باب الجيم والراء وما يثلثهما
باب الجيم والراء وما يثلثهما
(جرز) الجيم والراء والزاء أصلٌ واحد، وهو القطْع.
يقال جَرَزْتُ الشيءَ قطعتُه.
وأرضٌ جُرُزٌ لا نَبْت بها.
كأنَّه قُطِع عنها.
قال الكسائي* والأصمعيّ:
أرضٌ مجروزة من الجرز، وهي التي لم يُصِبْها المطر،
ويقال هي التي أُكل نباتُها.
والجَرُوزُ:
الرّجُل الذي إذا أكل لم يترُكْ على المائدةِ شيئاً، وكذلك المرأةُ الجَرُوزُ، والنّاقةُ.
قال:
* تَرَى العَجُوزَ خَِبَّةً جَرُوزَا * والعرب تقول في أمثالها:
"لن ترضى شانِئةٌ إلاّ بجَرْزة، أي إنّها مِن شِدّة بَغضائها وحسَدها لا ترضى للذين تُبغِضُهم إلاّ بالاستئصال.
والجارز:
الشديد من السُّعال، وذلك أنّه يقطَع الحَلْق.
قال الشمّاخ:
* لها بالرُّغامَى والخياشيمِ جارزُ *
ويقال أرضٌ جارِزةٌ:
يابسة غليظة يكتنفها رَمْل.
وامرأةٌ جارِزٌ عاقر.
فأمّا قولهم ذو جَرَزٍ إذا كان غليظاً صُلْباً، وكذلك البعيرُ، فهو عندي محمولٌ على الأرض الجارزة الغليظة.
وقد مضى ذِكرُها.
(جرس) الجيم والراء والسين أصلٌ واحد، وهو من الصَّوت، وما بعد ذلك فمحمول عليه.
قالوا:
الجَرْس الصَّوت الخفيّ، يقال ما سمعت لـه جَرْساً، وسمِعتُ جَرْسَ الطّير، إذا سمعتَ صوتَ مناقيرها على شيء تأكله.
وقد أجْرَسَ الطائر.
ومما حُمِل على هذا قولهم للنَّحل جوارس، بمعنى أواكِل، وذلك أنّ لها عند ذلك أدنى شيءٍ كأنه صوت.
قال أبو ذؤيبٍ يذكر نَحْلا:
يَظَلُّ على الثَّمراءِ منها جَوَارسٌ
***
مَرَاضيعُ صُهْبُ الرّيش زُغبٌ رِقابُها والجَرَس:
الذي يعلَّق على الجِمال.
وفي الحديث:
"لا تصحبُ الملائكةُ رُِفْقَةً فيها جَرَسٌ".
ويقال جَرَسْتُ بالكلام أي تكلّمتُ به.
وأجْرَسَ الحَلْيُ:
صوَّت.
قال:
تَسْمَعُ لِلحَلْيِ إذا ما وَسْوَسَا
***
وارتجَّ في أجْيَادها وأجْرَسا ومما شذَّ عن هذا الأصل الرجل المجرّس وهو المجرّب.
ومعنى جَرَْسٌ من الليل، أي طائفة.
(جرش) الجيم والراء والشين أصلٌ واحد وهو جَرْش الشَّيء:
أنْ يُدقَّ ولا يُنْعَم دَقُّه.
يقال جَرَشْته، وهو جَرِيش.
والجُرَاشة:
ما سقط من الشيءِ المجروش.
وجرّشت الرأس بالمشط:
حككته حتَّى تَستكثِرَ الإبْرِيَة.
وذكر الخليل أنّ الجَرش الأكْل.
ومما شذَّ عن الباب الجِرِشَّى، وهو النَّفس.
قال:
* إليه الجِرِشَّى وارْمَعَلَّ حَنِينُها * فأمّا قولهم مَضَى جَرْشٌ من اللّيل، فهي الطائفة، وهو شاذٌّ عن الأصل الذي ذكرناه.
قال:
* حتى إذا [ما] تُرِكَتْ بجَرْشِ *
(جرض) الجيم والراء والضاد أصلانِ:
أحدهما جنسٌ من الغَصَص، والآخر من العِظَم.
فأمّا الأوّل فيقولون جَرِضَ بِرِيقه إذا اغتصَّ به.
قال:
كأنّ الفتى لم يَغْنَ في النَّاسِ ليلةً
***
إذا اختَلَفَ اللَّحْيانِ عند الجَرِيضِ قال الخليل:
الجَرَضُ أن يبتلع الإنسانُ ريقَه على همٍّ وحزْنٍ.
