📁 آخر الأخبار

باب اثم مانع الزكاة

 

 باب اثم مانع الزكاة

 باب اثم مانع الزكاة


1647- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ صَاحِب ذَهَبَ وَلَا فِضَّة لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقّهَا» إِلَى آخِر الْحَدِيث.

 هَذَا الْحَدِيث صَرِيح فِي وُجُوب الزَّكَاة فِي الذَّهَب وَالْفِضَّة، وَلَا خِلَاف فيه وَكَذَا بَاقِي الْمَذْكُورَات مِنْ الْإِبِل وَالْبَقَر وَالْغَنَم.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ» هَكَذَا هُوَ فِي بَعْض النُّسَخ: «بَرَدَتْ» بِالْبَاءِ، وَفِي بَعْضهَا: «رُدَّتْ» بِحَذْفِ الْبَاء وَبِضَمِّ الرَّاء، وَذَكَرَ الْقَاضِي الرِّوَايَتَيْنِ وَقَالَ: الْأُولَى هِيَ الصَّوَاب، قَالَ: وَالثَّانِيَة رِوَايَة الْجُمْهُور.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَلَبُهَا يَوْمَ وِرْدِهَا» هُوَ بِفَتْحِ اللَّام عَلَى اللُّغَة الْمَشْهُورَة، وَحُكِيَ إِسْكَانهَا، وَهُوَ غَرِيب ضَعِيف وَإِنْ كَانَ هُوَ الْقِيَاسَ.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بُطِحَ لَهَا بِقَاعِ قَرْقَر» الْقَاع: الْمُسْتَوِي الْوَاسِع مِنْ الْأَرْض يَعْلُوهُ مَاء السَّمَاء فَيُمْسِكُهُ، قَالَ الْهَرَوِيُّ: وَجَمْعه قِيعَة وَقِيعَان، مِثْل جَارٍ وَجِيرَة وَجِيرَان.

 وَالْقَرْقَر: الْمُسْتَوِي أَيْضًا مِنْ الْأَرْض الْوَاسِع وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافَيْنِ.

 قَوْله: (بُطِحَ) قَالَ جَمَاعَة: مَعْنَاهُ: أُلْقِيَ عَلَى وَجْهه، قَالَ الْقَاضِي: قَدْ جَاءَ فِي رِوَايَة لِلْبُخَارِيِّ يُخْبَط وَجْهُهُ بِأَخْفَافِهَا، قَالَ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْط الْبَطْح كَوْنه عَلَى الْوَجْه، وَإِنَّمَا هُوَ فِي اللُّغَة بِمَعْنَى الْبَسْط وَالْمَدّ، فَقَدْ يَكُون عَلَى وَجْهه، وَقَدْ يَكُون عَلَى ظَهْرِهِ، وَمِنْهُ سُمِّيَتْ بَطْحَاء مَكَّة لِانْبِسَاطِهَا.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا» هَكَذَا هُوَ فِي جَمِيع الْأُصُول فِي هَذَا الْمَوْضِع، قَالَ الْقَاضِي عِيَاض قَالُوا: هُوَ تَغْيِير وَتَصْحِيف، وَصَوَابه مَا جَاءَ بَعْده فِي الْحَدِيث الْآخَر مِنْ رِوَايَة سُهَيْل عَنْ أَبِيهِ، وَمَا جَاءَ فِي حَدِيث الْمَعْرُور بْن سُوَيْد عَنْ أَبِي ذَرّ: «كُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ أُخْرَاهَا رُدَّ عَلَيْهِ أُولَاهَا» وَبِهَذَا يَنْتَظِم الْكَلَام.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَيَرَى سَبِيله» ضَبَطْنَاهُ بِضَمِّ الْيَاء وَفَتْحهَا وَبِرَفْعِ لَامِ: «سَبِيله» وَنَصْبهَا.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فيها عَقْصَاء وَلَا جَلْحَاء وَلَا عَضْبَاء» قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْعَقْصَاء: مُلْتَوِيَة الْقَرْنَيْنِ، وَالْجَلْحَاء: الَّتِي لَا قَرْن لَهَا، وَالْعَضْبَاء: الَّتِي اِنْكَسَرَ قَرْنهَا الدَّاخِل.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَنْطَحهُ» بِكَسْرِ الطَّاء وَفَتْحهَا لُغَتَانِ، حَكَاهُمَا الْجَوْهَرِيّ وَغَيْره، وَالْكَسْر أَفْصَح وَهُوَ الْمَعْرُوف فِي الرِّوَايَة.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا صَاحِب بَقَر» إِلَى آخِره.

