باب الشين والهاء وما يثلثهما
باب الشين والهاء وما يثلثهما
(شهو) الشين والهاء والحرف المعتل كلمة واحدة، وهي الشّهوة.
يقال:
رجلٌ شَهْوانُ، وشيءٌ شَهِيّ.
(شهب) الشين والهاء والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على بياض في شيءٍ من سواد، لا تكون الشُّهبةُ خالصةً بياضاً.
ومن ذلك الشُّهبة في الفرَس، هو بياضٌ يخالطُهُ سَواد.
ويقال كَتِيبةٌ شَهباء، إِذا كانت عِليتُها بياضَ الحديد،
ويقال لليوم ذي البرد والصُّرَّاد:
أشهبُ، والليلة الشّهباءُ.
ويقال:
اشهابَّ الزَّرْع، إذا هاجَ وبَقي في خِلاله شيءٌ أخضر.
ومن الباب:
الشِّهاب، وهو شُعلة نارٍ ساطعة.
وإنَّ فُلاناً لَشِهابُ حربٍ، وذلك إذا كان معروفاً فيها مشهوراً كشُهرة الكواكب اللّوامع.
ويقال إنَّ النّصل الأشهبَ الذي قد بُرِدَ بَرْداً خفيفاً حتى ذهب سوادُهُ.
ويقال إنَّ الشّهاب اللّبَنَ الضَّيَاح، وإِنما سمِّيَ بذلك لأنَّ ماءَه قد كثر فصار كالبياض الذي يخالطه لونٌ آخر.
(شهد) الشين والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على حضور وعلم وإعلام، لا يخرُج شيءٌ من فروعه عن الذي ذكرناه.
من ذلك الشَّهادة، يجمع الأصولَ التي ذكرناها من الحضور، والعلم، والإعلام.
يقال شَهد يشهد شهادةً.
والمَشهد:
محضر النّاس.
ومن الباب:
الشُّهود:
جمع الشاهد، وهو الماء الذي يخرج على رأس الصبيّ إِذا وُلد،
ويقال بل هو الغِرْس.
قال الشاعر:
فجاءَت بمثل السّابرِي تَعجَّبُوا
***
لهُ والثَّرَى ما جفَّ عنه شُهودها وقال قوم:
شهود النّاقة:
آثار موضع مَنْتَجِها من دمٍ أو سَلَىً.
والشَّهيد:
القتيل في سبيل الله، قال قومٌ:
سمِّيَ بذلك لأنّ ملائكة الرحمة تشهده، أي تحضُره.
وقال آخرون:
سمِّي بذلك لسقوطه بالأرض، والأرض تسمَّى الشاهدة.
والشاهد:
اللِّسان، والشَّاهد:
المَلَك.
وقد جمعهما الأعشى في بيت:
فلا تحسَِبَنّي كافراً لك نعمةً
***
عَلَى شاهِدِي يا شاهِدَ اللهِ فاشْهَدِ فشاهده:
اللسان:
وشاهد الله جلَّ ثناؤه، هو المَلَك، فأمَّا قوله جلَّ وعزَّ:
{شَهِدَ الله أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُو} [آل عمران 18]، فقال أهلُ العِلم:
معناه أَعلَمَ الله عزَّ وجلَّ، بيَّن اللهُ، كما يقال:
شَهِدَ فلانٌ عند القاضي، إذا بيَّنَ وأعلَمَ لمن الحقُّ وعلى مَنْ هو.
وامرأةٌ مُشْهِد، إِذا حضر زوجها، كما يقال للغائب زوجُها:
مُغِيب.
فأمَّا قولهم أشْهَدَ الرّجُلُ، إِذا مَذَى، فكأنَّهُ محمولٌ على الذي ذكرناه من الماء الذي يخرج على رأس المولود.
ومما شذّ عن هذا الأصل:
الشُّهْد:
العسلُ في شَمَعِها؛ ويجمع على الشِّهاد.
قال:
إلى رُدُحٍ من الشِّيزَى مِلاءٍ
***
لُبابَ البُرِّ يُلبَكُ بالشِّهادِ
(شهر) الشين والهاء والراء أصلٌ صحيح يدلُّ على وضوحٍ في الأمر وإِضاءة.
من ذلك الشَّهر، وهو في كلام العرب الهِلال، ثمَّ سمِّي كلُّ ثلاثين يوماً باسم الهلال، فقيل شهر.
قد اتَّفق فيه العربُ والعجم؛ فإنَّ العجم يسمُّون ثلاثين يوماً باسم الهلال في لغتهم.
والدليل على هذا قولُ ذي الرّمّة:
فأَصْبَحَ أَجْلَى الطرفِ ما يستزيدُهُ
***
يَرَى الشَّهرَ قبلَ الناسِ وهو نحيلُ والشُّهرة:
وضوح الأمر.
وشَهَرَ سيفَه، إِذا انتضاه.
وقد شُهِر فلانٌ في الناس بكذا، فهو مشهور، وقد شَهَرُوه.
ويقال:
أَشْهَرْنا بالمكان، إِذا أَقَمنا به شهراً.
وشَهْرانُ:
قبيلة.
(شهق) الشين والهاء والقاف أصلٌ واحدٌ يدلُّ على علوّ.
من ذلك جبلٌ شاهِق، أي عال.
ثمَّ اشتُقَّ من ذلك الشَّهيق:
ضدّ الزَّفير؛ لأنَّ الشَّهيق ردُّ النّفَس، والزّفير إخراج النَفَس.
والأصل في ذلك ما ذكرناه.
وقال بعضهم:
فلان ذو شاهقٍ، إِذا اشتدَّ غضبُه.
ولعلَّه أن*يكون مع ذلك صوت.
(شهل) الشين والهاء واللام أصلٌ في بعض الألوان، وهي الشُّهْلة في العين، وذلك أن يَشُوبَ سوادَها زُرْقة.
ومما ليس في هذا الباب:
امرأةٌ شهلة، قالوا:
هي النَّصَف العاقلة.
قالوا:
وذلك اسمٌ لها خاصّةً، لا يوصَف به الرجل.
كذا قال أهل اللُّغة.
فأمَّا العرب فقد سمَّت بشَهْل، وهو الفِند الزِّمَّانيّ، يقال إنّ اسمَه شَهْل بن شيبان.
ومما شذَّ أيضاً:
المشاهَلة:
المُشَارَّة، وأظنُّ الشين مبدلةً من جيم.
وكذلك قولهم للحاجَةِ:
شهلاء، وهو من باب الإبدال، والأصل الكاف:
الشَّكْلاء.
(شهم) الشين والهاء والميم أصلٌ يدلُّ على ذَكاء.
يقال من ذلك:
رجلٌ شَهْمٌ.
وربَّما قالوا للمذعور:
مَشهوم، وهو قياسٌ صحيح لأنَّه إذا تَفَزَّعَ بَدَا ذكاءُ قلبِه.
ويقولون:
إنَّ الشَّهامَ السِّعلاة.
فإنْ صحَّ هذا فهو أيضاً من الذكاء.
والشَّيهم:
القنفذ؛ وليس ببعيدٍ أن يكون من قياس الباب.
وفيه يقول الأعشى:
لَئِنْ جَدَّ أسبابُ العداوةِ بيننا
***
لترتَحِلَنْ منِّي على ظهر شَيهمِ والله أعلم.
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الشين ﴿ 13 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