📁 آخر الأخبار

باب من فضائل ابي بن كعب وجماعة من الانصار رضي الله تعالى عنهم

 

 باب من فضائل ابي بن كعب وجماعة من الانصار رضي الله تعالى عنهم

 باب من فضائل ابي بن كعب وجماعة من الانصار رضي الله تعالى عنهم


4507- قَوْله: «جَمَعَ الْقُرْآنَ عَلَى عَهْد رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعَةٌ كُلُّهُمْ مِنْ الْأَنْصَار: مُعَاذُ بْن جَبَل، وَأُبِيّ بْن كَعْب، وَزَيْد بْن ثَابِت وَأَبُو زَيْد» قَالَ الْمَازِرِيّ: هَذَا الْحَدِيث مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهِ بَعْض الْمَلَاحِدَة فِي تَوَاتُر الْقُرْآن، وَجَوَابه مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا أَنَّهُ لَيْسَ فيه تَصْرِيحٌ بِأَنَّ غَيْر الْأَرْبَعَة لَمْ يَجْمَعْهُ، فَقَدْ يَكُون مُرَاده الَّذِينَ عَلِمَهُمْ مِنْ الْأَنْصَار أَرْبَعَة، وَأَمَّا غَيْرهمْ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَار الَّذِينَ لَا يَعْلَمُهُمْ فَلَمْ يَنْفِهِمْ، وَلَوْ نَفَاهُمْ كَانَ الْمُرَاد نَفْي عِلْمه، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ رَوَى غَيْر مُسْلِم حِفْظ جَمَاعَات مِنْ الصَّحَابَة فِي عَهْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَ مِنْهُمْ الْمَازِرِيّ خَمْسَة عَشَر صَحَابِيًّا، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيح أَنَّهُ قُتِلَ يَوْم الْيَمَامَة سَبْعُونَ مِمَّنْ جَمَعَ الْقُرْآن، وَكَانَتْ الْيَمَامَة قَرِيبًا مِنْ وَفَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ جَامِعِيهِ يَوْمئِذٍ، فَكَيْفَ الظَّنُّ بِمَنْ لَمْ يُقْتَلْ مِمَّنْ حَضَرَهَا، وَمَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا وَبَقِيَ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِمَكَّةَ أَوْ غَيْرهمَا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَة أَبُو بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان وَعَلِيّ وَنَحْوهمْ مِنْ كِبَار الصَّحَابَة الَّذِينَ يَبْعُدُ كُلُّ الْبُعْد أَنَّهُمْ لَمْ يَجْمَعُوهُ، مَعَ كَثْرَة رَغْبَتهمْ فِي الْخَيْر، وَحِرْصهمْ عَلَى مَا دُون ذَلِكَ مِنْ الطَّاعَات.

 وَكَيْف نَظُنُّ هَذَا بِهِمْ، وَنَحْنُ نَرَى أَهْل عَصْرنَا حَفِظَهُ مِنْهُمْ فِي كُلّ بَلْدَة أُلُوف مَعَ بُعْد رَغْبَتِهِمْ فِي الْخَيْر عَنْ دَرَجَة الصَّحَابَة، مَعَ أَنَّ الصَّحَابَة لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَحْكَام مُقَرَّرَة يَعْتَمِدُونَهَا فِي سَفَرهمْ وَحَضَرهمْ إِلَّا الْقُرْآن، وَمَا سَمِعُوهُ مِنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَيْف نَظُنُّ بِهِمْ إِهْمَاله؟ فَكُلّ هَذَا وَشِبْهه يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي نَفْس الْأَمْر أَحَد يَجْمَعُ الْقُرْآن إِلَّا الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورُونَ.

 الْجَوَاب الثَّانِي أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْهُ إِلَّا الْأَرْبَعَة لَمْ يَقْدَح فِي تَوَاتُره؛ فَإِنَّ أَجْزَاءَهُ حِفْظ كُلّ جُزْء مِنْهَا خَلَائِق لَا يُحْصُونَ، يَحْصُلُ التَّوَاتُرُ بِبَعْضِهِمْ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْط التَّوَاتُر أَنْ يَنْقُلَ جَمِيعهمْ جَمِيعه، بَلْ إِذَا نَقَلَ كُلّ جُزْء عَدَد التَّوَاتُر صَارَتْ الْجُمْلَة مُتَوَاتِرَة بِلَا شَكٍّ، وَلَمْ يُخَالِف فِي هَذَا مُسْلِم وَلَا مُلْحِد.

 وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق.

قَوْله: (قُلْت لِأَنَسٍ: مَنْ أَبُو زَيْد؟ قَالَ: أَحَد عُمُومَتِي) أَبُو زَيْد هَذَا هُوَ سَعْد بْن عُبَيْد بْن النُّعْمَان الْأَوْسِيّ مِنْ بَنِي عَمْرو بْن عَوْف، بَدْرِيّ يُعْرَفُ بِسَعْدٍ الْقَارِي، اُسْتُشْهِدَ بِالْقَادِسِيَّةِ سَنَة خَمْس عَشْرَة فِي أَوَّل خِلَافَة عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.

قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: هَذَا هُوَ قَوْل أَهْل الْكُوفَة، وَخَالَفَهُمْ غَيْرهمْ، فَقَالُوا: هُوَ قَيْس بْن السَّكَن الْخَزْرَجِيّ مِنْ بَنِي عَدِيّ بْن النَّجَّار بَدْرِيّ.

قَالَ مُوسَى بْن عُقْبَة: اُسْتُشْهِدَ يَوْم جَيْش أَبِي عُبَيْد بِالْعِرَاقِ سَنَة خَمْس عَشْرَة أَيْضًا.

✯✯✯✯✯✯

‏4508- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏4509- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏4510- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأُبِيِّ بْن كَعْب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: «إِنَّ اللَّه أَمَرَنِي أَنْ أَقْرَأَ عَلَيْك: {لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا} وَقَالَ: وَسَمَّانِي قَالَ: نَعَمْ قَالَ: فَبَكَى» وَفِي رِوَايَة: «فَجَعَلَ يَبْكِي».

 أَمَّا بُكَاؤُهُ فَبُكَاء سُرُور وَاسْتِصْغَار لِنَفْسِهِ عَنْ تَأْهِيله لِهَذِهِ النِّعْمَة وَإِعْطَائِهِ هَذِهِ الْمَنْزِلَة.

 وَالنِّعْمَة فيها مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدهمَا كَوْنه مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ، وَلِهَذَا قَالَ: وَسَمَّانِي؟ مَعْنَاهُ نَصَّ عَلَيَّ بِعَيْنِي، أَوْ قَالَ: اِقْرَأْ عَلَى وَاحِد مِنْ أَصْحَابك قَالَا: بَلْ سَمَّاك، فَتَزَايَدَتْ النِّعْمَة.

 وَالثَّانِي قِرَاءَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَإِنَّهَا مَنْقَبَة عَظِيمَة لَهُ لَمْ يُشَارِكْهُ فيها أَحَدٌ مِنْ النَّاس.

وَقِيلَ: إِنَّمَا بَكَى خَوْفًا مِنْ تَقْصِيره فِي شُكْر هَذِهِ النِّعْمَة.

وَأَمَّا تَخْصِيص هَذِهِ السُّورَة بِالْقِرَاءَةِ فَلِأَنَّهَا مَعَ وَجَازَتِهَا جَامِعَة لِأُصُولٍ وَقَوَاعِد وَمُهِمَّات عَظِيمَة، وَكَانَ الْحَال يَقْتَضِي الِاخْتِصَار.

وَأَمَّا الْحِكْمَة فِي أَمْره بِالْقِرَاءَةِ عَلَى أُبَيّ قَالَ الْمَازِرِيّ، وَالْقَاضِي: هِيَ أَنْ يَتَعَلَّمَ أُبَيّ أَلْفَاظه، وَصِيغَة أَدَائِهِ، وَمَوَاضِع الْوُقُوف، وَصُنْع النَّغَم فِي نَغَمَات الْقُرْآن عَلَى أُسْلُوبٍ أَلِفَهُ الشَّرْع وَقَدَّرَهُ، بِخِلَافِ مَا سِوَاهُ مِنْ النَّغَم الْمُسْتَعْمَل فِي غَيْره وَلِكُلٍّ ضَرْبٌ مِنْ النَّغَم مَخْصُوصٌ فِي النُّفُوس، فَكَانَتْ الْقِرَاءَة عَلَيْهِ لِيَتَعَلَّمَ مِنْهُ.

وَقِيلَ: قَرَأَ عَلَيْهِ لِيَسُنَّ عَرْضَ الْقُرْآن عَلَى حُفَّاظِهِ الْبَارِعِينَ فيه، الْمُجِيدِينَ لِأَدَائِهِ، وَلِيَسُنَّ التَّوَاضُعَ فِي أَخْذِ الْإِنْسَانِ الْقُرْآنَ وَغَيْره مِنْ الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة مِنْ أَهْلهَا، وَإِنْ كَانُوا دُونه فِي النَّسَب وَالدِّين وَالْفَضِيلَة وَالْمَرْتَبَة وَالشُّهْرَة وَغَيْر ذَلِكَ، وَلِيُنَبِّهَ النَّاس عَلَى فَضِيلَة أُبَيّ فِي ذَلِكَ، وَيَحُثَّهُمْ عَلَى الْأَخْذ مِنْهُ، وَكَانَ كَذَلِكَ فَكَانَ بَعْد النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسًا وَإِمَامًا مَقْصُودًا فِي ذَلِكَ مَشْهُورًا بِهِ.

 وَاللَّهُ أَعْلَمُ.


 باب من فضائل ابي بن كعب وجماعة من الانصار رضي الله تعالى عنهم


۞۞۞۞۞۞۞۞

كتاب فضائل الصحابة ﴿ 24 ﴾ 

۞۞۞۞۞۞۞۞



كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات