باب الدعاء في الاستسقاء
باب الدعاء في الاستسقاء
1493- قَوْله: (دَار الْقَضَاء) قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: سُمِّيَتْ دَار الْقَضَاء لِأَنَّهَا بِيعَتْ فِي قَضَاء دَيْن عُمَر بْن الْخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ الَّذِي كَتَبَهُ عَلَى نَفْسه وَأَوْصَى اِبْنه عَبْد اللَّه أَنْ يُبَاع فيه مَاله، فَإِنْ عَجَزَ مَاله اِسْتَعَانَ بِبَنِي عَدِيّ، ثُمَّ بِقُرَيْشٍ.
فَبَاعَ اِبْنه دَاره هَذِهِ لِمُعَاوِيَةَ وَمَاله بِالْغَابَةِ قَضَى دَيْنه وَكَانَ ثَمَانِيَة وَعِشْرِينَ أَلْفًا، وَكَانَ يُقَال لَهَا: دَار قَضَاء دَيْن عُمَر، ثُمَّ اِقْتَصَرُوا فَقَالُوا: دَار الْقَضَاء، وَهِيَ دَار مَرْوَان، وَقَالَ بَعْضهمْ: هِيَ دَار الْإِمَارَة، وَغَلِطَ لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّهَا دَار مَرْوَان فَظَنَّ أَنَّ الْمُرَاد بِالْقَضَاءِ الْإِمَارَة، وَالصَّوَاب مَا قَدَّمْنَاهُ، هَذَا آخِر كَلَام الْقَاضِي.
قَوْله: (إِنَّ دَيْنه كَانَ ثَمَانِيَة وَعِشْرِينَ أَلْفًا) غَرِيب بَلْ غَلَط، وَالصَّحِيح الْمَشْهُور أَنَّهُ كَانَ سِتَّة وَثَمَانِينَ أَلْفًا أَوْ نَحْوه، هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ فِي صَحِيحه، وَكَذَا رَوَاهُ غَيْره مِنْ أَهْل الْحَدِيث وَالسِّيَر وَالتَّوَارِيخ وَغَيْرهمْ.
قَوْله: (اُدْعُ اللَّه يُغِثْنَا) وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا» هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع النُّسَخ (أَغِثْنَا) بِالْأَلِفِ وَيُغِثْنَا بِضَمِّ الْيَاء مِنْ أَغَاثَ يُغِيث رُبَاعِيّ، وَالْمَشْهُور فِي كُتُب اللُّغَة أَنَّهُ إِنَّمَا يُقَال فِي الْمَطَر غَاثَ اللَّه النَّاس وَالْأَرْض يُغِيثهُمْ بِفَتْحِ الْيَاء أَيْ أَنْزَلَ الْمَطَر.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: قَالَ بَعْضهمْ: هَذَا الْمَذْكُور فِي الْحَدِيث مِنْ الْإِغَاثَة بِمَعْنَى الْمَعُونَة، وَلَيْسَ مِنْ طَلَب الْغَيْث، وَإِنَّمَا يُقَال فِي طَلَب الْغَيْث: اللَّهُمَّ غِثْنَا.
قَالَ الْقَاضِي: وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ طَلَب الْغَيْث أَيْ هَبْ لَنَا غَيْثًا أَوْ اُرْزُقْنَا غَيْثًا كَمَا يُقَال: سَقَاهُ اللَّه وَأَسْقَاهُ، أَيْ جَعَلَ لَهُ سُقْيَا عَلَى لُغَة مَنْ فَرَّقَ بَيْنهمَا.
قَوْله: «فَرَفَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَغِثْنَا» فيه اِسْتِحْبَاب الِاسْتِسْقَاء فِي خُطْبَة الْجُمُعَة، وَقَدْ قَدَّمْنَا بَيَانه فِي أَوَّل الْبَاب، وَفيه جَوَاز الِاسْتِسْقَاء مُنْفَرِدًا عَنْ تِلْكَ الصَّلَاة الْمَخْصُوصَة، وَاغْتَرَّتْ بِهِ الْحَنَفِيَّة وَقَالُوا: هَذَا هُوَ الِاسْتِسْقَاء الْمَشْرُوع لَا غَيْر، وَجَعَلُوا الِاسْتِسْقَاء بِالْبُرُوزِ إِلَى الصَّحْرَاء وَالصَّلَاة بِدْعَة، وَلَيْسَ كَمَا قَالُوا، بَلْ هُوَ سُنَّة لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَة السَّابِقَة، وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّل الْبَاب أَنَّ الِاسْتِسْقَاء أَنْوَاع فَلَا يَلْزَم مِنْ ذِكْر نَوْع إِبْطَال نَوْع ثَابِت، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا اللَّهُمَّ أَغِثْنَا» هَكَذَا هُوَ مُكَرَّر ثَلَاثًا فَفيه اِسْتِحْبَاب تَكَرُّر الدُّعَاء ثَلَاثًا.
