باب الصاد وما معها في الذي يقال في المضاعف والمطابق
باب الصاد وما معها في الذي يقال في المضاعف والمطابق
(صع) الصاد والعين أصلٌ صحيح يدلُّ على تفرُّق وحرَكة.
يقال تصعصع القومُ، إذا تفرَّقوا.
قال الخليل:
يقال ذهبت الإبل صَعاصِعَ، أي فِرَقاً.
ويقولون:
صَعْصَعْتُ الشّيءَ فَتَصَعْصَع، وذلك إِذا حرّكتَه فتحرّك.
(صف) الصاد والفاء يدلُّ على أصلٍ واحدٍ، وهو استواءٌ في الشيء وتساوٍ بين شَيئين في المَقَرّ.
من ذلك الصَّفُّ، يقال وقفَا صفَّاً، إِذا وَقَفَ كلُّ واحدٍ إلى جنْب صاحبه.
واصطفَّ القومُ وتصافُّوا.
والأصل في ذلك الصَّفْصَف، وهو المستوي من الأرض، فيقال للمَوقِف في الحرب إِذا اصطفَّ القومُ:
مَصَفٌّ، والجمع المصافّ.
والصَّفوف:
النّاقة التي تَصُفُّ، أي تجمع بين مِحْلَبَين في حَلْبة.
والصَّفُوفُ أيضاً:
التي تصفُّ يدَيْها عند الحَلَب.
وممّا شذَّ عن الباب، وقد يمكن أن يُتطَلَّب لـه في القياس وجهٌ، غيرَ أنَّا نكره القياسَ المتمَحَّل المستَكْرَه، وهذا الذي ذكرناه، فهو الصفيف، قال* قومٌ:
هو القَديد.
وقال آخرون:
هو اللَّحم يُحْمَل في الأسفار طبيخاً أو شِواءً فلا يُنْضَجُ.
قال:
فَظَلَّ طُهَاةُ اللَّحمِ مِنْ بين مُنضجٍ
***
صَفِيفَ شِواءٍ أو قديرٍ مُعَجَّلِ
(صك) الصاد والكاف أصلٌ يدلُّ على تلاقِي شيئين بقوَّة وشِدَّة، حتَّى كأنَّ أحدَهما يضرِبُ الآخر.
من ذلك قولهم:
صَكَكْتُ الشيءَ صكَّا.
والصَّكَك:
أن تَصْطَكَّ رُكبتا [الرَّجُل].
[وصَكَّ البابَ]:
أغْلقه بعنفٍ وشِدَّة.
ويقال بعير مُصَكَّكٌ، إذا كان اللَّحمُ قد صُكَّ فيه صَكّاً.
ورجلٌ مِصكٌّ:
شديد.
ويقال ذلك في الخَيل والحُمُر وغيرها.
وأمَّا قولُهم:
"جئتُهُ صَكَّةَ عُمَيٍّ" فإِنَّما يُراد أنَّ الأعمى يلقى مثلَهُ فيصطكّانِ، أي يصكُّ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه.
وذلك كلامٌ وضَعوه في الهاجرة وعند اشتداد الحرِّ خاصَّة.
(صل) الصاد واللام أصلان:
أحدهما يدلُّ على ندىً وماء قليل، والآخر على صوت.
فأمَّا الأول فالصَّلّة، وهي الأرضُ تسمَّى الثَّرَى لِنداها.
على أنَّ من العرب من يسمِّي الصَّلّة التُّرابَ الندِيّ.
ولذلك تُسمَّى بقيَّةُ الماء في الغدير صُلْصُلة.
ومن الباب:
صِلال المَطَر:
ما وقع منه شيءٌ بعد شيء.
ويقال للعُشْب المتفرِّق صِلالٌ، لأنَّه يسمَّى باسم المطرِ المتفرِّق.
قال:
* كجَنْدَلِ لُبْنَ تَطَّرِدُ الصِّلالا* ومن الباب صَلّ اللحمُ، إِذا تغيَّرَتْ رائحتُهُ وهو شواءٌ أو طبيخ.
وإِنّما هو من الصَّلّة، كأنَّه دُفِنَ في الصّلّة فتغيَّر.
ومصدر ذلك الصُّلول.
