📁 آخر الأخبار

باب فضل من استمع وانصت في الخطبة

 

 باب فضل من استمع وانصت في الخطبة

باب فضل من استمع وانصت في الخطبة


1418- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ اِغْتَسَلَ ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَة فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ أَنْصَتَ حَتَّى يَفْرُغ مِنْ خُطْبَته ثُمَّ يُصَلِّي مَعَهُ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنه وَبَيْن الْجُمُعَة الْأُخْرَى وَفَضْل ثَلَاثَة أَيَّام».

 وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوء ثُمَّ أَتَى الْجُمُعَة فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنه وَبَيْن الْجُمُعَة وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام» فيه فَضِيلَة الْغُسْل وَأَنَّهُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ لِلرِّوَايَةِ الثَّانِيَة.

 وَفيه اِسْتِحْبَاب وَتَحْسِين الْوُضُوء.

 وَمَعْنَى (إِحْسَانه) الْإِتْيَان بِهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَذَلِكَ الْأَعْضَاء وَإِطَالَة الْغُرَّة وَالتَّحْجِيل، وَتَقْدِيم الْمَيَامِن، وَالْإِتْيَان بِسُنَنِهِ الْمَشْهُورَة.

 وَفيه أَنَّ التَّنَفُّل قَبْل خُرُوج الْإِمَام يَوْم الْجُمُعَة مُسْتَحَبّ، وَهُوَ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور.

 وَفيه أَنَّ النَّوَافِل الْمُطْلَقَة لَا حَدَّ لَهَا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَصَلَّى مَا قُدِّرَ لَهُ».

 وَفيه الْإِنْصَات لِلْخُطْبَةِ، وَفيه أَنَّ الْكَلَام بَعْد الْخُطْبَة قَبْل الْإِحْرَام بِالصَّلَاةِ لَا بَأْس بِهِ.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرِّوَايَة الْأُولَى: «ثُمَّ أَنْصَتَ» هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَر النُّسَخ الْمُحَقَّقَة الْمُعْتَمَدَة بِبِلَادِنَا، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عِيَاض عَنْ الْجُمْهُور، وَوَقَعَ فِي بَعْض الْأُصُول الْمُعْتَمَدَة بِبِلَادِنَا: «اِنْتَصَتَ»، وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ الْبَاجِيّ وَآخَرُونَ: «اِنْتَصَتَ» بِزِيَادَةِ تَاء مُثَنَّاة فَوْق، قَالَ: وَهُوَ وَهْم، قُلْت: لَيْسَ هُوَ وَهْمًا بَلْ هِيَ لُغَة صَحِيحَة؛ قَالَ الْأَزْهَرِيّ فِي شَرْح أَلْفَاظ الْمُخْتَصَر: يُقَال: أَنْصَتَ وَنَصَتَ وَانْتَصَتَ ثَلَاث لُغَات.

✯✯✯✯✯✯

‏1419- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَاسْتَمَعَ وَأَنْصَتَ» هُمَا شَيْئَانِ مُتَمَايِزَانِ، وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ فَالِاسْتِمَاع الْإِصْغَاء، وَالْإِنْصَات: السُّكُوت، وَلِهَذَا قَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآن فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} وَقَوْله: «حَتَّى يَفْرُغ مِنْ خُطْبَته» هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُول مِنْ غَيْر ذِكْر الْإِمَام، وَعَادَ الضَّمِير إِلَيْهِ لِلْعِلْمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَفَضْل ثَلَاثَة أَيَّام»، وَزِيَادَة ثَلَاثَة أَيَّام، هُوَ بِنَصْبِ (فَضْل وَزِيَادَة) عَلَى الظَّرْف.

قَالَ الْعُلَمَاء: مَعْنَى الْمَغْفِرَة لَهُ مَا بَيْن الْجُمُعَتَيْنِ وَثَلَاثَة أَيَّام أَنَّ الْحَسَنَة بِعَشْرِ أَمْثَالهَا، وَصَارَ يَوْم الْجُمُعَة الَّذِي فَعَلَ فيه هَذِهِ الْأَفْعَال الْجَمِيلَة فِي مَعْنَى الْحَسَنَة الَّتِي تُجْعَل بِعَشْرِ أَمْثَالهَا، قَالَ بَعْض أَصْحَابنَا: وَالْمُرَاد بِمَا بَيْن الْجُمُعَتَيْنِ مِنْ صَلَاة الْجُمُعَة وَخُطْبَتهَا إِلَى مِثْل الْوَقْت مِنْ الْجُمُعَة الثَّانِيَة حَتَّى تَكُون سَبْعَة أَيَّام بِلَا زِيَادَة وَلَا نُقْصَان وَيُضَمّ إِلَيْهَا ثَلَاثَة فَتَصِير عَشْرَة.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنْ مَسَّ الْحَصَى لَغَا» فيه النَّهْي عَنْ مَسِّ الْحَصَى وَغَيْره مِنْ أَنْوَاع الْعَبَث فِي حَالَة الْخُطْبَة، وَفيه إِشَارَة إِلَى إِقْبَال الْقَلْب وَالْجَوَارِح عَلَى الْخُطْبَة، وَالْمُرَاد بِاللَّغْوِ هُنَا الْبَاطِل الْمَذْمُوم الْمَرْدُود، وَقَدْ سَبَقَ بَيَانه قَرِيبًابَاب صَلَاة الْجُمُعَة حِين تَزُول الشَّمْس:قَوْله فِي حَدِيث جَابِر: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَرْجِع فَنُرِيح نَوَاضِحنَا» وَفُسِّرَ الْوَقْت بِزَوَالِ الشَّمْس.

 وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «حِين تَزُول الشَّمْس»، وَفِي حَدِيث سَهْل: «مَا كُنَّا نَقِيل وَلَا نَتَغَدَّى إِلَّا بَعْد الْجُمُعَة» وَفِي حَدِيث سَلَمَة: «كُنَّا نُجَمِّعُ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا زَالَتْ الشَّمْس ثُمَّ نَرْجِع نَتَتَبَّع الْفَيْء» وَفِي رِوَايَة: «مَا نَجِد لِلْحِيطَانِ فَيْئًا نَسْتَظِلّ بِهِ».

 هَذِهِ الْأَحَادِيث ظَاهِرَة فِي تَعْجِيل الْجُمُعَة، وَقَدْ قَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَمَنْ بَعْدهمْ: لَا تَجُوز الْجُمُعَة إِلَّا بَعْد زَوَال الشَّمْس، وَلَمْ يُخَالِف فِي هَذَا إِلَّا أَحْمَد بْن حَنْبَل وَإِسْحَاق، فَجَّوَزَاهَا قَبْل الزَّوَال، قَالَ الْقَاضِي: وَرُوِيَ فِي هَذَا أَشْيَاء عَنْ الصَّحَابَة لَا يَصِحّ مِنْهَا شَيْء إِلَّا مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور، وَحَمَلَ الْجُمْهُور هَذِهِ الْأَحَادِيث عَلَى الْمُبَالَغَة فِي تَعْجِيلهَا، وَأَنَّهُمْ كَانُوا يُؤَخِّرُونَ الْغَدَاء وَالْقَيْلُولَة فِي هَذَا الْيَوْم إِلَى مَا بَعْد صَلَاة الْجُمُعَة، لِأَنَّهُمْ نُدِبُوا إِلَى التَّبْكِير إِلَيْهَا.

 فَلَوْ اِشْتَغَلُوا بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَبْلهَا خَافُوا فَوْتهَا أَوْ فَوْت التَّبْكِير إِلَيْهَا.

✯✯✯✯✯✯

‏1420- قَوْله: «نُرِيح نَوَاضِحنَا» هُوَ جَمْع نَاضِح وَهُوَ الْبَعِير الَّذِي يُسْتَقَى بِهِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَنْضَح الْمَاء أَيْ يَصُبّهُ.

 وَمَعْنَى نُرِيح: أَيْ نُرِيحهَا مِنْ الْعَمَل وَتَعَب السَّقْي فَنُخَلِّيهَا مِنْهُ.

 وَأَشَارَ الْقَاضِي إِلَى أَنَّهُ يَجُوز أَنْ يَكُون أَرَادَ الرَّوَاح لِلرَّعْيِ.

 قَوْله: «كُنَّا نُجَمِّع» هُوَ بِتَشْدِيدِ الْمِيم الْمَكْسُورَة أَيْ نُصَلِّي الْجُمُعَة.

✯✯✯✯✯✯

‏1421- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏1422- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏1423- وَقَوْله: «نَتَتَبَّع الْفَيْء» إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِشِدَّةِ التَّبْكِير وَقِصَر حِيطَانه وَفيه تَصْرِيح بِأَنَّهُ كَانَ قَدْ صَارَ فَيْء يَسِير.

