📁 آخر الأخبار

التعازي باب التعازي

التعازي باب التعازي

قال عبد الرحمن بن أبي بكر لسليمان بن عبد الملك يُعزِّيه في ابنه أيوب وكان وليّ عهده وأكبر ولده:
 يا أمير المؤمنين، إنه من طال عمره فَقَدَ أحبَّتَهُ، ومن قَصر عُمره كانت مُصيبته في نفسه. فلو لم يكن في مِيزانك لكُنْتَ في ميزانه. وكَتَب الحسنُ بن أبي الحسن إلى عُمَر بن عبد العزيز يُعزِّيه في ابنه عبد الملك:

***
 فَقِيدُكَ لا يَأتي وأَجْركَ يَذْهَبُ
العُتْبىِ قال:
 قال عبدُ الله بن الأهْتَم:
 مات لي ابن وأنا بمكة فجزِعْتُ عليه جَزَعاً شديداَ، فَدَخَل عليَّ ابن جُرَيجٍ يُعَزِّيني، فقال لي:
 يا أبا محمد، اسْلُ صَبراً واحْتِساباً قبْلَ أن تَسْلُو غفلة ونسْياناً كما تَسْلو البهائم. وهذا الكِلامُ لعليّ ابن أبي طالب كرّم الله وجهَه يُعزِّي به الأشْعَتَ بن قيْس في ابن له، ومنه أخذه ابن جُرَيْج. وقد ذكَرَه حبيب في شعره فقال:

وقال عليّ في التعازي لأشْعَثٍ
***
 وخاف عليه بعضَ تلك المآثِم
أتَصْبِرُ لِلْبلْوَى عَزَاءً وحِسْبَةً
***
 فَتُؤْجَرَ أَمْ تَسْلُو سًلُوَّ البهائم
أتى عليُّ أبي طالب كَرَّم الله وجهه لأشْعَث يُعَزِّيه عن ابنه، فقال:
 إن تَحْزَنْ فقد آستحقًتْ ذلك مِنك الرّحم، وإن تَصْبر فإن في الله خَلَفاً من كلِّ هالك، مع أنّك إن صَبَرت جرَى عليك القَدَر وأنت مَأجُور، وإن جَزِعْت جَرَى عليك القَدَر وأنت آثِم. وعزَّى ابن السمَّاك رجلاً فقال:
 عليك بالصَّبْر، فبه يَعْمل من احتَسَب، وإليه يَصير مَن جزع، واعلم أنه ليست مُصيبة إلا ومعها أعظمُ منها من طاعة الله فيها أو مَعْصيته بها.
الأصمعيّ قال:
 عزّى صالحٌ المُرِّي رجلاً بابنه، فقال له:
 إنْ كانت مُصيبتك لم تُحْدِث لك مَوْعظةً فمُصِيبتك بنَفْسك أعظمُ من مُصيبتك بابنك، واعلم أنّ التَّهْنِئَة على آجِل الثَّوَاب أولَى من التَّعزِية على عاجل المصيبة. العُتْبىّ قال:
 عزَى أبي رجلاً فقال:
 إنما يَسْتوجب على اللهّ وَعْده من صبر لحقه، فلا تجْمَع إلى ما فُجِعت به الفَجيعةَ بالأجر، فإنها أعظمُ المصيبتن عليك، ولكلّ اجتماعٍ فُرْقة إلى دار الحُلولِ.
عزّى عبدُ الله بن عبَّاس عمر بن الخطّاب رضى الله تعالى عنه في بُنى له صَغير، فقال:
 عوَّضك الله منه ما عوّضه الله منك. وكان عليُّ بن أبي طالب رضى الله عنه إذا عزَّى قوماً قال:
 عليكم بالصَّبر فإنّ به يأخُذ الحازم وإليه يَرْجع الجازع. وكان الحسنُ يقول في المُصيبة:
 الحمدُ لله الذي آجَرَنا على ما لو كلَّفنا غيرَه لعَجَزْنا عنه.
التعازي باب التعازي
۞۞۞۞۞۞۞۞
 كتاب الدرة في المعازي والمراثي ﴿ 14 ﴾ 
۞۞۞۞۞۞۞۞
التعازي باب التعازي

تعليقات