قال:
ذاك فتىً يبذُلُ ذا قِدْرِهِ
***
لا يُفْسِدُ اللَّحمَ لديه الصُّلولْ وأمَّا الصَّوت فيقال صَلَّ اللِّجام وغيرُهُ، إِذا صَوَّت.
فإِذا كثُر ذلك منه، قيل صَلْصَلَ.
وسمِّيَ الَخَزَفُ صَلصَالاً لذلك، لأنَّه يصوّت ويصلصِل.
وممّا شذّ من هذين البابين الصِّلّ:
الدَّاهية؛ والجمع أصلال.
ويقال صَلَّتْهم الصَّالَّة.
إذا دَهَتْهم الدَّاهية.
(صم) الصاد والميم أصلٌ يدلُّ على تَضَامِّ الشِّيءِ وزوالِ الخرْق والسَّمّ.
من ذلك الصَّمَم في الأُذن.
يقال صَمِمْت، وأنت تَصَمُّ صَمَما.
وربَّما قالوا صُمَّ بمعنى صَمّ.
ويقال:
أصممتُ الرَّجُلَ، إِذا وَجدته أصمَّ.
قال ابنُ أحمر:
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى
***
بآخِرِنا وتَنْسَى أوَّلينَا والصَّمّاء:
الدَّاهية، كأنَّه من الصَّمَم.
أي هو أمرٌ لا فُرجَةَ له فيه.
ومن ذلك اشتمالُ الصَّمّاء:
أنْ تلتحفَ بثوبك ثم تُلقيَ الجانبَ الأيسر على الأيمن.
والعرب تقول في تعظيم الأمر:
"صَمِّي صَمَامِ".
والأصل في ذلك قولهم:
"صَمّت حصاةٌ بِدَمٍ"، وذلك أنَّ الدِّماءَ تكثُر في الأرض عند الوغَى، حتَّى لو أُلْقِيَتْ حصاةٌ لم يُسْمَع لها وَقْع، وهو في قول امرئ القيس:
بُدِّلتُ مِنْ وائلٍ وكِندةَ عَدوا
***
نَ وفهْمَاً صَمِّي ابنةَ الجبَلِ يريد تعظيمَ ما وقع فيه وأُدِّيَ إِليه.
وصِمام القارورة سمِّيَ بذلك لأنّه يسُدُّ الفُرْجَة.
وقولهم:
صَمَّم في الأمر، إِذا مضى فيه راكباً رأسَه، فهو من القياس الذي ذكرناه، كأنَّه لما أراد ذلك لم يسمع عَذْلَ عاذلٍ ولا نَهْيَ ناهٍٍ، فكأَنّهُ أَصمُّ.
واشتُقَّ منه السَّيف الصَّمصام والصَّمصامة.
ومنه صَمَّم، إِذا عَضَّ في الشيء فأثبت أسنانه فيه.
والصَّمَّانُ:
أرضٌ.
وقال بعضهم:
كلُّ أرضٍ إلى جنبِ رَمْلة فهي صَمَّانةٌ.
وهذا صحيح؛ لأنَّ الرّمل فيه خَلَل، والصَّمَّانةُ ليست كذلك.
ومن الباب:
الصِّمْصِم:
الرَّجلُ الغليظ، وسمِّي بذلك لما ذكرناه، كأنَّه ليست في لحمه فُرجة ولا خَرْق.
وكذلك الأسد صِمَّةٌ، كأنَّه لا وصول إليه من وجه.
ومن الباب الصِّمصِمة:
الجماعة، سمِّيت بذلك، كأنَّها اجتمعت حتى لا خلل فيها ولا خَرْق.
(صن) الصاد والنون أصلان:
أحدهما يدلُّ على إِباء وصَعَرٍ من كِبر.
من ذلك الرّجلُ المُصِنُّ، قالوا:
هو الرَّافعُ رأسَهُ لا يلتفت إلى أحدٍ.
وقالوا:
هو السَّاكت.
وقالوا:
هو الممتلئ غيظاً.
قال الرَّاجز:
* أَإِبلِي تأخذُها مُصِنَّا* أي أتأخُذُ إبلي لا يمنعُكَ زَجْرُ زاجر ولا تلتفت إلى أحد.