 فيه دَلِيل عَلَى وُجُوب الزَّكَاة فِي الْبَقَر، وَهَذَا أَصَحّ الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي زَكَاة الْبَقَر.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوْفَرَ مَا كَانَتْ لَا يَفْقِد مِنْهَا فَصِيلًا وَاحِدًا» فِي الرِّوَايَة الْأُخْرَى: «أَعْظَم مَا كَانَتْ» هَذَا لِلزِّيَادَةِ فِي عُقُوبَته بِكَثْرَتِهَا وَقُوَّتهَا وَكَمَال خَلْقهَا، فَتَكُون أَثْقَل فِي وَطْئِهَا، كَمَا أَنَّ ذَوَات الْقُرُون تَكُون بِقُرُونِهَا لِيَكُونَ أَنْكَى وَأَصْوَبَ لِطَعْنِهَا وَنَطْحهَا.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَتَطَؤُهُ بِأَظْلَافِهَا» الظِّلْف لِلْبَقَرِ وَالْغَنَم وَالظِّبَاء، وَهُوَ الْمُنْشَقّ مِنْ الْقَوَائِم، وَالْخُفّ لِلْبَعِيرِ، وَالْقَدَم لِلْآدَمِيِّ، وَالْحَافِر لِلْفَرَسِ وَالْبَغْل وَالْحِمَار.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَيْل: «فَأَمَّا الَّتِي هِيَ لَهُ وِزْر» هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَر النُّسَخ: «الَّتِي» وَوَقَعَ فِي بَعْضهَا: «الَّذِي» وَهُوَ أَوْضَحُ وَأَظْهَر.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَنِوَاءً لِأَهْلِ الْإِسْلَام» هُوَ بِكَسْرِ النُّون وَبِالْمَدِّ أَيْ مُنَاوَأَةً وَمُعَادَاةً.

 قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رَبَطَهَا فِي سَبِيل اللَّه» أَيْ أَعَدَّهَا لِلْجِهَادِ، وَأَصْله مِنْ الرَّبْط، وَمِنْهُ الرِّبَاط، وَهُوَ حَبْسُ الرَّجُلِ نَفْسَهُ فِي الثَّغْر وَإِعْدَادُهُ الْأُهْبَةَ لِذَلِكَ.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْخَيْل: «ثُمَّ لَمْ يَنْسَ حَقّ اللَّه فِي ظُهُورهَا وَلَا رِقَابهَا» اِسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَة عَلَى وُجُوب الزَّكَاة فِي الْخَيْل، وَمَذْهَبه أَنَّهُ إِنْ كَانَتْ الْخَيْل كُلّهَا ذُكُورًا فَلَا زَكَاة فيها، وَإِنْ كَانَتْ إِنَاثًا، أَوْ ذُكُورًا وَإِنَاثًا وَجَبَتْ الزَّكَاة، وَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ أَخْرَجَ عَنْ كُلّ فَرَس دِينَارًا، وَإِنْ شَاءَ قَوَّمَهَا وَأَخْرَجَ رُبُع عُشْر الْقِيمَة.

وَقَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ وَجَمَاهِير الْعُلَمَاء: لَا زَكَاة فِي الْخَيْل بِحَالٍ لِلْحَدِيثِ السَّابِق: «لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِم فِي فَرَسه صَدَقَة» وَتَأَوَّلُوا هَذَا الْحَدِيث عَلَى أَنَّ الْمُرَاد أَنَّهُ يُجَاهِد بِهَا، وَقَدْ يَجِب الْجِهَاد بِهَا إِذَا تَعَيَّنَ، وَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَاد بِالْحَقِّ فِي رِقَابهَا الْإِحْسَان إِلَيْهَا، وَالْقِيَام بِعَلْفِهَا وَسَائِر مُؤَنِهَا.

 وَالْمُرَاد بِظُهُورِهَا: إِطْرَاق فَحْلِهَا إِذَا طُلِبَتْ عَارِيَته، وَهَذَا عَلَى النَّدْب.

وَقِيلَ: الْمُرَاد حَقّ اللَّه مِمَّا يُكْسَب مِنْ مَال الْعَدُوّ عَلَى ظُهُورهَا وَهُوَ خُمُس الْغَنِيمَة.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا تَقْطَع طِوَلَهَا» هُوَ بِكَسْرِ الطَّاء وَفَتْح الْوَاو، وَيُقَال: «طِيلُهَا» بِالْيَاءِ، كَذَا جَاءَ فِي الْمُوَطَّإِ، وَالطِّوَل وَالطِّيل: الْحَبْل الَّذِي تَرْبِط فيه.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَلَا تَقْطَع طِوَلهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ» مَعْنَى اِسْتَنَّتْ: أَيْ جَرَتْ.

