمعْرُوف معرفةٌ
***
وكان عندك للنَّكْراء تَنْكير
لوْ خلَّدً الخيرُ والإسلامُ ذا قَدَم
***
إذاً لخلَّدَك الإسْلاَمُ والخِير
قد كُنتَ تُؤتىَ فتُعْطِي المالَ عن سَعةٍ
***
فاليوم بيْتُك أضحى وهو مَهْجْور
وقال نَهَار بن تَوْسِعة يرْثي المُهَلَب:
ألا ذَهَبَ الغَزْو المُقَرِّبُ لِلغِنَى
***
ومات النَّدَى والحَزْم بعد المهلَّبِ
أقاما بمَرْو الرّوذ رَهْن ضرَيحه
***
وقد غيبَا من كلِّ شرق ومَغْرِب
وقال المهلْهل بنُ رَبيعة يرْثي أخاه كًلَيْب وائل، وكان كُلَيب إذا جَلس لم يِرْفَع أحد بحضْرتِه صوتَه:
ذَهَبَ الخِيار من المَعاشر كلِّهم
***
واستْبَّ بعدك يا كُلَيْبُ المَجْلِسُ
وَتناولُوا من كُلِّ أمرِ عظيمةٍ
***
لو كنتَ حاضرِ أمرِهم لم يَنْبسوا
وقال عبد الصَّمد بن المُعذَّل يَرْثِي سَعيد بن سَلم:
كم يتيم جَبَرْتَه بعد يُتْمٍ
***
وعَدِيمٍ نعَشْتَه بعد عُدْم
كلما عض بالحوادث نادى رَضيَ اللهّ
***
عن سعيد بنِ سَلمَ
وقال ابن أخت تأبطَ شرا يرْثي خاله تأبطَ شرّا الفَهْمي، وكانت هُذَيل قتلته:
إنْ بالشَعْب الذي دونَ سَلْع
***
لقتيلاً دمه ما يُطَل
قَذف العَبءَ عليَّ ووَلّى
***
أنا بالعِبْء له مستَقِل
وَوراء الثأرِ منيَ ابن أختٍ
***
مَصعٌ عُقْدَتُهُ ما تُحَل
مُطرِقٌ يَرْشَحُ سَمًّا كما أط
***
رقَ أفْعَى يَنْفثُ السَّمَّ صِلُّ
خَبرٌ ما نابنا مُصْمئِلُّ
***
جلَّ حَتَى دقَّ فيه الأجَلُ
بَزَّني الدَّهر وكان غَشوماً
***
بأَبّي جارُهُ ما بُذَلُّ
شامِسٌ في القُرِّ حتى إذا ما
***
ذَكَتِ الشِّعري فَبَرْدٌ وَظِلُّ
يابِسُ الجَنْبَينْ من غير بُؤسٍ
***
وندِيُّ الكَفَّين شَهْمٌ مُدِلّ
ظاعِن بالْحَزم حتًى إذا ماَ
***
حَل حَلَّ الحزْمُ حيْثُ يَحلُّ
وله طَعْمانِ أَرْيٌ وَشَرْيٌ
***
وكلا الطعْمَينْ قد ذاقَ كل
رائحٌ بالمَجْدِ غادٍ عليه
***
من ثيابِ الحمْدَ ثَوْبٌ رِفَلّ
أفْتَحُ الراحة بالجُودِ جَواداً
***
عاش في جَدْوَى يدَيْه المُقِلُّ
مُسْبِلٌ في الحَيّ أَحْوَى رِفَل
***
وإذا يَغْزُو فسِمْع أزَلُّ
يرْكَبُ الهوْلَ وَحيداً
***
يَصحَبُه إلا اليماني اقَلّ
ولا فاحتَسوا أنفاسَ يوم فلمّا
***
هَوَّموا رُعْتَهُمْ فاشْمَعَلّوا
كلُّ ماض قد تَردَّى بمًاض
***
كسَنَا البَرْق إذا ما يُسَل
فَلئِنْ فَلّت هُذَيْلٌ شَبَاه
***
لَبِمَا كان هُذَيْلاً يَفُلّ
وبما أبرَكها في مُنَاخٍ
***
جَعْجَعٍ يَنْقَب منه الأظَلُّ
صَلِيَتْ منه هُذَيلٌ بِخِرْقٍ
***
لا يَمَلّ الشرَّ حتى يَمَلُّوا
يُنْهلً الصَّعْدَةَ حتى إذا ما
***
نَهِلَتْ كان لها منه عَلّ
تَضْحًكُ الضَّبْعُ لِقَتْلَى هُذيلِ
***
وتَرَى الذِّئْبَ لها يَستهل
وعِتَاقُ الطَّير تَغْدُو بِطاناًَ
***
تَتَخَطَّاهمُ فما تستقلّ
وفُتُوّ هَجَّروا ثم أسْرَوْا
***
ليْلَهم حتَّى إذا آنجاب حَلُّوا
فاسْقِنِيها يا سوادَ بن عَمْروٍ
***
إِنّ جِسْمي بعدَ خالِي لَخَلُّ
وقال أُمَية بن أبي الصلت يَرْثى قَتلَى بَدْر " من قُريش " .