قَوْله: «مَا نَرَى فِي السَّمَاء مِنْ سَحَاب وَلَا قَزَعَة» هِيَ بِفَتْحِ الْقَاف وَالزَّاي، وَهِيَ الْقِطْعَة مِنْ السَّحَاب، وَجَمَاعَتهَا قَزَع كَقَصَبَةٍ وَقَصَب.
قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَأَكْثَر مَا يَكُون ذَلِكَ فِي الْخَرِيف.
قَوْله: «وَمَا بَيْننَا وَبَيْن سِلْع مِنْ دَار» هُوَ بِفَتْحِ السِّين الْمُهْمَلَة وَسُكُون اللَّام وَهُوَ جَبَل بِقُرْبِ الْمَدِينَة، وَمُرَاده بِهَذَا الْإِخْبَار عَنْ مُعْجِزَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَظِيم كَرَامَته عَلَى رَبّه سُبْحَانه وَتَعَالَى؛ بِإِنْزَالِ الْمَطَر سَبْعَة أَيَّام مُتَوَالِيَة مُتَّصِلًا بِسُؤَالِهِ مِنْ غَيْر تَقْدِيم سَحَاب وَلَا قَزَع، وَلَا سَبَب آخَر لَا ظَاهِر وَلَا بَاطِن، وَهَذَا مَعْنَى قَوْله: «وَمَا بَيْننَا وَبَيْن سَلْع مِنْ بَيْت وَلَا دَار» أَيْ نَحْنُ مُشَاهِدُونَ لَهُ وَلِلسَّمَاءِ، وَلَيْسَ هُنَاكَ سَبَب لِلْمَطَرِ أَصْلًا، قَوْله: «ثُمَّ أَمْطَرَتْ» هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخ، وَكَذَا جَاءَ فِي الْبُخَارِيّ: أَمْطَرَتْ بِالْأَلِفِ، وَهُوَ صَحِيح.
وَهُوَ دَلِيل لِلْمَذْهَبِ الْمُخْتَار الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ وَالْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْل اللُّغَة أَنَّهُ يُقَال: مَطَرَتْ وَأَمْطَرَتْ لُغَتَانِ فِي الْمَطَر، وَقَالَ بَعْض أَهْل اللُّغَة لَا يُقَال أَمْطَرَتْ بِالْأَلِفِ إِلَّا فِي الْعَذَاب كَقَوْله تَعَالَى: {وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَة} وَالْمَشْهُور الْأَوَّل، وَلَفْظَة: «أَمْطَرَتْ» تُطْلَق فِي الْخَيْر وَالشَّرّ، وَتُعْرَف بِالْقَرِينَةِ.
قَالَ اللَّه تَعَالَى: {قَالُوا هَذَا عَارِض مُمْطِرنَا} وَهَذَا مِنْ أَمْطَرَ وَالْمُرَاد بِهِ الْمَطَر فِي الْخَيْر لِأَنَّهُمْ ظَنُّوهُ خَيْرًا، فَقَالَ اللَّه تَعَالَى: {بَلْ هُوَ مَا اِسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ}.
قَوْله: «مَا رَأَيْنَا الشَّمْس سَبْتًا» هُوَ بِسِينٍ مُهْمَلَة ثُمَّ بَاءَ مُوَحَّدَة ثُمَّ مُثَنَّاة فَوْقُ أَيْ قِطْعَةٌ مِنْ الزَّمَان وَأَصْل السَّبْت الْقَطْع.
قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين شُكِيَ إِلَيْهِ كَثْرَة الْمَطَر وَانْقِطَاع السُّبُل وَهَلَاك الْأَمْوَال مِنْ كَثْرَة الْأَمْطَار: «اللَّهُمَّ حَوْلنَا» وَفِي بَعْض النُّسَخ: «حَوَالَيْنَا» وَهُمَا صَحِيحَانِ: «وَلَا عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الْآكَام وَالظِّرَاب وَبُطُون الْأَوْدِيَة وَمَنَابِت الشَّجَر قَالَ: فَانْقَطَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي» فِي هَذَا الْفَصْل فَوَائِد مِنْهَا الْمُعْجِزَة الظَّاهِرَة لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي إِجَابَة دُعَائِهِ مُتَّصِلًا بِهِ حَتَّى خَرَجُوا فِي الشَّمْس وَفيه أَدَبه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الدُّعَاء فَإِنَّهُ لَمْ يَسْأَل رَفْع الْمَطَر مِنْ أَصْله، بَلْ سَأَلَ رَفْع ضَرَره وَكَشْفه عَنْ الْبُيُوت وَالْمَرَافِق وَالطُّرُق بِحَيْثُ لَا يَتَضَرَّر بِهِ سَاكِن وَلَا اِبْن سَبِيل، وَسَأَلَ بَقَاءَهُ فِي مَوَاضِع الْحَاجَة بِحَيْثُ يَبْقَى نَفْعه وَخِصْبه وَهِيَ بُطُون الْأَوْدِيَة وَغَيْرهَا مِنْ الْمَذْكُور.