ويقال:
مات فلانٌ جَرِيضاً، أي مغموماً.
والثاني قولهم بعيرٌ جِرْوَاضٌ، أي غليظ.
والجُرائِض:
البعير الضَّخم،
ويقال الشّديد الأكل.
ونعجة جُرَئِضةٌ ضَخْمة.
(جرع) الجيم والراء والعين يدلّ على قلّة الشيء المشروب.
يقال:
جَرِع الشاربُ الماءَ يجرَعُه، وجَرَعَ يجرَعُ.
فأمَّا [الجرعاء فـ] الرَّملة التي لا تُنبت شيئاً، وذلك من أنّ الشُّرب لاينفَعُها فكأنَّها لم تَرْوَ.
قال ذو الرمّة:
أمَا استَحْلَبَتْ عينَيْكَ إلاَّ مَحَلَّةٌ
***
بجُمْهُورِ حُزْوَى أم بجرعاءِ مالكِ ومن الباب قولهم:
"أفْلَتَ فلانٌ بجُرَيْعَة الذَّقَن"، وهو آخِرُ ما يخرُجُ من النَّفَس.
كذا قال الفرّاء.
ويقال نُوقٌ مَجَارِيعُ:
قليلات اللَّبن، كأنّه ليس في ضُروعها إلا جُرَعٌ.
ومما شذّ عن هذا الأصل الجَرَع:
التواءٌ في قوَّةٍ من قُوَى الحَبْل ظاهرةٍ على سائر القُوَى.
(جرف) الجيم والراء والفاء أصلٌ واحدٌ، هو أخْذ الشيءِ كلِّه هَبْشاً.
يقال:
جَرَفْتُ الشيءَ جَرْفاً، إذا ذهبْتَ به كلِّه.
وسيفٌ جُرَافٌ يُذْهِبُ كلَّ شيء.
والجُرُْف المكان يأكله السيل.
وجَرَّفَ الدهرُ مالَه*:
اجتاحه.
ومال مُجَرَّف.
ورجل جُرَافٌ نُكَحَةٌ، كأنّه يجرِف ذلك جرْفاً.
ومن الباب:
الجُرْفَة:
أنْ تُقَْطَع من فخذِ البعير جلدَةٌ وتُجْمَع على فَخِذه.
(جرل) الجيم والراء واللام أصلان:
أحدهما الحجارة:
والآخر لونٌ من الألوان.
فالأول الجَرْوَل والجرَاوِل الحجارة.
يقال:
أرض جَرِلةٌ، إذا كانت كثيرةَ الجراول.
والأَجْرَال جمع الجَرَل، وهو مكان ذو حجارة.
قال جرير:
مِن كلِّ مشترِفٍ وإنْ بَعُدَ المَدَى
***
ضَرِمِ الرِّفاقِ مُناقِلِ الأَجْرَالِ والآخَر الجِرْيال، وهو الصِّبْغ الأحمر؛ ولذلك سميت الخمر جِرْيالاً.
فأما قول الأعشى:
وسَبيئةٍ مِمّا تُعَتِّقُ بابِلٌ
***
كدَمِ الذَّبيحِ سلبتُها جِرْيالَها فقال قومٌ:
أراد لونَها، وهي حمرتها.
رووا عنه في ذلك روايةً تدلُّ على أنّه أراد لونَها.
(جرم) الجيم والراء والميم أصلٌ واحد يرجع إليه الفروع.
فالجرْمُ القطْع.
ويقال لِصَِرام النَّخل الجَِرَام.
وقد جاءَ زمن الجَِرَامِ.
وجَرَمْتُ صُوف الشَّاةِ وأخذته.
والجُرَامةُ:
ما سقطَ من التّمْرِ إذا جُرِم.
ويقال الجُرامة ما التُقِط من كَرَبِهِ بعد ما يُصْرَمُ.
ويقال سنة مجَرَّمَةٌ، أي تامّة، كأنها تصرَّمَت عن تمام.
وهو من تجرَّم الليلُ ذَهَب.
والجَرَام والجَريم:
التَّمْر اليابس.
فهذا كلُّه متّفقٌ لفظاً ومعنىً وقياساً.
ومما يُردّ إليه قولهم جَرَم، أي كَسَب؛ لأن الذي يَحُوزُه فكأنه اقتطَعَه.
وفلانٌ جَرِيمةُ أهله، أي كاسِبُهم.