والأصل الآخر يدلُّ على خُبْث رائحة.
من ذلك الصِّنُّ، و* هو بول الوَبْرِ، في قول جرير:
تَطَلَّى وهي سيِّئةُ المعَرَّى
***
بِصِنِّ الوَبْرِ تَحسَِبُهُ مَلاَبا ثم اشتق منه [الصُّنَان]:
ذَفَر الإبط.
فأمَّا قولُهم إنَّ أحدَ أيّام العَجُوز يقال لـه الصَّنُّ فهذا شيءٌ ما رأيتُ أحداً يَضبِطه ولا يعلم حقيقتَهُ، فلذلك لم أذكره.
(صه) الصاد والهاء كلمة تقال عند الإسكات، وهي صه، ولا قياسَ لها.
(صي) الصاد والياء كلمة واحدة مُطَابَقة، وهي كلُّ شيءٍ يُتَحَصَّنُ به.
من ذلك تسميتُهم الحصونَ صَياصِيَ، ثمَّ شُبِّه بذلك ما يُحارِب ويتَحصَّن به الدِّيك [وسُمِّي] صيصِيَة، وكذلك قَرن الثور يسمَّى بذلك؛ لأنه يَتحصَّن ويُحارِب به.
(صأ) الصاد والهمزة كلمة واحدة.
يقال صأصأ الجَرْوُ، إِذا حرَّك عينَيه ليفتحَهما.
وفي حديث بعض التابعين:
"فقَّحْنا وصأصأتم".
ويقال صأصأت النَّخْلة، إذا لم تقبل اللَّقاح.
(صب) الصاد والباء أصلٌ واحدٌ، وهو إراقة الشيء، وإليه ترجع فروعُ البابِ كلِّه.
من ذلك صَبَبت الماءَ أصبُّه صَبّاً.
ويُحمَل على ذلك فيقال لِمَا انحدرَ من الأرض صَبَبٌ، وجمعه أصبابٌ، كأنَّه شيءٌ منصبٌّ في انحداره.
وفي الحديث:
"أنَّه كان صلى الله عليه وآله وسلم إِذا مشى فكأنَّما يمشي في صَبَب".
وقال الراجز:
* بل بَلَدٍ ذي صُعُدٍ وأصبابْ* والصُّبَّة:
القِطعةُ من الخيل، كأنَّها تنصبُّ في الإِغارَةِ انصباباً، والقِطعةُ من الغَنَم أيضاً صُبَّة، لذلك المعنى.
ويقال للحيَّات الأساودِ:
الصُّبُّ، وذلك أنها إِذا أرادت النكْزَ انصبَّتْ على الملدوغ انصباباً.
فأما الصَّبيب فيقال إِنه ماءُ ورق السِّمسِم،
ويقال بل هو عُصارة الحِنّاء.
وقال الشَّاعر، وهو يدلُّ على صحّة القول الأوّل:
فأوردتُها ماءً كأنَّ جِمَامه
***
من الأَجْنِ حِنّاءٌ مَعَاً وصَبيبُ وقال قومٌ:
الصَّبيب:
الدَّم الخالص، والعُصفُر المُخْلَص.
والصُّبَابة:
البقيَّة من الماء في الإناء.
والصَّبَابة مِنْ صَبَّ إليه.
ورجلٌ صَبٌّ، إِذا غَلبَه الهوى، وهو من انصباب القَلْب.
ويقال تصبَّبَ الحرُّ:
اشتدَّ، كأَنَّه شيء صُبَّ على الأرض صَبّا.
وتصبصب الشَّيء:
ذَهَبَ ومُحِقَ، كأنَّهُ صُبَّ صبّاً.
ويقال تصابَبْتُ الإناء، إِذا شربتَ صُبَابَتَه.
وكذلك تصابَبتُ الشّيء، إذا نِلتَه قليلاً.
قال الشّمّاخ:
لَقَومٌ تَصَابَبْتُ المعيشة بعدَهم
***
أحبُّ إليَّ من عِفاءٍ تَغَيَّرَا
(صت) الصاد والتاء أصلٌ يدلُّ على نِزاعٍ وخصومةٍ وافتراق، يقال للجَلَبَة الصَّتيت.
وما زلتُ أُصَاتُّ فلاناً، أي أخاصِمُهُ.