قَالَ أَهْل اللُّغَة: (الْإِكَام) بِكَسْرِ الْهَمْزَة جَمْع أَكَمَة، وَيُقَال فِي جَمْعهَا: آكَام بِالْفَتْحِ وَالْمَدّ، وَيُقَال: أَكَم بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَالْكَاف، وَأُكُم بِضَمِّهِمَا وَهِيَ دُون الْجَبَل وَأَعْلَى مِنْ الرَّابِيَة، وَقِيلَ: دُون الرَّابِيَة، وَأَمَّا (الظِّرَاب) فَبِكَسْرِ الظَّاء الْمُعْجَمَة وَاحِدهَا ظَرْب بِفَتْحِ الظَّاء وَكَسْر الرَّاء، وَهِيَ الرَّوَابِي الصِّغَار، وَفِي هَذَا الْحَدِيث اِسْتِحْبَاب طَلَب اِنْقِطَاع الْمَطَر عَلَى الْمَنَازِل وَالْمَرَافِق إِذَا كَثُرَ وَتَضَرَّرُوا بِهِ، وَلَكِنْ لَا تُشْرَع لَهُ صَلَاة وَلَا اِجْتِمَاع فِي الصَّحْرَاء.
قَوْله: «فَانْقَطَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِي» هَكَذَا هُوَ فِي بَعْض النُّسَخ الْمُعْتَمَدَة، وَفِي أَكْثَرهَا: «فَانْقَلَعَتْ» وَهُمَا بِمَعْنًى.
قَوْله: (فَسَأَلْت أَنَس بْن مَالِك أَهُوَ الرَّجُل الْأَوَّل؟ قَالَ: لَا أَدْرِي) قَدْ جَاءَ فِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ وَغَيْره أَنَّهُ الْأَوَّل.
قَوْله: «أَصَابَتْ النَّاس سَنَة» أَيْ قَحْط.
قَوْله: «فَمَا يُشِير بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَة إِلَّا تَفَجَّرَتْ» أَيْ تَقَطَّعَ السَّحَاب وَزَالَ عَنْهَا.
قَوْله: «حَتَّى رَأَيْت الْمَدِينَة فِي مِثْل الْجَوْبَة» هِيَ بِفَتْحِ الْجِيم وَإِسْكَان الْوَاو بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَة، وَهِيَ الْفَجْوَة، وَمَعْنَاهُ تَقَطَّعَ السَّحَاب عَنْ الْمَدِينَة وَصَارَ مُسْتَدِيرًا حَوْلهَا وَهِيَ خَالِيَة مِنْهُ.
قَوْله: «وَسَالَ وَادِي قَنَاة شَهْرًا» (قَنَاة) بِفَتْحِ الْقَاف اِسْم لِوَادٍ مِنْ أَوْدِيَة الْمَدِينَة وَعَلَيْهِ زُرُوع لَهُمْ فَأَضَافَهُ هُنَا إِلَى نَفْسه، وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ: «وَسَالَ الْوَادِي قَنَاة»، وَهَذَا صَحِيح عَلَى الْبَدَل، وَالْأَوَّل صَحِيح، وَهُوَ عِنْد الْكُوفِيِّينَ عَلَى ظَاهِره وَعِنْد الْبَصْرِيِّينَ يُقَدَّر فيه مَحْذُوف، وَفِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ: «وَسَالَ الْوَادِي وَادِي قَنَاة».
قَوْله: (أَخْبَرَ بِجَوْدٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْجِيم وَإِسْكَان الْوَاو وَهُوَ الْمَطَر الْكَثِير.
قَوْله: (قَحَطَ الْمَطَر) هُوَ بِفَتْحِ الْقَاف وَفَتْح الْحَاء وَكَسْرهَا أَيْ أَمْسَكَ.
قَوْله: (وَاحْمَرَّ الشَّجَر) كِنَايَة عَنْ يُبْس وَرِقهَا وَظُهُور عُودهَا.
قَوْله: «فَتَقَشَّعَتْ» أَيْ زَالَتْ.
قَوْله: «وَمَا تُمْطِر بِالْمَدِينَةِ قَطْرَة» هُوَ بِضَمِّ التَّاء مِنْ تُمْطِر وَبِنَصْبِ قَطْرَة.
قَوْله: «مِثْل الْإِكْلِيل» هُوَ بِكَسْرِ الْهَمْزَة.
