باب الصاد والباء وما يثلثهما
باب الصاد والباء وما يثلثهما
(صبح) الصاد والباء والحاء أصلٌ واحدٌ مطّرد.
وهو لونٌ من الألوان قالوا أصله الحُمْرة.
قالوا:
وسمِّيَ الصُّبْحُ صُبْحاً لحُمْرَته، كما سمِّيَ المِصْباح مِصباحاً لحُمْرَته.
قالوا:
ولذلك يقال وجهٌ صَبيحٌ.
والصَّباح:
نُورُ النَّهارِ.
وهذا هو الأصل ثمُ يُفَرَّع.
فقالوا:
لِشُرْب الغَداة الصَّبوح، وقد اصطَبَحَ، وتلك هي الجاشِرِيَّة.
قال:
إِذا ما اصطبحنا الجاشريّة لم نُبَلْ
***
أميراً وإن كان* الأميرُ من الأَزْدِ ويقال:
"أكذَبُ من الأخيذ الصَّبْحَان"، يعنون الأسير المصطَبِح، وأصله أنَّ قوماً أسرُوا رجلاً فسألوه عن حَيِّه فكَذَبَهُمْ وأومَأَ إلى شُقَّةٍ بعيدة، فطعنوهُ فسَبقَ اللّبَنُ الذي كان اصطبحه الدّمَ، فقالوا:
"أكذَبُ من الأخيذ الصَّبْحَان".
والمِصباح:
الناقة تَبْرُك في معرَّسِها فلا تَنْبَعِثُ حتى تُصْبِح.
والتَّصَبُّح:
النَّوْم بالغداة.
ويوم الصَّباح:
يوم الغَارة.
قال الأعشى:
به تَرْعُفُ الألفَ إِذ أُرْسِلَتْ
***
غَدَاةَ الصَّبَاحِ إِذا النَّقْعُ ثارا
ويقال أتيتهُ أصبوحةَ كلِّ يومٍ، ولقيتُهُ ذا صَبوح.
والمصابيح:
الأقداح التي يُصطَبَح بها.
ويقال أتانا لصُبْح خامسةٍ وصِبْحِ خامسة.
ومن الكلمة الأولى:
الصَّبَح:
شدَّة حُمرةٍ في الشعَر؛ يقال أسدٌ أصبَحُ.
(صبر) الصاد والباء والراء أصولٌ ثلاثة، الأول الحَبْس، والثاني أعالي الشيء، والثالث جنسٌ من الحجارة.
فالأول:
الصَّبْر، وهو الحَبْس.
يقال صَبَرْتُ نفسي على ذلك الأمر، أي حَبَسْتُها.
قال:
فَصَبَرْتُ عارفةً لذلك حُرَّةً
***
ترسُو إذا نَفْسُ الجَبانِ تَطَلَّعُ والمصبورة المحبوسة على الموت.
ونَهَى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قتل شيءٍ من الدوابّ صَبْراً.
ومن الباب:
الصَّبِير، هو الكَفِيل، وإنِّما سمِّي بذلك لأنَّهُ يَصبر على الغرم.
يقال صَبَرْتُ نفسي به أَصبُر صَبْراً، إذا كَفَلْتَ به، فأنا به صبير.
وصبرتُ الإنسانَ، إذا حلَّفْتُهُ بالله جَهْدَ القَسَم.
وأمَّا الثاني فقالوا:
صُبْر كلِّ شيءٍ:
أعلاه.
قالوا:
وأصبار الإناء:
نواحيه، والواحد صُبْر.
وقال:
* فملأتها عَلَقاً إلى أصبارِهَا* وأمَّا الأصل الثالث فالصُّبْرة من الحجارة:
ما اشتدَّ وغلُظ، والجمع صِبَارٌ، وفي كتاب ابن دريد:
"الصُّبَّارة:
قطعةٌ من حديدٍ أو حجر" في قول الأعشى:
منْ مَبْلغ عَمْرَاً بأنَّ المرءَ لم يخْلَق صُبَارَه.
قال ابنُ دُريد:
وروى البغداديُّون:
"صَبارهْ"، وما أدري ما أرادوا بهذا.