✯✯✯✯✯✯

‏1424- قَوْله: «فَيْئًا نَسْتَظِلّ بِهِ» مُوَافِق لِهَذَا فَإِنَّهُ لَمْ يَنْفِ الْفَيْء مِنْ أَصْله، وَإِنَّمَا نَفْي مَا يُسْتَظَلّ بِهِ وَهَذَا مَعَ قِصَر الْحِيطَان ظَاهِر فِي أَنَّ الصَّلَاة كَانَتْ بَعْد الزَّوَال مُتَّصِلَة بِهِبَاب ذِكْر الْخُطْبَتَيْنِ قَبْل الصَّلَاة وَمَا فيهمَا مِنْ الْجِلْسَة:قَوْله: «كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُب يَوْم الْجُمُعَة قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِس ثُمَّ يَقُوم» وَفِي حَدِيث جَابِر بْن سَمُرَة: «كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُطْبَتَانِ يَجْلِس بَيْنهمَا يَقْرَأ الْقُرْآن وَيَذْكُر النَّاس» وَفِي رِوَايَة: «كَانَ يَخْطُب قَائِمًا ثُمَّ يَجْلِس ثُمَّ يَقُوم فَيَخْطُب قَائِمًا فَمَنْ نَبَّأَك أَنَّهُ كَانَ يَخْطُب جَالِسًا فَقَدْ كَذَبَ» وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَة دَلِيل لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ وَالْأَكْثَرِينَ أَنَّ خُطْبَة الْجُمُعَة لَا تَصِحّ مِنْ الْقَادِر عَلَى الْقِيَام إِلَّا قَائِمًا فِي الْخُطْبَتَيْنِ وَلَا يَصِحّ حَتَّى يَجْلِس بَيْنهمَا، وَأَنَّ الْجُمُعَة لَا تَصِحّ إِلَّا بِخُطْبَتَيْنِ.

قَالَ الْقَاضِي: ذَهَبَ عَامَّة الْعُلَمَاء إِلَى اِشْتِرَاط الْخُطْبَتَيْنِ لِصِحَّةِ الْجُمُعَة، وَعَنْ الْحَسَن الْبَصْرِيّ وَأَهْل الظَّاهِر وَرِوَايَة اِبْن الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِك: أَنَّهَا تَصِحّ بِلَا خُطْبَة.

 وَحَكَى اِبْن عَبْد الْبَرّ إِجْمَاع الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الْخُطْبَة لَا تَكُون إِلَّا قَائِمًا لِمَنْ أَطَاقَهُ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة: يَصِحّ قَاعِدًا وَلَيْسَ الْقِيَام بِوَاجِبٍ.

وَقَالَ مَالِك: هُوَ وَاجِب لَوْ تَرَكَهُ أَسَاءَ وَصَحَّتْ الْجُمُعَة.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَمَالِك وَالْجُمْهُور: الْجُلُوس بَيْن الْخُطْبَتَيْنِ سُنَّة لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا شَرْط، وَمَذْهَب الشَّافِعِيّ أَنَّهُ فَرْض وَشَرْط لِصِحَّةِ الْخُطْبَة.

قَالَ الطَّحَاوِيُّ: لَمْ يَقُلْ هَذَا غَيْر الشَّافِعِيّ، وَدَلِيل الشَّافِعِيّ أَنَّهُ ثَبَتَ هَذَا عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي».

✯✯✯✯✯✯

‏1425- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏1426- وَقَوْله: «يَقْرَأ الْقُرْآن وَيُذَكِّر النَّاس» فيه دَلِيل لِلشَّافِعِيِّ فِي أَنَّهُ يُشْتَرَط فِي الْخُطْبَة الْوَعْظ وَالْقُرْآن.

قَالَ الشَّافِعِيّ: لَا يَصِحّ الْخُطْبَتَانِ إِلَّا بِحَمْدِ اللَّه تَعَالَى وَالصَّلَاة عَلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيهمَا وَالْوَعْظ.

 وَهَذِهِ الثَّلَاثَة وَاجِبَات فِي الْخُطْبَتَيْنِ، وَتَجِب قِرَاءَة آيَة مِنْ الْقُرْآن فِي إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأَصَحّ، وَيَجِب الدُّعَاء لِلْمُؤْمِنِينَ فِي الثَّانِيَة عَلَى الْأَصَحّ، وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالْجُمْهُور: يَكْفِي مِنْ الْخُطْبَة مَا يَقَع عَلَيْهِ الِاسْم، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَة وَأَبُو يُوسُف، وَمَالِك فِي رِوَايَة عَنْهُ: يَكْفِي تَحْمِيدَة أَوْ تَسْبِيحَة أَوْ تَهْلِيلَة وَهَذَا ضَعِيف لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى خُطْبَة، وَلَا يَحْصُل بِهِ مَقْصُودهَا مَعَ مُخَالَفَته مَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

✯✯✯✯✯✯

‏1427- قَوْله: عَنْ جَابِر بْن سَمُرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ: «فَقَدْ وَاَللَّه صَلَّيْت مَعَهُ أَكْثَر مِنْ أَلْفَيْ صَلَاة» الْمُرَاد الصَّلَوَات الْخَمْس لَا الْجُمُعَةبَاب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَة أَوْ لَهْوًا اِنْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا}:قَوْله: «أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُب قَائِمًا يَوْم الْجُمُعَة فَجَاءَتْ عِير مِنْ الشَّام فَانْفَتَلَ النَّاس إِلَيْهَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ إِلَّا اِثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَة الَّتِي فِي الْجُمُعَة: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَة أَوْ لَهْوًا اِنْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا}» وَفِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «اِثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فيهمْ أَبُو بَكْر وَعُمَر» وَفِي الْأُخْرَى: «أَنَا فيهمْ».