قال:
جَريمةَ ناهضٍ في رَأسِ نِيقٍ
***
تَرَى لِعظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا يصف عقاباً.
يقول:
هي كاسِبَةُ ناهضٍ.
أراد فرخَها.
والجُرْم والجَريمة:
الذَّنْب وهو من الأوَّل؛ لأنه كَسْبٌ، والكَسْب اقتطاع.
وقالوا في قولهم "لا جَرَم":
هو من قولهم جَرَمْتُ أي كسَبت.
وأنشدوا:
ولقد طعنتُ أبا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً
***
جَرَمَتْ فَزَارَةَ بَعْدَها أن يَغْضَبُوا أي كَسَبَتْهُمْ غضباً.
والجَسَدُ جِرْمٌ، لأنّ لـه قَدْراً وتَقْطيعاً.
ويقال مَشْيَخَةٌ جِلّةٌ جَريم، أي عظام الأجرام.
فأمّا قولُهم لصاحب الصَّوت:
إنه لحسن الجِرْم، فقال قوم:
الصَّوْتُ يقال له الجِرْم.
وأصحُّ من ذلك قول أبي بكر بن دريد إنَّ معناه حَسنُ خروجِ الصّوتِ من الجِرْم.
وبنو جارمٍ في العرب.
والجارم:
الكاسب، وهو قول القائل:
* والجارميُّ عميدُها * وجَرْمٌ هو الكَسْبُ، وبه سمِّيَتْ جَرْمٌ، وهما بطنان:
أحدهما في قضاعة، والآخر في طيّ.
(جرن) الجيم والراء والنون أصلٌ واحد، يدلُّ على اللين والسُّهولة.
يقال للبَيْدَرِ جَرينٌ؛ لأنّه مكان قد أُصْلِحَ ومُلِّسَ.
والجارن من الثياب:
الذي انسَحَق ولانَ.
وجَرَنَتِ الدِّرْعُ:
لانَتْ وامْلاَسَّتْ.
ومن الباب جِرَانُ البعير:
مُقَدَّم عُنُقه من مَذْبَحِهِ، والجمع جُرُن.
قال:
خُذا حَذَراً يا جارَتَيَّ فإنَّني
***
رأيتُ جِرَانَ العَوْدِ قد كادَ يَصْلُحُ وذكرَ ناسٌ أنّ الجارنَ ولد الحيّة.
فإن كان صحيحاً فهو من الباب، لأنه ليِّن المسِّ أملس.
(جره) الجيم والراء والهاء كلمةٌ واحدة، وهي الجَرَاهية.
قال أبو عُبيدٍ:
جَراهيةُ القوم:
جَلَبَتُهُم وكلامُهم في علانيتهم دون سِرِّهم.
ولو قال قائل:
إنّ هذا مقلوبٌ من الجَهْرِ والجَهْرَاء والجَهارة لكان مَذْهباً.
(جرو) الجيم والراء والواو أصلٌ واحدٌ، وهو الصَّغير من ولد الكلب، ثم يحمل عليه غيرُه تشبيهاً.
فالجَرو للكلب وغيره.
ويقال:
سَبُعةٌ مُجْرِيَةٌ ومُجْرٍ، إذا كان معها جِرْوُها.
قال:
وتَجُرُّ مُجْرِيَةٌ لها
***
لحمِي إلى أجْرٍ حَوَاشِبْ فهذا الأصل.
ثم* يقال للصَّغيرة من القِثّاء الجِرْوة.
وفي الحديث:
أُتِي النبي صلى الله عليه وسلم بأَجْرٍ زُغْبٍ"، وكذلك جَُِرْو الحنظل والرُّمّان.
يعني أنها صغيرة.
وبنو جِرْوة بطنٌ من العرب.
ويقال ألقى الرّجُل جِرْوَتَه، أي ربَط جَأْشَه، وصَبَر على الأمر، كأنّه ربط جرواً وسكّنَه.
وهو تشبيهٌ.
(جري) الجيم والراء والياء أصلٌ واحدٌ، وهو انسياحُ الشيء.
يقال جَرَى الماء يَجْري جَرْيَةً وجَرْياً وجَرَياناً.
ويقال للعَادة الإجْرِيَّا، وذلك أنّه الوجْه الذي يجري فيه الإنسان.
والجَرِيُّ:
الوكيل، وهو بيّن الجِراية، تقول جَرَّيت جَرِيّاً واستَجْرَيتُ، أي اتَّخذْت.