ألاّ بَكّيْتِ عَلَى الكِرا
***
م بَني الكِرام أولِى المَمَادحْ
كَبُكا الحَمام على فُرو
***
ع الأيْكَ في الغُصنُِ الجوانح
" يبكين حَرَّى مُستكي
***
ناتٍ يَرُحْن مع الروَائح "
أَمْثالَهنَّ الباكِيا
***
ت المُعْوِلات من النوائح
مَنْ يَبكهِم يَبْكى على
***
حُزْنٍ وَيَصدُق كُلَّ مادح
من ذا بِبَدْر فالعقن
***
قل من مَرازِبة جَحَاجِح
شُمْطٍ وَشُبَّانٍ بَهَا
***
ليل مَناوير وَحَاوح
أَلا تَرَونَ لِما أَرى
***
ولقد أبان لكلِّ لامِح
أنْ قد تَغيَر بَطْنُ مكَة
***
فَهْي مُوحِشةُ الأباطِح
من كُلِّ بِطْرِيق لِبط
***
ريق نَقِيِّ اللَوْنِ وَاضح
دُعْمُوص أبواب المُلو
***
ك وجائِب لِلخَرْق فاتح
ومن السرَّاطِمَة الحَلا
***
جمةَ المَلاًزِبة المنَاجِح
القائِلين الفاعلي
***
ن الآمِرين بكُلِّ صالح
المُطْعِمينَ الشَحْم فو
***
قَ الخُبْزِ شَحْماً كالأنافح
نُقُل الجفَانِ مع الجفَا
***
ن إلى جِفَانَ كالمنَاضِح
ليست باَّصْفارٍ لِمَنْ
***
يَعْفُو ولا رَح رَحارِح
" للضيْف ثُمَّ الضَيْف بع
***
د الضَّيْفِ والبُسْط السَّلاطح "
وُهُب المِئين من المِئي
***
ن إلى المِئين من اللواقح
سَوْقَ المُؤَبَّلِ للمؤبَّل
***
صادِرَاتِ عن بَلاَدِح
لِكِرامهم فوق الكرا
***
م مزَيّة وَزْن الرَّواجح
كتثاقل الأرطال
***
بالقسطاس في الأيدي الموائح
للّه در بني عليّ
***
أيّم منهم وناكح
إن لم يُغيرُوا غارَةً
***
شَعْوَاءَ تجحَر ُكَلَّ نابح
بالمُقْرَبات المُبْعدا
***
ت الطَّامِحَاتِ مع الطَّوامِح
مُرْداً عَلَى جُرْدٍ إلى
***
أسْدٍ مُكالِبَةٍ كوالِح
وُيلاقِ قِرْن قِرْنَهُ
***
مَشي المُصَافح للمُصَافح
بزُهاءِ ألْفٍ ثُمَ أل
***
ف بين ذي بَدنٍ ورَامح
الضَّارِبين التَقْدُمِيَّة
***
بالمُهنَّدَة الصفائح
روى الأخفش لسَهل بن هارون:
ما للحوادث عنْكَ مُنصَرِفُ
***
إلاّ بنَفْس ما لهَا خَلَفُ
فَكأَنّها رَامٍ عَلَى حَنقٍ
***
وَكأنَّنى لِسَهَامِها هَدَف
دهرٌ سُرِرْت به فأَعْقَبَني
***
جَرَيانه ما عِشْتُ ألْتَقف
فابْكِ الّذي وَلِّى لمَهْلِكهَ
***
عنك السُّرورُ خُلِّفَ الأسف
إذ لا يَردّ عليك ما أخذَتْ
***
منك الحوادثُ دَمْعةٌ تَكِف
قَبْرٌ بمُخْتَلف الرِّياح به
***
مَنْ لَسْتُ أبلغه بما أَصِف
أنسَ الثرى بمحَلِّه وله
***
قد أوحَشَ المُسْتَأْنَس الألِف
فالصبر أحسن ما اعْتَصَمْتَ به
***
إذ ليس منه لدَيّ منتصف
وقال فَرْوَةُ بن نَوْفل الحَرُوريّ، وكان بعضُ أهل الكُوفة يقاتلون الخوارج، ويقولون:
واللهّ لَنَخْرقنّهُم ولنفعلنَ ولنفعلَنّ، فقال في ذلك فرْوَةُ بنُ نَوْفل، وكان من الخوارج:
ما إنْ نبَالي إذا أروَاحُنَا قُبِضَتْ
***
ماذَا فَعْلتمْ بأَجْسادٍ وأَبْشَارِ
تَجْري المَجَرّة والنِّسْرَان بَيْنهما
***
والشمسُ والقمرُ الساري بمقدَار
لقد علمتُ وخَيرُ العِلْم أنْفعه
***
أن السَّيَدَ الذي ينْجُو منَ النار
وقال يرْثى قَوْمَه:
همُ نَصَبُوا الأجْسَاد للنَبْل والقَنَا
***
فلم يَبْق منها اليومٍ إلا رَميمُها
تَظلّ عِتاقُ الطير تحجلُ حَوْلهم
***
يُعلِّلن أجساداً قليلا نَعيمها
لِطَافاً بَرَاها الصَّوْمُ حتى كأنَها
***
سيوفٌ إذا ما الخَيلُ تَدْمى كلومُها
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الدرة في المعازي والمراثي ﴿ 13 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