كلمة حول التدوير في الشعر
التدوير في الشعر
معلوم أنّ التدوير في الشعر العربي يعني (انقسام الكلمة) بين شطرَي البيت الواحد.
ويكثر في بحري الخفيف والمتقارب، ومجزوءات الأوزان، ولا يمتنع في غيرها.
وهو مصطلح مُحدَث، كان القدماء يسمونه: (الإدْماج) أو(المُداخَلَة)، ويصِفون البيتَ المُدَوّرَ بالبيت (المُدْمَجِ)، أو (المُداخَل).
مثال ذلك قول المعري (من الخفيف) :
وشَبيهٌ صوتُ النَّعِيِّ إذا قِيـ**ـسَ بصوتِ البشير في كل نادِ
أَبَكَتْ تلكُمُ الحَمامَةُ أمْ غَنْـ**ـنَتْ على فَرْعِ غُصْنِها المَيّادِ
.....
ويتوهم عروضيو اليوم وشعراؤه، أنّ من (التدوير) (انقسامُ التفعيلةِ) ذاتها -لا الكلمة- بين سطرين من سطور #قصيدة_التفعيلة، والذي قد يمتد حتى آخر القصيدة، وأنه نشأ بظهور شعر التفعيلة، وأنّ مثل هذا الانقسام لم يكن موجوداً في الشعر البيتي.
وأقول:
إن مثل هذا التدوير هو (تدويرٌ زائف) لا وجودَ له، ما دام إيقاع السطرين متّصلاً غير منفصل، وإنّ التدويرَ -إن وجد- لا يتحقق إلاّ في حالات الوقوف على نهايات الفواصل أو القوافي.. وتقلُّ مثل هذه الحالة في شعر التفعيلة.
فالتدويرُ في شعر التفعيلةِ هو (اتّصالٌ وزني)، تنقسم فيه التفعيلةُ بين السطرين كتابِياً، بينما يبقى الإيقاعُ متّصِلاً غير منقطع،
ولو أننا كتبنا هذه السطورَ متّصلةً حتى يقفَ بنا المعنى على قافيةِ السطر لَانْتَفَى ذلك التدوير الموهوم..
ونحن لو أننا كتبنا بيتَ الشعر العربيّ بالطريقة المتَّبعة في كتابة شعر التفعيلة، فنَقِف على رؤوس المعاني داخل البيت الواحد لحصلنا على ذات النتيجة.
خذ مثلاً على ذلك قول ابن هرمة:
فخُذِ الغنيمَةَ = متفاعِلاتُكَ
واغتَنِمْني = فاعلاتن
إنّني غُنْمٌ لِمِثْلِكَ = فاعلاتن فاعلاتُكَ
والمَكارِمُ تُشتَرَى = فاعلاتُكَ فاعلن (أو: فاعلاتُ مفاعلن)
وقد اتبعَ بعض الشعراء المعاصرين كتابة شعرهم البيتي بمثل هذه الطريقة كنزار قباني على سبيل التمثيل.. مُوهِماً أنّ ما كتبه هو من شعر التفعيلة. التدوير في الشعر