وفي الحديث:
"لا يُجَرِّينَّكم الشّيطان".
وسمِّي الوكيلُ جَريّاً لأنّه يَجْري مَجْرى موكّله، والجمع أجْرِيَاء.
فأمّا السفينة فهي الجارية، وكذلك الشَّمس، وهو القياس.
والجارية من النِّساء من ذلك أيضاً، لأنَّها تُسْتَجْرَى في الخِدمة، وهي بيِّنة الجِراء.
قال:
والبِيضُ قد عَنَسَت وطال جِراؤُها
***
ونَشَأن في قِنٍّ وفي أذْوادِ ويقال:
كان ذلك في أيّامِ جِرائها، أي صباها.
وأما الجِرِّيَّة، وهي الحَوْصلة فالأصل الذي يعوَّل عليه فيها أنَّ الجيم مبدلة من قاف، كأن أصلها قِرِّيّة، لأنّها تَقْرِي الشيءَ أي تجمعه، ثم أبدَلُوا القافَ جيماً كما يفعلون ذلك فيهما.
(جرب) الجيم والراء والباء أصلان:
أحدهما الشَّيء البسيط يعلوه كالنبات من جنسه، والآخَر شيءٌ يحوي شيئاً.
فالأوّل الجرَب وهو معروف، وهو شيءٌ ينبت على الجلْد من جنسه.
يقال بعيرٌ أجرب، والجَمْع جَرْبَى.
قال القطران:
أنا القَطِرانُ والشُّعراءُ جرْبَى
***
وفي القَطِرانِ للجَرْبَى شِفاءُ وممّا يُحمَل على هذا تشبيهاً تسميتُهم السَّماء جَرْباء، شبّهت كواكبُها بجرَب الأجرَب.
قال أسامة بنُ الحارث:
أرَتْهُ من الجرْباءِ في كلِّ مَنْظرٍ
***
طِباباً فمَثْوَاهُ النَّهارَ المَرَاكِدُ وقال الأعشى:
تناول كلباً في ديارهم
***
وكاد يسمو إلى الجرْباء فارتَفَعا والجِرْبَة:
القَرَاح، وهو ذلك القياس لأنّه بسيطٌ يعلوه ما يعلوه منه.
قال الأسعر:
أما إذا يَعْلُو فثعلبُ جِرْبَةٍ
***
أو ذِئبُ عادية يُعَجْرِمُ عَجْرَمَهْ العجرمة:
سُرعةٌ في خِفّة.
وكان أبو عبيد يقول:
الجِرْبة المزرعة.
قال بشر:
* على جرْبة تعلو الدِّبارَ غُروبُها * قال أبو حَنيفة:
يقال للمجَرَّة جِرْبة النُّجوم.
قال الشّاعر:
وخَوَتْ جِرْبَةُ النّجوم فما تشْـ
***
ـرب أُرْوِيَّةٌ بمَرْي الجنُوبِ خَيُّها:
أن لا تُمطِر.
ومَرْي الجَنُوب:
استدرارُها الغَيث.
والأصل الآخر الجِراب، وهو معروف.
وجرابُ البئر:
جوفُها من أعلاها إلى أسفلها.
والجَرَبَّةُ:
العانة من الحمير، وهو من بابِ ما قَبْله، لأن في ذلك تجمُّعاً.
وربَّما سمَّوا الأقوياء من الناس إذا اجتمعُوا جَرَبَّةً.
قال:
ليس بنا فقرٌ إلى التَّشَكِّي
***
جَرَبَّةٌ كحُمُرِ الأبَكِّ
(جرج) الجيم والراء والجيم كلمة واحدة، وهي الجادّة، يقال لها جَرَجَة.
وزعم ناسٌ أنّ هذا مما صحَّف فيه أبو عُبيدٍ.
وليس الأمر على ما ذكَرُوه، والجَرَجَةُ صحيحة.
وقياسها جُرَيج اسم رجل.
ويقال إنّ الجَرِجَ القَلِق.
قال:
* خلخالُها في ساقها غيرُ جَرِجْ * وهذا ممكنٌ أن يقال مبدل من مَرِج.
قال ابن دريد:
والجَرَجُ الأرض ذاتُ الحجارة.
فأما الجُرْجة لِشيءٍ شِبْه الخُرْج والعَيْبة، فما أُراها عربيةً مَحْضة.
