📁 آخر الأخبار

باب قضاء رمضان في شعبان


باب قضاء رمضان في شعبان

باب قضاء رمضان في شعبان

قَوْله عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ يَكُون عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَان، الشُّغْلُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ بِرَسُولِ اللَّه» وَفِي رِوَايَة: قَالَتْ: «إِنْ كَانَتْ إِحْدَانَا لَتُفْطِرُ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَقْضِيَهُ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى يَأْتِيَ شَعْبَانُ» هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخ (الشُّغْلُ) بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ مَرْفُوعٌ، أَيْ يَمْنَعُنِي الشُّغْلُ بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَعْنِي بِالشُّغْلِ وَبِقَوْلِهَا فِي الْحَدِيث الثَّانِي: «فَمَا تَقْدِرُ عَلَى أَنْ تَقْضِيَهُ» أَنَّ كُلّ وَاحِدَة مِنْهُنَّ كَانَتْ مُهَيِّئَةً نَفْسَهَا لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَرَصِّدَةً لِاسْتِمْتَاعِهِ فِي جَمِيع أَوْقَاتهَا إِنْ أَرَادَ ذَلِكَ، وَلَا تَدْرِي مَتَى يُرِيدُهُ، وَلَمْ تَسْتَأْذِنْهُ فِي الصَّوْم مَخَافَةَ أَنْ يَأْذَنَ، وَقَدْ يَكُون لَهُ حَاجَةٌ فيها فَتُفَوِّتهَا عَلَيْهِ، وَهَذَا مِنْ الْأَدَب.
وَقَدْ اِتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ الْمَرْأَة لَا يَحِلُّ لَهَا صَوْمُ التَّطَوُّعِ وَزَوْجهَا حَاضِر إِلَّا بِإِذْنِهِ؛ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة السَّابِق فِي صَحِيح مُسْلِم فِي كِتَاب الزَّكَاة، وَإِنَّمَا كَانَتْ تَصُومُهُ فِي شَعْبَانَ؛ لِأَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَصُومُ مُعْظَمَ شَعْبَانَ فَلَا حَاجَةَ لَهُ فيهنَّ حِينَئِذٍ فِي النَّهَار؛ وَلِأَنَّهُ إِذَا جَاءَ شَعْبَان يَضِيقُ قَضَاءُ رَمَضَان، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ عَنْهُ.
وَمَذْهَب مَالِك وَأَبِي حَنِيفَة وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَجَمَاهِير السَّلَف وَالْخَلَف: أَنَّ قَضَاء رَمَضَان فِي حَقّ مَنْ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ كَحَيْضٍ وَسَفَرٍ يَجِب عَلَى التَّرَاخِي، وَلَا يُشْتَرَط الْمُبَادَرَةُ بِهِ فِي أَوَّل الْإِمْكَان، لَكِنْ قَالُوا: لَا يَجُوز تَأْخِيره عَنْ شَعْبَان الْآتِي؛ لِأَنَّهُ يُؤَخِّرُهُ حِينَئِذٍ إِلَى زَمَانٍ لَا يَقْبَلُهُ وَهُوَ رَمَضَانُ الْآتِي، فَصَارَ كَمَنْ أَخَّرَهُ إِلَى الْمَوْت.
وَقَالَ دَاوُدُ: تَجِب الْمُبَادَرَة بِهِ فِي أَوَّل يَوْم بَعْد الْعِيد مِنْ شَوَّال، وَحَدِيث عَائِشَة هَذَا يَرُدّ عَلَيْهِ، قَالَ الْجُمْهُور: وَيُسْتَحَبّ الْمُبَادَرَة بِهِ لِلِاحْتِيَاطِ فيه، فَإِنْ أَخَّرَهُ فَالصَّحِيح عِنْد الْمُحَقِّقِينَ مِنْ الْفُقَهَاء وَأَهْل الْأُصُول أَنَّهُ يَجِب الْعَزْمُ عَلَى فِعْلِهِ، وَكَذَلِكَ الْقَوْل فِي جَمِيع الْوَاجِب الْمُوَسَّع، إِنَّمَا يَجُوز تَأْخِيره بِشَرْطِ الْعَزْم عَلَى فِعْله، حَتَّى لَوْ أَخَّرَهُ بِلَا عَزْمٍ عَصَى، وَقِيلَ: لَا يُشْتَرَط الْعَزْم، وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ لَوْ مَاتَ قَبْل خُرُوج شَعْبَانَ لَزِمَهُ الْفِدْيَةُ فِي تَرْكِهِ، عَنْ كُلّ يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ، هَذَا إِذَا كَانَ تَمَكَّنَ مِنْ الْقَضَاء فَلَمْ يَقْضِ، فَأَمَّا مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَان بِعُذْرٍ ثُمَّ اِتَّصَلَ عَجْزُهُ فَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ الصَّوْم حَتَّى مَاتَ فَلَا صَوْمَ عَلَيْهِ، وَلَا يُطْعَمُ عَنْهُ، وَلَا يُصَامُ عَنْهُ، وَمَنْ أَرَادَ قَضَاء صَوْم رَمَضَان نُدِبَ مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا، فَلَوْ قَضَاهُ غَيْرَ مُرَتَّبٍ أَوْ مُفَرَّقًا جَازَ عِنْدَنَا وَعِنْد الْجُمْهُور؛ لِأَنَّ اِسْم الصَّوْم يَقَع عَلَى الْجَمِيع، وَقَالَ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَأَهْل الظَّاهِر: يَجِب تَتَابُعُهُ كَمَا يَجِبُ الْأَدَاءُ.باب قضاء رمضان في شعبان
باب قضاء رمضان في شعبان
باب قضاء رمضان في شعبان

كاتب
كاتب
مصطفى خميس خريج كلية اللغة العربية جامعة الإسكندرية، لعيب كرة قدم سابق لدي نادي أهلي دمنهور، مدون ومحرر اخبار ومالك عدة مواقع إلكترونية.
تعليقات