 وَالشَّرَف- بِفَتْحِ الشِّين الْمُعْجَمَة وَالرَّاء- وَهُوَ الْعَالِي مِنْ الْأَرْض، وَقِيلَ: الْمُرَاد هُنَا طَلْقًا أَوْ طَلْقَيْنِ.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَشَرِبَتْ وَلَا يُرِيد أَنْ يَسْقِيهَا إِلَّا كَتَبَ اللَّه لَهُ عَدَد مَا شَرِبَتْ حَسَنَات» هَذَا مِنْ بَاب التَّنْبِيه؛ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ تَحْصُل لَهُ هَذِهِ الْحَسَنَات مِنْ غَيْر أَنْ يَقْصِد سَقْيَهَا فَإِذَا قَصَدَهُ فَأَوْلَى بِإِضْعَافِ الْحَسَنَات.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا أَنْزَلَ اللَّه عَلَيَّ فِي الْحُمُر شَيْء إِلَّا هَذِهِ الْآيَة الْفَاذَّة الْجَامِعَة» مَعْنَى الْفَاذَّة: الْقَلِيلَة النَّظِير، وَالْجَامِعَة: أَيْ الْعَامَّة الْمُتَنَاوِلَة لِكُلِّ خَيْر وَمَعْرُوف.

 وَفيه إِشَارَة إِلَى التَّمَسُّك بِالْعُمُومِ.

وَمَعْنَى الْحَدِيث: لَمْ يَنْزِل عَلَيَّ فيها نَصٌّ بِعَيْنِهَا، لَكِنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة الْعَامَّة، وَقَدْ يَحْتَجّ بِهِ مَنْ قَالَ: لَا يَجُوز الِاجْتِهَاد لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَإِنَّمَا كَانَ يَحْكُم بِالْوَحْيِ، وَيُجَاب لِلْجُمْهُورِ الْقَائِلِينَ بِجَوَازِ الِاجْتِهَاد بِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَر لَهُ فيها شَيْء.

✯✯✯✯✯✯

‏1648- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ صَاحِب كَنْز لَا يُؤَدِّي زَكَاته» قَالَ الْإِمَام أَبُو جَعْفَر الطَّبَرِيُّ: الْكَنْز كُلّ شَيْء مَجْمُوع بَعْضه عَلَى بَعْض، سَوَاء كَانَ فِي بَطْن الْأَرْض أَمْ عَلَى ظَهْرهَا، زَادَ صَاحِب الْعَيْن وَغَيْره: وَكَانَ مَخْزُونًا، قَالَ الْقَاضِي: وَاخْتَلَفَ السَّلَف فِي الْمُرَاد بِالْكَنْزِ الْمَذْكُور فِي الْقُرْآن وَالْحَدِيث، فَقَالَ أَكْثَرهمْ: هُوَ كُلّ مَال وَجَبَتْ فيه الزَّكَاة فَلَمْ تُؤَدَّ، فَأَمَّا مَال أُخْرِجَتْ زَكَاته فَلَيْسَ بِكَنْزٍ، وَقِيلَ: الْكَنْز هُوَ الْمَذْكُور عَنْ أَهْل اللُّغَة، وَلَكِنَّ الْآيَة مَنْسُوخَة بِوُجُوبِ الزَّكَاة، وَقِيلَ: الْمُرَاد بِالْآيَةِ أَهْل الْكِتَاب الْمَذْكُورُونَ قَبْل ذَلِكَ، وَقِيلَ: كَانَ مَا زَادَ عَلَى أَرْبَعَة آلَاف فَهُوَ كَنْز وَإِنْ أُدِّيَتْ زَكَاته، وَقِيلَ: هُوَ مَا فَضَلَ عَنْ الْحَاجَة.

 وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ فِي أَوَّل الْإِسْلَام وَضِيق الْحَال.

 وَاتَّفَقَ أَئِمَّة الْفَتْوَى عَلَى الْقَوْل الْأَوَّل، وَهُوَ الصَّحِيح لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ صَاحِب كَنْز لَا يُؤَدِّي زَكَاته» وَذَكَرَ عِقَابَهُ، وَفِي الْحَدِيث الْآخَر: «مَنْ كَانَ عِنْده مَال فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاته مُثِّلَ لَهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ» وَفِي آخِرِهِ: «فَيَقُول: أَنَا كَنْزُك».

