باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي وتكون مكة عن يساره ويكبر مع كل حصاة
باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي وتكون مكة عن يساره ويكبر مع كل حصاة
2282- قَوْله: (رَمَى عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود جَمْرَة الْعَقَبَة مِنْ بَطْن الْوَادِي بِسَبْعِ حَصَيَات يُكَبِّر مَعَ كُلّ حَصَاة قَالَ: فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أُنَاسًا يَرْمُونَهَا مِنْ فَوْقهَا فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود: هَذَا وَاَلَّذِي لَا إِلَه غَيْره مَقَام الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة) فيه فَوَائِد مِنْهَا: إِثْبَات رَمْي جَمْرَة الْعَقَبَة يَوْم النَّحْر، وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ، وَهُوَ وَاجِب، وَهُوَ أَحَد أَسْبَاب التَّحَلُّل، وَهِيَ ثَلَاثَة: رَمْي جَمْرَة الْعَقَبَة يَوْم النَّحْر، فَطَوَاف الْإِفَاضَة مَعَ سَعْيه إِنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى، وَالثَّالِث: الْحَلْق عِنْد مَنْ يَقُول: إِنَّهُ نُسُك وَهُوَ الصَّحِيح، فَلَوْ تَرَكَ رَمْي جَمْرَة الْعَقَبَة حَتَّى فَاتَتْ أَيَّام التَّشْرِيق فَحَجّه صَحِيح، وَعَلَيْهِ دَم، هَذَا قَوْل الشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور، وَقَالَ بَعْض أَصْحَاب مَالِك: الرَّمْي رُكْن لَا يَصِحّ الْحَجّ إِلَّا بِهِ، وَحَكَى اِبْن جَرِير عَنْ بَعْض النَّاس أَنَّ رَمْي الْجِمَار إِنَّمَا شُرِعَ حِفْظًا لِلتَّكْبِيرِ، وَلَوْ تَرَكَهُ وَكَبَّرَ أَجْزَأَهُ، وَنَحْوه عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا، وَالصَّحِيح الْمَشْهُور مَا قَدَّمْنَا.
وَمِنْهَا: كَوْن الرَّمْي سَبْع حَصَيَات، وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ، وَمِنْهَا: اِسْتِحْبَاب التَّكْبِير مَعَ كُلّ حَصَاة، وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب مَالِك وَالْعُلَمَاء كَافَّة، قَالَ الْقَاضِي: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ تَرَكَ التَّكْبِير لَا شَيْء عَلَيْهِ، وَمِنْهَا: اِسْتِحْبَاب كَوْن الرَّمْي مِنْ بَطْن الْوَادِي، فَيُسْتَحَبّ أَنْ يَقِف تَحْتهَا فِي بَطْن الْوَادِي فَيَجْعَل مَكَّة عَنْ يَسَاره، وَمِنًى عَنْ يَمِينه، وَيَسْتَقْبِل الْعَقَبَة وَالْجَمْرَة وَيَرْمِيهَا بِالْحَصَيَاتِ السَّبْع، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي مَذْهَبنَا، وَبِهِ قَالَ جُمْهُور الْعُلَمَاء، وَقَالَ بَعْض أَصْحَابنَا: يُسْتَحَبّ أَنْ يَقِف مُسْتَقْبِل الْجَمْرَة، مُسْتَدْبِرًا مَكَّة، وَقَالَ بَعْض أَصْحَابنَا: يُسْتَحَبّ أَنْ يَقِف مُسْتَقْبِل الْكَعْبَة، وَتَكُون الْجَمْرَة عَنْ يَمِينه، وَالصَّحِيح الْأَوَّل، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ رَمَاهَا جَازَ، سَوَاء اِسْتَقْبَلَهَا أَوْ جَعَلَهَا عَنْ يَمِينه أَوْ عَنْ يَسَاره، أَوْ رَمَاهَا مِنْ فَوْقهَا أَوْ أَسْفَلهَا، أَوْ وَقْف فِي وَسَطهَا وَرَمَاهَا، وَأَمَّا رَمْي بَاقِي الْجَمَرَات فِي أَيَّام التَّشْرِيق فَيُسْتَحَبّ مِنْ فَوْقهَا.
وَأَمَّا قَوْله: (هَذَا مَقَام الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَة الْبَقَرَة)، فَسَبَقَ شَرْحه قَرِيبًا.
وَاَللَّه أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
2283- قَوْله: (عَنْ الْأَعْمَش سَمِعْت الْحَجَّاج بْن يُوسُف يَقُول وَهُوَ يَخْطُب عَلَى الْمِنْبَر: أَلِّفُوا الْقُرْآن كَمَا أَلَّفَهُ جِبْرِيل السُّورَة الَّتِي يُذْكَر فيها الْبَقَرَة وَالسُّورَة الَّتِي يُذْكَر فيها النِّسَاء وَالسُّورَة الَّتِي يُذْكَر فيها آل عِمْرَان فَلَقِيت إِبْرَاهِيم فَأَخْبَرْته بِقَوْلِهِ فَسَبَّهُ) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: إِنْ كَانَ الْحَجَّاج أَرَادَ بِقَوْلِهِ: (كَمَا أَلَّفَهُ جِبْرِيل) تَأْلِيف الْآي فِي كُلّ سُورَة وَنَظْمهَا عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ الْآن فِي الْمُصْحَف فَهُوَ إِجْمَاع الْمُسْلِمِينَ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ ذَلِكَ تَأْلِيف النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنْ كَانَ يُرِيد تَأْلِيف السُّورَة بَعْضهَا فِي إِثْر بَعْض فَهُوَ قَوْل بَعْض الْفُقَهَاء وَالْقُرَّاء، وَخَالَفَهُمْ الْمُحَقِّقُونَ وَقَالُوا: بَلْ هُوَ اِجْتِهَاد مِنْ الْأَئِمَّة وَلَيْسَ بِتَوْقِيفٍ، قَالَ الْقَاضِي: وَتَقْدِيمه هُنَا النِّسَاء عَلَى آل عِمْرَان دَلِيل عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِلَّا نَظْم الْآي؛ لِأَنَّ الْحَجَّاج إِنَّمَا كَانَ يَتَّبِع مُصْحَف عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَلَا يُخَالِفهُ وَالظَّاهِر أَنَّهُ أَرَادَ تَرْتِيب الْآي لَا تَرْتِيب السُّوَر.
✯✯✯✯✯✯
2284- قَوْله: (وَجَعَلَ الْبَيْت عَنْ يَسَاره وَمِنًى عَنْ يَمِينه) هَذَا دَلِيل لِلْمَذْهَبِ الصَّحِيح الَّذِي قَدَّمْنَاهُ فِي الْمَوْقِف الْمُسْتَحَبّ لِلرَّمْيِ.
✯✯✯✯✯✯
2285- قَوْله: (حَدَّثَنَا أَبُو الْمُحَيَّاة) هُوَ بِضَمِّ الْمِيم وَفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ تَحْت.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي وتكون مكة عن يساره ويكبر مع كل حصاة
باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادي وتكون مكة عن يساره ويكبر مع كل حصاة