باب اخذ الطعام من ارض العدو
باب اخذ الطعام من ارض العدو
3320- فيه: حَدِيث عَبْد اللَّه بْن مُغَفَّل: «أَنَّهُ أَصَابَ جِرَابًا مِنْ شَحْم يَوْم خَيْبَر» وَفِي رِوَايَة: «قَالَ رُمِيَ إِلَيْنَا جِرَاب فيه طَعَام وَشَحْم».
أَمَّا (الْجِرَاب) فَبِكَسْرِ الْجِيم وَفَتْحهَا لُغَتَانِ الْكَسْر أَفْصَح وَأَشْهَر، وَهُوَ وِعَاء مِنْ جِلْد، وَفِي هَذَا إِبَاحَة أَوَّل طَعَام الْغَنِيمَة فِي دَار الْحَرْب، قَالَ الْقَاضِي: أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى جَوَاز أَكْل طَعَام الْحَرْبِيِّينَ مَا دَامَ الْمُسْلِمُونَ فِي دَار الْحَرْب، فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ قَدْر حَاجَاتهمْ، وَيَجُوز بِإِذْنِ الْإِمَام وَبِغَيْرِ إِذْنه، وَلَمْ يَشْتَرِط أَحَد مِنْ الْعُلَمَاء اِسْتِئْذَانه إِلَّا الزُّهْرِيّ، وَجُمْهُورهمْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز أَنْ يُخْرِج مَعَهُ مِنْهُ شَيْئًا إِلَى عِمَارَة دَار الْإِسْلَام، فَإِنْ أَخْرَجَهُ لَزِمَهُ رَدّه إِلَى الْمَغْنَم، وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَلْزَمهُ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوز بَيْع شَيْء مِنْهُ فِي دَار الْحَرْب وَلَا غَيْرهَا، فَإِنْ بِيعَ مِنْهُ شَيْء لِغَيْرِ الْغَانِمِينَ كَانَ بَدَله غَنِيمَته، وَيَجُوز أَنْ يُرْكَب دَوَابّهمْ، وَيُلْبَس ثِيَابهمْ، وَيُسْتَعْمَل سِلَاحهمْ فِي حَال الْحَرْب بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا يَفْتَقِر إِلَى إِذْن الْإِمَام، وَيَشْرِط الْأَوْزَاعِيُّ إِذْنه، وَخَالَفَ الْبَاقِينَ.
وَفِي هَذَا الْحَدِيث: دَلِيل لِجَوَازِ أَكْل شُحُوم ذَبَائِح الْيَهُود وَإِنْ كَانَتْ شُحُومهَا مُحَرَّمَة عَلَيْهِمْ، وَهُوَ مَذْهَب مَالِك وَأَبِي حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء، قَالَ الشَّافِعِيّ وَأَبُو حَنِيفَة وَالْجُمْهُور: لَا كَرَاهَة فيها، قَالَ مَالِك: هِيَ مَكْرُوهَة، قَالَ أَشْهَب وَابْن الْقَاسِم الْمَالِكِيَّانِ وَبَعْض أَصْحَاب أَحْمَد: هِيَ مُحَرَّمَة، وَحُكِيَ هَذَا أَيْضًا عَنْ مَالِك، وَاحْتَجَّ الشَّافِعِيّ وَالْجُمْهُور بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَطَعَام الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب حِلّ لَكُمْ} قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الْمُرَاد بِهِ الذَّبَائِح، وَلَمْ يَسْتَثْنِ مِنْهَا شَيْئًا لَا لَحْمًا وَلَا شَحْمًا وَلَا غَيْره.
وَفيه: حِلّ ذَبَائِح أَهْل الْكِتَاب، وَهُوَ مُجْمَع عَلَيْهِ، وَلَمْ يُخَالِف إِلَّا الشِّيعَة، وَمَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور: إِبَاحَتهَا سَوَاء سَمَّوْا اللَّه تَعَالَى عَلَيْهَا أَمْ لَا.
وَقَالَ قَوْم: لَا يَحِلّ إِلَّا أَنْ يُسَمُّوا اللَّه تَعَالَى، فَأَمَّا إِذَا ذَبَحُوا عَلَى اِسْم الْمَسِيح أَوْ كَنِيسَة وَنَحْوهَا فَلَا تَحِلّ تِلْكَ الذَّبِيحَة عِنْدنَا، وَبِهِ قَالَ جَمَاهِير الْعُلَمَاء.
وَاَللَّه أَعْلَم.
✯✯✯✯✯✯
3321- قَوْله: «فَالْتَفَتّ فَإِذَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَحْيَيْت مِنْهُ» يَعْنِي: لِمَا رَآهُ مِنْ حِرْصه عَلَى أَخْذه أَوْ لِقَوْلِهِ: لَا أُعْطِي الْيَوْم أَحَدًا مِنْ هَذَا شَيْئًا.
وَاَللَّه أَعْلَم.
باب اخذ الطعام من ارض العدو
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الجهاد والسير ﴿ 22 ﴾
۞۞۞۞۞۞
۞۞