والصَّتُّ، فيما يقال:
الصَّدْم.
والصَّـتِيت:
الفِرْقَة.
ويقولون إِنَّ الصَّت الصَّدُّ.
(صح) الصاد والحاء أصل يدلُّ على البَراءَة من المرض والعَيب، وعلى الاستواءِ.
من ذلك الصِّحَّة:
ذَهاب السُّقْم، والبراءةُ من كلِّ عَيب.
والصَّحِيح والصَّحَاح بمعنىً.
والمُصِحُّ:
الذي أهلُهُ وإبلُه صِحَاحٌ وأَصِحَّاء.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
"لا يُورِدَنَّ ذو عاهةٍ على مُصِحّ"، أي الذي إبلُهُ صِحاحٌ.
والصَّحْصح والصَّحصَحانُ والصَّحصَاحُ:
المكان المستوِي.
(صخ) الصاد والخاء أصلٌ يدلُّ على صوتٍ من الأصوات.
من ذلك الصَّاخَّة يقال إِنَّها الصَّيحةُ تُصِمُّ الآذان.
ويقال ضَرَبْتُ الصخرةَ بحجرٍ فسمعتُ لها صَخّا.
ويقال صَخَّ الغُرابُ بمنقارِهِ في دَبَرة البَعير، إِذا طَعَن.
(صد) الصاد والدال معظمُ بابِهِ يَؤولُ إلى إِعراضٍ وعُدول.
ويجيء بعد ذلك كلماتٌ تَشِذّ.
فالصَّدُّ:
الإعراض.
يقال صَدَّ يصُدُّ، وهو مَيلٌ إلى أحد الجانبين.
ثم تقول:
صَدَدْتُ فلاناً عن الأمر، إِذا عَدَلْتَه عنه.
والصَُّدَّانِ:
جانِبا الوادي، الواحد صَُدٌّ، وهو القياس، لأنَّ الجانب مائلٌ لا محالة.
ويقولون:
إنّ الصَّدَدَ ما استَقْبَلَ.
يقال:
هذه الدَّارُ على صَدَدِ هذه.
ويقولون:
الصَّدد:
القُرب.
والصُّدَّاد:
الطَّريق إلى الماء.
والصَُّدُّ:
الجبَل.
وهذه الكلماتُ التي ذكرتُها فليست عندي أصلاً؛ لبُعدها عن القياس، وإنْ صحَّتْ فهي محمولةٌ*على الأصل.
ومما هو صحيحٌ وليس من هذا الباب، قولهم:
صَدَّ يَصِدُّ، وذلك إِذا ضَجَّ.
وقرأ قومٌ:
{ إِذا قَوْمُكَ منه يَصِدُّون} [الزخرف 57]، قالوا:
يَضِجُّون.
والصَّديد:
الدَّم المختلِط بالقَيْح، يقال منه أَصَدَّ الجُرْح.
(صر) الصاد والراء أصولٌ:
الأول قولهم صَرَّ الدَّرَاهمَ يصُرُّها صَرّاً.
وتلك الخِرقة صُرَّة.
والذي تعرفه العربُ الصِّرَار، وهي خِرقةٌ تُشدُّ على أَطْباء النّاقة لئلا يرضَعَها فَصِيلُها.
يقال صَرَّها صَرَّا.
ومن الباب:
الإِصرار:
العَزْم على الشيء.
وإنما جعلْناه من قياسِه لأن العَزْم على الشيء والإجماعَ عليه واحد وكذلك الإصرار:
الثَبَات على الشيء.
ومن الباب:
هذه يمين صِرِّي أي جدّ، إنا ثابتٌ عليها مُجمِع.
ومن الباب:
الصَّرَّة، يقال للجماعة صَرَّةٌ.
قال امرؤُ القَيس:
فأَلحَقَنَا بالهادياتِ ودونه
***
جَوَاحِرُها في صَرَّةٍ لم تَزَيَّلِ ومن الباب:
حافرٌ مصرورٌ، أي منقبضٌ.
ومنه الصُّرْصُور، وهو القَطيع الضَّخْم من الإبل.
وأَمَّا الثاني، وهو من السُّمُو والارتفاع، فقولهم:
صَرَّ الحمارُ أُذُنَه، إِذا أقامها.
وأَصَرَّ إذا لم تذكر الأُذُن، وإن ذكرتَ الأُذُن قلتَ أَصَرَّ بأذنه.
وأظنُّه نادراً.
والأصل في هذا الصِّرَار، وهي أماكنُ مرتفعةٌ لا يكَادُ الماء يعلوها.
فأما صِرَارٌ فهو اسمُ علَمٍ، وهو جَبَلٌ.
قال:
إنَّ الفرزدقَ لن يُزايل لؤمَه
***
حتى يَزُولَ عن الطريقِ صِرَارُ وأمَّا الثالث:
فالبرد والحَرُّ، وهو الصِّرُّ.
يقال أصاب النَّبتَ صِرٌّ، إذا أصابَه بردٌ يُضرُّ به.
والصِّرُّ:
صِرُّ الرّيح الباردة.
وربما جعلوا في هذا الموضع الحَرَّ.
قال قوم:
الصَّارَّةُ شدة الحرِّ حرِّ الشمس.
يقال قطع الحِمار صارَّتَه.
إِذا شرِب شُرْباً كَسَرَ عطشَه.
والصَّارَّة:
العَطَش، وجمعها صَوَارُّ.
والصَّرِيرة:
العطش، والجمع صرائر.
قال:
* وانصاعت الحُقْبُ لم يُقْصَعْ صَرائرُها* وذكر أبو عبيدٍ:
الصَّارّة العطش، والجمع صرائر.
وهو غلط، والوجه ما ذكرنا.
وأما الرَّابع، فالصَّوت.
من ذلك الصَّرَّة:
شِدَّة الصِّياح.
صَرَّ الجُنْدَب صرِيراً، وصَرْصَرَ الأَخْطَبُ صَرصرة.
والصَّرَارِيُّ:
الملاَّح، ويمكن أن يكون لرفعِه صوتَه.
ومما شذَّ عن هذه الأصول كلمتان، ولعلَّ لهما قياساً قد خَفِيَ علينا مكانُه فالأولى:
الصّارَّة، وهي الحاجةُ.
يقال لي قِبَلَ فلانٍ صَارَّةٌ، وجمعها صَوَارُّ، أي حاجة.
والكلمةُ الأخرى الصَّرورة، وهو الذي لم يحجُجْ، والذي لم يتزوَّج.
ويقال الصَّرُورة:
الذي يَدَعُ النكاح متبتِّلاً.
وجاء في الحديث:
"لا صَرْورة في الإسلام".
قال أبو بكر محمّد بن الحسن بن دُريد:
"الأصل في الصَّرورة أنَّ الرجلَ في الجاهلية كانَ إذا أحدَثَ حدَثاً فلجأ إلى الكعبة لم يُهَجْ، فكان إِذا لقِيَه وليُّ الدَّمِ بالحرَم قيل له:
هو صرورة فلا تَهِجْه.
فكثُر ذلك في كلامهم حتَّى جعلوا المتعبِّد الذي يجتنِب النِّساء وطِيبَ الطعام صَرورةً، وصروريَّاً.
وذلك عَنَى النابغةُ بقوله:
لو أنَّها عَرَضَتْ لأشمَطَ راهبٍ
***
عَبَدَ الإِلـه صرورةٍ متعبِّدِ أي مُنْقَبضٍ عن النِّساء والطِّيب.
فلما جاء الله تعالى بالإسلام وأوجَبَ إِقامةَ الحدود بمكَّة وغيرِها سُمِّي الذي لم يحجَّ صَرورةً وصَرُوريّاً، خلافاً لأمر الجاهلية.
كأنَّهم جَعلُوا أنَّ تَرْكَه الحجَّ في الإِسلام، كترك المتأَلِّهِ إِتيانَ النِّساء والتّنعّمَ في الجاهليَّة".
وهذا الذي ذكرناه في معنى الصَّرورة يحتمل أنَّه من الصِّرار، وهو الخِرقة التي تُشَدُّ على أَطْباء النّاقة لئلا يرضَعَها فصيلها.
والله أعلم بالصَّواب.
۞۞۞۞۞۞۞۞
كتاب الصَّاد ﴿ 1 ﴾
۞۞۞۞۞۞۞۞