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْخَيْل فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة» جَاءَ تَفْسِيره فِي الْحَدِيث الْآخَر فِي الصَّحِيح: «الْأَجْر وَالْمَغْنَم» وَفيه دَلِيل عَلَى بَقَاء الْإِسْلَام وَالْجِهَاد إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.

 وَالْمُرَاد قُبَيْل الْقِيَامَة بِيَسِيرٍ، أَيْ حَتَّى تَأْتِيَ الرِّيح الطَّيِّبَة مِنْ قِبَل الْيَمَن تَقْبِض رُوح كُلّ مُؤْمِن وَمُؤْمِنَة.

 كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَأَمَّا الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ وِزْر فَاَلَّذِي يَتَّخِذهَا أَشَرًا وَبَطَرًا وَبَذَخًا وَرِيَاء النَّاس» قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْأَشَرُ- بِفَتْحِ الْهَمْزَة وَالشِّين- وَهُوَ الْمَرَح وَاللَّجَاج.

وَأَمَّا الْبَطَر: فَالطُّغْيَان عِنْد الْحَقّ.

وَأَمَّا الْبَذَخ: فَبِفَتْحِ الْبَاء وَالذَّال الْمُعْجَمَة، وَهُوَ بِمَعْنَى الْأَشَر وَالْبَطَر.

✯✯✯✯✯✯

‏1649- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِلَّا جَاءَتْ يَوْم الْقِيَامَة أَكْثَر مَا كَانَتْ قَطُّ وَقَعَدَ لَهَا» وَكَذَلِكَ فِي الْبَقَر وَالْغَنَم، هَكَذَا هُوَ فِي الْأُصُول بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَة.

 «وَقَعَدَ» بِفَتْحِ الْقَاف وَالْعَيْن.

 وَفِي: «قَطُّ» لُغَات حَكَاهُنَّ الْجَوْهَرِيّ، وَالْفَصِيحَة الْمَشْهُورَة: «قَطُّ» مَفْتُوحَة الْقَاف مُشَدَّدَة الطَّاء، قَالَ الْكِسَائِيّ: كَانَتْ (قُطُطُ) بِضَمِّ الْحُرُوف الثَّلَاثَة فَأُسْكِنَ الثَّانِي ثُمَّ أُدْغِمَ.

 وَالثَّانِيَة (قُطُّ) بِضَمِّ الْقَاف تَتْبَع الضَّمَّة كَقَوْلِك: مُدَّ يَا هَذَا.

 وَالثَّالِثَة (قَطْ) بِفَتْحِ الْقَاف وَتَخْفِيف الطَّاء.

 وَالرَّابِعَة (قُطُ) بِضَمِّ الْقَاف وَالطَّاء الْمُخَفَّفَة، وَهِيَ قَلِيلَة، هَذَا إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الدَّهْر، فَأَمَّا الَّتِي بِمَعْنَى (حَسْب) وَهُوَ الِاكْتِفَاء فَمَفْتُوحَة سَاكِنَة الطَّاء، تَقُول: رَأَيْته مَرَّة (فَقَطْ) فَإِنْ أَضَفْت قُلْت: (قَطْكَ) هَذَا الشَّيْء أَيْ حَسْبك (وَقَطْنِي) و(قَطِي) و(قَطْهُ) و(قَطَاهُ).

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «شُجَاعًا أَقْرَع» الشُّجَاع: الْحَيَّة الذَّكَر، وَالْأَقْرَع: الَّذِي تَمَعَّطَ شَعْره لِكَثْرَةِ سَمِّهِ، وَقِيلَ: الشُّجَاع الَّذِي يُوَاثِب الرَّاجِل وَالْفَارِس وَيَقُوم عَلَى ذَنَبِهِ، وَرُبَّمَا بَلَغَ رَأْس الْفَارِس وَيَكُون فِي الصَّحَارِي.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُثِّلَ لَهُ شُجَاعًا أَقْرَع» قَالَ الْقَاضِي: ظَاهِره أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَلَقَ هَذَا الشُّجَاع لِعَذَابِهِ، وَمَعْنَى: «مُثِّلَ» أَيْ نُصِّبَ وَصُيِّرَ بِمَعْنَى أَنَّ مَاله يَصِير عَلَى صُورَة الشُّجَاع.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَلَكَ بِيَدِهِ فِي فيه فَيَقْضِمُهَا قَضْمَ الْفَحْل» مَعْنَى (سَلَكَ) أَدْخَلَ وَيَقْضِمهَا بِفَتْحِ الضَّاد يُقَال: قَضَمَتْ الدَّابَّةُ شَعِيرَهَا- بِكَسْرِ الضَّاد- تَقْضِمُهُ- بِفَتْحِهَا- إِذَا أَكَلَتْهُ.