قَالَ أَهْل اللُّغَة: هِيَ الْعِصَابَة وَتُطْلَق عَلَى كُلّ مُحِيط بِالشَّيْءِ.
قَوْله: «فَأَلَّفَ اللَّه بَيْن السَّحَاب وَمَكَثْنَا حَتَّى رَأَيْت الرَّجُل الشَّدِيد تُهِمّهُ نَفْسه أَنْ يَأْتِي أَهْله» هَكَذَا ضَبَطْنَاهُ (وَمَكَثْنَا)، وَكَذَا هُوَ فِي نُسَخ بِلَادنَا، وَمَعْنَاهُ ظَاهِر، وَذَكَرَ الْقَاضِي فيه أَنَّهُ رُوِيَ فِي نُسَخ بِلَادهمْ عَلَى ثَلَاثَة أَوْجُه لَيْسَ مِنْهَا هَذَا، فَفِي رِوَايَة لَهُمْ: (وَبَلَّتْنَا)، وَمَعْنَاهُ أَمْطَرَتْنَا.
قَالَ الْأَزْهَرِيّ: يُقَال بَلَّ السَّحَاب بِالْمَطَرِ بَلًّا وَالْبَلَل الْمَطَر، وَيُقَال اِنْهَلَّتْ أَيْضًا، وَفِي رِوَايَة لَهُمْ: (وَمَلَتْنَا) بِالْمِيمِ مُخَفَّفَة اللَّام.
قَالَ الْقَاضِي: وَلَعَلَّ مَعْنَاهُ أَوْسَعَتْنَا مَطَرًا، وَفِي رِوَايَة (مَلَأَتْنَا) بِالْهَمْزِ.
وَقَوْله: (تُهِمّهُ نَفْسه) ضَبَطْنَاهُ بِوَجْهَيْنِ فَتْح التَّاء مَعَ ضَمِّ الْهَاء وَضَمِّ التَّاء مَعَ كَسْر الْهَاء يُقَال هَمَّهُ الشَّيْء وَأَهَمَّهُ أَيْ اِهْتَمَّ لَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول: هَمَّهُ أَذَابَهُ وَأَهَمَّهُ غَمَّهُ.
قَوْله: «فَرَأَيْت السَّحَاب يَتَمَزَّق كَأَنَّهُ الْمُلَاء حِين تُطْوَى» هُوَ بِضَمِّ الْمِيم وَبِالْمَدِّ، وَالْوَاحِدَة (مُلَاءَة) بِالضَّمِّ وَالْمَدّ، وَهِيَ الرَّبْطَة كَالْمِلْحَفَةِ، وَلَا خِلَاف أَنَّهُ مَمْدُود فِي الْجَمْع وَالْمُفْرَد، وَرَأَيْت فِي كِتَاب الْقَاضِي قَالَ: هُوَ مَقْصُور، وَهُوَ غَلَط مِنْ النَّاسِخ فَإِنْ كَانَ مِنْ الْأَصْل كَذَلِكَ فَهُوَ خَطَأ بِلَا شَكٍّ، وَمَعْنَاهُ تَشْبِيه اِنْقِطَاع السَّحَاب وَتَجْلِيله بِالْمُلَاءَةِ الْمَنْشُورَة إِذَا طُوِيَتْ.
✯✯✯✯✯✯
1494- قَوْله: «حَسِرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبه حَتَّى أَصَابَهُ الْمَطَر، فَقُلْنَا: يَا رَسُول اللَّه لِمَ صَنَعْت هَذَا؟ قَالَ: لِأَنَّهُ حَدِيثُ عَهْدٍ بِرَبِّهِ» مَعْنَى (حَسِرَ) كَشَفَ أَيْ كَشَفَ بَعْض بَدَنه، وَمَعْنَى: «حَدِيث عَهْد بِرَبِّهِ» أَيْ بِتَكْوِينِ رَبّه إِيَّاهُ، مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَطَر رَحْمَة، وَهِيَ قَرِيبَة الْعَهْد بِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى لَهَا فَيَتَبَرَّك بِهَا.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِقَوْلِ أَصْحَابنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبّ عِنْد أَوَّل الْمَطَر أَنْ يَكْشِف غَيْر عَوْرَته لِيَنَالَهُ الْمَطَر، وَاسْتَدَلُّوا بِهَذَا وَفيه أَنَّ الْمَفْضُول إِذَا رَأَى مِنْ الْفَاضِل شَيْئًا لَا يَعْرِفهُ أَنْ يَسْأَلهُ عَنْهُ لِيُعَلِّمهُ فَيَعْمَل بِهِ وَيُعَلِّمهُ غَيْره.
باب الدعاء في الاستسقاء
باب الدعاء في الاستسقاء
باب الدعاء في الاستسقاء