باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم
وذلك على أضرب:
فمنه ما نُحِت من كلمتين صحيحتي المعنى، مطّردتَيِ القياس.
ومنه ما أصله كلمةٌ واحدة وقد أُلحِق بالرُّباعي والخماسي بزيادةٍ تدخله.
وسنفسر ذلك إن شاء الله تعالى.
فمن المنحوت قولهم للباقي من أصل السَّعَفة إذا قُطِعت
(جُذمُور).
قال:
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أولـه جيم بَنَانَتَيْنِ وجُذْمُوراً أُقِيمُ بها
***
صَدْرَ القناةِ إذا ما آنَسُوا فَزَعا وذلك من كلمتين:
إحداهما الجِذْم وهو الأصل، والأخرى الجِذْر وهو الأصل.
وقد مرّ تفسيرهما.
وهذه الكلمة من أدَلّ الدليل على صحّة مذهبنا في هذا الباب.
وبالله التوفيق.
ومن ذلك قولهم للرجل إذا سَتَر بيديه طعامَه كي لا يُتَناوَل
(جَرْدَبَ) من كلمتين:
من جَدَب لأنه يمنع طعامه، فهو كالجَدْب المانع خَيْرَه، ومن الجيم والراء والباء، كأنه جعل يديه جراباً يَعِي الشيءَ ويَحويه.
قال:
إذا ما كُنْتَ في قومٍ شَهَاوَى
***
فلا تَجْعَلْ شِمالَكَ جَُرْدُبَانا ومن ذلك [قولهم] للرَّملة المشرفة على ما حولها
(جُمْهُور).
وهذا من كلمتين من جَمَرَ؛ وقد قلنا إنّ ذلك يدلُّ على الاجتماع، ووصفنا الجَمَرات من العرب بما مضى ذِكره.
والكلمة الأخرى جَهَر؛ وقد قلنا إنّ ذلك من العلوّ.
فالجمهور شيءٌ متجمِّعٌ عالٍ.
ومن ذلك قولهم لقرية النّمل
(جُرثُومة).
فهذا من كلمتين:
من جَرَم وجَثَم، كأنه اقتَطَعَ من الأرض قطعةً فجثم فيها.
والكلمتان قد مضتا بتفسيرهما.
ومن ذلك قولهم للرجل إذا صُرع
(جُعْفِلَ).
وذلك من كلمتين:
من جُعِف *إذا صُرع، وقد مرّ تفسيره.
وفي الحديث:
"حتى يَكون انجعافُها مرة".
ومن كلمة أخرى وهي جَفَل، وذلك إذا تجمَّع فذَهَب.
فهذا كأنه جُمِع وذُهِب به.
ومن ذلك قولهم للحَجَر وللإبل الكثيرة
(جَلْمَدٌ).
قال الشاعر في الحجارة:
جَلامِيدُ أملاءُ الأكُفِّ كأنها
***
رُؤوسُ رِجالٍ حُلِّقت في المواسِمِ وقال آخر في الإبل الجَلْمَد:
أو مائةٍ تُجْعَلُ أولادُها
***
لَغْواً وعُرْضَ المائَةِ الجَلْمَدِ وهذا من كلمتين:
من الجَلَد، وهي الأرض الصُّلبة، ومن [الجَُمَُد]، وهي الأرض اليابسة، وقد مرَّ تفسيرهما.
ومن ذلك قولهم للجمل العظيم
(جُرَاهِمٌ جُرْهُم).
وهذا من كلمتين من الجِرْم وهو الجَسَد، ومن الجَره وهو الارتفاع في تجمُّع.
يقال سمِعْتُ جَرَاهِيَة القوم، وهو عالي كلامِهم دون السِّرّ.
ومن ذلك قولهم للأرض الغليظة
(جَمْعَرَة).
فهذا من الجمْع ومن الجمْر.
وقد مضى ذكره.
ومن ذلك قولهم للطويل
(جَسْرَبٌ).
فهذا من الجَسْر وقد ذكرناه، ومن سَرَب إذا امتدَّ.
ومن ذلك قولهم للضخم الهامة المستدير الوجه
(جَهْضَمٌ).
فهذا من الجَهْم ومن الهَضَم.
والهَضَم:
انضمامٌ في الشيء.
ويكون أيضاً من أهضام الوادي، وهي أعاليه.
وهذا أقْيَسُ من الذي ذكرناه في الهَضَم الذي معناه الانضمام.
ومن ذلك قولهم للذاهب على وَجْهِه
(مُجْرَهِدٌ).
فهذا من كلمتين:
من جَرَد أي انجرَدَ فمَرَّ، ومن جَهَد نَفْسَه في مُرُوره.
ومن ذلك قولهم للرّجُل الجافي المُتَنَفِّج بما ليس عنده
(جِعْظَارٌ).
وهذا من كلمتين من الجَظِّ والجَعْظ، كلاهما الجافي، وقد فُسِّرَ فيما مضى.
ومنه
(الجِـنْعَاظ) وهو من الذي ذكرناه آنفاً والنون زائدة.
قال الخليل:
يقال إنه سيئ الخُلق، الذي يتسخَّط عند الطَّعام.
وأنشد:
* جِنْعَاظَةٌ بأهلِهِ قد بَرَّحَا * ومن ذلك قولهم للوحشيِّ إذا تَقَبَّض في وجاره
(تَجَرْجَمَ)، والجيم الأولى زائدةٌ، وإنما هو من قولنا للحجارة المجتمعة رُجْمَةٌ.
وأوضحُ من هذا قولهم للقَبْر الرَّجَم، فكأنَّ الوحشيَّ لمّا صار في وِجاره صار في قبرٍ.
ومنها قولهم للأرض ذات الحجارة
(جَمْعَرة).
وهذا من الجمرات، وقد قلنا إنّ أصلها تجمُّع الحجارة، ومن المَعِر وهو الأرض لا نبات به.
ومنها قولهم للنهر
(جَعْفر).
ووجهه ظاهر أنه من كلمتين:
من جَعَف إذا صَرَع؛ لأنه يصرع ما يلقاه من نباتٍ وما أشبهه، ومن الجَفْر والجُفْرَة والجِفار والأجْفَر وهي كالجُفَر.
ومن ذلك قولهم في صفة الأسد
(جِرْفاسٌ) فهو من جَرَف ومن جرَس، كأنّه إذا أكل شيئاً وجَرَسه جَرَفَه.
وأما قولهم للداهية
(ذات الجنادِع) فمعلوم في الأصل الذي أصَّلناه أنّ النون زائدة، وأنه من الجَدْع، وقد مضى.
وقد يقال إنّ جَنادع كلِّ شيءٍ أوائلُه، وجاءت جنادع الشرِّ.
ومن ذلك قولهم للصُّلب الشديد
(جَلْعَدٌ) فالعين زائدة، وهو من الجَلَد.
وممكنٌ أنْ يكون منحوتاً من الجَلَعِ أيضاً، وهو البُروز؛ لأنه إذا كان مَكاناً صُلْباً فهو بارزٌ؛ لقلّةِ النبات به.
ومن ذلك قولهم للحادِرِ السمين
(جَحْدَلٌ) فممكن أن يقال إن الدال زائدةٌ، وهو من السِّقاء الجَحْل، وهو العظيم، ومن قولهم مَجدُول الخَلْق، وقد مضى.
ومن ذلك قولهم
( تَجَرْمَزَ اللَّيلُ) ذهَبَ.
فالزاء زائدة، وهو من تجرّم.
والميم زائدةٌ في وجهٍ آخر، وهو من الجَرْز وهو القَطْع، كأنه شيءٌ قُطِعَ قَطْعاً؛ ومن رَمَزَ إذا تحرّكَ واضطرب.
يقال للماء المجتمع المضطرب رَامُوزٌ.
ويقال الرّاموز اسمٌ من أسماء البحر.
ومن ذلك
(تَجَحْفَلَ القوم):
اجتمعوا، وقولهم للجيش العظيم
(جَحفَلٌ) ، و
(جَحْفَلة الفَرَس).
وقياس هؤلاء الكلماتِ واحدٌ، وهو من كلمتين:
من الحَفْل وهو الجَمْع، ومن الجَفْل، وهو تَجَمُّع الشيء في ذهابٍ.
ويكون لـه وجه آخر:
أن يكون من الجَفْل ومن الجَحْف، فإنهم يَجْحَفُون الشيءَ جحفاً.
*وهذا عندي أصوبُ القولين.
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم
باب ما جاء من كلام العرب على أكثر من ثلاثة أحرف أوله جيم