✯✯✯✯✯✯

‏1650- قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ فيها جَمَّاء» هِيَ الَّتِي لَا قَرْن لَهَا.

قَوْله: «قُلْنَا: يَا رَسُول اللَّه وَمَا حَقّهَا؟ قَالَ: إِطْرَاقُ فَحْلِهَا وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا وَمَنِيحَتُهَا وَحَلَبُهَا عَلَى الْمَاء وَحَمْلٌ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» قَالَ الْقَاضِي: قَالَ الْمَازِرِيّ: يَحْتَمِل أَنْ يَكُون هَذَا الْحَقّ فِي مَوْضِع تَتَعَيَّن فيه الْمُوَاسَاة.

قَالَ الْقَاضِي: هَذِهِ الْأَلْفَاظ صَرِيحَة فِي أَنَّ هَذَا الْحَقّ غَيْر الزَّكَاة، قَالَ: وَلَعَلَّ هَذَا كَانَ قَبْل وُجُوب الزَّكَاة.

وَقَدْ اِخْتَلَفَ السَّلَف فِي مَعْنَى قَوْل اللَّه تَعَالَى: {فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} فَقَالَ الْجُمْهُور: الْمُرَاد بِهِ الزَّكَاة وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَال حَقّ سِوَى الزَّكَاة، وَأَمَّا مَا جَاءَ غَيْر ذَلِكَ فَعَلَى وَجْه النَّدْب وَمَكَارِم الْأَخْلَاق؛ وَلِأَنَّ الْآيَة إِخْبَار عَنْ وَصْف قَوْم أَثْنَى عَلَيْهِمْ بِخِصَالٍ كَرِيمَة فَلَا يَقْتَضِي الْوُجُوب كَمَا لَا يَقْتَضِيه قَوْله تَعَالَى: {كَانُوا قَلِيلًا مِنْ اللَّيْل مَا يَهْجَعُونَ} وَقَالَ بَعْضهمْ: هِيَ مَنْسُوخَة بِالزَّكَاةِ، وَإِنْ كَانَ لَفْظه لَفْظ خَبَر فَمَعْنَاهُ أَمْر، قَالَ: وَذَهَبَ جَمَاعَة- مِنْهُمْ الشَّعْبِيّ وَالْحَسَن وَطَاوُسٌ وَعَطَاء وَمَسْرُوق وَغَيْرهمْ- إِلَى أَنَّهَا مُحْكَمَة، وَأَنَّ فِي الْمَال حَقًّا سِوَى الزَّكَاة مِنْ فَكِّ الْأَسِير وَإِطْعَام الْمُضْطَرّ وَالْمُوَاسَاة فِي الْعُسْرَة وَصِلَة الْقَرَابَة.

قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمَنِيحَتُهَا» قَالَ أَهْل اللُّغَة: الْمَنِيحَة ضَرْبَانِ: أَحَدهمَا: أَنْ يُعْطِيَ الْإِنْسَان آخَر شَيْئًا هِبَة، وَهَذَا النَّوْع يَكُون فِي الْحَيَوَان وَالْأَرْض وَالْأَثَاث وَغَيْر ذَلِكَ.

الثَّانِي: أَنَّ الْمَنِيحَةَ نَاقَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ أَوْ شَاةٌ يَنْتَفِع بِلَبَنِهَا وَوَبَرِهَا وَصُوفِهَا وَشَعْرِهَا زَمَانًا ثُمَّ يَرُدّهَا، وَيُقَال: مَنَحَهُ يَمْنَحُهُ بِفَتْحِ النُّون فِي الْمُضَارِع وَكَسْرهَا، فَأَمَّا حَلَبُهَا يَوْم وِرْدِهَا فَفيه رِفْقٌ بِالْمَاشِيَةِ وَبِالْمَسَاكِينِ؛ لِأَنَّهُ أَهْوَنُ عَلَى الْمَاشِيَة وَأَرْفَقُ بِهَا وَأَوْسَعُ عَلَيْهَا مِنْ حَلَبِهَا فِي الْمَنَازِل، وَهُوَ أَسْهَلُ عَلَى الْمَسَاكِين، وَأَمْكَنُ فِي وُصُولهمْ إِلَى مَوْضِع الْحَلْب لِيُوَاسُوا.

 وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

 باب اثم مانع الزكاة

 باب اثم مانع الزكاة

 باب اثم مانع الزكاة


تعليقات