📁 آخر الأخبار

مقدمة كتاب فضائل الصحابة

 

مقدمة كتاب فضائل الصحابة

مقدمة كتاب فضائل الصحابة


قَالَ الْإِمَام أَبُو عَبْد اللَّه الْمَازِرِيّ: اِخْتَلَفَ النَّاس فِي تَفْضِيل بَعْض الصَّحَابَة عَلَى بَعْض، فَقَالَتْ طَائِفَة: لَا تَفَاضُلَ، بَلْ نُمْسِكُ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ الْجُمْهُور بِالتَّفْضِيلِ، ثُمَّ اِخْتَلَفُوا، فَقَالَ أَهْل السُّنَّة: أَفْضَلُهُمْ أَبُو بَكْر الصِّدِّيق، وَقَالَ الْخَطَّابِيَّة: أَفْضَلهمْ عُمَر بْن الْخَطَّاب، وَقَالَتْ الرَّاوَنْدِيّة: أَفْضَلهمْ الْعَبَّاس، وَقَالَتْ الشِّيعَة: عَلِيّ وَاتَّفَقَ أَهْل السُّنَّة عَلَى أَنَّ أَفْضَلهمْ أَبُو بَكْر، ثُمَّ عُمَر.

قَالَ جُمْهُورهمْ: ثُمَّ عُثْمَان، ثُمَّ عَلِيّ.

وَقَالَ بَعْض أَهْل السُّنَّة مِنْ أَهْل الْكُوفَة بِتَقْدِيمِ عَلِيّ عَلَى عُثْمَان، وَالصَّحِيح الْمَشْهُور تَقْدِيم عُثْمَان.

قَالَ أَبُو مَنْصُور الْبَغْدَادِيّ: أَصْحَابنَا مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ أَفْضَلهمْ الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة عَلَى التَّرْتِيب الْمَذْكُورَة ثُمَّ تَمَام الْعَشَرَة، ثُمَّ أَهْل بَدْر، ثُمَّ أُحُد، ثُمَّ بَيْعَة الرِّضْوَان، وَمِمَّنْ لَهُ مَزِيَّة أَهْل الْعَقَبَتَيْنِ مِنْ الْأَنْصَار، وَكَذَلِكَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ، وَهُمْ مَنْ صَلَّى إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ فِي قَوْل اِبْن الْمُسَيِّب وَطَائِفَة، وَفِي قَوْل الشَّعْبِيّ أَهْل بَيْعَة الرِّضْوَان، وَفِي قَوْل عَطَاء وَمُحَمَّد بْن كَعْب أَهْل بَدْر.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: وَذَهَبَتْ طَائِفَة، مِنْهُمْ اِبْن عَبْد الْبَرّ، إِلَى أَنَّ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْ الصَّحَابَة فِي حَيَاة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَل مِمَّنْ بَقِيَ بَعْده، وَهَذَا الْإِطْلَاق غَيْر مَرَضِيّ وَلَا مَقْبُول.

 وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي أَنَّ التَّفْضِيل الْمَذْكُور قَطْعِيّ أَمْ لَا؟ وَهَلْ هُوَ فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن أَمْ فِي الظَّاهِر خَاصَّة؟ وَمِمَّنْ قَالَ بِالْقَطْعِ أَبُو الْحَسَن الْأَشْعَرِيّ.

قَالَ: وَهُمْ فِي الْفَضْل عَلَى تَرْتِيبهمْ فِي الْإِمَامَة.

 وَمِمَّنْ قَالَ بِأَنَّهُ اِجْتِهَادِيّ ظَنِّيّ أَبُو بَكْر الْبَاقِلَّانِيّ.

 وَذَكَرَ اِبْن الْبَاقِلَّانِيّ اِخْتِلَاف الْعُلَمَاء فِي أَنَّ التَّفْضِيل هَلْ هُوَ فِي الظَّاهِر وَالْبَاطِن جَمِيعًا؟ وَكَذَلِكَ اِخْتَلَفُوا فِي عَائِشَة وَخَدِيجَة أَيَّتهمَا أَفْضَل؟ وَفِي عَائِشَة وَفَاطِمَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.

وَأَمَّا عُثْمَان رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَخِلَافَته صَحِيحَة بِالْإِجْمَاعِ، وَقُتِلَ مَظْلُومًا، وَقَتَلَتْهُ فَسَقَة؛ لِأَنَّ مُوجِبَات الْقَتْل مَضْبُوطَة، وَلَمْ يَجْرِ مِنْهُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَا يَقْتَضِيه، وَلَمْ يُشَارِكْ فِي قَتْله أَحَد مِنْ الصَّحَابَة، وَإِنَّمَا قَتَلَهُ هَمَج وَرُعَاع مِنْ غَوْغَاء الْقَبَائِل وَسَفَلَة الْأَطْرَاف وَالْأَرْذَال، تَحَزَّبُوا وَقَصَدُوهُ مِنْ مِصْر، فَعَجَزَتْ الصَّحَابَة الْحَاضِرُونَ عَنْ دَفْعهمْ، فَحَصَرُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ.