على أنّ أوساً قد
قال:
ثلاثةُ أبرادٍ جيادٍ وجُرْجَة
***
وأدْكَنُ من أرْيِ الدُّبور مُعَسَّلُ
(جرح) الجيم والراء والحاء أصلان:
أحدهما الكسب، والثاني شَقّ الجِلْد.
فالأوَّل قولهم [اجترح] إذا عمل وكَسبَ.
قال الله عزّ وجلّ:
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئاتِ} [الجاثية 21].
وإنَّما سمى ذلك اجتراحاً لأنه عَمَلٌ* بالجوَارح، وهي الأعضاء الكواسب.
والجوارحُ من الطَّير والسباع:
ذَوَاتُ الصَّيد.
وأما الآخَر [فقولهم] جرحَهُ بحديدةٍ جرْحاً، والاسم الجُرْح.
ويقال جرَح الشاهدَ إذا ردّ قولَه بِنَثاً غيرِ جميل.
واستَجْرَحَ فلانٌ إذا عمل ما يُجْرَح من أجله.
فأمَّا قول أبي عبيدٍ في حديث عبد الملك:
"قد وعظتُكم فلم تزدادُوا على الموعظة إلاّ استجراحا" إنه النُّقصان من الخير، فالمعنى صحيح إلاّ أنّ اللفظ لا يدلُّ عليه.
والذي أراده عبدُ الملك ما فسَّرناه.
أي إنّكم ما تزدادون على الوعْظ إلاّ ما يكسبكم الجَرْحَ والطَّعنَ عليكم، كما تُجرَح الأحاديث.
وقال أبو عبيد:
يريد أنَّها كثيرة صحيحها قليل.
والمعنى عندنا في هذا كالذي ذكرناه مِن قَبْل، وهو أنَّها كثُرتْ حتى أحوج أهلَ العلم بها إلى جرْح بعضها، أنّه ليس بصحيح.
(جرد) الجيم والراء والدال أصلٌ واحد، وهو بُدوُّ ظاهِر الشَّيء حيث لا يستُره ساتر.
ثم يحمل عليه غيرُه ممَّا يشاركه في معناه.
يقال تجرَّد الرَّجل من ثيابه يتجرَّدُ تجرُّداً.
قال بعضُ أهل اللُّغة:
الجَرِيد سَعَفُ النَّخل، الواحدة جريدة، سمِّيت بذلك لأنه قد جرِد عنها خُوصها.
والأرْضُ الجَرَد:
الفضاء الواسعُ، سمِّي بذلك لبُروزه وظُهوره وأن لا يستره شيءٌ.
ويقال فرس أَجرَدُ إذا رَقَّت شَعْرتُه.
وهو حسن الجُرْدة والمتجرَّد.
ورجلٌ جارُودٌ، أي مشؤوم، كأنَّه يَجْرُدُ ويَحُتُّ.
وسنةٌ جارودةٌ، أي مَحْلٌ، وهو من ذلك، والجَراد معروفٌ.
وأرضٌ مجرودةٌ أصابها الجَرادُ.
وقال بعضُ أهلِ العِلم:
سمِّي جراداً لأنّه يجرُد الأرضَ يأكلُ ما عليها.
والجَرَدُ:
أن يَشْرَى جلْدُ الإنسان من أكل الجَراد.
ومن هذا الباب، وهو القياس المستمرُّ، قولهم:
عامٌ جرِيدٌ، أي تامٌّ، وذلك أنَّه كَمَُِل فخرج جريداً لا يُنْسَب إلى نقصانٍ.
ومنه:
"ما رَأَيْتُهُ مُذْ أجرَدَانِ وجَرِيدانِ" يريد يومين كاملين.
والمعْنى ما ذكرته.
ومنه انجرَدَ بنا السَّيرُ:
امتدَّ.
فأمّا قولهم للشيءِ يذهب ولا يُوقَف [له] على خبرٍ:
"ما أدري أيُّ الجَرَاد عارَهُ" فهو مثلٌ، والجَراد هو هذا الجَرادُ المعروف.
(جرذ) الجيم والرال والذال كلمةٌ واحدة:
الجُرَذُ الواحد من الجُِرْذان، وبه سمِّيَ الجَرَذُ الذي يأخُذُ في قوائم الدابّة.
فأمّا قولهم رجل مُجَرَّذٌ أي مجرَّب، فهو من باب الإبدال، وليس أصلاً.
باب الجيم والراء وما يثلثهما
باب الجيم والراء وما يثلثهما
باب الجيم والراء وما يثلثهما