 فيه مَنْقَبَة لِأَبِي بَكْر وَعُمَر وَجَابِر.

 وَفيه أَنَّ الْخُطْبَة تَكُون مِنْ قِيَام.

 وَفيه دَلِيل لِمَالِك وَغَيْره مِمَّنْ قَالَ تَنْعَقِد الْجُمُعَة بِاثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا.

 وَأَجَابَ أَصْحَاب الشَّافِعِيّ وَغَيْرهمْ مِمَّنْ يَشْتَرِط أَرْبَعِينَ بِأَنَّهُ مَحْمُول عَلَى أَنَّهُمْ رَجَعُوا أَوْ رَجَعَ مِنْهُمْ تَمَام أَرْبَعِينَ فَأَتَمَّ بِهِمْ الْجُمُعَة، وَوَقَعَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ: «بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَقْبَلَتْ عِير الْحَدِيث» وَالْمُرَاد بِالصَّلَاةِ اِنْتِظَارهَا فِي حَال الْخُطْبَة كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَات مُسْلِم هَذِهِ.

✯✯✯✯✯✯

‏1428- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏1429- قَوْله: «إِذَا أَقْبَلَتْ سُوَيْقَة» هُوَ تَصْغِير سُوق، وَالْمُرَاد الْعِير الْمَذْكُورَة فِي الرِّوَايَة الْأُولَى وَهِيَ الْإِبِل الَّتِي تَحْمِل الطَّعَام أَوْ التِّجَارَة، لَا تُسَمَّى عِيرًا إِلَّا هَكَذَا، وَسُمِّيَتْ سُوقًا لِأَنَّ الْبَضَائِع تُسَاق إِلَيْهَا، وَقِيلَ: لِقِيَامِ النَّاس فيها عَلَى سُوقهمْ.

قَالَ الْقَاضِي: وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيله أَنَّ خُطْبَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الَّتِي اِنْفَضُّوا عَنْهَا إِنَّمَا كَانَتْ بَعْد صَلَاة الْجُمُعَة، وَظَنُّوا أَنَّهُ لَا شَيْء عَلَيْهِمْ فِي الِانْفِضَاض عَنْ الْخُطْبَة، وَأَنَّهُ قَبْل هَذِهِ الْقَضِيَّة إِنَّمَا كَانَ يُصَلِّي قَبْل الْخُطْبَة.

قَالَ الْقَاضِي: هَذَا أَشْبَه بِحَالِ الصَّحَابَة، وَالْمَظْنُون بِهِمْ أَنَّهُمْ مَا كَانُوا يَدَعُونَ الصَّلَاة مَعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّهُمْ ظَنُّوا جَوَاز الِانْصِرَاف بَعْد اِنْقِضَاء الصَّلَاة.

قَالَ: وَقَدْ أَنْكَرَ بَعْض الْعُلَمَاء كَوْن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خَطَبَ قَطُّ بَعْد صَلَاة الْجُمُعَة لَهَا.

✯✯✯✯✯✯

‏1430- سبق شرحه بالباب.

✯✯✯✯✯✯

‏1431- قَوْله: (اُنْظُرُوا إِلَى هَذَا الْخَبِيث يَخْطُب قَاعِدًا وَقَالَ اللَّه تَعَالَى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَة أَوْ لَهْوًا اِنْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوك قَائِمًا}) هَذَا الْكَلَام يَتَضَمَّن إِنْكَار الْمُنْكَر وَالْإِنْكَار عَلَى وُلَاة الْأُمُور إِذَا خَالَفُوا السُّنَّة.

 وَوَجْه اِسْتِدْلَاله بِالْآيَةِ أَنَّ اللَّه تَعَالَى: أَخْبَرَ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَخْطُب قَائِمًا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُول اللَّه أُسْوَة حَسَنَة} مَعَ قَوْله: {فَاتَّبِعُوهُ} وَقَوْله تَعَالَى: {وَمَا آتَاكُمْ الرَّسُول فَخُذُوهُ} مَعَ قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي».



باب فضل من استمع وانصت في الخطبة

تعليقات