وَأَمَّا عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَخِلَافَته صَحِيحَة بِالْإِجْمَاعِ، وَكَانَ هُوَ الْخَلِيفَة فِي وَقْته لَا خِلَافَة لِغَيْرِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَهُوَ مِنْ الْعُدُول الْفُضَلَاء، وَالصَّحَابَة النُّجَبَاء رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَأَمَّا الْحُرُوب الَّتِي جَرَتْ فَكَانَتْ لِكُلِّ طَائِقَة شُبْهَة اِعْتَقَدَتْ تَصْوِيب أَنْفُسهَا بِسَبَبِهَا، وَكُلّهمْ عُدُول رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ، وَمُتَأَوِّلُونَ فِي حُرُوبهمْ وَغَيْرهَا، وَلَمْ يُخْرِجْ شَيْء مِنْ ذَلِكَ أَحَدًا مِنْهُمْ عَنْ الْعَدَالَة؛ لِأَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ اِخْتَلَفُوا فِي مَسَائِل مِنْ مَحَلّ الِاجْتِهَاد كَمَا يَخْتَلِف الْمُجْتَهِدُونَ بَعْدهمْ فِي مَسَائِل مِنْ الدِّمَاء وَغَيْرهَا، وَلَا يَلْزَم مِنْ ذَلِكَ نَقْص أَحَد مِنْهُمْ.

 وَاعْلَمْ أَنَّ سَبَب تِلْكَ الْحُرُوب أَنَّ الْقَضَايَا كَانَتْ مُشْتَبِهَة، فَلِشِدَّةِ اِشْتِبَاههَا اِخْتَلَفَ اِجْتِهَادهمْ، وَصَارُوا ثَلَاثَة أَقْسَام: قِسْم ظَهَرَ بِالِاجْتِهَادِ أَنَّ الْحَقّ فِي هَذَا الطَّرَف، وَأَنَّ مُخَالِفه بَاغٍ، فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ نُصْرَته، وَقِتَال الْبَاغِي عَلَيْهِ فِيمَا اِعْتَقَدُوهُ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَلَمْ يَكُنْ يَحِلُّ لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ التَّأَخُّرُ عَنْ مُسَاعَدَة إِمَام الْعَدْل فِي قِتَال الْبُغَاة فِي اِعْتِقَادٍ.

 وَقِسْم عَكْس هَؤُلَاءِ، ظَهَرَ لَهُمْ بِالِاجْتِهَادِ أَنَّ الْحَقّ فِي الطَّرَف الْآخَر، فَوَجَبَ عَلَيْهِمْ مُسَاعَدَته، وَقِتَال الْبَاغِي عَلَيْهِ.

 وَقِسْم ثَالِث اِشْتَبَهَتْ عَلَيْهِمْ الْقَضِيَّة، وَتَحَيَّرُوا فيها، وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ تَرْجِيح أَحَد الطَّرَفَيْنِ، فَاعْتَزَلُوا الْفَرِيقَيْنِ، وَكَانَ هَذَا الِاعْتِزَال هُوَ الْوَاجِب فِي حَقِّهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ الْإِقْدَام عَلَى قِتَال مُسْلِم حَتَّى يَظْهَرَ أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لِذَلِكَ، وَلَوْ ظَهَرَ لِهَؤُلَاءِ رُجْحَان أَحَد الطَّرَفَيْنِ، وَأَنَّ الْحَقّ مَعَهُ، لَمَا جَازَ لَهُمْ التَّأَخُّر عَنْ نُصْرَته فِي قِتَال الْبُغَاة عَلَيْهِ.

 فَكُلّهمْ مَعْذُورُونَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ، وَلِهَذَا اِتَّفَقَ أَهْل الْحَقّ وَمَنْ يَعْتَدُّ بِهِ فِي الْإِجْمَاع عَلَى قَبُول شَهَادَاتهمْ وَرِوَايَاتهمْ، وَكَمَال عَدَالَتهمْ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.


مقدمة كتاب فضائل الصحابة


۞۞۞۞۞۞۞۞

كتاب فضائل الصحابة ﴿ 1 ﴾ 

۞۞

۞۞۞۞۞۞


كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات