باب النزول بمكة للحاج وتوريث دورها
باب النزول بمكة للحاج وتوريث دورها
2405- قَوْله: «يَا رَسُول اللَّه أَتَنْزِلُ فِي دَارك بِمَكَّة؟ قَالَ: وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيل مِنْ رِبَاع أَوْ دُور.
وَكَانَ عَقِيل وَرِثَ أَبَا طَالِب هُوَ وَطَالِب، وَلَمْ يَرِثهُ جَعْفَر وَلَا عَلِيّ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَكَانَ عَقِيل وَطَالِب كَافِرَيْنِ»، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض: لَعَلَّهُ أَضَافَ الدَّار إِلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُكْنَاهُ إِيَّاهَا مَعَ أَنَّ أَصْلهَا كَانَ لِأَبِي طَالِب؛ لِأَنَّهُ الَّذِي كَفَلَهُ، وَلِأَنَّهُ أَكْبَر وَلَد عَبْد الْمُطَّلِب، فَاحْتَوَى عَلَى أَمْلَاك عَبْد الْمُطَّلِب وَحَازَهَا وَحْده لِسِنِّهِ عَلَى عَادَة الْجَاهِلِيَّة، قَالَ: وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون عَقِيل بَاعَ جَمِيعهَا وَأَخْرَجَهَا عَنْ أَمْلَاكهمْ كَمَا فَعَلَ أَبُو سُفْيَان وَغَيْره بِدُورِ مَنْ هَاجَرَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَ الدَّاوُدِيّ: فَبَاعَ عَقِيل جَمِيع مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلِمَنْ هَاجَرَ مِنْ بَنِي عَبْد الْمُطَّلِب، وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيل مِنْ دَار: فيه دَلَالَة لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيّ وَمُوَافِقِيهِ أَنَّ مَكَّة فُتِحَتْ صُلْحًا، وَأَنَّ دُورهَا مَمْلُوكَة لِأَهْلِهَا، لَهَا حُكْم سَائِر الْبُلْدَان فِي ذَلِكَ، فَتُورَث عَنْهُمْ، وَيَجُوز لَهُمْ بَيْعهَا وَرَهْنهَا وَإِجَارَتهَا وَهِبَتهَا وَالْوَصِيَّة بِهَا، وَسَائِر التَّصَرُّفَات، وَقَالَ مَالِك وَأَبُو حَنِيفَة وَالْأَوْزَاعِيُّ وَآخَرُونَ: فُتِحَتْ عَنْوَة، وَلَا يَجُوز شَيْء مِنْ هَذِهِ التَّصَرُّفَات، وَفيه: أَنَّ الْمُسْلِم لَا يَرِث الْكَافِر، وَهَذَا مَذْهَب الْعُلَمَاء كَافَّة إِلَّا مَا رُوِيَ عَنْ إِسْحَاق بْن رَاهْوَيْهِ وَبَعْض السَّلَف: أَنَّ الْمُسْلِم يَرِث الْكَافِر، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْكَافِر لَا يَرِث الْمُسْلِم، وَسَتَأْتِي الْمَسْأَلَة فِي مَوْضِعهَا مَبْسُوطَة إِنْ شَاءَ اللَّه تَعَالَى.
وَاَللَّه أَعْلَم.
باب النزول بمكة للحاج وتوريث دورها