قلنا:
والذي أراده البغداديُّون ما رُوِيَ أنَّ الصِّبَار ما اشتدَّ وغلُظ.
وهو في قول الأعشى:
* قُبيلَ الصُّبح أصواتُ الصِّبَارِ* فالذي أراده البغداديون هذا، وتكون الهاء داخلةً عليه للجمع.
قال أبو عُبيد:
الصُّبْـرُ:
الأرض التي فيها حصباءُ وليست بغليظة، ومنه قيل للحرّة:
أمُّ صَبَّار.
ومما حُمِلَ على هذا قول العرب:
وقعَ القومُ في أمّ صَبُّور، إذا وقعوا في أمر عظيم.
(صبع) الصاد والباء والعين أصل واحد، ثم يستعار، فالأصل إصبع الإنسان، واحدةُ أصابعه.
قالوا:
هي مؤنّثة.
وقالوا:
قد يذكَّر.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه
قال:
"هل أنت إلاّ إصبعٌ دميتِ، وفي سبيل الله ما لقيتِ" هكذا على التأنيث.
ويقال:
صَبَعَ فلان بفلانٍ، إذا أشار نحوه بإصبعه، مُغتاباً له.
والإصبع:
الأثر الحسَن، وهذا مستعارٌ.
ومثلٌ يقال:
لفلانٍ في ماله إِصبَع، أي أثَرٌ جميل.
ويقال للرَّاعي الحسنِ الرِّعْيَة للإِبل، الجميلِ الأَثَر فيها:
إن له عليها إصبعاً.
قال الرَّاعي يَصِفُ راعياً:
ضعيف العَصَا بادِي العُروقِ ترى لـه** عليها إِذا ما أجدَبَ النَّاسُ إِصبعا والصَّبْع:
إِراقتُك ما في الإناء من بين إصبعَيك.
(صبغ) الصاد والباء والغين، أصلٌ واحدٌ، وهو تلوين الشَّيء بلونٍ ما.
تقول:
صبغته أصبغه.
ويُقال للرُّطَبة:
قد صَبَّغَتْ.
فأمَّا قولُه تعالى:
?صِبْغَةَ الله? [البقرة 138] فقال قوم:
هي فِطرتُهُ لخلْقِهِ.
وقال آخرون:
كلُّ ما تُقُرِّب به إلى الله تعالى صِبغة.
والأصبغ:
الفرس في طرف ذَنَبِه بياض.
وذلك دون الأشكل، والأوَّل مشبَّه بالشيء يُصْبَغ طرَفُهُ.
(صبي) الصاد والباء والحرف المعتلّ ثلاثةُ أصولٍ صحيحة:
الأول يدلُّ على صغر السّنّ، والثاني ريحٌ من الرياح، والثالث [الإِمالة].
فالأوّل واحد الصِّبْيةَ والصِّبيان.
ورأيته في صباه، أي صغره.
والمصْبي:
الكثير الصِّبيان.
والصَّباء، ممدود الصِّبا، ويمدُّ مع الفتح.
أنشد أبو عمرو:
أصبحتُ لا يَحمِلُ بعضي بعضَا
***
كأنما كانَ صَبَائي قَرْضَا ومن الباب:
صبا إلى الشّيء يصبُو؛ إذا مال قلبُهُ إليه.
والاشتقاق واحد، والاسم الصَّبْوة.
وقال العجَّاج في الصِّبا:
* وإنما يأتي الصِّبا الصَّبيُّ* والثاني:
ريح الصَّبَا، وهيَ التي تستقبل القبلة.
يقال صبَتْ تصبُو.
الثالث:
قول العرب:
صَابيْتُ الرُّمح.
فأمَّا المهموز فهو يدلُّ على خروجٍ وبروز.
يقال صبأٍ من دينٍ إلى دين، أي خرج.
وهو قولهم:
صبأ نابُ البعير، إذا طلعَ.
والخارجُ من دينٍ إلى دين صابئٍ، والجمع صابئون وصُبَّاءٌ.
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الصَّاد ﴿ 12 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